الويجــــــا .. بوابة الشيطان
من المؤكد أن هذا الاسم قد مرّ عليك بصورة أو بأخرى .. لوح الويجا..
من اقترب أكثر من هذا الاسم , سيعرف أنه أشهر لوح في أمريكا وأوروبا لسبب ما...
أمّا من تابع أكثر في هذا الموضوع أو خدمته الصدفة , سيعرف أن هذا اللوح يستخدم لغرض واحد وهو الاتصال بالأرواح ..
حسنًا من لا يعرفون أي شيء عن هذا اللوح , ومن لا يعرفون عنه سوى أقل القليل ...
هذه هي فرصتهم ليعرفوا كل شيء عن لوح الويجا الشهير بدءًا من تاريخه , وحتى طريقة استخدامه..
• تاريخ الويجا :
تاريخ لوح الويجا ينتمي في الأساس إلى تاريخ محاولات تحضير الأرواح والاتصال بالموتى.
فاللوح هو الوسيلة , والاتصال بالموتى هو الغرض الأساسي.
لكننا هنا سنبدأ من التاريخ التي بدأ يتحول فيه تحضير الأرواح إلى نوع من المذاهب له أتباعه المخلصون.
والتاريخ الذي سنبدأ به هو عام 1848 في مدينة ( هايدسفيل ) فــي نيويـورك.
حين انتقلت عائلة ( فوكس ) إلى ذلك المنزل الهادئ عنــد أطــراف المــدينــة.
دخول هذه العائلة إلى ذلك المنزل كان أول شرارة في تاريخ تحضير الأرواح.
والسبب كان عجيبًا في حد ذاته , فالعائلة التي كانت تتكون من الأب ( جون ) والفتاتان ( مارجريت ) و( كاثرين ).
أعلنــت العائلة وبعد مـرور ثلاثة أشهر من انتقالها إلى ذلك المنزل , أن المنزل مسكون وأن الأرواح الغاضبة فيه تطرق على الجدران وتمزق الأثاث , وأن الحيـاة في هــذا المنــزل أصبحــت مستحيلـة. وكادت العائلة تغادر المنزل بلا رجعــة , لــولا أن وقفــت الفتـاة ( كاثرين ) وسط المنــزل وصــوت الطرقات والتحطيم يتعالى من حولها , لتتحــدى الشبـح بأن يكرر طرقاتها على المائدة. والعجيـب أن صوت الطرقات والتهشيم توقف ، وبدأ الشبح فـي تكرار عدد الطرقات التي تطرقها الفتاة على المائدة كل مرة.
واعتبر هذا هو أول اتصال ناجح بالأرواح والأشباح في تاريخ أمريكا, ولم تمض فتــرة حتــى أعلــن جار عائلة ( فوكس ) السيد ( ويليام دسلر ) أنه توصل إلى معرفة ذلك الشبح الذي يسكن المنزل وأنه ( تشارلز روزا ) الذي قتله بعض اللصوص , ودفنوا جثته في أساس المنزل.
بالطبع لم يصدقه أحد حينها واعتبروها مبالغة لا داعي لها ، لكن في عام 1904 وحين قررت الفتاتان مغادرة المنزل بعد وفاة والديهما , وحين شرع العمال في هدم الجدران عثروا علــى هيكــل عظمــي مكتمل , لرجل اعتقد الجميع أنه السيد ( تشارلز روزا ) لتعود شهرة هذا المنزل , ولتعود شهرة عائلة ( فوكس ) حتى بعد أن غادرت الفتاتان المدينة حاملتين هذه المرة , رسالـة مفادهــا أن النساء لديهــن القدرة والشفافية لمخاطبة الأرواح , وأن هذه القدرة قد تغير من حياتهن للأبد.
و جرّب شقيق الفتاتين استخدام الحروف كوسيلة للاتصال بالشبح , ونجح بالفعل ليمليه الشبح الرسالة التالية:
ـ أصدقائي الأعزاء .. إنها بداية عصر جديد ، واتصالكم بي حقيقة لا يجب عليكم إنكارها , امضــوا في مهمتكم برعاية الله , وسترعاكم الأرواح الطيبة أينما كنتم .
بالطبع كان لهذه الرسالة تأثير درامي على الجماهير المنبهرة.
وازداد عدد المؤمنين بهذا المذهب , حتى جاء يوم 14 نوفمبر 1849 ليشهد أول اجتماع لرابطــة تحضير الأرواح في نيويورك.
ولم يتوقف انتشار هذه الظاهرة , وبحلول عام 1852 وصلت رابطات تحضير الأرواح..
