أكبادنا حين تلدهم أرحامنا
يشاء الله.. وتتكون تلك النطفة.. في ظلمات ثلاث.. يمتص من دمها.. ويركل أحشاءها.. يكبر ويكبر حتى يغدو جنيناً.. يضيق به مكانه.. وتحين ساعة خروجه.. فيلفظه رحمها إلى هذه الحياة.. !!
يخرج إلى هذه الدنيا يصرخ.. فتبتهج لسماع صراخه.. وعلى الرغم مما عانته من آلام وآلام تعجز عن الوصف، إلاّ أنها تضمّه إلى صدرها تسمّي عليه وتدعو له.. ! تؤذن في إحدى أذنيه.. وتقيم في الأخرى.. لتتعطر بهما أذناه..
إنها الأم حين تصارع الموت.. لتخرج طفلها إلى هذه الدنيا.. وتبدأ من جديد رحلة عناء.. لصناعة إنسان صناعة دقيقة جداً.. تُسمّى التربية.. وما أدراك ما التربية.. تنسى الأم حينها آلاماً عانتها.. !! تشمّر عن ساعديها، تحاول أن تغرس فيه مبادئ الدين.. ونبل الأخلاق.. تردّد على مسامعه وحدانية الله - تعالى -.. تهزّ بسبابتها أمامه "لا إله إلاّ الله" ليبدأ هو بهز سبابته مستجيباً لفطرة الإسلام التي فُطِر عليها.. فيطير قلبها فرحاً.. !
تحاول هي ووالده حمايته من شهب الغزو التي يحملها الإعلام.. يوفران له بدائل إسلامية بدلاً من غسل بعض القنوات والألعاب الإلكترونية لأدمغة أطفالنا.. يسعى والده ليجلب معه لقمة الحلال فتطيب بها نفسه.. يظلان يحملان هم التربية يحتسبان الأجر من الله - تعالى -.. يصبران على مرضه وشقاوته.. وكثرة أسئلته.. يدعوان له بالتوفيق مع كل سجدة يسجدانها.. ومع كل أذان يعلو أذنيهما.. وهكذا دواليك مع كل طفل يرزقانه.. حتى يواريهما الثرى.. !
وفي جانب آخر من هذا المجتمع.. نرى من تلفظ أرحامهم الأبناء واحداً تلو الآخر.. غير مبالين بكيفية تربيتهم.. بقدر ما يحرصون على تسجيل رقم قياسي من الأبناء..تقذفهم أمواج الحياة هنا وهناك..لا يعرفون صواباً من خطأ.. يتركون تربيتهم لهذه الدنيا تلوكهم وتربّيهم كيفما شاءت.. !! وليتهم علموا أن هؤلاء الأبناء أمانة.. وتربيتهم عبادة.. سيُسألون عنها يوم العرض..
فيا مَن رزقكم الله أبناء احفظوهم بعيونكم، وستتذوقون حتماً ثمرة تعبكم شهداً تتلذّذون به كلما رأيتم أبناءكم شامخين أمامكم.