أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي الحسد بين عذاب النفس وعقاب الجبار

الحسد بين عذاب النفس وعقاب الجبار



المقدمــــــــــــــــــــــــــة






بسم الله ،والحمد لله ،والله أكبر ولاإله إلا الله ، ونشهد أن محمدا عبد الله ورسوله ، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ، ونصح الأمة ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، إنه من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادى له ،ونعوذ بالله من الشيطان الرجيم . وبعد ...
نتعرض فى هذه الكلمات البسيطة لصفة من أحقر ، وأذم الصفات التى تعدو على صاحبها فتدمره قبل أن تتعدى لغيره ، فتقتحم دخائله وخصوصاته ، إنها صفة الحسد التى هى منفذ إلى جميع أمراض اللسان والفلب ، فاليد تبطش ، واللسان يخوض ، ويحل الدمار للجميع فى الدنيا ، ويغضب الجبار فتتدمر الآخرة .
تلك الصفة القبيحة التى حذر منها الله ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما لها من آثار مدمرة لصاحبها ولمن تعدت إليه ، ولما تتسبب فيه من أضرار وعداءات بين الأفراد والجماعات .
وأنزل الله قرآنا من فوق سبع سماوات ، ونزل الوحى برسالة السماء ، بسورتى ( قلأعوذ برب الفلق ) ــ ( قل أعوذ برب الناس ) للتعلق بالرحمن للنجاة مما قد تجلبه نفس الحاقد الحاسد من أذى .
كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات للتعوذ بهن من شرور الأنفس وشرور شياطين الإنس والجن فقال :
" أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة " .
وفيم يلى .. نستعرض أضرار هذه الصفة الدميمة ، و أقوال رسول الله صلى الله عليهوسلم فى ذلك ، وقوله تعالى فى الحسد والحاسدين ، كما نستعرض صورا لبعض أشخاص وأقوام دمرهم الحسد ودمر أقوامهم .
عفانا الله وعفاكم من مثل تلك الصفات ومثيلاتها .



#2

افتراضي رد: الحسد بين عذاب النفس وعقاب الجبار

ماهو الحسد...؟

هو تمنى زوال نعمة الغير ،واستكثارها على صاحبها ثم تمنيها للنفس، وهذا يدعو الشخص إلى التطلع إلى أسرار الغير ، وتتبعهم ، وتتبع أخبارهم ، والعداء لهم ، فيورث الأحقاد والغيرة ،
فيسقط الشخص فيما لا يحمد عقباه .
والحسد فى مضمونه إعتراض على قدر الله موزع الأرزاق والأقدار ، وعدم الرضا بعطائه وقضائه .
هذه الصفة تجعل صاحبها دوما فى صراع مع آلام نفسية عندما ينقب عن شئون غيره ، فيجد هذا فى خير ، وهذا فى نعيم ، وهذا سعيد ، وهذا يمتلك ، هذا ينام وهذا يستيقظ ، ويقارن أحواله دائما بأحوال الآخرين ، فينقبض قلبه حسرة ، ويستطير عقله ، وتتقلص أمعاءه وأحشاءه فتمرض من الحقد والحسد والألم ، وينسى أن الشر والخير كلاهما فتنة الله وإختباره للعباد .
قال تعالى ( كل نفس ذائقة الموت. ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون).الأنبياء35

وقد تفضح الحسود عيناه لحقده ، فتلتهب نارا عند رؤية سعادة الآخرين ، وربما لا يشعرون به ، ولا يعبأون بما هو فيه ، وقد يلمحون ذلك فى عينيه ،فينفرون منه ، ويمتنعون عن معاملته ، ويهابون أن يطلع لأخبارهم ، فيصبح منبوذا محقرا ، ثم يأتيه غضب الرب الذى قد يستعجل له العذاب فى الدنيا ، أو قد يؤخره إلى يوم القيامة

وتمتد نيران حقده لتحرق الغير ، وتبدأ النيران من قلبه وتنطلق إلي لسانه ، فتندلع فيه تعبيرات تنم عما استقر في نفسه فيكرهونه ويتباعدون عن التعامل معه أو معاشرته ، وقد تخوض في أمره الألسنه فبالتالي تقع فالخطيئة بالغيبة ويصير كالوباء يهرب منه وتخفى الأسرار عنه .وفي ذلك ينهانا الله ورسوله في كثير من الآيات والأحاديث نذكر منها التالي :

قال الله تعالى : ( أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ) النساء 54
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم : " إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ـ أو قال العشب ــ " رواه أبو داود.
وقال صلي الله عليه وسلم عن العين :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " العين حق ، ولو كان شئ سابق القدر سبقته العين " . رواه مسلم
ونهى صلى الله عليه وسلم عن التحاسد والتباغض فقال برواية عن أبي هريرة رضي الله عنه : " لا تحاسدوا ولا تناجشوا ، ولا تباغضوا ولا تدابروا ، ولا يبع بعضكم على بيع بعض ، وكونوا عباد الله إخوانا ، المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ، التقوى ها هنا ــ ويشير إلى صدره ثلاث مرات ــ بحسب إمرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام : دمه ، وماله ، وعرضه . " رواه مسلم

نظر إبليس نفسه بطريق المقايسه بينه وبين آدم ورأى نفسه أشرف منه ، وامتنع عن تلبية أمر ربه بالسجود وأصرعلى العصيان ، وتعداه إلى توعد ذرية آدم بالغوايه والإفساد ، ليصيبهم ما أصابه من حقد وعذاب دام منذ بدء الخليقه حتى يوم الدين.
إذ قال : قال تعآلي : ( قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين * قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين * قال أنظرنى إلى يوم يبعثون * قال إنك من المنظرين * قال فبما إغويتنى لأقعدن لهم صراطك المستقيم ) الأعراف 12-16

