(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) سورة البقرة)
يقيّم الإنسان من أعماله فقط، أعماله تؤَكِّدُ مكانته، لذلك تجد إنساناً يؤمن بشيء علانيةً، ولكن أفعاله لا تؤكد ذلك، ليس في فعل المنافق فعلٌ واحد، يؤكد أنه مؤمن بالجنة، هو لا يعمل لها.. وليس في فعل المنافق فعلٌ واحدٌ يخاف من مؤمن يؤكد أنه بالنار، لأنه لا يتقيها.. هؤلاء الذين ينغمسون إلى قمة رؤوسهم في المال الحرام أين هي الجنة والنار في حياتهم ؟ والله لو أن الإنسان آمن أن هناك ناراً سيدخلها إلى أبد الآبدين لعدَّ إلى المليون قبل أن يأكل درهماً حراماً، ولو آمن أن هناك حساباً عسيراً..
( فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93) (سورة الحجر)
( فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (10) ( سورة المدثر)
أنواع النفاق:
هنـاك من النفاق ما هو ضعفٌ في الإيمان، أو ضعفٌ أمام الشهوات، هذا المنافق الذي انطلق من ضعفٍ في اليقين، وضعفٍ في الإرادة، لعل الله سبحانه وتعالى يُعالجه فيأخذ بيده إلى الإيمان، وهناك حالاتٌ كثيرة ممن عاصروا النبي عليه الصلاة والسلام كانوا منافقين فتاب الله عليهم، ولكن النفاق الذي يُنْتَفع به لمكاسب دنيوية ـ حينما ينتفع الإنسان بالكفر، وحينما يتخذ الكفر وسيلةً لمكاسب مادية، هذا الكافر يصبح مع الكافرين (سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6) )
والمنافق الذي أصله كافر كفراً اعتقادياً، وكفراً سلوكياً، وهو مع المؤمنين في ظاهره، هذا أيضاً لا ينتفع بأية موعظةٍ يتلقَّاها..
النفاق أخطر شيءٍ في حياة المؤمنين :
يبتلي الله عزَّ وجل المؤمنين ابتلاءاتٍ متعددة، يبتليهم فيمنحهم القوة، ويبتليهم فيضعفهم، المؤمنون مبتلَوْنَ حينما يظهرهم الله على أعدائهم، ومبتلون حينما يستضعفون، فإذا كان الابتلاء استضعافاً كَثُرَ الكفار، لأنهم لا يخافون أحداً..
وإذا كان البلاء قوةً كثر المنافقين، و في مكة المكرَّمة لم يكن هناك منافقون، لأن الإنسان يكفر جهاراً، ويتَّهم النبي جهاراً، ويقول: إنه مجنون، وإنه ساحر، وإنه شاعر، وإنه أَفَّاك، وينام مطمئناً في بيته، ولا يناله أحد بأذى، لأن المؤمنين ضِعاف، يكثر الكافرون مع ضعف المؤمنين، أما في المدينة فقد أصبح للمؤمنين شَوْكَة، وهم قوة، لذلك كثر المنافقين، المنافق كافر لكنه رأى من مصلحته أن يَنْضَمَّ إلى المؤمنين صـورةً وأن يتعاون مع الكافرين حقيقةً، لذلك أخطر شيءٍ في حياة المؤمنين النفاق، المؤمن كما قلت قبل قليل واضح، والكافر واضح، المؤمن انسجم مع الحقيقة، ومع نفسه، وكان مصدر عطاءٍ للخلق، والكافر انسجم مع نفسه فقط، لا مع الحقيقة، شره محدود، لأن هويّته معلنة، المؤمن جريء آمن بالحق، وضحَّى، وقبض الثمن، والكافر جريء، ردَّ الحق وكسب بعض المكاسب المؤقَّتة، ودفع ثمنًا باهظاً، لكن المنافق متلوِّن لا إلى هؤلاء، ولا إلى هؤلاء.
( وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ (15))( سورة البقرة)