الحركة الزائدة و تشتت الانتباه لدى الأطفال
د. مصطفى أبو سعد
أولاً كثرة الحركة و أعراضها
سلوك مثير:
تعد كثرة الحركة و تشتت الانتباه من أكثر السلوكيات المثيرة للآباء و المدرسين, والتي تظهر في سن ما بين 2 ـ 4 سنوات, و نؤكد بداية أن مثل هذا السلوك يعد عاديا و طبيعيا لدى الأطفال ما بين 2 ـ 3 سنوات.. فخلال هذه المرحلة من النمو يبدأ الطفل بالمشي و الحركة و الاعتماد على الذات, مما يثير لديه فضولا كبيرا و حبا للاستكشاف و الاطلاع بلا حدود، مما يجعل التحكم في حركته أمرا صعبا و شاقا.. إضافة إلى كون قدرة الطفل في هذا السن على التركيز محدودة جدا.
ردة فعل:
غالباً ما يُعدّ ظهور الحركة الزائدة في سن 5 ـ 7 سنوات, اضطرابا سلوكيا مزعجا للمدرسين و الأسرة.. و ينتج هذا الاضطراب كردة فعل لدى الطفل عن حالات من الضغط و التوتر و الملل, بسبب الحاجات الجديدة المرتبطة بالبيئة المدرسية, أو اختيار يلجأ إليه الطفل لمواجهة حالات سلبية يتعرض لها.
إن الجسم لدى الطفل يعد قناة رئيسة للتعبير عن حالات الاضطراب النفسي أو نقص في حاجة نفسية لديه بسبب ظروف عائلية مثل ولادة أخ جديد نال اهتمام الأسرة, و افتقد الأضواء التي كانت متجهة إليه قبل المولود الجديد.. أو فقدان أحد أفراد العائلة (جد أو جدة) و مرور العائلة بحالة طوارىء تترك آثارها على شخصية الطفل, و قد تصبح نقطة تحول في سلوكه.
وقفة مهمة.. مرض أم اضطراب!!
كل ما أشرت إليه سالفا يعد سلوكا بسيطا و تفاعلا مع ظروف محيطة بالطفل, و تصنف ضمن السلوكيات المزعجة الممكن التحكم فيها من خلال التربية الإيجابية.. علما أن هناك حالة اضطراب سلوكي لها أعراض مشابهة, و هي حالة قوية و يمكن تصنيفها ضمن الأمراض التي تحتاج لعلاج عضوي و سلوكي و نفسي, و هذه الحالة هي "فرط الحركة مع تشتت الانتباه".
كيف نميز بين الحالتين؟!
في حالة "فرط الحركة" تعد صعوبة التركيز و تشتت الانتباه سلوكا يضاف إلى غيره من الصعوبات مثل التأخر الدراسي و عدم القدرة على التحكم في الحركة لأسباب ذهنية.
أولا: الأعراض الرئيسة للمرض
قلة الانتباه:
يتصف هؤلاء الأطفال بأن المدة الزمنية لدرجة انتباههم قصيرة جدا لا يستطيعون الاستمرار في إنهاء نشاط أو لعبة معينة, يبدون و كأنهم لا يسمعون عندما تتحدث إليهم, و عادة ما يفقدون أغراضهم أو ينسون أين وضعوا أقلامهم أو كتبهم.
زيادة الحركة:
لا يستطيعون أن يبقوا في مكانهم أو مقاعدهم فترة بسيطة.
عادة ما يتسلقون و يجرون في كل مكان في البيت وفي السوق ويوصفون بأنهم لا يهدؤون أبدا.
الاندفاع:
- يجيبون على الأسئلة قبل الانتهاء من سماع السؤال.
- لا يستطيعون أن ينتظروا دورهم في أي نشاط يقاطعون في الكلام.
أما بالنسبة للحركة الزائدة و قلة التركيز غير المرضية فتكون نتيجة للأسباب التالية:
1 ـ الضغوط النفسية بمختلف أشكالها.
2 ـ الضغوط الاجتماعية بمختلف أنماطها كذلك.
3ـ عدم تقدير الذات و الرضى عنها.
4 ـ سهولة التشتت مع أي مثير جانبي.
5 ـ اضطرابات النوم و الشخير الليلي فهو لا يعطي القسط الكافي من الإستغراق في النوم العميق مما يعيق التركيز و الفهم أثناء اليوم.
- هل حاولت يوما وضع ابنك تحت مراقبتك الأبوية التربوية أثناء دراسته و تأدية واجباته المدرسية؟
- وهل سألت نفسك: لماذا يستجيب هذا الابن لكل ما يحدث حوله حتى لو كان خارج المنزل, في الحديقة مثلا؟؟ إن حفيف الأشجار أو صوت أخ أو أخت كفيلان أن يشتتا انتباهه, فيترك دراسته ليلعب بإحدى لعبه و في أثناء عودته للدراسة يداعب أخاه الصغير, لماذا لا يبقى فترة كافية لإنهاء واجباته؟
ثانياً: العلاج
عوامل تساعد في تحسين التركيز
تبدو مشكلة فترة الانتباه القصير صعبة الحل و لكن الخبراء يقولون: إن هناك أشياء كثيرة يمكنك القيام بها لمساعدة طفلك و تحسين تركيزه نوجزها بما يلي:
التشاور و التباحث مع المدرس:
إذا كانت هذه المشكلة تحدث مع طفلك فقط في المدرسة فقد يكون هناك مشكلة مع المدرس في أسلوب شرحه للدرس, و في هذه الحالة لا بد من مقابلة المدرس و مشاورته و مناقشة المشكلة و الحلول الممكنة.
مراقبة الضغوطات داخل المنزل:
إذا كانت هذه المشكلة تحدث مع طفلك في المنزل, لاحظ ما إذا كان تشتت الانتباه أو النشاط الزائد أو الاندفاع "التهور" لدى طفلك يحدث و أنت تمر بظروف انفصال أو طلاق أو أحوال غير مستقرة إذا كان الأمر كذلك, فإن هذا السلوك قد يكون مؤقتا, و يقترح الأخصائيون هنا زيادة الوقت الذي تقضيه مع الطفل حتى تزيد فرصته في التعبير عن مشاعره.
فحص حاسة السمع:
إذا كان طفلك قليل الانتباه و سهل التشتت و لكن غير مندفع أو كثير الحركة, فعليك فحص حاسة السمع عنده للتأكد من سلامته و عدم وجود أي مشكلات عضوية يعاني منها و خاصة في أذنيه, ففي بعض الأحيان رغم أنه يسمع جيدا يحتمل أن المعلومات لا تصل كلها بشكل تام للمخ.
زيادة التسلية و الترفيه:
يجب أن تحتوي أنشطة الطفل على الحركة و الإبداع, و التنوع, و الألوان و التماس الجسدي و الإثارة فمثلا عند مساعدة الطفل في هجاء الكلمات يمكن للطفل كتابة الكلمات على بطاقات بقلم ألوان و هذه البطاقات تستخدم للتكرار و المراجعة و التدريب.
تغيير مكان الطفل:
الطفل الذي يشتت انتباهه بسرعة يستطيع التركيز أكثر في الواجبات و لفترات أطول إذا كان كرسي المكتب يواجه حائطا بدلا من حجرة مفتوحة أو شبك.
تركيز انتباه الطفل:
اقطع قطعة كبيرة من الورق المقوى على شكل صورة معينة ما وضعها على مساحة أو منطقة تركيز الانتباه أمام مكتب الطفل و اطلب إليه التركيز و النظر داخل الإطار و ذلك أثناء عمل الواجبات و هذا يساعده على زيادة التركيز.
الاتصال البصري:
لتحسين التواصل مع طفلك قليل الانتباه عليك دائما بالاتصال البصري معه قبل الحديث و الكلام.
ابتعد عن الأسئلة المملة:
تعود على استخدام الجمل والعبارات بدلا من الأسئلة فالأوامر البسيطة القصيرة أسهل على الطفل في التنفيذ.. فلا تقل للطفل: (ألا تستطيع أن تجد كتابك؟) فبدلا من ذلك قل له: (اذهب و أحضر كتابك الآن, ثم قل له: أرني ذلك).
حدد كلامك جيدا:
يقول د. جولد شتاين.. الخبير بشؤون الأطفال: دائما أعط تعليمات إيجابية لطفلك فبدلا من أن تقول لا تفعل كذا, أخبره أن يفعل كذا و كذا, فلا تقل (أبعد قدمك عن الكرسي) و بدلا من ذلك قل له (ضع قدمك على الأرض) و إلا سوف يبعد الطفل قدميه عن الكرسي و يقوم بعمل آخر كأن يضع قدميه على المكتبة.
إعداد قائمة الواجبات:
عليك إعداد قائمة بالأعمال و الواجبات التي يجب على الطفل أن يقوم بها و وضع علامة (صح) أمام كل عمل يكمله الطفل و بهذا لا تكرر نفسك و تعمل هذه القائمة كمفكرة, و الأعمال التي لا تكتمل أخبر الطفل أن يتعرف عليها في القائمة.
تقدير و تحفيز الطفل على المحاولة:
كن صبورا مع طفلك قليل الانتباه فقد يكون يبذل أقصى ما في وسعه فكثيرا من الأطفال لديهم صعوبة في البدء بعمل ما و الاستمرار به.
حدد اتجاهك جيدا:
خبراء نمو الأطفال ينصحون دائما بتجاهل الطفل عندما يقوم بسلوك غير مرغوب فيه, و مع تكرار ذلك سيتوقف الطفل عن ذلك لأنه لا يلقى أي انتباه لذلك و المهم هو إعارة الطفل كل انتباه عندما يتوقف عن السلوك غير مرغوب و يبدأ في السلوك الجيد.
ضع نظاما محددا و التزم به:
التزم بالأعمال والمواعيد الموضوعة, فالأطفال الذين يعانون من مشكلات الانتباه يستفيدون غالبا من الأعمال المواظب عليها و المنظمة كأداء الواجبات و مشاهدة البرامج النافعة في التلفاز و تناول الأكل باعتدال و يوصى بتقليل فترات الانقطاع و التوقف حتى لا يشعر الطفل بتغيير الجدول أو النظام و عدم ثباته.
أعط الطفل فرصة للتنفيس:
لكي يبقى طفلك مستمرا في عمله فترة أطول يقترح الخبراء السماح للطفل ببعض الحركة أثناء العمل.. فمثلا: أن يعطى كرة اسفنجية من الخيط الملون أو المطاط يلعب بها أثناء عمله.
التقليل من السكر:
كثير من الأبحاث لا تحذر من السكر كثيرا و لكن يرى بعض المختصين أنه يجب على الآباء تقليل كمية السكر التي يتناولها الطفل فبعد تشخيص ما يقرب من 1400 طفل وجد حوالي ثلث الأطفال يتدهور سلوكهم بشكل واضح عند تناولهم الأطعمة مرتفعة السكريات, وأثبتت بعض البحوث أيضا أن الطعام الغني بالبروتين يمكن أن يبطل مفعول السكر لدى الأطفال الحساسين له.. لذلك إذا كان طفلك يتناول طعاما يحتوي على السكر فقدم له مصدر بروتين كاللبن, أو البيض, و الجبن.. منقوووووووول