والحسد يدعوصاحبه للتجسس والنظر في بيت الغير وهذا ما نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه ، فعن سهل بن سعد الساعدي ، أن رجلا ً جحر باب رسول الله صلى اللهعليه وسلم ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم مدري يحك به رأسه ، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لو أعلم أنك تنظرني لطعنت به في عينك ".
وقال صلى الله عليه وسلم : " إنما جعل الإذن من أجل البصر " رواه مسلم
وسمع عنه صلى الله عليه وسلم أن قال : " من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم فقد حل لهم أن يفقئوا عينه " رواه مسلم

ويزهدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فالدنيا ، ليضمن لنا هدؤء النفس والخاطر ، ويقينا بأس بعض وبأس انفسنا ، ويرفع ما قد يجلبه لنا الحسد من تباغض فيقول مطرف عن أبيه : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ [ الهاكم التكاثر ]

قال : " يقول ابن آدم : مالي مالي ، قال : وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت ، أو لبست فأبليت ، أو تصدقت فأمضيت " .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يقول العبد مالي مالي ، إنما له من ماله ثلاث : ما أكل فأفنى ، أو لبس فأبلى ، أو أعطى فأقتنى ، وما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس " رواه مسلم والبخاري

وعن أنس ابن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يتبع الميت ثلاث فيرجع إثنان ويبقى واحد : يتبعه أهله ، وماله ، وعمله، فيرجع أهله وماله ، ويبقى عمله ".

وعلام الحسد ..؟! ، وقد كتبت الأقدار، ووزعت الأرزاق ، وأحكم التقسيم و التوزيع؟

فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق قال : "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ً ، ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك ، ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك ، ثم يرسل الله تعالى إلى الملك فينفخ فيه الروح و يؤمر بأربع كلمات : بكتب رزقه ،وأجله ، وعمله ، وشقي أو سعيد فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب ، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها " رواه مسلم

وهذا يعطي الأمل للحاسد ، أن يتوب من هذه الصفه القبيحة ويقلع عنها ، ولا يقنط من رحمة الله ويعمل بعمل أهل الجنة ليفر من النار ويفوز بالجنة .

لن تغير شيئا ً بحسدك أيه الحسود ، ولن تمنع خيرا بحقدك ولن تأت بشر ، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليهوسلم يقول : " كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات زالأرض بخمسين ألف سنة " قال : :" وعرشه على الماء" رواه مسلم

فالأرزاق لا تزيد ولا تنقص وكذلك الآجال ، فعن عبد الله بن مسعود قال : قالت أم حبيبة : اللهم متعني بزوجي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبأبي أبي سفيان ، وبأخي معاوية ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنك سألت الله لآجال مضروبة وآثار موطوءة ، وأرزاق مقسومةلا يعجل شيئا منها قبل حله ،ولا يؤخر منها شيئا بعد حله ، ولو سألت الله أن يعافيك من عذاب في النار وعذاب القبر لكان خيرا لك " رواه مسلم

فيأيها الحاسد ، لم تركت نفسك تحسد ، ولم تتركها تعمل لتصل لمثل ما حسدت عليه...؟!

عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ، وفي كل خير ، إحرص على ما ينفعك ، واستعن بالله ولا تعجز ، وإن أصابك شئ فلا تقل : لو أني فعلت كان كذا وكذا ، ولكن قل : قدر الله وما شاء فعل ، فإن لو تفتح عمل الشيطان " رواه مسلم

فهلاك أمتنا يكون بهلاك بعضنا ببعض ، فعن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل ذات يوم من العاليه حتى إذا مر بمسجد بني معاوية ، دخل فركع فيه ركعتين وصلينا معه ودعا ربه طويلا ، ثم إنصرف إلينا ، فقال صلى الله عليه وسلم : " سألت ربي ثلاثا فأعطاني ثنتين ومنعني واحدة : سألت ربي أن لايهلك أمتي بالسنه فأعطانيها ، وسألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها ، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعينها " رواه مسلم

وعلمنا صلى الله عليه وسلم الرقية من داء هذا المريض فقال ما حكته لنا عائشة رضي الله عنها أنها قالت : كان إذا إشتكي رسول الله صلى الله عليه وسلم رقاه جبريل ، وقال : بسم الله يبريك ، ومن كل داء يشفيك ، ومن شر حاسد إذا حسد وشر كل ذي عين " رواه مسلم

وقال لنا ابن سيرين : ( ما حسدت أحد على شئ من أمر الدنيا : إن كان من أهل الجنة فكيف أحسده على الدنيا وهي حقيره في جنب الجنة ؟ وإن كان من أهل النار فكيف أحسده على الدنيا وهو يصير إلى النار ؟ )

فكيف للمسلم أن يتملك التباغض والحسد من قلبه ، والله يأمره بالتسامح والرحمة والتعاون في السراء والضراء ، كيف يتملك من قلبه الحسد ويظل مؤمنا ...؟!

فعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تعرض الأعمال كل يوم إثنين وخميس ، فيغفر الله عز وجل في ذلك اليوم لكل إمرئ لا يشرك بالله شيئا ، إلا إمرءا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقول : اتركوا هذين حتى يصطلحا " رواه مسلم

وقال سبحانه وتعآلي : ( فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا ) النجم 29

وقال سبحانه يحذرنا : ( إنما يريد الشيطا، أن يوقع بينكم العداوه والبغضاء ) المائده91 بطريق الحسد والتباغض.

الحسود أحمق لا يقبل العلاج ، لم يزن الدنيا بميزانها الحق فلو أن الدنيا تزن جناح بعوضه عند خالقها ما سقى الكافر منها شربة ماء ، ولم يزن الآخرة بميزان العدل ولو كان لتذكر قوله تعآلي : ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) فلم يقل أغناكم ولا أعلاكم ولا أشبعكم ولا أكثركم منزلة وحسبا ونسبا.

