اسْتِفَاضَةُ المَالِ:
فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ: "اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ - مِنْهَا - اسْتِفَاضَةُ المَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا"[1].
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَيْضًا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ... حَتَّى يَكْثُرَ المَالُ، فَيَفِيضَ حَتَّى يُهِمَّ رَبَّ المَالِ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ، وَحَتَّى يَعْرِضَهُ فَيَقُولَ الَّذِي يَعْرِضُهُ عَلَيْهِ: لَا أَرَبَ لِي فِيهِ"[2].
فَقَدْ كَثُرَ المَالُ فِي عَهْدِ الصَّحَابَةِ ﭫ، بِسَبَبِ مَا وَقَعَ مِنَ الفُتُوحِ، وَاقْتَسَمُوا أَمْوَالَ الفُرْسِ وَالرُّومِ، ثُمَّ فَاضَ المَالُ فِي عَهْدِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ رضي الله عنه، فَكَانَ الرَّجُلُ يَعْرِضُ المَالَ لِلصَّدَقَةِ فَلَا يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهُ.
وَيَكْثُرُ المَالُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ فِي زَمَنِ المَهْدِيِّ وَعِيسَى عليه السلام، عِنْدَمَا يَعُودُ العَدْلُ بَيْنَ النَّاسِ. وَاللهُ أَعْلَمُ[3].
عَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "تَصَدَّقُوا، فَيُوشِكُ الرَّجُلُ يَمْشِي بِصَدَقَتِهِ، فَيَقُولُ الَّذِي أُعْطِيهَا: لَوْ جِئْتَنَا بِهَا بِالأَمْسِ قَبِلْتُهَا، فَأَمَّا الآنَ فَلَا حَاجَةَ لِي بِهَا، فَلَا يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهَا"[4].
وَعَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَطُوفُ الرَّجُلُ فِيهِ بِالصَّدَقَةِ مِنَ الذَّهَبِ ثُمَّ لَا يَجِدُ أَحَدًا يَأْخُذُهَا مِنْهُ"[5].
=============================
• كَثْرَةُ القَتْلِ:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكْثُرَ الهَرْجُ"، قَالُوا: وَمَا الهَرْجُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "القَتْلُ القَتْلُ"[6].
وَقَدْ كَثُرَ القَتْلُ فِي عَهْدِ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ رضي الله عنهما، وَفِيمَا بَعْدَهُمَا مِنَ العُهُودِ، وَلَا يَزَالُ يَتَكَاثَرُ إِلَى أَيَّامِنَا هَذِهِ.
==============================
• قَبْضُ العِلْمِ، وَظُهُورُ الجَهْلِ.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ العِلْمُ وَيَظْهَرَ الجَهْلُ، وَيَفْشُوَ الزِّنَا، وَيُشْرَبَ الخَمْرُ، وَيَذْهَبَ الرِّجَالُ وَتَبْقَى النِّسَاءُ، حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً قَيِّمٌ وَاحِدٌ"[7].
===========================
وَيُقْبَضُ العِلْمُ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ:
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ اللهَ لَا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا، اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا، فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا"[8].
• فُشُوُّ الزِّنَا.
• كَثْرَةُ شُرْبِ الخَمْرِ.
• كَثْرَةُ النِّسَاءِ وَقِلَّةُ الرِّجَالِ.
دَلَّ عَلَى هَذِهِ العَلَامَاتِ الثَّلَاثِ حَدِيثُ أَنَسٍ المُتَقَدِّمِ.
===========================
• ظُهُورُ الفِتَنِ.
فِي حَدِيثِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ: "اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ – منها – ثُمَّ فِتْنَةٌ لَا يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ العَرَبِ إِلَّا دَخَلَتْهُ"[9].
وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَشْرَفَ عَلَى أُطُمٍ[10] مِنْ آطَامِ المَدِينَةِ، ثُمَّ قَالَ: "هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى؟ إِنِّي لَأَرَى مَوَاقِعَ الفِتَنِ خِلَالَ بُيُوتِكُمْ كَمَوَاقِعِ القَطْرِ"[11].
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "سَتَكُونُ فِتَنٌ القَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ القَائِمِ، وَالقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، وَمَنْ وَجَدَ فِيهَا مَلْجَأً فَلْيَعُذْ بِهِ"[12].
