فإلى متى القسوة وإلى متى بعدك عن الله عزّ وجلّ وإلى متى بعدك إلى متى نقض العهد والميثاق قال تعالى : " أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ ءامَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَبَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ" الحديد 16
استشعروا بالله عليكم قـوّة هذه الكلمات ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب ، وما غضب الله على قوم إلّا بنزع الرّحمة من قلوبهم هكذا قالها مالك بن دينار قال تعالى : "فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً " المائدة 13
كيف قست قلوبنا لهذا الحدّ ونحن نعلم يقينا عقوبة قسوته فى الدنيا والآخرة أما تذكّرنا الموت وذلك المشهد الرّهيب
الإحتضار بسكراته ونزعاته والله إنّه لمشهد يردع المعاصى ويليّن القلب القاسى عن أبى هريرة رضى الله عنه أنّ رجلا شكا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قسوة قلبه ، فقال له : " إن أردت تليين قلبك فأطعم المسكين ، وامسح رأس اليتيم " حسن:"س.ص:854"،وانظر تخريجه وتحقيق القول فيه هناك
وعن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : " ألا أخبركم بمن يحرم على النّار ، أو بمن تحرم عليه النّار ؟ على كلّ قريب هيّن سهل " حديث صحيح
ومن أعظم أسباب تليين القلوب تلاوة القرءان الكريم بتدبّر وفهم كما قال تعالى : " اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِِِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُوَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ" الزمر 23 وهذه صفة الأبرار عند سماع كلام الجبّار ، المهيمن العزيز الغفّار ومنها ذكر الله عزّ وجلّ قال تعالى : " الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوب " الرعد 28 هذا القلب السليم الذى لا ينجو يوم القيامة إلّا من أتى الله به كما قال تعالى : "يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ ، إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ" 88، 89 الشعراء
فبالطّاعة يرقّ القلب ويلين ويتقرب من الله عزّ وجلّ فإذا لان القلب لانت الأقوال ، وإذا لان القلب لانت الأعمال فلا ترى ليّن القلب إلّا سهلا سمحا ، هيّنا ليّنا ، عفوّا غفورا ، ليس بفظّ ولا غليظ ولا صخّاب فى الأسواق ، ولا يقابل السيّئة بالسيّئة ، ولا يغضب ولا ينتقم بل يحسن ويعفو ويصفح مع القدرة على الإنتقام وكان رسولنا وحبيبا صلّى الله عليه وسلّم ألين النّاس قلبا وأرأفهم فكما وصفه الله تعالى " بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ " التوبة 128 عليك أفضل الصّلاة والسلام يا حبيب قلوبنا
فذو القلب اللّيّن يقيل عثرات إخوانه ، ولا يلومهم إذا زلّوا ، ولا يعنّفهم إذا أخطأوا قال الله تعالى لنبيّه صلّى الله عليه وسلّم : " فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِك " آل عمران 159 وذو القلب اللّيّن يرحم الصغير والأرملة والمسكين ، ويفرح لما ينال النّاس من الخير ، ويحزن لما يصيبهم من السوء وذو القلب اللّيّن يمشى على الأرض هونا ، ويخفض جناحه للمؤمنين كما قال تعالى فى صفات أوليائه الّذين يحبهم ويحبونه :"أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ "المائدة 54
[]ما أجمل أن تعيش على كل مبدأ جميل في زمن ضاعت فيه الكثير من المبادئ