ولنستعرض فيما يلى بعضا من المواقف التاريخيه لأشخاص ، وأقوام ، وجماعات دمرها الحسد والأحقاد ، وأتى بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف ، دمروا أنفسهم وأهليهم وأقوامهم ، وباءوا بغضب من الله ، خسروا الدنيا والآخرة ، ويحكى لنا القرآن أخبارهم لتكون عبرة لنا على مر السنين
ولنستعرض فيما يلى بعضا من المواقف التاريخيه لأشخاص ، وأقوام ، وجماعات دمرها الحسد والأحقاد ، وأتى بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف ، دمروا أنفسهم وأهليهم وأقوامهم ، وباءوا بغضب من الله ، خسروا الدنيا والآخرة ، ويحكى لنا القرآن أخبارهم لتكون عبرة لنا على مر السنين .

#3

افتراضي رد: الحسد بين عذاب النفس وعقاب الجبار

لنبدأ بقصة
آدم والشيطان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه أكبر وأول واقعه للحسد عرفها تاريخ البشريه ، وتمتد مع الإنسان إلى آخر الزمان ، دمر فيها الشيطان نفسه وذريته ، وجميع من تبعهم من البشر ، ولزمته تلك الصفه منذ بداية الخليقه الإنسانيه ، منذ أن خلق الله آدم عليه السلام حتى يوم القيامه .

قال تعآلي : ( وإذ قلنا للملائكة إسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا . قال أرءيتك هذا الذى كرمت على لإن أخرتنى إلى يوم القيامه لأحتنكن ذريته إلا قليلا * قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاءا موفورا ) الإسراء61-63

وكانت تلك هى نتيجة حسد وحقد إبليس وغيرته من آدم عليه السلام ، وقع الذل على الجميع ، وخرج آدم من الجنه والنعيم والسرور إلى دار التعب والكد والتنكد ، وهبط إبليس بنفسه من النعيم بالجنة إلى أن أصبح مذموما مدحورا ، لا مصير له إلا الجحيم هو ومن تبعه وتمكن من غوايته .
وما اغواه الله ، ولكنه أغوى نفسه بحقده وبمقاييسه الغير متكافئه ، فإنه من طبيعة خلق ، وآدم من طبيعة خلق آخر ، وليس بينهم تفضيل إلا أن الله إختبر طاعة كلا من آدم والملائكه وإبليس لأوامره جل فى علاه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولدى آدم

قتل الحسد أحدهم والآخر باء بذنوب الناس جميعا بسنة القتل
قال تعالى : ( واتل عليهم نبأ ابنى آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك . قال إنما يتقبل الله من المتقين * لإن بسطت إلى يدك لتقتلنى ما أنا بباسط يدى إليك لأقتلك . إنى أأخاف الله رب العالمين * إنى أريد أن تبوء بإثمى وإثمك فتكون من أصحاب النار . وذلك جزاء الظالمين * فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين * ) المائدة 27 – 30

وملخص القصة كما ذكرها أئمة السلف : أن آدم كان يزوج ذكر كل بطن بأنثى البطن الأخرى ، وهابيل أراد أن يتزوج بإخت قابيل الأكبر منه ، وكانت أخت قابيلة حسناء ، فأراد قابيل أن يستأثر للزواج منها على أخيه ، ولكن آدم أمرهما أن يقبربا قربانا لله ، وذهب آدم ليحج وترك بنيه .
فقرب هابيل جذعة سمينة جيدة لأنه كان صاحب غنم ، وقرب قابيل حزمة من ردئ زرعه لأنه كان صاحب زرع ، فنزلت النار من السماء ، فأكلت قربان هابيل وتركت قربان قابيل ، فغضب قابيل وقال لأخيه لأقتلنك ، حتى لا تتزوج من أختى الحسناء ، و قتل قابيل هابيل نتيجة لما استولى على قلبه من حسد لأخيه على حظه من زوجة حسناء تمناها قابيل لنفسه وهى لا تحق له .

وهكذا ... كان الحسد سببا فى تدمير أخوين ، هابيل الذى قتل ظلما ، وقابيل الحاقد الذى قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم برواية ابن مسعود : "لا تقتل نفسا ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها ، لأنه كان أول من سن القتل "رواه الجماعة .

وذكر مجاهد : ( أن قابيل عوجل بالعقوبة يوم قتل أخاه فعلقت ساقه إلى فخذه وجعل وجهه إلى اشمس كيفما دارت تنكيلا به وتعجيلا لذنبه وبغيه وحسده لأخيه لأبويه )

وقال صلى الله عليه وسلم : " ما من ذنب أجدر أن يعجل الله عقوبته فى الدنيا مع ما يدخر لصاحبه فى الآخرة من البغى ، وقطيعة الرحم "
ثم أنه قال تعالى : ( فبعث الله غرابا يبحث فى الأرض ليريه كيف يوارى سوءة أخيه قال ياويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأوارى سوءة أخى فأصبح من النادمين) المائدة 31

وحصد قابيل من حسده الندم والعقوبة .