وَفِي لَفْظٍ: "تَكُونُ فِتْنَةٌ النَّائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ اليَقْظَانِ، وَاليَقْظَانُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ القَائِمِ، وَالقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، فَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَسْتَعِذْ"[13].
وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتَنٌ، أَلَا ثُمَّ تَكُونُ فِتْنَةٌ القَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ المَاشِي فِيهَا، وَالمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي إِلَيْهَا، أَلَا فَإِذَا نَزَلَتْ أَوْ وَقَعَتْ فَمَنْ كَانَ لَهُ إِبِلٌ فَلْيَلْحَقْ بِإِبِلِهِ، وَمَنْ كَانَتْ لَهُ غَنَمٌ فَلْيَلْحَقْ بِغَنَمِهِ، وَمَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَلْحَقْ بِأَرْضِهِ"، قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِبِلٌ وَلَا غَنَمٌ وَلَا أَرْضٌ؟ قَالَ: "يَعْمِدُ إِلَى سَيْفِهِ فَيَدُقُّ عَلَى حَدِّهِ بِحَجَرٍ ثُمَّ لِيَنْجُ إِنِ اسْتَطَاعَ النَّجَاءَ، اللهم هَلْ بَلَّغْتُ؟ اللهم هَلْ بَلَّغْتُ؟ اللهم هَلْ بَلَّغْتُ؟" قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ أُكْرِهْتُ حَتَّى يُنْطَلَقَ بِي إِلَى أَحَدِ الصَّفَّيْنِ -أَوْ إِحْدَى الفِئَتَيْنِ-، فَضَرَبَنِي رَجُلٌ بِسَيْفِهِ أَوْ يَجِيءُ سَهْمٌ فَيَقْتُلُنِي، قَالَ: "يَبُوءُ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِكَ وَيَكُونُ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ"[14].
========================
• بِدَايَةُ الفِتَنِ مَقْتَلُ عُثْمَانَ:
عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ رضي الله عنهما قَالَ: كَنُّا عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الفِتْنَةِ كَمَا قَالَ؟ قَالَ: فَقُلْتُ: أَنَا، قَالَ: إِنَّكَ لَجَرِيءٌ، وَكَيْفَ قَالَ؟ قَالَ: قُلْتُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَنَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ يُكَفِّرُهَا الصِّيَامُ وَالصَّلَاةُ وَالصَّدَقَةُ وَالأَمْرُ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ"، فَقَالَ عُمَرُ: لَيْسَ هَذَا أُرِيدُ، إِنَّمَا أُرِيدُ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ البَحْرِ، قَالَ: فَقُلْتُ: مَالَكَ وَلَهَا يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ! إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا، قَالَ: أَفَيُكْسَرُ البَابُ أَمْ يُفْتَحُ؟ قُلْتُ: لَا، بَلْ يُكْسَرُ، قَالَ: ذَلِكَ أَحْرَى أَنْ لَا يُغْلَقَ أَبَدًا. قَالَ: فَقُلْنَا لِحُذَيْفَةَ: هَلْ كَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ مَنِ البَابُ؟ قَالَ: نَعَمْ، كَمَا يَعْلَمُ أَنَّ دُونَ غَدٍ اللَّيْلَةَ، إِنِّي حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ. قَالَ: فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَ حُذَيْفَةَ مَنِ البَابُ؟
فَقُلْنَا لِمَسْرُوقٍ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: عُمَرُ[15].
فَكَانَ عُمَرُ رضي الله عنه هُوَ البَابَ المُغْلَقَ دُونَ الفِتَنِ، فَلَمَّا كُسِرَ البَابُ انْفَتَحَتِ الفِتَنُ، وَكَانَتْ بِدَايَتُهَا مَقْتَلَ عُثْمَانَ.
وَلَمْ يُعَدَّ مَوْتُ عُمَرَ رضي الله عنه بِدَايَةً لِلفِتْنَةِ، مَعَ أَنَّهُ مَاتَ مَقْتُولًا؛ لِأَنَّ الَّذِي قَتَلَهُ رَجُلٌ مَجُوسِيٌّ، فَلَمْ تَكُنْ هَذِهِ الفِتْنَةَ، وَإِنَّمَا الفِتْنَةُ كَانَتْ فِي مَقْتَلِ عُثْمَانَ رضي الله عنه، الَّذِي قُتِلَ بِأَيْدِي المُسْلِمِينَ.