وفي عام 1855 أعلن أن عدد أعضاء هذه الرابطات وصل إلى 2 مليون عضو على مستوى العالم , ثم حدث ما ضاعف من انتشار هذه الظاهرة أضعافاً وأضعافاً .... وهـي الحــرب الأهليــة والحــرب العالمية الأولى. فبسبب ذهاب الآلاف إلى الحرب , لم تجد العائلات البائسة أمامها سوى اللجوء إلى روابط تحضيـر الأرواح والاتصــال بالموتى لمعرفة أخبار ذويهم , وإن كانوا على قيد الحياة أم لا , مستعينين بأرواح من قتلوا في المعركة.
وفي الفترة من 1890 إلى 1950 بات من الواضح أن المشكلة أصبحت في توفير أداة سهلة ومأمونة للاتصال بالأرواح ...
وتصدت مجموعة من المصانع لحل هذه المشكلة , لكن كل ما أنتجوه كان عبارة عن أجهــزة معقــدة مزعجة لا تصلح للاستخدام المنزلي , الأمر الذي دفع أحفاد عائلة ( فوكس ) ــ الذين تزعموا روابط تحضير الأرواح ــ إلى نصح الجميع باستخدام طريقة السلة في تحضير الأرواح.
وطريقة السلة ـ بالمناسبة ـ تعتمد على أن يمسك اثنان بسلة بأطراف أصابعهما , بعد أن يثبتا قلماً في مقدمة السلة , ويعلقا ورقة علــى الجدار على أن تتحرك السلة بالقلم المثبت فيها, لتكتب على الورقة المعلقة على الجدار...
ولا تزال هذه الطريقة تستخدم حتى الآن في إندونيسيا , حتــى إن الكاتـب الكبيــر ( أنيس منصور ) ذكرها بالتفصيل في كتابه الشيق (200 يوم حول العالم ) .
وفي عام 1886 توصل أحدهم إلى اختراع الـ ( بلانشيت Planchitte ) والتي كانت عبارة عــن لوح عجيب الشكل , محفورة عليه الحروف والأرقام ، وكلمتا ( نعم ) و ( لا ) ومركب علـى هــذا اللوح مؤشر على شكل قلب يتحرك بطريقة معينة , على أن تكون حركة هذا المؤشر , هي استجابة الروح للمتصل.
وربما بدا هذا مبالغاً فيه , لكن ظهور البلانشيت احتل عناوين الصحف في ذلك الحين...
وكان من أهم مميزاته التي أدت إلى انتشاره أنه لا يحتاج إلى تدريب خاص لاستخدامه , إضافة إلى صغر حجمه وسعره . يعود شرف هذا الاختـراع إلى كــل مـــن ( إليجا بوند ) و ( تشارلز كينارد ) و ( ويليام فولد ) .
فيما بعد استقل ( تشارلز كينارد ) عن رفيقيه , وطوّر من لوح البلانشيت ، وأسمــاه باسم جديد وهو ( الويجا Ouija ) زاعمًا أنها كلمة فرعونية تعني الحظ السعيد.
وأصبحت ألواح الويجا هي ألواح تحضير الأرواح الرسمية ، وصحيح أن ( تشارلز كينارد ) كان الصانع الرسمي لها إلا أن ( ويليام فولد ) كان يعدّ الأب الروحي لهذه الألواح التي اتضح في نهاية الأمر أنها كانت فكرته ومن تنفيذه , في حين لم يقم ( كينارد ) سوى بالتمويل.
بالطبع لم يتوقف تاريخ الويجا عند هذا الحد , بل مرّ بالعديد من مراحل التطوير والنجاح والفشل..
ثم النجاح مجددًا .
• كيف تستخدم لوح الويجا ؟؟
أولاً ستضع اللوح على طاولة وستجلس أمامها أنت ورفيق آخر ــ يجب أن يكون عدد من يجربون هذه التجربة اثنين على الأقل ــ وعليكما بالبدء في التركيز , لتنقية الهالة المحيطة بكمــا ( Ora )
وبهذا تمنعان اقتحام الأرواح الشريرة للجلسة..
نحن نعرف أن هذا كله هراء , لكننا نستعرض الموقف فحسب!! الموضوع ليس للتجربة ولكن للاطلاع ومعرفة ما آلت إليه أفكار البشر .... الحمد لله على نعمة الإيمان
الآن ستطلبان الروح المطلوب الاتصال بها , ثم ستضعان أطراف أصابعكما على المؤشر الصغير على اللوحة ــ غالباً ما يزود المؤشر بعجل لتسهيل الحركة ــ وحين تشعر بأن المؤشر يتحرك أسفل أصابعك .
