إن سرعة الضوء هائلة جدًا .. بإمكان شعاع من الضوء أن يدور حول الكرة الأرضية ثمان مرات في ثانية الواحدة، ويستغرق ثمان دقائق ونصف تقريبًا حتي يصل الضوء من الأرض إلى الشمس .. ويقطع المجموعة الشمسة بأكملها في خمس ساعات ..
ومع هذه السرعة الهائلة والمسافات الشاسعة التي يقطعها الضوء في وقت قصير جدًا، فإن أقرب نجم للمجموعة الشمسية يقع على بُعد أربع سنوات ضوئية !!
فلك أن تتخيـــل مدى سعة وعظمة السماوات .. ومقدار الحمد الذي تذكره حين الرفع من الركوع:
ربنــا ولك الحمد ملء السماوات وملء الأرض ..
وملء ما شئت من شيء بعد ..
لأنه يوجد عوالم وأشياء أخرى غير السماوات والأرض، لا يمكن لعقولنا أن تحيط بها علمًا .. ومنها عالم الملكوت؛ كالكرسي والعرش وغيرهما مما لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى.
وفي إحالة الحمد على المشيئة، اعتراف بالعجز عن أداء حق الحمد .. فإنه لم يثني أحدًا من الخلق على الله سبحانه وتعالى بما يستحقه قط ..
فالله جلَّ جلاله وحده هو الذي أثنى على نفسه بما يستحقه .. وإلا فكل من أثنى عليه سبحانه وإن كان محسنًا بثنائه إلا أنه غير مكافيء له.
يقول الإمام ابن القيم "وكان النبي يقول فى سجوده: "أَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لا أُحْصِى ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِكِ"[صحيح مسلم] ، فلا يحصى أَحد من خلقه ثناءً عليه البتة، وله أسماءٌ وأوصاف وحمد وثناءٌ لا يعلمه ملك مقرب ولا نبى مرسل ..
ونسبة ما يعلم العباد من ذلك إلى ما لا يعلمونه كنقرة عصفور فى بحر"[طريق الهجرتين (19:37)]
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية "المخلوق إذا أنعم عليك بنعمة أمكنك أن تكافئه، ونعمه لا تدوم عليك، بل لا بد أن يودعك ويقطعها عنك، ويمكنك أن تستغني عنه، والله عزَّ وجلَّ لا يمكن أن تكافئه على نعمه، وإذا أنعم عليك أدام نعمه، فإنه أغنى وأقنى، ولا يستغني عنه طرفة عين"
لماذا لا نُكبِر عند الرفع من الركوع؟
لأن الركوع والرفع منه بمثابة المقدمة للسجـــود، والسجود هو موضع الدعــاء حيث يكون العبد أقرب ما يكون من ربِّه ويُستجاب فيه دعائه ..
وأنت تقول عند الرفع من الركوع: سمع الله لمن حمده ..
أي: استجــاب الله لمن يحمده .. فيكون الذكر التالي مشتملاً على الحمد: ربنـــا ولك الحمد .. ثمَّ تسجد لتدعو الملك جلَّ جلاله ..
فكان الثنـــاء والحمد مقدمة للدعاء؛
لكي يُستجـــاب ..
فإن الملوك يجب أن يُثنى عليهم قبل الطلب منهم؛ لهذا يُثني العبد على الله عزَّ وجلَّ بما هو أهله ثمَّ يسجد ليطلب من ربِّه ويدعوه ..
فما أجمل الصلاة التي رتبها الله عزَّ وجلَّ ترتيبًا عجيبًا، لا يمكن أن يؤتى بمثله ..
فتمتعوا بالصلاة،،