وَلِذَلِكَ فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ الطَّوِيلِ: خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا إِلَى حَائِطٍ مِنْ حَوَائِطِ المَدِينَةِ... الحَدِيثَ، وَفِيهِ أَنَّهُ بَشَّرَ أَبَا بَكْرٍ بِالجَنَّةِ، وَعُمَرَ بِالجَنَّةِ، وَعُثْمَانَ بِالجَنَّةِ، ثُمَّ خَصَّ عُثْمَانَ بِالبَلَاءِ، فَقَالَ: "ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالجَنَّةِ مَعَهَا بَلَاءٌ يُصِيبُهُ"[16].
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ رضي الله عنه:
"قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: وَخَصَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عُثْمَانَ بِذِكْرِ البَلَاءِ مَعَ أَنَّ عُمَرَ قُتِلَ أَيْضًا؛ لِكَوْنِ عُمَرَ لَمْ يُمْتَحَنْ بِمِثْلِ مَا امْتُحِنَ بِهِ عُثْمَانُ، مِنْ تَسَلُّطِ القَوْمِ الَّذِينَ أَرَادُوا مِنْهُ أَنْ يَنْخَلِعَ مِنَ الإِمَامَةِ"اهـ[17].
وَبِمَقْتَلِ عُثْمَانَ رضي الله عنه انْقَسَمَ المُسْلِمُونَ، وَوَقَعَ القِتَالُ بَيْنَ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ - وَانْتَشَرَتِ الفِتَنُ وَالأَهْوَاءُ، وَكَثُرَ الخِلَافُ، وَتَشَعَّبَتِ الآرَاءُ.
==============================
• مَكَانُ ظُهُورِ الفِتَنِ وَاشْتِدَادِهَا:
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ - وَهُوَ مُسْتَقْبِلُ المَشْرِقِ -: "هَا إِنَّ الفِتْنَةَ هَاهُنَا، إِنَّ الفِتْنَةَ هَاهُنَا، إِنَّ الفِتْنَةَ هَاهُنَا، مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ"[18].
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ رضي الله عنه:
"وَأَوَّلُ الفِتَنِ كَانَ مَنْبَعُهَا مِنَ قِبَلِ المَشْرِقِ، فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِلفُرْقَةِ بَيْنَ المُسْلِمِينَ، وَذَلِكَ مِمَّا يُحِبُّهُ الشَّيْطَانُ وَيَفْرَحُ بِهِ، وَكَذَلِكَ البِدَعُ نَشَأَتْ مِنْ تِلْكَ الجِهَةِ"[19].
"فَمِنَ العِرَاقِ ظَهَرَ الخَوَارِجُ وَالشِّيعَةُ وَالرَّوَافِضُ وَالبَاطِنِيَّةُ وَالقَدَرِيَّةُ وَالجَهْمِيَّةُ وَالمُعْتَزِلَةُ، وَأَكْثَرُ مَقَالَاتِ الكُفْرِ كَانَ مَنْشَؤُهَا مِنَ المَشْرِقِ، مِنْ جِهَةِ الفُرْسِ المَجُوسِ، كَالبُوذِيَّةِ وَالقَادْيَانِيَّةِ، وَالبَهَائِيَّةِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ المَذَاهِبِ الهَدَّامَةِ.
وَأَيْضًا؛ فَإِنَّ ظُهُورَ التَّتَارِ فِي القَرْنِ السَّابِعِ الهِجْرِيِّ كَانَ مِنَ المَشْرِقِ، وَقَدْ حَدَثَ عَلَى أَيْدِيهِمْ مِنَ الدَّمَارِ وَالقَتْلِ وَالشَّرِّ العَظِيمِ مَا هُوَ مُدَوَّنٌ فِي كُتُبِ التَّارِيخِ.
وَإِلَى اليَوْمِ لَا يَزَالُ المَشْرِقُ مَنْبَعًا لِلفِتَنِ وَالشُّرُورِ وَالبِدَعِ وَالخُرَافَاتِ وَالإِلْحَادِ؛ فَالشُّيُوعِيَّةُ المُلْحِدَةُ مَرْكَزُهَا رُوسْيَا وَالصِّينُ، وَهُمَا مِنَ المَشْرِقِ، وَسَيَكُونُ ظُهُورُ الدَّجَّالِ وَيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِنَ قِبَلِ المَشْرِقِ"[20].
