أنفع الناس لك رجل مكنك من نفسه حتى تزرع فيه خيراً,
أو تصنع إليه معروفاً,فإنه نعم العون لك على منفعتك وكمالك .
فانتفاعك به في الحقيقة مثل انتفاعه بك أو أكثر.
وأضر الناس عليك من مكن نفسه منك حتى تعصي الله فيه
فإنه عون لك على مضرتك ونقصك
***- **
كل ذي لب يعلم أنه لاطريق للشيطان عليه إلا من ثلاث جهات :
أحدها:التزيد والإسراف ,فيزيد على قدر الحاجة فتصير فضلة
وهي حظ الشيطان ومدخله إلى القلب,
وطريق الاحتراز منه عدم إعطاء النفس تمام مطلوبها من
غذاء ونوم ولذة أو راحة.
فمتى أغلقت هذا الباب حصل الأمان من دخول العدو منه.
الثانية : الغفلة ,فإن الذاكر في حصن الذكر,فمتى غفل
فتح باب الحصن فولجه العدو فيعسر عليه أو يصعب إخراجه
الثالثة : تكلف مالايعنيه من جميع الأشياء
***- **
لله على العبد في كل عضو من أعضائه أمر , وله عليه فيه نهي ,
وله فيه نعمة , وله به منفعة ولذة . فإن قام لله في ذلك العضو بأمره ,
واجتنب فيه نهيه , فقد أدى شكر نعمته عليه فيه , وسعى في تكميل انتفاعه ولذته به ,
وإن عطل أمر الله ونهيه فيه ,عطله الله من انتفاعه بذلك العضو ,
وجعله من أكبر أسباب ألمه ومضرته.
وله عليه في كل وقت من أوقاته عبودية تقدمه إليه , وتقربه منه ,
فإن شغل وقته بعبودية الوقت , تقدم إلى ربه , وإن شغله بهوى أو راحة وبطالة تأخر ,
فالعبد لايزال في تقدم وتأخر , ولا وقوف في الطريق البتة .
قالى تعالى: (لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر )
***- **
من الناس من يعرف الله بالجود والإفضال والإحسان ,
ومنهم من يعرفه بالعفو والحلم والتجاوز ,
ومنهم من يعرفه بالبطش والانتقام , ومنهم من يعرفه بالعلم والحكمة ,
ومنهم من يعرفه بالعزة والكبرياء ,ومنهم من يعرفه بالرحمة والبر واللطف ,
ومنهم من يعرفه بالعزة والكبرياء , ومنهم من يعرفه بالقهر والملك ,
ومنهم من يعرفه بإجابة دعوته وإغاثة لهفتهه وقضاء حاجته.
وأعم هؤلاء معرفة من عرفه من كلامه , فإنه يعرف رباً قد اجتمعت له
صفات الكمال ونعوت الجلال , متنزه عن المثال , بريء من النقائض
والعيوب , له كل اسم حسن وكل وصف كمال , فعال لما يريد , فوق كل شيء
ومع كل شيء , قادر على كل شيء , ومقيم لكل شيء , آمر ناه متكلم
بكلماته الدينية والكونية , أكبر من كل شيء , وأجمل من كل شيء ,
أرحم الراحمين , وأقدر القادريين , وأحكم الحاكمين .
فالقرآن أنزل لتعريف عباده به , وبصراطه الموصل إليه ,
وبحال السالكين بعد الوصول إليه .
(الفوائد ) ل ابن القيم الجوزية