بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله على جزيل العطاء، مسدي النعماء، وكاشف الضراء، معطي السراء.
الحمد لله عالم السر والجهر، الحمد لله عالي القهر والقدر، الحمد لله المتكفل بالأقوات، المدعو عند المدلهمات، المطلوب عند كشف الكربات، المرجو في الأزمات.
والصلاة والسلام على النبي الأمين، والهادي المبين، وآله وصحبه المكرمين. ثم أما بعد:
يطيب لنا اللقاء بكم، ويتجدد الإخاء، مع بداية هذا اليوم (........) الموافق (........) من شهر (........) لعام ألف وأربعمائة و(........) من الهجرة.
وقد أوصى الله - عز وجل - في كتابه الكريم بالإحسان إلى الجار:
القرآن الكريم
قال تعالى: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ﴾ [النساء: 36].
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من أذية الجار أيما تحذير:
الحديث
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ، قِيلَ: ومَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الذي لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائقَهُ". رواه البخاري ومسلم. ومعنى (بوائقه) أي: شروره.
والحكمة توصي بالجار:
الحكمة
• الجار قبل الدار.
• على قدر الجار يكون ثمن الدار.
• الجار الصالح من السعادة.
الجار في الإسلام هو موضوعنا لهذا اليوم:
الجار في الإسلام
لقد أوصى الإسلام بالجار، فأمر بالإحسان إليه، وأكد حقه، وحذر من إيذائه وقهره.
ولقد كان العرب في الجاهلية والإسلام يحمون الذمار، ويتفاخرون بحسن الجوار، وعلى قدر الجار يكون ثمن الدار.
اطلب لنفسك جيرانًا تجاورهم ♦♦♦ لا تصلح الدار حتى يصلح الجار
وإن من حق جارك عليك، إن مرض عدته، وإن مات شيعته وإن استقرضك وأنت قادر أقرضته، وإن أعوز سترته، وإن أصابه خير هنأته، وإن أصابته مصيبة عزيته، ولا ترفع بناءك على بنائه فتؤذيه.
وإذا رأيته على منكر نهيته، وإذا رأيته على معروف أعنته، فلربما تعلق برقبتك يوم القيامة، يقول: يا رب رآني على منكر، فلم يأمرني ولم ينهني.
وعلى الجار أن يتصف بالعفو والتسامح مع جيرانه، ويسعى إلى نفعهم، وكف الأذى عنهم.
ولقد ابتلينا في هذا الزمان، بالإعراض عن الجار، فكثير من الأحياء، الجار فيها لا يعرف شيئًا عن جاره، بل لا يعرف اسمه، ولا بلده، ولا غناه ولا فقره.
ونقف مع هذه الفقرة:
الجيران ثلاثة
قال أهل العلم: الجيران ثلاثة:
1- جار مسلم قريب؛ فله حق الجوار، والقرابة، والإسلام.
2- وجار مسلم غريب؛ فله حق الجوار، والإسلام.
3- وجار كافر؛ فله حق الجوار، وإن كان قريبًا فله حق القرابة أيضًا.
فهؤلاء الجيران لهم حقوق.
ونذكر هنا اثني عشر حقًا من حقوق الجار:
حقوق الجيران في الإسلام
1- أن يحفظ الجار جاره في حال غيابه، وذلك بالحفاظ على أمواله، وعرضه، ومنع إيصال أي مكروه له.
2- تكريمه في حال حضوره.
3- نصرته ومعونته في حال حضوره وغيابه.
4- عدم التتبع لأية عورة أو منقصة له.
5- ستر أية سوءةٍ تبدو منه، وعدم نشرها وإذاعتها بين الناس.
6- عدم تسليمه إذا نزلت به شدة، أو ألمت به كارثة، بل يقف إلى جانبه، ويساعده في ما نزل به.
7- عدم حسده إذا أنعم الله عليه نعمة.
8- إقالة عثراته، ومغفرة زلاته.
9- الحلم عنه إذا بدرت منه بادرة سوء، وعدم مقابلته بالمثل.
10- صد من يشتمه أو يذكره بسوء.
11- عدم التصديق لمن ينقل عنه كلمة السوء، ليلقي بينهما العداوة والبغضاء.
12- معاشرته معاشرة كريمة.
ونستمع إلى هذه القصة:
قصة
كان بين أحد الجيران وجاره شيء من الهجر، والشحناء، فأراد الجار أن يصلح ما بينه وبين جاره، من هجر وشحناء، حتى ترجع العلاقة إلى ما كانت عليه من مودة وصفاء، فقام بإعداد هذه القصيدة، وما إن رأى جاره حتى ألقاها له، وهي:من اليومِ تصافينا
ونطوي ما جرى منا
ولا كان ولا صار
ولا قلتم ولا قلنا
وإن كانَ ولا بدَّ
من العُتبى فبالحسنى
كفى ما كان من هجرٍ
وقد ذقتم وقد ذقنا
وما أحسن أن نرجعَ
للوصلِ كما كنا
إلى هنا نكون قد وصلنا إلى مسك الختام، راجين من الله الأجر والثواب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته