(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا كَمَا آَمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ)
من هو السفيه ؟
هو الذي يُضَيِّع النفيس ويأخذ الخسيس، فإذا أتلف إنسان ماله فرضاً، أو أنفق ماله إنفاقاً غير معقول نسميه سفيهاً، والسفيه يُحْجَرُ عليه، فأيهما أثمن ؟
والآن كلام دقيق، من هو السفيه الحقيقي ؟
إذا رأيت إنساناً يمسك مئة ألف ليرة عدَّها أمامك، ثم جاء بعود ثقاب فأحرقها أمامك، ثم ألقى الرماد في سلة المهملات، ألا تعتقد أنه مجنون، أو أنه سفيه ؟
مئة بالمئة،مثل هذا الإنسان الذي يُحْرِق مئة ألف يُحْجَر على تصرفاته لأنه سفيه
فإذا ضيَّع الوقت أمامك ألا تعده أشد سفاهةً ؟
بالتأكيد
أخطر شيء أن تُمضي سهرة إلى الساعة الواحدة ؟
لمتابعة مسلسل، شيء سخيف، بمتابعة قصة فارغة، بمتابعة حديث فارغ، بلعب النرد، هذا الذي يقتل وقته، أنت وقت، أنت بضعة أيام فقط، كلما انقضى يومٌ انقضى بِضْعٌ منك، أثمن شيء تملكه هو الوقت، طبعاً أثمن من المال بما لا يُقَدَّر،
ماذا يفعل الإنسان بالمال عندما تنتهي حياته ؟
فلو ترك ألف مليون، انتهت حياته، الوقت هو وعاء كل شيء فإذا أُلْغي هذا الوعاء انتهى كل شيء، مركبٌ في أعماق كل منا أن الوقت أثمن من المال، فالذي يتلف ماله يُعَدُّ سفيهاً، والذي يُضَيِّع وقته يعد أشد سفاهةً.
(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا كَمَا آَمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ )
قيمة الإنسان في آخر الزمان
بقيمة متاعه فقط لا بإيمانه ولا بأخلاقه :
لعلهم يتوهمون أن الفقراء هم السُفهاء، فالسفهاء في رأيهم تعني الفقراء لأن مقاييسهم ماديَّة محضة، يُقَدِّرون الإنسان بحجم ماله، بنوع بيته، بمساحة بيته، بموقع بيته، بنوع مركبته، بالرقم الذي على خلف المركبة، فحجم الإنسان عند هؤلاء السفهاء بحجم متاعه، وقيمة الإنسان في آخر الزمان بقيمة متاعه فقط، لا بإيمانه، ولا بأخلاقه.
كان الأحنف بن قيس إذا غضب غَضِبَ لغضبته مئة ألف سيف لا يسألونه فيما غضب، مع أنه كان قصير القامة، أسمر اللون، غائر العينين، ناتئ الوجنتين، أحنف الرجل، ضَيِّق المَنْكِبَين، ومع ذلك كان إذا غَضِب غَضِبَ لغضبته مئة ألف سيف لا يسألونه فيما غَضِبْ، فقيمة الإنسان بإيمانه، وأخلاقه، وعمله.
(أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ )
غاص إنسان في البحر، وتَجَشَّم المشاق، ورأى اللآلئ أمامه
فتركها وأخذ الأصداف ألا يُعَدُّ سفيهاً ؟
فهذا الذي يأتي إلى الدنيا، ويخرج منها، وما فعل شيئاً، إلا أنه أكل، وشرب، ونام، واستمتع فقط كالبهائم.
( إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً )