حديث بين سلمى وقلبها بعدما شعرت بفجوة بينها وبينه فحاولت معرفة الأسباب التى أحدثت هذه الفجوة فدار بينهما هذا الحوار:-
سلمى : قلبي أين أنت ياقلبي ؟
لما هجرتني وتركتني حائرة ضائعه أبحث عنك؟
أجبنى ياقلبي أين أنت؟
القلب : أنا هنا أتبحثين عني وأنا أمام ناظريك
ألا تريني ؟
سلمى : بلى ياقلبي أراك جيداً ولكني أحاول الوصول إليك فأرى حاجز يعيق وصولي إليك
لما لا تحاول إزالته والعوده إلي ؟
القلب : لا أستطيع إزالته لأنك أنتى التي وضعتيه بيننا وأنتي الوحيدة التي تستطيعين إزالته
سلمى : أنا ياقلبي ياأغلى ما عندي كيف أنا لم أضع شئ
القلب : بلا وضعتي ابحثي داخلك جيداً وسترى أنك وأضعته
سلمى : لم أفهم مقصدك ياقلبي أريد ايضاحاً لما تقول
القلب : كنتي معى دائماً حنونه تخافيني على تطعمينني ألذ الطعام
وتروى ظمأي بألذ ما يروى به الظمأن
عودتيني على النعيم وأحييتيني
وفـــجــــأة!!!
وبدون أن تنذريني قطعتي عني قوت يومي ، وتركتيني ولم تروي ظمأى
تركتينى أموت وأخذتي تنظرين إلى وأنا ألتقت أنفاسي الأخيرة ولم تبدي أى مبادره لإنقاذي
فحاولت استعادة قوايا وفررت منك
سلمى : لا ياقلبي أنا لم أفعل بك شئ
لما توجه لى هذه التهم ؟
أريد إيضاحاً أكثر لما تقوله
القلب : كنتي تطعميني بكثرة قيامك بالليل , ومحافظتك وحرصك ألا تفوتك ليله بدون قيام
سلمى : كنت ومازالت محافظة عليه ياقلبي
القلب : بلا لقد قصرتي وأصبحتي تقومين ليله أو ليلتين وتنامين ليالي لا تبالين إن فاتتك ليله عكس ما كان فى السابق
كان إذا فاتتكي ليله بدون قيام تحزنين وتتمنين لو عادت تلك الليلة لتقيميها
سلمى : أكمل ياقلبي معاتبتك لى ربما توقظني من غفلتي
القلب : كنتي لا تفارقين مصحفك , تأخدينه معك أينما ذهبتي
يرافقك ليل نهار , حفظ وتلاوة وتدبر لمعانيه
واليوم أصبحتي لا تقربينه
سلمى : آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه ياقلبي
آآآآآآآآآآآآآآآآآآه عليك ياسلمى أصبحتى في غفلة
القلب : نعم أصبحت فى غفلة , ألهتكي ملاذ الدنيا , قصرتي فى حق ربك ودينك , وأتعبتيني معك ولم تشفقى على
سلمى : ولما لا تشفق علي أنت ياقلبي وتحاول افاقتي من غفلتي
القلب : لقد حاولت كثيراً افاقتك ولكنك لم تستجيبي لي ولمحاولاتي
سلمى : كنت فى غفله ياقلبي ولم انتبه لمحاولاتك
ألهتنى ملاذ الدنيا وأشغلتني عن عبادة ربي
وها أنا قد أدركت خطأي
فرجاء ياأعز وأغلى مالدي أن تعيد المحاولة مرة آخرى لتنقذني من نفسي
ومن تملك شيطاني مني
حاول انقاذي قبل الضياع وفوات الأوان
قبل أن تقول النفس ياحسرتى على مافرط فى جنب الله
القلب : أحمد الله الذى أفاقك من غفلتك وجعلك تدركين خطأك وتقصيرك
سلمى : الحمد لله حمداً كثيراً كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
القلب : سأدلك على طريقة إزالة هذا الحاجز الذى وضع بيننا
سلمى : أسرع ياقلبي فأنا فى شوق لإستعادتك وعودتك إلي
القلب : ارجعي كسابق عهدك لاينفطر لسانك عن ذكر الله
قال تعالى :
"الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ"