#4

افتراضي رد: الحسد بين عذاب النفس وعقاب الجبار

ثمود قو م صالح
يدمرهم الحسد ويودى بهم إلى الجحيم
ــــــــــــــــــــــــــــــ

وهؤلاء المشركون فى كل زمان ، قتلوا أنبياءهم حسدا وحقدا عليهم بما فضلهم الله برسالاته ، ودوما قالوا مثل ما قال قوم ثمود لنبيهم صالح :
قال تعالى : ( فقالوا أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفى ضلال وسعر * أألقى الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر ) القمر 24 ـ 25
سخرية ، واستهزاء ، واستعلاء وكبرياء مدمر لصاحبه ، تعجب من أمر الوحى ، كيف يلقى الذكر والنبوة والرسالة على واحدغير هذه النفوس المريضة التى تتكبر على الداعية وتخشى اتباعه حتى لا يكون له الإيثار عليهم .
يعلمون الحق بدليل اشتراطهم عليه بأن يأت النبى بالآيات ليستدلوا بها على صدقه ، فبأت بها بإذن الله .
تشددوا فى اشتراطهموطلبوا خروج ناقة ضخمة عظيمة من بين الصخور فأخرجها الله لهم ، ولكن العتو والكبر والحسد فى نفوس تبغض أن يتفضل النبى من الله خالقه عليهم ، فدمروا أنفسهم.
كان اشتراطهم فى خروج الناقة أن أخرجها الله لهم عشراء ضخمة وعلى الصفة التى طلبوها ، ولكنهم جحدوا بها عندما رأوا أن وجودها فى ضررهم ، فالماء أصبح قسمة بينهم وبينها، وبالرغم من أنهم كانوا يشربون لبنها ، وتأتي يوما تشرب ماء البئر فيرفعون احتياجهم من الماء ، ولكنهم لم يصبروا ، دبروا وخططوا وذبحوها بالرغم من تحذير نبيهم لهم من ذبحها ، فآتاهم العذاب ، والعذاب الذى استعجلوه لأنفسهم ، فقد قالوا لنبيهم قل لربك أن ينزل بنا العذاب إن كنت من المرسلين .
قال تعالى : ( وقالوا ياصالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين ) الأعراف77
فقال لهم صالح بم أخبرنا به تعالى : ( قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة ) ــــ ( لولاتستغفرون الله لعلكم ترحمون ) ـــ توبوا إلى الله وإرجعوا عن شرككم وآذاكملبعضكم البعض وللمؤمنين ، ولكن دون جدوى من دعائه ومناجاته .
قال تعالى : ( فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين )
وحاولوا قتل صالحا ، ومن تبعه من المؤمنين ، فكان عقاب الحسدوالكبر والاستعلاء
( فأخذتهم الرجفة فأصبحوا فى دارهم جاثمين ) الأعراف 78
وقال تعالى : ( وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا فى ديارهم جاثمين . كأن لم يغنوا فيها ألا أن ثمود كفروا ربهم ألا بعدا لثمود ) هود 67 ــ 68
قال تعالى : ( فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين * فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن فى ذلك لآية لقوم يعلمون ) النمل 51 ـ52
وجاء العذاب ......
قتلوا الناقة يوم الأربعاء ، فأنذرهم بثلاثة أيام ، فأصبحت ثمود يوم الخميس وجوههم مصفرة ، وفى يوم الجمعة وجوههم محمرة ، ويوم السبت الثالث وجوههم مسودة ، ويوم الأحد تحنطوا وقعدوا ينتظرون العذاب من الله ، فجاءت صيحة من السماء ورجفة شديدة ففاضت أرواحهم وزهقت أنفسهم .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم برواية عن جابر : " لا تسألوا الآيات ــ دلائل الحق ــ فقد سألها قوم صالح فكانت ــ الناقة ــ ترد من هذا الفج وتصدر من هذا الفج فعتوا عن أمر ربهم فعقروها وكانت تشرب ماءهم يوما ويشربون لبنها يوما ، فعقروها ، فأخذتهم صيحة أهمد الله بها من تحت أديم السماء ــ ما أظلهم من السماء ــ منهم إلا رجلا كان فى حرم الله "
وقالوا : من هو يا رسول الله ؟ قال صلى الله عليه وسلم : " هو أبو رغال ، فلما خرج من الحرم ، أصابه ما أصاب قومه " رواه أحمد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحسد دمر فئة من يهود سبط لاوى
عندما أرسل الله طالوت ملكا عليهم من سبط بنيامين ......؟!

فإلى قصتهم :
هذه قصة يحكوها لنا الله فى كتابه الكريم مفصلة فيقول جل فى علاه :
( ألم تر إلى الملأ من بنى إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبى لهم ابعث لنا ملكا نقاتل فى سبيل الله . قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا . قالوا ومالنا ألا نقاتل فى سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم . والله عليم بالظالمين * وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا . قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال . قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة فى العلم والجسم . والله يؤتى ملكه من يشاء . والله واسع عليم * وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة . إن فى ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين * فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس منى ومن لم يطعمه فإنه منى إلا من اغترف غرفة بيده . فشربوا منه إلا قليلا منهم . فلما جاوزه هو والذين معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده . قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله . والله مع الصابرين * ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين * فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء . ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين * ) البقرة 246 ـ251
والحسرة والخذلان على الحاقدين ، على ما أنعم الله به على عبده طالوت من دونهم ، ، وكان النصر لمن اتبعوه وأطاعوا الله وأطاعوا نبيهم شمعون ، هذا النبى إبن الجارية من سبط لاوى التى لم يبق سواها من المؤمنين بعد أن قتلهم أعداءهم وشردوا بهم وسلبوهم التابوت فيه التوراة وعصا موسى والحجر الذى تخرج منه الماء وملابس موسى ، فأخذوا هذه الجارية ( ويقال أنها الجارية التى أبدل الله بها والداها بعد أن قتل الخضر ولدهم كما ورد فى سورة الكهف ) وحبسوها لعلها تلد لهم نبى بعد أن انقطعت فيهم النبوة ، وهذه الجارية دعت الله أن يرزقها بولد نبى فسمع الله دعاءها ورزقها غلام أسمته ( شمعون ) ومعناها سمع الله دعائى .
وكان من سبط لاوى ، وكان المعتاد أن الملك من سبط يهوذا ، أما سبط بنيامين فكانوا فقراء ولكن حكماء ، وجعل الله منهم طالوت وداود الذى كان النصر بين أيديهم ودخل اليهود بيت المقدس .

