قد لا تستطيع أن تمنع طيور الهمّ أن تحلق فوق رأسك، ولكنك تستطيع أن تمنعها أن تعشش فيه.
ندر في هذا الزمان أن تجد رجلاً أو امرأة دون هم، في كل يوم التقي عدداً من الأشخاص، كل عنده هم، أو يزيد،
وليس في ذلك إشكال، فهذه هي طبيعة الحياة
طبعت على كدر وأنت تريدها ... صفواً من الأقذاء والأكدار
إلا أن ما يدمى له القلب وتدمع له العين، وتعكر له الأجواء، هو أن يأخذ ذلك الهمّ أكثر من حجمه، فينتقل من حدود التفكير إلى حدود التغيير،
أقصد تغيير الأفعال الإيجابية لوجود ذلك الهم.
يا صاحب الهمّ إنّ الهم منفرج ... أبشر بخير فإنّ الفارج الله
إذا بليت فثق بالله وارض به ... إنّ الذي يكشف البلوى هو الله
مهما..
مهما قرأتَ في تفريج الهّم، من أساليب وأفكار، لن تنتفع بشئ إلا إذا كانت مستمدة من كتاب الله وسنّة نبيه صلى الله عليه وسلم،
وإنما هي عبارة عن مسكنات، سرعان ما يذهب مفعولها وتعود لتصارع الألم من جديد.
لذلك أيها الحبيب أضع بين يديك سبع جواهر من كنز النبوة، وقد يكون هذا الكنز يحتاج لشئ من البذل والجهد، ولاشك وإلا لما كان كنزاً،
إلا أنه سيكون سبب سعادتك بإذن الله، فهذه هي الحياة أخيا لا بد أن تقدم لتشعر بالطمأنينة والراحة، ألا ترى إلى ذلك الرجل الذي يتعب عشرات السنين
ليستريح، بضع سنوات في آخر عمره، وهو رجل خاسر، يظنّ أنه يجمع المال ليستمتع فيه في كبره،
وحقيقة أمره أنه لن يستمتع فعند الكبر تدبّ الأمراض، وشتان بين متعة الشباب، والمشيب
ألا ليت الشباب يعود يوماً ... فأخبره بما فعل المشيب
إلا أن تعبنا اليوم، ليس كتعب ذلك الرجل، لأن تعبنا مصحوب بلذة، ونتائج العلاج تظهر بسرعة،
يقول أحد السلف: ما زلت أسوق نفسي إلى الله وهي تبكي حتى سقتها وهي تضحك.
يالله، لقد تحصل على اللذة في الدنيا قبل الآخرة!
ويقول آخر: رحل أناس عن الدنيا، وما ذاقوا أطيب ما فيها! قيل وما أطيب ما فيها؟ قال: ذكر الله.
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: إن في الدنيا جنّة من لم يدخلها لم يدخل جنّة الآخرة.
ويقول أحد الصالحين: نحن في سعادة، لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه منها لجالدونا عليها بالسيوف.
وصية: اذبح الفراغ بسكين العمل، ويضمن لك أطباء العالم 50% من السعادة مقابل هذا الإجراء
جـواهر السـعـادة .. جواهر بمجــموعتــها تقتني أغلى كنز في العــالم
فعلينــا جمــيعــا المحافظة على هذه الجواهر و المداومة عليهــا
نصيحة مني لكم :. لاتضيعوا أي فـرصـة ترشدك إلى الخير .. فربـما تعمل عملاً فيتوب على يدك أنـاس تكون أنت سبب هدايتهم وتوبتهم
مجرد نصيحة مني[ فلاتضيعوا مثل هذه الفرص ]
كم من مهموم سبب همه أمرٌ حقير تافه لا يذكر
قبل أن نشرع في عرض سريع لجواهر السعادة السبعة، أنبهك على ضرورة أن تغرس في قلبك العزيمة والإصرار والصبر واليقين فمن ثبت نبت..
سجن أحمد بن حنبل وجلد، فصار إمام أهل السنة، وحبس ابن تيمية، فأخرج من حبسه علماً جماً، ووضع السرخسي في قعر بئر معطلة،
فأخرج عشرين مجلداً في الفقه، وأقعد ابن الأثير فصنف جامع الأصول والنهاية من أشهر وأنفع كتب الحديث، ونفي ابن الجوزي من بغداد، فجود القراءات السبع،
وأصابت حمى الموت مالك بن الريب، فأرسل للعالمين قصيدته الرائعة الذائعة التي تعدل دواوين شعراء الدولة العباسية، ومات أبناء أبي ذؤيب الهذلي
فرثاهم بإلياذة أنصت لها الدهر، وذهل منها الجمهور، وصفق لها التاريخ.
إضاءة: القران هو ميزان حبك لله.. فمن أحب الله أحب كلامه
كتاب الله هو المصدر الرئيسي للسعادة الدنيوية ومن ثم الأخروية، فهو موعظة من الله وهدى، ورحمة وشفاء لما في الصدور،
ألا يكفينا أن الله عز وجل قال: "وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين". فيا من هجرت كتاب الله، عد، فإنه يحنّ إليك، فهو المؤنس، وهو الصَدِيق،
وبه تطرد الهموم، وتفر الغموم، وتقتل الأحزان.
وإذا شعرت بنقص فيك تعرفه ... فغذِّ روحك بالقرآن واكتمل
من اليوم، لا بد من ورد يومي، لا تتركنّه مهما كانت الظروف، فهذا ابن تيميمة، يقرأ القران في سجنه ثلاث وثمانين مرة،
ويقبض الله روحه في الختمة الأخيرة بعدما قرأ آخر آية من سورة القمر: "إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر"،
وهو الذي كان يتلو عندما يوضع في سجنه: "وضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب".
فلابد من صفحات تقرأها يومياً، وتحفظ قدراً منها، وأن تقرأ القرآن بأحكامه، فذلك والله لهو النعيم.
دعوة: تعال لتقرأ القرآن بين الجداول والخمائل بين الطيور وهي تتلو خطب الحب، وبين الماء وهو يروي قصة وصوله من التل.
لفتة: ذكره سبحانه جنّته في أرضه من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة
ذكر الله.. إنها جنة الله في أرضه، فما أعظمها من لذة، وما أجلها من نعمة، ويكفيك قول العلي القدير: "ألا بذكر الله تطمئن القلوب"،
لا بد أن يكون عندنا يقين على هذه الآية، فمفهوم الآية، أن الذاكر لله مطمئن القلب، والذكر الذي تتحصل به الطمأنينة، والسكينة، هو الذكر الكثير،
أما سمعت وصية النبي صلى الله عليه وسلم: "اذكر الله حتى يقال مجنون"، وقال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا ً كثيرا ً"..
فلا تغفلن أخي، ولا تنسين أخيتي، فإن الذاكر لله حي وإن حبست منه الأعضاء، وأن الغافل عن ذكر الله ميت وإن تحرك بين الأحياء.
اذكر الله ولو قطر القلب دماً، ولو أظلمت الدنيا، أغلقت جميع الأبواب،
فقد أمر الله من هو في أشد المواقف أن يذكر الله بقوله: "يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون".
عاهد الله من الآن على أن لا تغفل عن ذكره، وستجد نتائج، سريعة ومبهرة.
نداء: يا من شكى الأرق وبكى من الألم وتفجع من الحوادث، ورمته الخطوب، هيا اهتف باسمه المقدس، هل تعلم له سمياً .
قدوة: كان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمرٌ قال: "أرحنا بالصلاة يا بلال" فكانت قرة عينه وسعادته وبهجته.
إن حدثت نفسك أن القيام أمر صعب، فسيكون صعباً، والعكس بالعكس.. إنه جنة العباد، تغمرهم السعادة إذا جنّ الليل،
ويشتاقون إليه إذا رأوا الظلال في النهار، فهو لذة وأي لذة، وسكينة وأي سكينة، وسر السعادة..
لما احتضر أبو الشعثاء رحمه الله بكى فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: إني لم أشتفِ من قيام الليل
اعلم أيّها الطيب وأيّتها الكريمة، أنّه لا بد من الثباث في البدايات، فإنما النصر صبر ساعة كما يقولون، فكذلك آثار القيام، خذ قراراً داخلياً،
بأنه مهما كانت الأسباب سأثبت قائماً لله في الأسحار. فما هي إلا البداية حتى تحلق روحك الى عالم آخر،
يقول الفضيل بن عياض رحمه الله:
إني لأستقبل الليل من أوله فيهولني طوله فأفتتح القرآن فأُصبح وما قضيت نهمتي (أي ما شبعت من القرآن والصلاة) .
أما إن ألفت الفراش، فلم يدعك تفارقه، ونمت عن صلاة الليل فاعلم أنها الذنوب،
قال رجل لإبراهيم بن أدهم رحمه الله: إني لا أقدر على قيام الليل فصف لي دواء،
فقال: لا تعصه بالنهار وهو يقيمك بين يديه في الليل، فإنّ وقوفك بين يديه في الليل من أعظم الشرف،
والعاصي لا يستحق ذلك الشرف. وقال سفيان الثوري رحمه الله: حرمت قيام الليل خمسة أشهر بسبب ذنب أذنبته.
قم يامسكين بين يدي الرحمن الرحيم، قم في الأسحار وناجي العزيز الغفار وقل:
لبست ثوب الرجا والناس قد رقدوا ... وقمت أشكو إلى مولاي ما أجـد
فقلت يا عُدتي فـي كـل نائبـة ... ومن عليه لكشف الضـر أعتمـد
أشكو إليك أمـورًا أنـت تعلمهـا ... مالي على حملها صبرٌ ولا جلـدُ
وقد مددت يـدي بالـذل مبتهـلاً ... إليك يا خير من مُـدتْ إليـه يـد
فـلا تردَّنَّهـا يـا ربّ خائـبـةً ... فبحر جودك يروي كل مـا يـردُ
تنبيه: إذا داهمك الخوف وطوقك الحزن، وأخذ الهم بتلابيبك، فقم حالاً إلى الصلاة، تثوب لك روحك وتطمئن نفسك،
إن الصلاة كفيلة بإذن الله باجتياح مستعمرات الأحزان والغموم ومطاردة فلول الاكتئاب.