اقتراحات لترشيد استهلاك الكهرباء
ملاحظات واقتراحات في ترشيد استهلاك الكهرباء
جريدة الرأي - د. أيّوب أبو ديّة - لا يعقل أن تترك الإنارة تعمل خلال النهار عندما لا تكون هناك حاجة لذلك، ولا يعقل كذلك ألا نستخدم مصابيح موفرة للطاقة، والتي تشع نورها الأبيض الأكثر راحة للعيون من إنارة المصابيح الصفراء، والتي يقل استهلاكها للكهرباء عن المصابيح الأخرى بنسب كبيرة جدأ. ويمكن استبدال هذه المصابيح بالتدرج حتى لا يشكل ذلك عبئاً كبيراً على ميزانية الدولة، فمتى تنحرق لمبة يتم استبدالها بأخرى موفرة للطاقة. وقد أصبحت أسعار المصابيح الموفرة للطاقة معقولة بعد إسقاط الجمارك وضريبة المبيعات عنها بمبادرة وطنية طيبة قادتها اللجنة الملكية للطاقة برئاسة سمو الأمير حمزة.
وللتحقق من ترشيد الكهرباء في نهاية كل شهر تتم مقارنة المصروفات للمؤسسات العامة والخاصة بفواتير الأشهر السابقة وإطلاع مدير الدائرة لمراقبة مدى التوفير الذي تم تحقيقه في الطاقة، وإعداد تقرير يرسل إلى الهيئة العليا المختصة بهذه المسألة، كوزارة تطوير القطاع العام. ويمكن عند ذاك تخصيص جوائز عينية أو معنوية لمكافأة الأشخاص والمؤسسات الملتزمة التي تبدي ترشيداً مميزاً لتكون مثلاً يقتدي به الآخرون.
لكي لا تكون هذه الفكرة «صرعة» تزول بزوال مدير الدائرة أو الوزير، ينبغي أن يُستحدث مكتب لترشيد الطاقة في الدوائر العامة كافة. ففي ضوء الأسعار المرتفعة لفواتير الطاقة، فإن هذا الوفر سيكون كبيراً ويستحق العناء. ونحن نتكلم عن دراسات تتحدث عن توفير في الطاقة ربما يصل إلى 50% ، ويمكن أن يتحقق ذلك من دون توفير مخصصات مالية اضافية لتحقيق هذا الهدف على الإطلاق.
وعن السؤال إن كان ذلك الاجراء يحتاج إلى جهاز إداري كبير ومتخصص، نقول: إن هناك أعداداً من الموظفين تفوق حاجة الكثير من الأقسام، وهي ظاهرة معروفة لدى كل مواطن ومسؤول. فلا بأس من إعارة بعض الموظفين ذوي الاختصاصات الفنية لإشغال هذه المناصب التي ستكون مصدر فخر واعتزاز للشعب الأردني، فالإسراف ليس من سماتنا ولا من تعاليم ثقافتنا الدينية.
وهذا الترشيد ينطبق على الماء والكهرباء والطاقة بكل أشكالها. فالماء طاقة أيضاً، وترشيد أشكال الطاقة كافة من مقومات التنمية المستدامة الأساسية التي من دونها لا يمكن أن تتحقق رفاهية المواطنين واستمرارية خدمات الدولة. وقد أوضحنا كيف أن ترشيد المياه والطاقة التي ننفقها على التدفئة أو التبريد لا يحتاج إلى رأس مال، بل يستدعي التنظيم والإدارة لترشيده فقط، فضلاً عن إجراء الصيانة اللازمة بصورة دورية، والتي هي من مهمة طواقم الصيانة بطبيعة الحال.
ونقطة الانطلاق في ترشيد الطاقة تبدأ من مؤسسات الدولة وشركة الكهرباء الوطنية والمؤسسات العامة جميعها، فلا يجوز أن نظل نرى إنارة الشوارع تعمل في وضح النهار. ومن الطريف أننا كنا نتجه إلى جامعة مؤتة للمشاركة في ندوة عن ترشيد الطاقة في فصل الصيف الماضي تحديداً، عندما شاهدنا نحو الساعة التاسعة صباحاً جزءَاً من الطريق الصحراوي مناراً بطول عدة كيلومترات. وعندما عدنا بعد الظهر عقب انتهاء الندوة وتجاوزنا جسر الكرك باتجاه عمّان كانت إنارة الشارع ما زالت تتوهج. ونتساءل أيضا: هل نحن بحاجة الى هذا التقارب بين أعمدة إنارة الشوارع في بلد غير نفطي كبلدنا؟ وهدر الطاقة ظاهرة للعيان في المؤسسات العامة والخاصة من خلال ترك الإنارة المفرطة تعمل خلال الليل ومن خلال المدافئ الكهربائية التي يستخدمها الموظفون في مكاتبهم، ونتيجة ترك الأجهزة الكهربائية تعمل ليل نهار؛ إذ يؤدي إغلاق الأجهزة الكهربائية تماماً خلال الليل، كالتلفاز والحواسيب وما الى ذلك، إلى توفير لا يقل عن 15 % من فاتورة الكهرباء الكلية.
وأخيراً، نتمنى أن يكون هدف توفير الطاقة في المؤسسات العامة ليس محصوراً على هذه المؤسسات وحسب، بل نطمح ان يكون بمثابة دورة مكثفة للموظفين لنقل هذه التجربة إلى بيوتهم وبيوت جيرانهم وأصدقائهم وأقاربهم، وذلك كي تعم الفائدة الجميع في هذا الوطن الطيب الذي نأخذ منه أكثر مما نعطيه.