#5

افتراضي رد: الحسد بين عذاب النفس وعقاب الجبار

يهود المدينة كفروا
حسدا

وهؤلاء يهود المدينة الذين حرفوا فى التوراة حسدا من عند أنفسهم بأن يكون الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من نسل إسماعيل وقد ظنوا أن الرسول المبشر به فى التوراة من نسل إسحاق ويعقوب (إسرائيل ) .
كان اليهود قبل بعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ينادون بما نزل فى كتابهم من بعث الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولكن عندما بعثه الله أنكروا عليه بعثه .
قال الله تعالى يصفهم فى الآية 40 من سورة البقرة ، وينهاهم عن ذلك
( يا بنى إسرائيل اذكروا نعمتى التى أنعمت عليكم وأوفوابعهدى أوف بعهدكم وإياى فارهبون .* وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم . ولا تكونوا أول كافر به . ولا تشتروا بآياتى ثمنا قليلا وإياى فاتقون . ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون ) البقرة 40 ـ 41
وقال جل فى علاه : ( ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدقا لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا . فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به . فلعنة الله على الكافرين)البقرة 89
يصف سبحانه يهود خيبر تقاتل يهود غطفان ، وكلما التقوا هزمت خيبر ، فكانت تستفتح _ تعوذ ــ بالدعاء التالى ويقولون :
" اللهم نسألك بحق محمد النبى الأمى الذى وعدتنا أن تخرجه فىآخر الزمان أن تنصرنا عليهم "
فهزموهم ، ولما بعث النبى صلى الله عليه وسلم كفروا به .

ويروى محمد بن سلمة الصحابى يقول :
" لم يكن فى بنى عبد الأشهل إلا يهودى واحد يقال له : يوشع ، فسمعته يقول : ــوإنى لغلام فى إزار ــ قد أظلكم نبى يبعث من نحو هذا البيت ــ ثم أشار بيده إلى بيت الله ــ فمن أدركه فليصدقه ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمنا وهو بين أظهرنا لم يسلم حسدا وبغيا "
وعلى هذا المنوال كان سلوك اليهود فى الشام ومكة والمدينة يقرون بما بعث به محمدا ولكن يمنعهم الحسد والغيرة من الإعتراف بأنه هو .
الحسد والغيرة أدى بشعب الله المختار إلى الكفر والإنزلاق فى نار الجحيم ، كانوا يمسحون من التوراة ما ينافى أهواءهم ويكتبون بأيديهم ما يحلو لهم ، ويؤذون النبى صلىاللهعليه وسلموأصحابه ويتعرضون لنساء المسلمين .
قال تعالى فى اليهود والنصارى الذين لم يؤمنوا :
( ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق . فاعفوا و اصفحوا حتى يأتى الله بأمره . إن الله على كل شئ قدير ) البقرة 109
وهذا مصيرهم نتيجة لحسدهم وجحودهم فى قول الجبار : ( إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا . ولا تسئل عن أصحاب الجحيم ) البقرة 119

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


رجل على علم ويقين
منعه الحسد من الإيمان ومات حسرة
أمية بن أبى الصلت الثقفى



وهذا ...أميةبن أبى الصلت الثقفى ، ساررحلة طويلة مع أبى سفيان يقرأ الإنجيل، ويجلس مع النصارى يصفون له النبى المنتظر ، ويذهب إلى بيوتهم كما وصف أبو سفيان فى حديثه المفصل عن رحلته معه للتجارة فى الشام ، وهو فى وجوم وهموم وحزن شديد ، ويقص له حديث النصارى عن نبى آخر الزمان .
ثم يقول أبو سفيان عن استكمال حديثه مع أمية بن أبى الصلت :
فضرب الدهر ضربة ، فأوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرجت فى ركب من قريش أريد اليمن فى تجارة فمررت بأمية فقلت له كالمستهزئ به " يا أمية قد خرج النبى الذى كنت تنعته .
قال أمية : أما إنه حق فاتبعه .
قلت : وما يمنعك من اتباعه ؟
قال : ما يمنعنى إلا الإستحياء من نساء ثقيف ، إنى كنت أحدثهن أنى هو ثم يريننى تابعا لغلام من عبد مناف .

وقد قيل عن أمية بن أبى الصلت أنه من نزلت فيه الآية من قول الله تعالى :
( واتل عليهم نبأ الذى آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ) الأعراف 175
أتاه الله العلم ، ولكن اتبع خطوات الشيطان فكان من الغاوين ، لقد اعترف أمية بن أبى الصلت بالرسول والرسالة ولكنه مات كافرا متنكرا للإسلام حسدا من أنه كان يظن ويتمنى أن تأتيه الرسالة ، وخجلامن بنو ثقيف إذكان يشيع بينهم أنه النبى المنتظر ، ولم يكن هو .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه :
" إن أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد :
ألا كل شئ ما خلا الله باطل ***- ** وكاد أمية بن أبى الصلت أن يسلم

#6

افتراضي رد: الحسد بين عذاب النفس وعقاب الجبار

ا لحسد يدمر ا لقائـــــد ا لعتيـــــد



أبرهة


قال تعالى :
( ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل . ألم يجعل كيدهم فى تضليل وأرسل عليهم طيرا أبابيل . ترميهم بحجارة من سجيل . فجعلهم كعصف مأكول ) سورة الفيل