============================
• اشْتِدَادُ الفِتَنِ حَتَّى يَتَمَّنَى النَّاسُ المَوْتَ:
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهِا، وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلَاءٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا، وَتَجِيءُ فِتْنَةٌ فَيُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَتَجِيءُ الفِتْنَةُ فَيَقُولُ المُؤْمِنُ: هَذِهِ مُهْلِكَتِي، ثُمَّ تَنْكَشِفُ، وَتَجِيءُ الفِتْنَةُ فَيَقُولُ المُؤْمِنُ: هَذِهِ هَذِهِ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ وَيَدْخُلَ الجَنَّةَ، فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلِى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ"[21].
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ: يَا لَيْتَنِي مَكَانَهُ"[22].
وَفِي لَفْظٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ عَلَى قَبْرِ الرَّجُلِ فَيَتَمَرَّغُ عَلَيْهِ وَيَقُولُ: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَكَانَ صَاحِبِ هَذَا القَبْرِ، وَلَيْسَ بِهِ الدَّيْنُ إِلَّا البَلَاءُ"[23].
============================
• ظُهُورُ مُدَّعِي النُّبُوَّةَ:
عَنْ أَبِي هُرْيَرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ قَرِيبٌ مِنْ ثَلَاثِينَ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ"[24].
وَقَدْ خَرَجَ بَعْضُهُمْ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مِنْهُمْ: مُسْيَلِمَةُ الكَذَّابُ، وَالأَسْوَدُ العَنْسِيُّ، وَسَجَاحٌ، وَتَزَوَّجُهَا مُسَيْلِمَةُ، فَلَمَّا قُتِلَ رَجَعَتْ إِلَى الإِسْلَامِ، وَطُلَيْحَةُ الأَسَدِيُّ، وَرَجَعَ أَيْضًا إِلَى الإِسْلَامِ، وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ.
وَخَرَجَ بَعْضُهُمْ فِي عَهْدِ الصَّحَابَةِ وَلَا يَزَالُونَ يَظْهَرُونَ.
وَلَيْسَ التَّحْدِيدُ فِي الحَدِيثِ مُرَادًا ِبِهِ كُلَّ مَنِ ادَّعَى النُّبُوَّةَ مُطْلَقًا؛ فَإِنَّهُمْ كَثِيرٌ لَا يُحْصَرُونَ، وَإِنَّمَا المُرَادُ مَنْ قَامَتْ لَهُ شَوْكَةٌ، وَكَثُرَ أَتْبَاعُهُ، وَاشْتُهِرَ بَيْنَ النَّاسِ[25].
===========================
• ضَيَاعُ الأَمَانَةِ، وَإِسْنَادُ الأَمْرِ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ"، قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا يَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: "إِذَا أُسْنِدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ"[26].
============================
• زَخْرَفَةُ المَسَاجِدِ وَالتَّبَاهِي بِهَا:
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَتَبَاهَى النَّاسُ فِي المَسَاجِدِ"[27].
وَفِي لَفْظٍ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَبَاهَى النَّاسُ فِي المَسَاجِدِ"[28].
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: كَانَ سَقْفُ المَسْجِدِ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ، وَأَمَرَ عُمَرُ بِبِنَاءِ المَسْجِدِ، وَقَالَ: أَكِنَّ النَّاسَ مِنَ المَطَرِ، وَإِيَّاكَ أَنْ تُحَمِّرَ أَوْ تُصَفِّرَ فَتَفْتِنَ النَّاسَ[29].
وَقَالَ أَنَسٌ: يَتَبَاهُونَ بِهَا، ثُمَّ لَا يُعَمِّرُونَهَا إِلَّا قَلِيلًا[30].
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَتُزَخْرِفُنَّهَا كَمَا زَخَرَفَتِ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى[31].
===========================
• أَنْ يَمْلِكَ العَرَبُ الأَرْضَ.
دَلَّ عَلَيْهِ حديث أَبِي هُرْيَرَةَ رضي الله عنه فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ الطَّوِيلِ: "فَقَالَ جِبْرِيلُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: مَا المَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ، وَلَكِنْ سَأُحَدِّثُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا، إِذَا وَلَدَتِ الأَمَةُ رَبَّتَهَا فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا، وَإِذَا كَانَتِ العُرَاةُ الحُفَاةُ رُءُوسَ النَّاسِ فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا، وَإِذَا تَطَاوَلَ رِعَاءُ البُهْمِ فِي البُنْيَانِ فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا"[32].
===========================
• كَثْرَةُ الزَّلَازِلِ.
عَنْ أَبِي هُرْيَرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى... وَتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ"[33].
==========================
• ظُهُورُ الشِّرْكِ فِي الأُمَّةِ.
عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَلْحَقَ قَبَائِلُ مِنْ أُمَّتِي بِالمُشْرِكِينَ، وَحَتَّى تَعْبُدَ قَبَائِلُ مِنْ أُمَّتِي الأَوْثَانَ"[34].
وَعْن أَبِي هُرْيَرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَضْطَرِبَ أَلَيَاتُ نِسَاءِ دَوْسٍ عَلَى ذِي الخَلَصَةِ"، وَذُو الخَلَصَةِ طَاغِيَةُ دَوْسٍ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَ فِي الجَاهِلِيَّةِ[35].
"وَقَدْ وَقَعَ مَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم؛ فَإِنَّ قَبِيلَةَ دَوْسٍ وَمَا حَوْلَهَا مِنَ العَرَبِ قَدْ افْتُتِنُوا بِذِي الخَلَصَةِ، عِنْدَمَا عَادَ الجَهْلُ إِلَى تِلْكَ البِلَادِ، فَأَعَادُوا سِيرَتَهَا الأُولَى، وَعَبَدُوهَا مِنْ دُونِ اللهِ، حَتَّى قَامَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ رضي الله عنه بِالدَّعْوَةِ إِلَى التَّوْحِيدِ، وَجَدَّدَ مَا انْدَرَسَ مِنَ الدِّينِ، فَقَامَ الإِمَامُ عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُعُودٍ رضي الله عنه، وَبَعَثَ جَمَاعَةً مِنَ الدُّعَاةِ إِلَى ذِي الخَلَصَةِ، فَخَرَّبُوهَا، وَهَدَمُوا بِعْضَ بِنَائِهَا، وَلَمَّا انْتَهَى حُكْمُ آلِ سُعُودٍ عَلَى الحِجَازِ فِي تِلْكِ الفَتْرَةِ، عَادَ الجُهَّالُ إِلَى عِبَادَتِهَا مَرَّةً أُخْرَى، ثُمَّ لَمَّا اسْتَوْلَى المَلِكُ عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ آلِ سُعُودٍ رضي الله عنه عَلَى الحِجَازِ، أَمَرَ عَامِلَهُ عَلَيْهَا، فَأَرْسَلَ جَمَاعَةً مِنْ جَيْشِهِ، فَهَدَمُوهَا وَأَزَالُوا أَثَرَهَا. وَلَا يَزَالُ هُنَاكَ صُوَرٌ مِنَ الشِّرْكِ فِي بَعْضِ البُلْدَانِ"[36].
==============================
• تَسْلِيمُ الخَاصَّةِ.
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُسَلِّمَ الرَّجُلُ عَلَى الرَّجُلِ، لَا يُسَلِّمُ عَلَيْهِ إِلَّا لِلمَعْرِفَةِ"[37].
وَفِي لَفْظٍ: "إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ تَسْلِيمَ الخَاصَّةِ"[38].
==============================
• ظُهُورُ الخَسْفِ وَالمَسْخِ وَالقَذْفِ.
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ مَسْخٌ وَخَسْفٌ وَقَذْفٌ"[39].
وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنهما، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ يَقُولُ: "يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ"[40].
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنه قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يَكُونُ فِي آخِرِ هَذِهِ الأُمَّةِ خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ"، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: "نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الخَبَثُ"[41].
وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "فِي هَذِهِ الأُمَّةِ خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ"، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَتَى ذَاكَ؟ قَالَ: "إِذَا ظَهَرَتِ القَيْنَاتُ وَالمَعَازِفُ وَشُرِبَتِ الخُمُورُ"[42].
وَعَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ وَالحَرِيرَ، وَالخَمْرَ وَالمَعَازِفَ، وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ، يَأْتِيهِمْ – يَعْنِي الفَقِيرَ – لِحَاجَةٍ، فَيَقُولُونَ: ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا، فَيُبَيِّتُهُمُ اللهُ، وَيَضَعُ العَلَمَ، وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ"[43].
وَفِي لَفْظٍ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ: "لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا، يُعْزَفُ عَلَى رُءُوسِهِمْ بِالمَعَازِفِ وَالمُغَنِّيَاتِ، يَخْسِفُ اللهُ بِهِمُ الأَرْضَ، وَيَجْعَلُ مِنْهُمُ القِرَدَةَ وَالخَنَازِيرَ"[44].
===========================
شبكة الالوكة