اعرف أن الروح قد حضرت ، وحينها يمكنك أن تبدأ في توجيه الأسئلة..
ولكن يجب أن أنقل لك التحذيرات التي يرددونها على كل من يمارسون هذه الهواية:
1 ) لا تستخدم لوح الويجا بمفردك أبدًا.
2 ) لو تحرك المؤشر في الاتجاهات الأربعة بسرعة , اعرف أن هناك روحا شريرة تحضر الجلسة. 3 ) إياك أن تسأل عن الموت أو الله أو عن الكنوز المدفونة.
4 ) لو سقط المؤشر من على اللوحة ستفقد الاتصال بالروح المطلوبة.
5 ) لو حاولت حرق لوح الويجا وسمعت صوت صراخ يتصاعد منها , فاعرف أن أمامك ستاً وثلاثين ساعة فحسب قبل أن تموت!!
ها هي التحذيرات , وها هي طريقة الاستخدام..
الأمر سهل كما هو واضح , لكن لاحظ أنك لم تمر بمراحل النقر على المائدة السابقة , لذا أنت محظوظ بحصولك على المنتج النهائي , والآن حان وقت فهم الحقيقة , وترك هذا العبث لمن يصدقونه.
• الحقيقة :
يعتقد الكثيرون أن التفسير الوحيد لهذه الظاهرة يكمن في كلمة ( التحريك اللاإرادي )
التي أعلنها الباحث ( ويليام كاربنتر ) عام 1882 , وهو يعني بكلمته هذه أن العقل قادر ــ وتحـت تأثير عواطف محددة ــ أن يحرك عضلات الجسم حركة لا إرادية لا يشعر صاحبها أنه من يتحكم فيها , فيبدو الأمر له وكأن الأرواح تحرك المؤشر أسفل يده.
وتخيل معي الموقف التالي لتفهم أكثر...
أم ذهب ابنها إلى الحرب وانقطعت أخباره , فتضع يدها على مؤشر لوح الويجا , وتتساءل ( ترى .. هل ابني بخير؟ ) ... وهنا تتحرك يدها لا شعوريًا والمؤشر من أسفل يدها إلى كلمة ( نعم ) على اللوح. أي أن عواطفها هي التي حركت يدها , وليس وعيها أو إرادتها الحرة.
بعد ذلك اكتشف العلم أمراض أخرى كالحركة اللاإرادية ، والقدرات العقلية الفائقة ... أي استخدام العقل للتحريك ، وبدأت هذه الكلمات اللاتينية ذات الدوي المهيب , تحتــل مكــان ( الروح الطيبة )
و ( الروح الشريرة ) .
ثم خرج علم النفس بعشرات التفسيرات التي تشترك كلها في أن ( الإنسان محبط تعيس يريد أن يكسر ملل حياته بأي شيء .. و لوح الويجا يقدم له هذه الرفاهية ) .
ولأن هناك من يتحمسون لبعض الأشياء ، هناك في المقابل مـــن يهاجمونهــا , وظهــرت طائفة من محاربي ( ألواح الويجا )على أنها بوابة الشيطان , وطريــق الهــلاك الذي يدخلــه الحمقــى دون أن يقدروا مخاطره.
من قرأ منكم قصة الطفل ( روبي ) الذي استوحيت منــه قصــة وفيلــم ( طــارد الأرواح الشريــرة Exorcist ) . يعرف أنه كان من هواة استخدام ألواح الويجا , وللشائعات تأثيرها كما يعرف الجميع , وللسينما تأثيرها الأقوى.
و لعل أشهر الأفلام التي تحدثت عن لوح الويجا على أنه مصدر أكيد للهلاك , هو فيلم ( لوح السحر Witchboard ) الذي أخرجه وكتب قصته ( كيفن تيني ) عام 1985, ليحقق به نجاحًا دفعه لإخراج الجزء الثاني من الفيلم , بينما تولى ( بيتر سافاتك ) إخراج الجزء الثالث .
وفي استفتاء أجرته أحد المواقع على الجمهور الأمريكي , أظهرت النتائج أن أكثر من ستين في المائة ممن اشتركوا في الاستفتاء أعلنوا أنهم يخافون من ألواح الويج ا, ويعتقدون أنها مصدر للخطر.
على كل حال أيًا ما كان الأمر, لا أعتقد أن الأمر قد يشكل أي مصدر قلق لنا نحن العرب...
فنحن لا نملك رفاهية أن نخاف من لوح خشبي عليه مجموعة من الحروف والأرقام , بينما شبح الجهل والمرض والحرب يطاردنا أينما كنا .