وليتسنى لنا معرفة خطورة الحسد على تدمير القادة ، نستعرض قصة أصحاب الأخدود وعلاقتهم بأبرهه الأشرم الذى كان حاذقا فى قيادته وحكيما فى كسب قواده ومنقاديه ، ثم جعل الحسد منه عصف مأكول .
وتبدأ القصة عندما دخلت أهل نجران باليمن فى دين النصرانية على يد رجل يقال له
( فيميون )من الشام ، وكان مجاب الدعوة ، وله صاحب يسمى صالح .
كانا يتعبدان يوم الأحد ويعملان باقى الأسبوع ، وكان يدعو للمرضى فيشفون بإذن الله
أسرهما بعض العراب وباعوهما بنجران ، وكان الذى اشترى فيميون يراه يتعبد ليلا فيضئ البيت نورا ، وكان أهل نجران يعبدون نخلة طويلة يضعون عليها حلى نساءهم كقرابين .
فقال فيميون لسيده " هل إن دعوت على هذه الشجرة فهلكت أفتعلمون أنكم على باطل وتقطعونها ؟ "
قال : نعم
فدعا الله عليها ، فأرسل الله عليها قاصفا انتزعها من أصلها ، فاتبعه أهل نجران على النصرانية .
وكان عليهم الملك ( ذو نواس ) الذى كان له ساحرا ، لما كبر طلب منه الملك أن يأت بغلام يعلمه السحر ، فأتى بغلام يسمى ( عبد الله بن التامر ) ، وكان الغلام بين الراهب وبين الساحر.
فلما تأثر بالراهب فيميون ، أخذ يدعوالناس للنصرانية ، فحاول الملك قتله ، وفى كل محاولة كان يتعوذ الغلام بالله من أعوان الملك ومن القتل هادفا إقناعهم بوحدانية الله وأن الموت بقدر الله وحده .فينجو من القتل وتحيد عنه الرماح
فقال الغلام ــ مضحيا بحياته من أجل إعلاء كلمة الله ــ إن أردت قتلى فقل بسم رب الغلام عندما ترمى بالرمح ) ، وعندما قال الملك ذلك استطاع أن يقتل الغلام ، فدخل أهل نجران النصرانية ، فشق لهم الملك أخدودا كبيرا أشعل فيه النيران وكانت النار فيه لا تخمد ، وحرق عشرين ألفا من المؤمنين .
ووصف القرآن الكريم هذا الحادث ليصف لنا أصحاب الأخدود فى سورة البروج حيث

قال تعالى : ( قتل أصحاب الأخدود. النار ذات الوقود . إذ هم عليها قعود. وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد )
ونجا من مؤمنى أهل نجران رجلا يسمى " دوس ذو ثعلبة " هرب على فرس له حتى أتى قيصر الروم ،واستنصره على ذي نواس ،فأرسل ملك الروم إلى النجاشي يأمره أن ينصر دوسا ً وينصر بلاده
أرسل النجاشي جيش من سبعين ألف جندي لنصرة دوس على رأس الجيش قائدا ً يدعى أرياط ، ومن جنوده أبرهة
تقابل جيش أرياط ومعه دوس من ذو نواس ومن معه من قبائل اليمن ، فانهزم ذو نواس ، وهرب بفرسه في البحر فغرق ، ودخل أرياط اليمن .

أقام أرياط سنين ملكا على اليمن وكان قائد جيشه أبرهة .

غار أبرهة من أرياط وحسده على ملكه وتفرقت الحبش عليهما ، البعض يناصرون أرياط ، والآخرون يناصرون أبرهة .

أرسل أبرهة إلى أرياط وقال نتبارز ، وأينا أصاب صاحبه انصرف إليه جنده ، وخرجا للمبارزة .

ضرب أرياط أبرهة فوقعت الحربة على جبهته وشرمت حاجبه وعينه وأنفه وشفته (ومنذ ذلك الوقت عرف بأبرهة الأشرم ) .

هجم جنود أبرهة على أرياط وقتلوه ، وانضم جنود أرياط إلى جنود أبرهة .

ولما سمع النجاشي بما حدث ، أقسم أن يجز ناصية أبرهة.

جز أبرهة ناصيته وحلق شعره ، وملأ جرابا ً من تراب أرض اليمن مع الشعر ، وأرسل به إلى النجاشي يستسمحه وقال له في رسالة :ــ

( أيها الملك إنما كان أرياط عبدك ، وأنا عبدك فاختلفنا في أمرك ، وكل طاعته لك إلا إني كنت أقوى على أمر الحبشة وأضبط لها وقد حلقت رأسي كله حين بلغني قسم الملك وبعثت إليه بجراب تراب من أرضي ليضعه تحت قدميه فيبر قسمه في َّ) .
فلما رأى النجاشي حكمته عفا عنه .
بنى أبرهة كنيسة لم يرى مثلها على الأرض وأرسل إلى النجاشى أنه سيصرف الناس للحج إليها ، حسدا لأهل مكة على البيت العتيق ، وسخر أهل اليمن فى بنائها ، ومن تباطأ قطع يده.
بناها على صنمين طولهما ستون ذراعا ( الذراع = 64 سم ) ومن يتعرض لها بأذى أو سرقة تصيبه الجن بالسوء .
سمع رجل من مكة كان ينسأ الشهر الحرام فغضب وأتى الكنيسة وأحدث فيها .
فلما علم أبرهة غضب وأقسم أن يذهب البيت الحرام ليهدمه ، فسار بجنوده من الحبش ومعه الفيل محمود الذى اشتهر بالشراسة والقوة .
جمع رجل من أشراف اليمن يدعى ( ذو نفر ) العرب من قومه لحرب أبرهة ، وتعرض له فهزم ذو نفر وأسره الحبش .
ثم مضى أبرهة فى طريقه إلى البيت ، فتعرض له نفيل بن حبيب ،ولكنه أسر ، وكلما مر أبرهة بقوم خضعوا له حتى وصل الطائف ووصل مكة .
أخذ رجل حبشى أموال من قريش ومنها مائتى بعير لعبد المطلب بن هاشم ( جد الرسول ) وقد كان سيد قريش .
ولم يقدر عرب قريش أن يتصدوا لأبرهة فأرسل لهم أنه لم يأت لمحاربتهم ، ولكنه أتى ليهدم البيت ،وطلب مقابلة كبيرهم ، فجاءه عبد المطلب فقال له أنهم لاطاقة لهم بالحرب ، وأن البيت بيت الله ، وبيت خلياه إبراهيم ، وأنه حرم الله هو يمنعه .
أرسل أبرهة لعبد المطلب ليتداول معه ، وقرب منه وأجلسه على بساطه حيث أنه زعيم القوم وكان بينهما ترجمان .
سأل عبد المطلب أن يترك البعير ، فتعجب أبرهة من سؤاله ، إذ حدثه فى أمر البعير ولم يكلمه فى البيت الذى هو بيت الله ودينه ودين آبائه وأجداده ، ولقريش السيادة بين العرب لهذا البيت ، فقال له عبد المطلب " أنى رب الإبل ، أما البيت فله رب يحميه " ، فرد أبرهة الإبل إلى عبد المطلب
قام عبد المطلب ومعه نفر من قريش وأخذ بحلقة باب الكعبة يدعون الله ويستنصرونه على أبرهة وجنده .
تقدم أبرهة بالفيل محمود ، فأقبل نفيل بن حبيب حتى قام بجانب الفيل وأخذ بأذنه وقال :
إبرك محمودا وارجع راشدا من حيث أتيت فإنك فى بلد الله الحرام .
برك الفيل ، فأخذوا يضربونه ليقوم ، ولكنه أبى ، فإذا وجهوه إلى اليمن قام يهرول ، وإذا وجهوه إلى مكة يبرك ، وإذا وجهوه إلى الشام قام هرولة .
أرسل الله جماعات منطير من ناحية البحر تحمل حجارة من طين من جهنم فى مناقيرها وأرجلها ، وتلقيها على أبرهة وجنوده حتى قتلتهم جميعا وأحتمل البحر جثثهم إلى الماء
أما أبرهة فقد كانت به جروح كثيرة وكانت تتساقط أنامله ، ثم تتقيح حتى مات بعد أن عادوا به إلى صنعاء باليمن .وهكذا دمر الحسد القائد المغوار بعد أن وصل إلى مراتب دنيوية عالية ، ولكن بحسده دمر قائده أرياط ، ثم دمر أناس سخرهم فى بناء كنيسته غيرة وحقدعلى بيت الله الحرام ،فدمر دنياه وأخراه بغضب الله عليه وعقابه فى الدنيا ويوم القيامة فهو من الخاسرين .

