وغير تقي يأمر الناس بالتقى ... طبيب يداوي الناس وهو سقيم
يا أيها الرجل المعلم غيره ... هلا لنفسك كان ذا التعليم
فابدأ بنفسك فانهها عن غيها ... فإن انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك يقبل ما تقول ويقتدى ... بالقول منك وينفع التعليم
لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم
قال عمر عبد العزيز:
إن كنت تعلم أن الله يا عمر***- يرى و يسمع ما تأتي و ما تذر
و أنت في غفلة من ذاك تركب ما ***- نهاك عنه فأين الخوف و الحذر
تجاهر الله إقداما عليه ***- و من حثالة الناس تستحي و تعتذر
***- ***-
قال نابغة بن شيبان:
إن من يركب الفواحش شرا***- حين يخلو بسره غير خال
كيف يخلو و عنده كاتباه ***- شاهداه و ربه ذو الجلال
***- ***- ***- ***- **
قال أبو نواس:
إذا مـــــا خلوت الدهر يـوما***- فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيبُ
ولا تـحسـبنّ الله يـغـفل سـاعـة***- ولا أن ما تـخفـيه عـليه يـغـيبُ
لهونـا لعمر والله حـتى تراكمت***- ذنــــوبٌ على آثــارهنّ ذنوبُ
***- ***- ***- *
لا تنس الموت
عش ما بدا لك سالما ... في ظل شاهقة القصور
يسعى عليك بما اشتهيت ... لدى الرواح وفي البكور
فإذا النفوس تقعقعت ... في ضيق حشرجة الصدور
فهناك تعلم موقنا ... ما كنت إلا في غرور
يا أيها الباني الناسي منيته ... لا تأمنن فإن الموت مكتوب
على الخلائق إن سروا وإن فرحوا ... فالموت حتف لذي الآمال منصوب
لا تبنين ديارا لست تسكنها ... وراجع النسك كيما يغفر الحوب
***- *
خذ في جد فقد تولى العمر ... كم ذا التفريط قد تدانى الأمر
أقبل فعسى يقبل منك العذر ... كم تبني كم تنقض كم ذا العذر
***- *
تأهب للذي لا بد منه ... من الموت الموكل بالعباد
أترضى أن تكون رفيق قوم ... لهم زاد وأنت بغير زاد
***- *
إلى الله تب قبل انقضاء من العمر ... أخي ولا تأمن مفاجأة الأمر
ولا تستصمن عن دعائي فإنما ... دعوتك إشفاقا عليك من الوزر
فقد حذرتك الحادثات نزولها ... ونادتك إلا أن سمعك ذو وقر
تنوح وتبكي للأحبة إن مضوا ... ونفسك لا تبكي وأنت على الأثر
***- *
نعى لك ظل الشباب المشيب ... ونادتك باسم سواك الخطوب
فكن مستعدا لداعي الفنا ... فكل الذي هو آت قريب
ألسنا نرى شهوات النفو ... س تفنى وتبقى علينا الذنوب
يخاف على نفسه من يتوب ... فكيف يكن حال من لا يتوب
***- *
يا غافل القلب عن ذكر المنيات ... عما قليل ستثوى بين أموات
فاذكر محلك من قبل الحلول به ... وتب إلى الله من لهو ولذات
إن الحمام له وقت إلى أجل ... فاذكر مصائب أيام وساعات
لا تطمئن إلى الدنيا وزينتها ... قد حان للموت يا ذا اللب أن يأتي
***- ***- **
و كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب كثيراً ما يتمثل بهذه الأبيات :
لا شيء مما ترى تبقى بشاشته=== يبقى الإله و يفنى المال و الولد
لم تغن عن هرمز يوماً خزائنه=== و الخلد قد حاولت عاد فما خلدوا
و لا سليمان إذ تجري الرياح له ===و الإنس و الجن فيما بينها ترد
أين الملوك التي كانت لعزتها ===من كل أوب إليها وافد يفد ؟
حوض هنالك مورود بلا كذب ===لا بد من ورده يوماً كما وردوا
***- ***- **
و اذكر الموت تجد راحة في=== إذكار الموت تقصير الآمل
***- ***- **
هي القناعة لا تبغي بها بدلاً=== فيها النعيم و فيها راحة البدن
انظر لمن ملك الدنيا بأجمعها ===هل راح منها بغير القطن و الكفن ؟
***- ***- *
و لقد أحسن أبو العتاهية حيث يقول :
ياعجباً للناس لو فكروا ===و حاسبوا أنفسهم أبصروا
و عبروا الدنيا إلى غيرها=== فإنما الدنيا لهم معبر
لا فخر إلا فخر أهل التقى=== غداً إذا ضمهم المحشر
ليعلمن الناس أن التقي ===و البر كانا خير ما يدخر
عجبت للإنسان في فخره ===و هو غداً في قبره يقبر
ما بال من أوله نطفة=== و جيفة آخره يفجر
أصبح لا يملك تقديم ما=== يرجو و لا تأخير ما يحذر
و أصبح الأمر إلى غيره=== في كل ما يقضي و ما يقدر
***-
وما أحسن ما قال سليمان بن الضحاك:
ما أنعم الله على عبده ... بنعمة أوفى من العافيه
وكل من عوفي في جسمه ... فإنه في عيشة راضيه
والمال حلو حسن جيد ... على الفتى لكنه عاريه
ما أحسن الدنيا ولكنها ... مع حسنها غدارة فانيه
***-
وتوفي رجل من كندة فكتب على قبره هذه الأبيات:
يا واقفين ألم تكونوا تعلموا ... إن الحمام بكم علينا قادم
لو تنزلون بشعبنا لعرفتمو ... أن المفرط في التزود نادم
لا تستعزوا بالحياة فإنكم ... تبنون والموت المفرق هادم
سلوى الردى ما بيننا في حفرة ... حيت المخدم واحد والخادم
***-
عن قليل أصير كوم تراب ... وتقول الرفاق هذا فلان
صار تحت التراب عظماً رميماً ... وجفاه الأصحاب والخلان
***-