ولا تملين من مرافقة مصحفك حفظ وتلاوة أناء الليل وأطراف النهار
حريصة على القيام والصلاة والذكر والتضرع إلى الله فى جوف الليل
خاشعة فى صلاتك
إذا فعلتي كل هذا والتزمتي به ستستطيعين إزالة الحاجز الذي وضع بيننا ويعيق وصولك إلى
سلمى : أشكرك كل الشكر ياأغلى مايمتلكه البشر على محاولتك انقاذي
وأعدك ياقلبي أن أعود كسابق عهدي
قريبة من ربي , مطيعه له حريصة على ارضائه , متبعة لتعاليم دينى , سائرة على نهج الصحابة والسلف الصالح
, خادمة لسنة حبيبنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم
أحتاج مساعدتك ومساندتك لي وتقومي إذا أخطأت
القلب : لقد سعدت كثيراً بكلامك أنا معك أساندك
وأعدك ألا افارقك مادومتي ملتزمة بكل ما قولتي
سلمى : أريدك ياقلبي مراعياً لحدود الله , متبع لما فرض عليك وألزمت به , وأريدك أن تكون ممن يحسن القصد فيكون
عمله وقوله خالصاً لله تعالى لا يريد به الخلق ولا تعظيمهم
فلرب قلب خاشع ليقال ناسك , وصامت ليقال خائف , وتارك للدنيا ليقال زاهد
القلب : أحمد الله الذي أفاقك من غفلتك وردك للحق رداً جميلا ثبتك الله على الحق
سلمى : الفضل يرجع إلى الله ثم إليك ياقلبي فأنت الذى نبهتني وأفقتني من غفلتي
القلب : أسأل الله أن يجعلني كما تريدين
قلباً خاشع ناسك خائف من الله تارك للدنيا ارضاء لخالقه
مراعياً لحدود الله , محرماً لما حرم الله , محلل لما أحله الله , أمراً بالمعروف , ناهياً عن المنكر
سلمى : وفقني الله فى جعلك هكذا ياقلبي , وأعاننا الله على ذكره وشكره وحسن عبادته
القلب : اللهم آمين
سلمى : حمداً لله على سلامتك ياقلبي لقد كسر الحاجز الموضوع أمامنا وازيلت الفجوة التي وضعت بيننا
القلب : فلنشكر الله على ذلك ونسأله الثبات لكي لا تحدث فجوات بيننا مرة آخر
سلمى : نسأل الله الثبات على دينه وأن يصرف قلوبنا لطاعته
القلب : آمين آمين آمين
دارا هذا الحوار بين سلمى وقلبها والحمد لله أنهما استطاعا إزالة الفجوة التي كانت بينهم
ربما وجد بيننا من حدثت قلبها حديثاً مثل هذا , أو أعطته الفرصة للتحاور معها
فهل وصلنا نحن لما وصلت إليه سلمى مع قلبها من افاقه من غفلاتنا
وإزالة الفجوات التى وضعناها بيننا وبين قلوبنا
هذا الحوار كان رسالة من سلمى وقلبها لكل البشر وقلوبهم فلنعطى الفرصة لقلوبنا لتتحاور معنا وتفيقنا من غفلاتنا
وإن وفقنا الله فى ايجاد صحبة صالحة تعيننا على الافاقه من غفلاتنا فلنحافظ عليها ولا نفرط فيها فنفقدها ونفقد أنفسنا
قال الإمام مسلم رحمه الله في كتاب البر والصلة والآداب من صحيحه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا سفيان بن عيينة عن بريد بن عبد الله عن جده عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم (ح) وحدثنا محمد بن العلاء الهمداني ـ واللفظ له ـ حدثنا أبو أسامة عن بريد عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحاً خبيثة)).
اللهم ردنا إلى الحق رداً جميلا وثبت قلوبنا على دينك وصرفها لطاعتك يارب
منقول