#7

افتراضي رد: الحسد بين عذاب النفس وعقاب الجبار

الحسد يحطم أواصر الأخوة والرحمة


هؤلاء أخوة يوسف
عليه السلام
حطموا أنفسهم و أخيهم وأبيهم حسدا ليوسف الذى أستأثر بحب أبيهم
***- **
إن حب الأبناء لا يتجزأ ولا يختلف فى نفوس الآباء، إلا أن بعض الأبناء ببرهم لآبائهم قد يأسرون قلوب الآباء أكثر من العاقين منهم ، ولكن بالرغم من العقوق فقلوب الآباء لا تكره ، ولا يتسنى لها أن تقسوا فتلك فطرة الله التى فطر الله الخلق عليها ــ إلا الشواذ ــ لتستمر الحياة على الأرض .
ولكن الأبناء لا يدركون ذلك ولا يحيطون بالمعنى إلا بعد أن يصبحوا آباء ، وهذا يوسف ابن الحبيبة راحيل ، جميل الخلقة والخلق ، قد أسر قلب أبيه يعقوب فأحبه ...

وتبدأ قصته مع والده وأخوته حين خرج يعقوب فارا من عقاب أخيه العيص وتوعده له بالقتل حين طلب أبوه إسحاق أن يصنع له طعاما ليدعوله ، وكان شيخا يتعد سن التسعون من عمره وضعف بصره ، فذهب العيص إلى الصيد وصناعة الطعام لأبيه ، فأرادت الأم رفقا أن ينال إبنها الأصغر يعقوب نصيبا من دعاء أبيه فنصحته بأن يصنع طعاما لأبيه ويقدمه له على أنه أخيه .

وحدث مالم تحمد عقباه من كشف المستور ، فثارت ثورة العيص وأقسم على قتل أخيه بعد موت أبيه ، وتخشى الأم على ولدها الأصغر الذى أنجبته بعد عقر ، فنصحت إبنها بالهروب عند خاله لابان فى حران ، والزواج من إحدى إبنتيه لحين هدأة ثورة أخيه .

ويذهب يعقوب من الشام إلى حران جنوبا مارا بأرض فضاء ليسدل عليه الليل أستاره ويرى رؤيته بأن الملائكة تصعد وتهبط على سلالم نصبت بين السماء والأرض ، ويقول له الرب
" إنى سأبارك عليك وأكثر ذريتك وأجعل هذه الأرض لك ولمن بعدك "
ويستيقظ يعقوب من نومه فرحا ، ويعقد العزم بأن يعود إلى هذه الأرض بمشيئة الله ليبنى معبدا بها لعبادة الرب . ثم يستكمل مسيرته إلى حران فيرى إبنة خاله _ راحيل الجميلة _فتؤسر قلبه ويطلب من خاله الزواج بها .
ويخدعه الخال بعد استئجاره سبعة سنوات بأن يزوجه الأخت الكبرى ـ ليا ـ قبيحة المنظر ، ولا يكتشف ذلك إلا فى صباح العرس .
ويتحمل يعقوب مشقة الإستئجار سبعة سنوات أخرى ليفوز بالزواج من الحبيبة راحيل ،وتمر السنون ، ومشقة الحياة معها تزداد وإبتلاءات الرب ، ويصبر يعقوب على عدم الإنجاب ، ويدعوربه فيقبل الله دعوة الأب إسحاق ودعوة يعقوب الإبن ليفوز بإبن جميل لأمه راحيل ، ويفوز بأحد عشرآخرين من ليا والإماء لزوجاته

