رد: انا غير موافقة علي الدستور اللي بيقسمنا
اميرة حبيبتي /اختلاف الراي لا يفسد الود واحب ان ارد عليكي حبيبتي الدستور مش هو يعني الي انتي قلتي عليه خالص دي افتراءات عشان يولوعا في البلاد اسمحي لي ان ارد عليكي
فى هذا الظرف الحرج الذى تمر به البلاد ويتعاظم فيه الاستقطاب بما يرشح الأوضاع لمزيد من الفوضى وعدم الاستقرار تسعى العديد من وسائل الإعلام المملوكة لرجال أعمال ارتبطت مصالحهم بالنظام البائد ـ ومواقفهم طوال أيام الثورة معروفة للجميع ـ يحاولون الآن تفجير الأوضاع فى الشارع المصرى ، بالتحريض ليس فقط على التصويت بلا على مشروع الدستور ولكن برفض مجرد استفتاء الشعب عليه وكأنهم أوصياء على الأمة .
وهم فى سبيل ذلك يحاولون بالكذب والافتراء وتشويه الحقائق خلق رأى عام رافض لمواد مشروع الدستور الذى استغرق اعداده قرابة ستة أشهر وشاركت فيه كل القوى الوطنية حتى المنسحبين منهم وقعوا بأيديهم بالموافقة على تشكيل الجمعية التأسيسية وعلى كل المواد الخلافية التى يزعمون الآن أنها سبب انسحابهم ، ولكن بقى الكثير من ممثلى التيارات الليببرالية والهيئات والنقابات يمارسون دورهم الوطنى فى وضع الدستور حتى تم التصويت النهائى عليه مقدمين مصلحة الوطن على المصالح السياسية الضيقة والمكاسب الشخصية والطائفية التى كانت السبب الرئيس لانسحاب من انسحب وليس نصوص مواد الدستور التى شاركوا فى وضعها وصياغتها قبل انسحابهم .
لذلك نرى لزاما علينا إظهارا للحق أن نتناول شبهاتهم وافتراءاتهم حول نصوص الدستور بالتفنيد والرد من واقع نصوص مشروع الدستور نفسه وليس بالكلام المرسل وتشويه الحقائق كما يفعلون . وذلك على النحو التالى :-
1ـ فيما يتعلق بالشريعة الإسلامية :أقر الدستور بأن مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيس للتشريع وحتى لا يترك الأمر لكل من يريد الالتفاف حول النص وتفريغه من مضمونه وضعت هيئة كبار العلماء بالأزهر تفسيرا لمبادئ الشريعة الاسلامية فى المادة 219 من مشروع الدستور ينص على أن "مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة فى مذاهب أهل السنة والجماعة " وقد وافق الجميع بمن فيهم ممثلوا الكنائس الثلاث على ذلك التفسير ، ولكن تحت ضغوط بعض القوى التى تسعى لهدم الجمعية وهدم كل مؤسسات الدولة انسحبت الكنائس من الجمعية التأسيسية . ومع ذلك تمت الموافقة فى مشروع الدستور على بقاء المادة الثالثة منه والتى لا مثيل لها فى أى دستور فى العالم والتى تعطى الحق لأبناء الديانتين اليهودية والمسيحية فى الاحتكام الى شرائعهم فى أحوالهم الشخصية وشؤونهم الدينية واختيار قياداتهم الروحية .
2ـ فى مجال المساواة نص الدستور على مبدأ المواطنة وعدم التمييز بين المواطنين بسبب الدين أو الأصل أو الجنس فى المادتين 6،8 وغيرهما .
3ـ فى مجال الحريات :نص الدستور ولأول مرة فى تاريخ مصر على حق الأشخاص فى إصدار الصحف بمجرد الإخطار وكذلك إنشاء الجمعيات والنقابات والأحزاب وعدم جواز مصادرتها أو حلها الا بحكم قضائى .
وكذلك حرية التعبير والإبداع وحرية العقيدة وإقامة الشعائر وبناء دور العبادة وحرية الفكر وصيانة المعتقدات والأديان والرسل من الازدراء أو التعريض بهم ، وحرية الحصول على الوثائق والمعلومات والإحصاءات ، وحظر الرقابة على الصحف ، وحق التظاهر السلمى وغيرها من الحريات العامة فى باب الحقوق المدنية والسياسية من مشروع الدستور المواد من 43 الى 57 . ولكنه وضع ضابط مهم لممارسة هذه الحقوق والحريات وهو أن يكون ذلك فى إطار عدم انتهاك القيم الأخلاقية للمجتمع وهو ما اعترض عليه دعاة الإباحية من العلمانيين الذين يريدون حرية بلا ضوابط ولا سقف تصل إلى درجة الإباحية والإلحاد والتهجم على الأديان وكان ذلك من أسباب انسحابهم.
4 ـ وفى مجال الحقوق الشخصية :نص الدستور على حرمة الحياة الخاصة وعدم جواز القبض على المواطنين أو تفتيشهم إلا بإذن قضائى مسبب وألزم السلطات بإبلاغ من يقبض عليه كتابة خلال 12 ساعة بسبب القبض عليه وأن يعامل معاملة تحفظ عليه كرامته ولأول مرة ينص الدستور على عدم جواز التحقيق مع المتهم الا فى حضور محاميه . وغير ذلك من الحقوق الشخصية .
5ـ لقد أوجب الدستور الجديد على الدولة رعاية المعاقين وتوفير الرعاية الصحية والاجتماعية وفرص العمل لهم و للفقراء وبخاصة المرأة المعيلة، ولأول مرة فى التاريخ ينص الدستور صراحة على الزام كل المنشئات الصحية الخاصة أو العامة على تقديم العلاج الفورى لأى مواطن فى حالات الخطر والطوارئ والحوادث وبالمجان لغير القادرين وتوفير الرعاية الصحية لكل المواطنين ، ودفع معاشات للفقراء توفر لهم حد الكفاية ولمن لا يستطيع العمل وتحقيق العدالة الاجتماعية وضمان حد أدنى للأجور والمعاشات وحد أقصى لها ورعاية صغار الفلاحين والعمال الزراعيين وصرف معاشات لهم وتنمية الزراعة والصناعة والبحث العلمى ومجانية التعليم .فى المواد من 58 الى 73 .
6ـ نظم الدستور الجديد اعلان حالة الطوارئ فى ظروف الحرب أو الكوارث تعرض البلاد للخطر وجعلها لمدة ستة أشهر فقط بعد موافقة مجلس النواب ولا يجوز مدها إلا لستة أشهر أخرى بعد استفتاء الشعب .
7ـ جعل الدستور الجديد السلطة التنفيذية موزعة بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وجعل مدة ولاية الرئيس أربع سنوات ولا يجوز اعادة انتخابه الا لمرة واحدة لينهى بذلك عصر الديكتاتورية وانفراد الرئيس بالحكم وقلص صلاحيات الرئيس بما يقارب 40% من صلاحياته فى الدستور السابق ولم يعترض الرئيس مرسى الذى يتهمونه بالديكتاتورية .
8 ـ جعل الدستور الجديد السلطة التشريعية مشاركة بين مجلسى النواب والشورى ولم يعط الرئيس الحق فى حل المجلس إلا بعد استفتاء الشعب ثم ولأول مرة فى تاريخ مصر ينص الدستور على أنه إذا جاءت نتيجة الاستفتاء برفض حل المجلس فيجب على الرئيس أن يستقيل فورا " المادة 127 " ، ووضع حدا لهذه الفوضى والعبث المتمثل فى تخصيص 50% من المقاعد للعمال والفلاحين وجعل ذلك قاصرا على الانتخابات القادمة فقط ووضع تعريفا منضبطا لمعنى العامل والفلاح ، واشترط لعضوية مجلس النواب حصول العضو على شهادة التعليم الأساسى " الاعدادية " بدلا من مجرد الإلمام بالقراءة والكتابة كما فى الدستور القديم بل وجعل الحصول على مؤهل عال شرطا لعضوية مجلس الشورى .
9ـ جعل الدستور لرئيس الجمهورية حق اختيار رئيس الوزراء ، فإذا رفض مجلس النواب هذا الاختيار يكلف الرئيس الحزب الحاصل على أكثرية المقاعد فى المجلس بتشكيل الحكومة ، فإذا رفض المجلس أيضا فعلى الرئيس أن يترك لمجلس النواب تشكيل الحكومة واختيار رئيس الوزراء ومنحه الثقة ، فإذا فشل المجلس فى ذلك فعلى الرئيس حل المجلس والدعوة لانتخابات برلمانية جديدة . كما أخضع الدستور الجميع لأحكام القانون ونظم إجراءات محاكمة الوزراء ورئيس الوزراء ورئيس الجمهورية نفسه حتى يكون الجميع أمام القانون سواء وحتى يعلم المسؤول أنه ليس بمنأى عن المساءلة .
وحرم على الرئيس والوزراء وحتى أعضاء البرلمان أن يبيعوا أو يؤجروا أو يوردوا من الدولة أو إليها أى شئ طوال فترة عملهم ، حتى يغلق الباب تماما أمام عمليات التربح واستغلال النفوذ والفساد الإدارى ." باب السلطة التنفيذية المواد من 123 الى 167 ".
10 ـ لقد حرر الدستور الجديد القضاء المصرى من أية تبعية أو خضوع للسلطة التنفيذية ليكون مستقلا استقلالا تاما ، فلا يجوز عزل القضاة، وجعل اختيار قضاة المحكمة الدستورية ورئيس المجلس الأعلى للقضاء والنائب العام بموجب ترشيح الهيئات القضائية دون تدخل من رئيس الجمهورية ، وجعل التدخل فى أعمال القضاء جريمة يعاقب عليها القانون . ." باب السلطة القضائية المواد من 168 الى 182"
أما لماذا يرفض بعض القضاة الدستور الجديد ، فلأنه نص على أن التعيين فى جميع المناصب ومنها القضاء يكون على أساس الكفاءة والجدارة ، لينهى الدستور بذلك عقودا من الظلم والمحسوبية التى جعلت التعيين فى المناصب القضائية حكرا على أبناء القضاة مهدرين بذلك حق المتميزين وأصحاب الكفاءات وأوائل الخريجين .
11ـ لقد منح الدستور الجديد الاستقلال التام للجهات الرقابية فى الدولة والهيئات العامة مثل الجهاز المركزى للمحاسبات والأزهر والرقابة الإدارية والجامعات وأنشأ لأول مرة هيئة عليا لشؤون الوقف الخيرى بعيدا عن فساد الجهات الادارية التى استغلت اموال الأوقاف فى غير مصارفها الشرعية ونهبتها طوال العقود الماضية وكذلك انشأ الدستور مجلساً وطنياً للتعليم والبحث العلمى يتولى شؤونه ويشرف عليه خبراء متخصصون فى كافة مجالات البحث العلمى وتطوير التعليم ، ليكون هو الجهة المنوط بها تطوير مناهج التعليم والبحث العلمى وتنميته وربطه بسوق العمل ، انقاذا له من الفوضى والتخبط الذى أدى الى تردى التعليم وتخلفه. وكذلك أنشأ المفوضية الوطنية لمكافحة الفساد ، وأخرى للانتخابات ، وهيئة مستقلة لإدارة الصحف القومية بعيدا عن هيمنة مجلس الشورى والمجلس الأعلى للصحافة لتكون الصحف القومية ولأول مرة ملكا حقيقيا للشعب وليس لحزب الأغلبية ، ومعبرة عن مصالحه وليس مصالح الحكومة ، وحتى تمارس عملها بحيادية وبعيدا عن تدخلات الحكومة . ومنح الحصانة للخبراء وهيئة قضايا الدولة وللمحامين أثناء تأدية وظيفتهم وأعمالهم " المواد من 200 الى 216" .
12 ـ لقد أغلق مشروع الدستور الجديد الباب فى وجه الفاسدين عندما نص فى باب الأحكام الانتقالية على حرمان قيادات الحزب الوطنى السابق ونوابه السابقين فى مجلسى الشعب والشورى الذين زوروا إرادة الشعب فى انتخابات 2005 و 2025 فحرمهم من حق الترشح لمدة عشر سنوات . وهذا هو السر وراء الحملة المنظمة والشرسة التى تقودها الفضائيات والصحف والأحزاب العلمانية التى تتلقى تمويلها من المليارات المنهوبة من أموال الشعب أو من الدعم السخى الذى ينهال عليها من الخارج على مشروع الدستور الجديد.
13ـ لقد كرم الدستور شهداء الخامس والعشرين من يناير والمحاربين القدماء ومصابى الثورة وجعل لهم ولأسر الشهداء أولوية فى الوظائف العامة والرعاية الاجتماعية والصحية .
وغير ذلك الكثير من النصوص التى يضيق المقام بشرحها واستقراء ما فيها من مكاسب لهذه الأمة ورفعة لشأنها
وهكذا ينقل الدستور الجديد مصر نقلة حضارية غير مسبوقة حتى وصفه الكثير من المنصفين من رجال القانون داخل مصر وخارجها بأنه واحد من أفضل دساتير العالم ، ولكن أصحاب المصالح الضيقة والفاشلين الذين أظهرت الانتخابات حجمهم الحقيقى لا يريدون لمصر أن تنهض ولا لمؤسساتها أن تكتمل فبعد أن حلوا مجلس الشعب وسعوا فى حل مجلس الشورى والجمعية التأسيسية لوضع الدستور أرادوا أن يضمنوا الدستور نصا ينهى فترة رئاسة الرئيس الحالى عقب الاستفتاء على الدستور لنعود الى نقطة الصفر مرة أخرى فننتخب رئيسا جديدا وبرلمانا جديدا وهكذا نهدم بأرجلنا ما بنيناه بأيدينا .
لقد فطن رئيس الجمهورية لهذه المؤامرات الخسيسة فأصدر إعلانه الدستورى الذى حصن به مؤسسات الدولة من الحل حتى لا ينقض بقايا النظام الفاسد وفلوله المنتشرون كالسوس فى كل مؤسسات الدولة على مكتسبات الثورة وانجازاتها فيهدمون أركانها باسم القانون واحترام أحكام القضاء .
وبعد: فإن انجاز الدستور والموافقة عليه ينهى المرحلة الانتقالية التى لا يريد لها البعض أن تنتهى ، ويسقط كل الإعلانات الدستورية والحصانات التى منحها الرئيس لقراراته والتى ثار بشأنها هذا الخلاف بين القضاء والرئاسة ، لتسير عجلة الإنتاج ، وتكون لنا مؤسساتنا الدستورية التى تعبر عنا وندير من خلالها شؤوننا بدلا من الشوارع والميادين والمليونيات .
وختاما نقول لكل مصرى: