لا بد أن يتعرف الأبوان أولاً على مفهوم الحق حتى يعلماه لأولادهما، الداعية موسى عبد الهادي بوخمسين، والداعية محمد الماجد، يضعان للأبوين نقاطاً تفيدهما في هذا
ما يجب معرفته
يخبرنا الداعية والمفكر الإسلامي موسى عبد الهادي بوخمسين قائلاً: «ليس الحق إلاّ الكمال والجمال والجلال المطلق، الذي لا يفوقه فائق ولا يسبقه سابق؛ حيث ارتضاه الباري عزّ وجلّ وصفًا لنفسه؛ إذ هو الحق المطلق الذي جاء في الذكر الحكيم، عندما قال تعالى: «هُنَالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا»
لذا عليهما تعريف أطفالهما وبصورة مبسطة أنّ وظيفة التعاليم الإلهية إنما هي تقويم الإنسان وتهذيبه وإعداده إعدادًا جيدًا. من هنا قال تعالى: «الْحَقُّ مِن رَّبِّك فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ»؛ لذلك نرى الحق كقيمة هو من أجلّ القيم، بل يأتي في رأس القيم الكريمة، وهو نفسه الحق الذي يعني العدل، ولا يرضى العباد في معاملاتهم إلا به.
قيمة الحق
تعليمها يكون باتباع النقاط التالية:
1- على الأبوين تعليم أبنائهما ارتباط الطاعة بالحق وقيمه، وارتباط المعصية بالباطل وقيمه. فمن الحق يتفرّع: الصدق والعدالة والحرية والكرامة والاستقلال والمحبة والسلام، ومن الباطل: الجاهلية والكذب والظلم ومصادرة الحريات والإذلال والخيانة والبغضاء والكراهية والعدوان.
2- عليهما غرس الحق في نفوس الأطفال من وحي الأحاديث النبوية الشريفة؛ فقد جاء في الحديث الشريف عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «لا تكذب، وقل الحق ولو على نفسك»، وقال لولد في حضرة أبيه في صدد الشهادة عليه: «ضع رأسك بين ركبتيك وقل الحق».
3- عندما يتساءل الطفل عن سبب تأخر انتصار المسلمين وتحسن أوضاعهم رغم أنهم على الدين الحق فعلى الوالدين أن يتقنا الإجابة عن أسئلته؛ حتى لا يقع الشك بقولهما: إنّ الإنسان قد يطلب في حياته بعض النواقص أو يستغيث لفك كرب الأيام الصعبة، فتتأخر عليه، وعليه أن يعلم أنّ دعاءه ليس بالضرورة سيأتيه فورًا، وقد أخبرنا الرسول الأكرم -صلى الله عليه وسلم- بأنّ الدعاء إما أن يستجاب فورًا، وإما أن يدفع الله به بلاءً قضاه على العبد، فيرتفع عنه بذلك الدعاء، وإما أن يؤخر الاستجابة ليوم القيامة.
4- أن يعي الطفل جيدًا أنّ انتصار الحق في النهاية هو سنة كونية، وأن كل ما يحدث هو ابتلاء من الله تعالى، وهو أمر خير، له حكمة عظيمة قد لا ندركها نحن؛ فالله تعالى يقول: «فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا* إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا» يعني أنّ الحياة قد تضيق بك أيها الإنسان، وتشتد عليك الظروف فلا تبتئس ولا تخشى، ولكن يجب عليك الصبر، فإنّ الله سبحانه وتعالى سيفرِّج عنك الهم، وكلما اشتدّت وضاقت الأمور سيعجّل الله لك في الفرج. وقد أكّد الله لنا اليسر مرتين في حين أنّ العسر واحد.
رسالة للآباء والأمهات
يطلعنا الداعية محمد الماجد على بعض الأسباب التي يجب أن يعييها الكبار ويعلّموها الصغارَ، والتي تعتبر تفسيرًا لما يلاقيه المسلمون الآن من حالة الضعف والانكسار الحالي قائلاً: «قد يتأخر الانتصار سنة أو سنتين، أو جيلاً كاملاً، ففي فلسطين هناك أجيال من البشر ولدت وماتت ولم ترَ البِشر ولم تعش بشاراته، وإذا أمعنا النظر نجد أنّ للأمر أسبابًا أهمها:
1- اختلاف المسلمين وانقسامهم كما في فلسطين على سبيل المثال؛ فالنصر لا يأتي إلا بوحدة الهدف والعقيدة ووحدة الصفوف. فالله تعالى يقول: «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ».
2- عدم الإخلاص لله، وتفضيل المصالح الشخصية على المصالح العامة، والمكاسب الدنيوية على المكاسب العامة كما حدث في غزوة أحد.
3- عدم الاجتهاد والأخذ بالأسباب، وهذا أمر لابد وأن يتربى الأطفال عليه، وهو أهمية التسلح بالقوة سواء القوة الجسدية أو قوة العلم وقوة الإيمان.
4- الذنوب والمعاصي والابتعاد عن شرع الله؛ فالذنوب دومًا سبب في التخلف والرجوع للوراء، والإنسان عندما يتمسك بشرع الله ينصره الله، أما عندما ينفلت عما أمر الله به وينصرف إلى كل ما هو محرم وضار فيقع الضعف والانكسار. وعلى الأبوين أن يعلّما الطفل من هذا المنطلق أن يكون دائم الدعاء لله تعالى، مواظبًا على فروضه، ناجحًا في دراسته، متحدًا مع إخوته وأصدقائه؛ حتى يرضى الله ويحقق لنا النصر والعزة.