ولكن لايمكن له أن يملك مشاعر الحب الزائد ليوسف ابن راحيل الحبيبة ، الذى كان رفيقا بأبيه ، فتبدأ مشاعر الحسد والغيرة بين الأبناء وأخيهم يوسف ويجلسون ليتشاورون فى أمره ، كيف يمكن التخلص منه والإستئثاربحب أبيهم ، ويتخبطهم الشيطان ، فمن قائل نقتله لنتخلص منه ، ومن قائل نلقى به فى البئر ، ومن ... ومن ...
ويستقر الأمر على إلقائه فى البئر ، وتلطيخ قميصه بالدم إدعاءا لأبيهم أن اكله الذئب ، وهم فى ذلك حمقى ، إتخذوا من مخاوف أبيهم أسبابا ولم يحكموا الفعله ، فلو كانوا صادقين فى إدعائهم لمزق الذئب قميصه ولكن الحقد والحسد أغفل اعينهم وعقولهم عن إحكام التدبير

وتمر السنون وقلب نبى الله يعقوب يظل متعلقا برحمة الرب والأمل فى عودة الإبن المفقود ، ويفقد بصره من شدة الحزن ويعتصر قلب الأب المحب على الإبن الغالى نتيجه لهذا الحسد من الأخوات لأخيهم ويتعرض الإبن لإبتلاءات لا حصر لها بسبب ما وقع عليه من ظلم إخوته وأحقادهم فيتعذب بين مرارة الرق وآلام الأسر والسجن والتهم الباطلة والدعوة إلى الفواحش وغضب الرب ، وصبر واعتصم بالله حتى كافأه الله نتيجة إيمانه وصبره بأن يملك الأرض ويملك قوت إخوته ليتعطف عليهم ويعطيهم من فضل الله ، وتدب الحسره فى نفوسهم إذ بعد أن كانوا يتألمون غيره من حب أبيهم أصبح يفوز بحب أعظم فى نفس أبيهم وحب الله وتفضيله عليهم، وأنزل قرآنا يعزه به على مر السنين إلى يوم الحشر

وما تجنى نفس من حقدها إلا الحسرة وما أصابت إلا ما كتب الله لها.

وقصة يوسف وأخوته يحكو لنا الله تفاصيلها كاملة فى كتابه الكريم لنعتبر فى سورة يوسف .


#8

افتراضي رد: الحسد بين عذاب النفس وعقاب الجبار

اليهود تحسد النبى فلا يؤمنوا
عن أبى هريرة فقال :
أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود فقال : " أخرجوا أعلمكم "
فقالوا عبد الله بن صوريا ، فخلا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فناشده بدينه ، وما أنعم الله به عليهم وأطعمهم من المن والسلوى ، وظللهم به من الغمام : " أتعلمنى رسول الله "
قال : اللهم نعم وإن القوم ليعرفون ما أعرف ، وإن صفتك ونعتك لمبين فى التوراة ولكنهم حسدوك
قال : " فما يمنعك أنت ؟ "
قال : أكره خلاف قومى وعسى أن يتبعونك ويسلموا فأسلم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حسد اليهود
وهذا حسد جديد من اليهود للمسلمين ويشهد عليهم عالم منهم

يزعمون أن الذبيح هو اسحاق وليس اسماعيل


حدث محمد بن كعب لمحمد بن اسحاق وبريرة وسفيان بن فروة الأسلمى فى أنه ذكر لعمر بن عبد العزيز خليفة المؤمنين وكان معه بالشام فى أمر الآية ( فبشرناه باسحاق ومن وراء اسحاق يعقوب ) ،

وهذا يدل ما إن دل أن يلد اسحاق يعقوب فكيف يكون أمر بذبحه ؟

فأرسل عمر بن عبد العزيز إلى رجل يهوديا أسلم وحسن اسلامه وكان من علمائهم

وسأله عمر : أى ابنى إبراهيم أمر بذبحه ؟

فقال الرجل : اسماعيل ، والله يا أمير المؤمنين وإن اليهود لتعلم بذلك ،


ولكنهم يحسدونهم معشر العرب على أن يكون أباكم الذى كان من أمر الله فيه والفضل الذى ذكره الله منه لصبره لما أمر به


فهم يجحدون ذلك ويزعمون أنه إسحاق لأن إسحاق أبوهم





#9

افتراضي رد: الحسد بين عذاب النفس وعقاب الجبار

رد: الحسد بين عذاب النفس وعقاب الجبار

إظهار التوقيع
توقيع : قوت القلوب 2
#10

افتراضي رد: الحسد بين عذاب النفس وعقاب الجبار

رد: الحسد بين عذاب النفس وعقاب الجباروعلام الحسد ..؟! ، وقد كتبت الأقدار، ووزعت الأرزاق ، وأحكم التقسيم و التوزيع؟

رد: الحسد بين عذاب النفس وعقاب الجبار

إظهار التوقيع
توقيع : ام الزهراء
#11

افتراضي رد: الحسد بين عذاب النفس وعقاب الجبار

رد: الحسد بين عذاب النفس وعقاب الجبار
إظهار التوقيع
توقيع : الملكة نفرتيتي
#12

افتراضي رد: الحسد بين عذاب النفس وعقاب الجبار

جزاكِ الله خيـــــرًا
إظهار التوقيع
توقيع : اماني 2011
#13

افتراضي رد: الحسد بين عذاب النفس وعقاب الجبار

الف شكر

إظهار التوقيع
توقيع : هبه شلبي
#14

افتراضي رد: الحسد بين عذاب النفس وعقاب الجبار

الله يبعدنآ وايآآكم عن الحسد
جزآآكِ الله خيرا
والله يجعل مآ قدمتِ في ميزآن اعمالك



قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
حوار بين النفس الطائعة والنفس العاصية sawsan1 المنتدي الاسلامي العام
قواعــد لفهم طبيــعة النفس قوت القلوب 2 المنتدي الاسلامي العام
معلومات شاملة عن تخصص علم النفس حڸآۉة آڸرۉح العيادة النفسية والتنمية البشرية
في محاسبة النفس راجين الهدي حكم واقـوال
الفرق بين الحسد والعين logy.ahmed الرقية الشرعية والسحر


الساعة الآن 11:11 AM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل