تقدير الذات
المقدمة
إن من نعم الله على العبد أن يهبه المقدرة على معرفة ذاته، والقدرة على وضعها في الموضع اللائق بها، إذ إن جهل الإنسان نفسه وعدم معرفته بقدراته يجعله يقيم ذاته تقيماً خاطئاً فإما أن يعطيها أكثر مما تستحق فيثقل كاهلها، وإما أن يزدري ذاته ويقلل من قيمتها فيسقط نفسه. والشعور السيئ عن النفس له تأثير كبير في تدمير الإيجابيات التي يملكها الشخص، فالمشاعر والأحاسيس التي نملكها تجاه أنفسنا هي التي تكسبنا الشخصية القوية المتميزة أو تجعلنا سلبيين خاملين؛ إذ إن عطاءنا وإنتاجنا يتأثر سلباً وإيجاباً بتقديرنا لذواتنا.
بقدر ازدياد المشاعر الإيجابية التي تملكها تجاه نفسك بقدر ما يزداد تقديرك لنفسك، وبقدر ازدياد المشاعر السلبية التي تملكها تجاه نفسك بقدر ما يقل تقديرك لنفسك.
إن حقيقة الاحترام والتقديررغم تأثرها بالعوامل المحيطة إلا أنها بداية تنبع من النفس؛ والإنسان الذي يعتمد على الآخرين في تقدير ذاته قد يفقد يوماً هذه العوامل الخارجية التي يستمد منها قيمته وتقديره وبالتالي يفقد معها ذاته، لذا لابد أن ينبعث الشعور بالتقدير من ذاتك وليس من مصدر خارجي يُمنح لك، فإذا اخترنا لأنفسنا التقدير وأكسبناها الاحترام فإننا اخترنا لها الطريق المحفز لبناء التقدير الذاتي.
ماذا نعني بمفهوم الذات
هو نظرة الفرد إلى نفسه وهي تتضمن الوصف وليس الحكم وتتشكل هذه النظرة من خلال تفاعل مجموعة من العوامل أبرزها الخبرة مع البيئة المحيطة وعلاقته مع الآخرين إضافة إلى تفسيره لسلوكه الذي يقوم به (
Muijs,2001/Keith1997).
أبعاد الذات
للذات أبعاد أربعة هي:
الجسم، العقل، الروح‘ العاطفة (ديماس، 2002).
تقدير الذات:
هو تقدير الفرد لقيمته ولأهميته مما يشكل دافعا لتوليد مشاعر الفخر والإنجاز واحترام النفس وتجنب الخبرات التي تسبب شعورا بالنقص، وينبغي أن يغرس هذا الشعور في الطفل من قبل البيت والمدرسة، وعندما يكون لدى الطالب قاعدة قوية من احترام وتقدير الذات ينعكس ذلك على علاقته مع الآخرين فتتولد لديه رغبة في الاستماع لهم وتقبل آرائهم ومشاعرهم وتقدير تميزهم واختلافهم عنه (
Reasoner ,2004/Muijs,2001).
وعندما نتكلم عن التقدير الذاتي فإننا نقصد الأشخاص الذين لديهم شعور جيد حول أنفسهم.
وهناك كثير من التعريفات لتقدير الذات، والتي تشترك في طريقة معاملتك لنفسك واحترامها، فهو مجموعة من القيم والتفكيرات والمشاعر التي نملكها حول أنفسنا. فيعود مصطلح التقدير الذاتي إلى مقدار رؤيتك لنفسك، وكيف تشعر تجاهها Daved,1999)).
ويعتبره البعض عملية تقييم يقوم بها الفرد تجاه ذاته ويعبر فيها عن مدى قبوله لنفسه، مشيرا إلى درجة النجاح التي حققها.
Murk,1999) ).
ومن هنا يقسم علماء النفس التقدير الذاتي إلى قسمين:
- التقدير الذاتي المكتسب: هو التقدير الذاتي الذي يكتسبه الشخص خلال إنجازاته، فيحصل الرضى بقدر ما أدى من نجاحات. فيبنى التقدير الذاتي على ما يحصله من إنجازات.
ـ التقدير الذاتي الشامل: يعود إلى الحس العام للافتخار بالذات، فليس مبنيا أساساً على مهارة محددة أو إنجازات معينة. فهو يعني أن الأشخاص الذين أخفقوا في حياتهم العملية لا يزالون ينعمون بدفء التقدير الذاتي العام، وحتى وإن أغلق في وجوههم باب الاكتساب.
والاختلاف الأساسي بين المكتسب والشامل يكمن في التحصيل والإنجاز الأكاديمي، ففكرة التقدير الذاتي المكتسب تقول: إن الإنجاز يأتي أولاً ثم يتبعه التقدير الذاتي. بينما فكرة التقدير الذاتي الشامل تقول: إن التقدير الذاتي يكون أولاً ثم يتبعه التحصيل والإنجاز.
