رد: بركة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام
ونسمع كثيراً من الناس يقولون: نحن في بركة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو معنا بركته صلى الله عليه وسلم. وسئل عن ذلك ***- الإسلام ابن تيمية فقال (وأما قول القائل: ونحن في بركة فلان أو من وقت حلوله عندنا حلَّتْ البركة فهذا الكلام صحيحٌ باعتبار باطلٌ باعتبار فأما الصحيح: فإن يراد به الكلام به أنه هدانا وعلَّمنا وأمرنا بالمعروف ونهانا عن المنكر فببركة اتِّباعه وطاعته حصل لنا من الخير ما حصل فهذا كلامٌ صحيح كما كان أهل المدينة لما قدم عليهم النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم في بركته لما آمنوا به وأطاعوه فببركة ذلك حصل لهم سعادة الدنيا والآخرة بل كل مؤمن آمن بالرسول وأطاعه حصل له من بركة الرسول بسبب إيمانه وطاعته من خير الآخرة والدنيا ما لا يعلمه إلا الله وأيضاً إذا أريد بذلك أنه ببركة دعائه وصلاحه دفع الله الشر وحصل لنا رزق ونصر فهذا حق كما قال النبي صلى الله عليه وسلّم «وهل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم بدعائهم وصلاتهم وإخلاصهم؟» وقد يدفع العذاب عن الكفار والفجار لئلا يصيب من بينهم من المؤمنين ممن لا يستحق العذاب ومنه قوله تعالى {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَؤُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} فلولا الضعفاء المؤمنون الذين كانوا بمكة بين ظهراني الكفار عذب الله الكفار: وكذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لولا ما في البيوت من النساء والذراري لأمرت بالصلاة فتقام، ثم انطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة معنا فأحرق عليهم بيوتهم» وكذلك ترك رجم الحامل حتى تضع جنينها وقد قال المسيح عليه السلام {وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ} بركات أولياء الله الصالحين باعتبار نفعهم للخلق بدعائهم إلى طاعة الله وبدعائهم للخلق وبما ينزل الله من الرحمه ويدفع من العذاب بسببهم حقٌّ موجود فمن أراد بالبركة هذا وكان صادقاً فقوله حقٌّ أما " المعني الباطل" فمثل أن يريد الإشراك بالخلق: مثل أن يكون رجل مقبوراً بمكان فيظن أن الله يتولاهم لأجله وإن لم يقوموا بطاعة الله ورسوله فهذا جهلٌ فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سيِّدُ ولد آدم مدفوناً بالمدينة عام الحرة وقد أصاب أهل المدينة من القتل والنهب والخوف مالا يعلمه إلا الله وكان ذلك لأنهم بعد الخلفاء الراشدين أحدثوا أعمالاً أوجبت ذلك كان على عهد الخلفاء يدفع الله عنهم بإيمانهم وتقواهم لأن الخلفاء الراشدين كانوا يدفعونهم إلى ذلك وكان ببركة طاعتهم للخلفاء الراشدين وببركة عمل الخلفاء معهم ينصرهم الله ويؤيدهم كذلك الخليل صلى الله عليه وسلم مدفون بالشام وقد استولي النصارى على تلك البلاد قريباً من مائة سنة وكان أهلها في شر فمن ظنَّ أن الميت يدفع عن الحيِّ مع كون الحي عاملاً بمعصية الله فهو غالط كذلك إذا ظن أن بركة الشخص تعود على من أشرك به وخرج عن طاعة الله ورسوله مثل أن يظن أن بركة السجود لغيره وتقبيل الأرض عنده ونحو ذلك يحصل له السعادة وإن لم يعمل بطاعة الله ورسوله وكذلك إذا اعتقد أن ذلك الشخص يشفع له ويدخله الجنة بمجرد محبته وانتسابه إليه فهذه الأمور ونحوها مما فيه مخالفة الكتاب والسنة فهو من أحوال المشركين وأهل البدع باطلٌ لا يجوز اعتقاده ولا اعتماده) (إنتهى كلام ابن تيمية في الفتاوى )[18]
الحاصل من هذه الآثار والأحاديث هو أن التبرك به صلى الله عليه وسلم وبآثاره وبكل ما هو منسوب إليه سنة مرفوعة وطريقة محمودة مشروعة يكفي في إثبات ذلك فعل خيار الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين تأييد النبي صلى الله عليه وسلم لذلك.بل وأمره مرةً وإشارته أخري إلى فعل ذلك وبالنصوص التي نقلناها يظهر كذب من زعم أن ذلك ما كان يعتني به ويهتم بفعله أحد من الصحابة إلا ابن عمر وأن ابن عمر ما كان يوافقه على ذلك أحد من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا جهل أو كذب أو تلبيس فقد كان كثير غيره يفعل ذلك ويهتم به ومنهم الخلفاء الراشدون وأم سلمة وخالد بن الوليد ووائلة بن الأسقع وسلمة بن الأكوع وأنس بن مالك وأم سليم وأسيد بن حضير وسواد بن غزية وسواد بن عمرو وعبد الله بن سلام وأبو موسي وعبد الله بن الزبير وسفينة مولي النبي صلى الله عليه وسلم وسرة خادم أم سلمة ومالك بن سنان وأسماء بنت أبي بكر وأبو محذورة ومالك بن أنس وأشياخه من أهل المدينة كسعيد بن المسيب ويحيي بن سعيد
[1]ورواه الطبراني وفيه البراء بن زيد ولم يضعفه أحمد وبقية رجاله رجال الصحيح [2] قال الهيثمي (ج8 ص 42) وفيه عبد الملك الفاري ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات
[3]وأخرج بن سعد (ج4 ص39)عن عبد الرحمن بن زيد العراقي نحوه
[4]ذكره الحافظ بن حجر في المطالب العالية (ج ص111)
[5](كتاب اللباس والزينة ج3 ص 140)
[6] رواه الطبراني وفيه أيوب بن ثابت المكى قال أبوحاتم: لا يحمل حديثه كذا فى مجمع الزوائد(ج5 ص165)
[7]أخرجه البيهقي والدارقطني وأحمد وأبن حبان والنسائي بمعناه
[8] رواه البخاري في كتاب الأعتصام بالكتاب والسنة
[9](رواه النسائي 3/243)
[10]رواه الطبراني في الكبير وأبو يعلي (ج4 / ص 111 مجمع الزوائد)
[11]الشفا للقاضي عياض قال الملا على قاري: رواه ابن سعد عن الرحمن بن عبد القاري (ج3 ص 518)
[12]اقتضاء الصراط المستقيم ص 367)
[13]أخرجه بطوله البخاري في كتاب الجنائز باب ما جاء في قبر النبي وفي كتاب فضائل الصحابة قصة البيعة
[14]رواه مسلم في كتاب الزهد باب النهي عن الدخول على أهل الحِجْر قاله النووي في الشرح (ج8 ص118)
[15] عن إبراهين بن صالح بن درهم عن أبيه رواه أبو داود وقال: هذا المسجد مما يلي النهر (مشكاة المصابيح ج3 ص 1496)
[16](بذل المجهود ج17 ص225)
[17](عون المعبود ج11 ص422)
[18]مجموع فتاوى إبن تيمية (ج11 ص109-113) طبعة دار عالم الكتب