ويرى مؤيدو التقدير الذاتي المكتسب: أن التقدير الذاتي الشامل ذو تأثير سلبي؛ فزيادة الثقة تؤدي إلى المبالغة وهذا يؤدي إلى الشك الذاتي. بينما التقدير الذاتي المكتسب يمكن الفرد من الاهتمام بذاته، فهو ينمو طبيعياً وخصوصاً عندما ينجز شيئاً ذو قيمة. بينما يحتاج الشامل لتفعيل ما لديه، فلا بد من تدخل المعلم والوالدين والأشخاص المحيطين به، ليس فقط مجرد تشجيع وإنما قد يضطرون لخداعه بأن ما يفعله يستحق التقدير والثناء.
ولكننا يجب أن لا نغفل أن للعلاقات الاجتماعية أثراً في إكساب النفس الثقة، فهناك علاقة مباشرة بين التقدير الذاتي والنجاح الاجتماعي . وهذا النجاح يشمل الاعتداد في المظهر، والنجاح العلمي، والقدرة على تكوين علاقات اجتماعية جيدة. إذ يحتاج الشخص إلى قدر من القبول والاحترام الاجتماعي لتتكون لديه مشاعر إيجابية حول نفسه، ويرى نفسه بأنه ناجح في عيون الآخرين. كما أن تأثير العلاقات الاجتماعية الشخصية تتحدد بدرجة عالية بمقدرة الشخص على التسامح والاحترام، والانفتاح الذهني والتقبل للآخرين. بتصرف
McKay,2000))
نظريات مفهوم الذات
1. المدخل الفرويدي: ويبني أصحاب هذا المدخل أفكارهم من خلال البحث في العمليات العقلية والعاطفية التي نشأت منذ الطفولة وأثرها على السلوك، و(الأنا) هي المنظم الفعال لشخصية الفرد وهي التي تشعره بهويته التي تأخذ مظاهر ثلاثة (العقلية والروحية والاجتماعية).
ويشير إلى أنه كلما تقابل شخصان فإن هناك ست أشخاص حاضرين
- الشخصية الحقيقية لكل منهما.
- الشخصية التي يراها كل منهما في الآخر.
- الشخصية التي يراها كل منهما عن نفسه.
James,1999))
2. المدخل الإنساني (روجرز وماسلو): يفترض أصحاب هذا المدخل أن الفرد يكافح بشكل فطري للحصول على الأشياء التي تؤدي لإشباع الذات، و يرى روجرز أن كل فرد لديه ميل للمكافحة لتحقيق وتحسين ذاته، والشخص الذي يستطيع أن يطور ذات مميزة يعتبر فردا فاعلا، والسلوك يتأثر بنظرة الفرد للعوامل الاجتماعية والعالم الخارجي ويتضمن الذات الحقيقية والمثالية، وبالمقابل اهتم ماسلو بعملية تحقيق الذات وهي العملية التي يهدف الفرد فيها إلى أن يكون ما يريد ويطمح إليه، ورأى أن الحاجات الإنسانية مرتبة بشكل هرمي وهذه الحاجات تدفعه لتطوير نفسه وتحقيق ذاته والشكل التالي يوضح هرم ماسلو: (
Rogers,1973/Maslow)
حاجة تحقيق الذات
الحاجات الجمالية
حاجات المعرفــــــــــة
حاجات التقديـــــــــــــر
حاجات الانتماء والحب
الحاجات الأمنيــــــــــــة
الحاجات الطبيعيــــــــــة
2. المدخل المعرفي (كيلي، ديجوري): وركزت هذه المجموعة على الأبعاد المعرفية واعتبرتها المدخل لمفهوم الذات إذ إن البناء الشخصي للفرد يؤكد على الطريقة المميزة له في رؤية العالم، ويختلف بذلك فرد عن الآخر، وأكد ديجوري على الطريقة التي يقيم بها الأفراد أنفسهم ودور الكفاءة كأحد مظاهر تقدير الذات.
أشكال تقدير الذات
1. ذو أبعاد متعددة.
2. ذو طبيعة هرمية.
ويبني الفرد تقديره لذاته بشكل منظم، وكلما تقدم الإنسان بالعمر أصبح مفهوم الذات لديه
أكثر تمايزا.
Shavelson s Model)).
كيف يتطور مفهوم الذات
يتطوّر احترام الذات و ينمو ضمن حياة الأفراد اليومية إذ نبني صورة أنفسنا من خلال تجاربنا مع الآخرين وتلعب التّجارب التي ارتبطت بالنجاح والفشل أثناء طفولتنا دورًا كبيرًا خصوصًا في تشكيل احترام ذاتنا ، ويتأثر تطور المفهوم بطريقة معاملتنا من قبل أعضاء عائلتنا، من قبل مدرّسينا، المسؤولين، و من قبل نظرائنا، كلّ ذلك ساهم في خلق احترام ذاتنا الأساسي، والطفولة هي محور تطوير الذات.