من منا لا يشدّه الحنين الى الماضي ؟ من منّا لا يشتاق الى ايّام الطفولة؟
و نحن صغار كانت البراءة تعشّش في قلوبنا ؛ لم نكن نلقي بالا لاشياء كثيرة..كنا نعيش اليوم و اللحظة دون ان نفكّر في الغد..و احلامنا رغم بساطتها كانت جميلة و رائعة..
ماذا تغيّر فينا اليوم و ماذا حدث..؟
اصبحت قلوبنا مشغولة وعقولنا مليئة ..افكارنا تاخدنا هنا و هناك تتلاعب بنا و تنسينا اجمل الذكريات..
لما اصبحنا نجري و نلهث وراء الدنيا ؟
لا نتوقف لحظة و نتساءل عن كل المعاني الجميلة التي اضعناها..
لو نرتب حياتنا قليلا لوجدنا اننا نحن المسؤولون عن ما اضعنا..غيّرنا كل المفاهيم بحجة اننا كبرنا..مع انها كانت اروع المفاهيم..
لقد فقدنا جمال الطفولة فينا و خلّفناه وراءنا ؛ نظرتنا البريئة للاشياء تغيرت حتى اننا نسينا كل ما كنا نحب في الصغر..
فكروا معي قليلا ؛ لو كل واحدة فينا استرجعت معاني الطفولة في اعماقها ؛ لو كل واحدة فينا نظرت لدنيا رغم قسوتها بنظرات البراءة..كيف ستكون حياتنا..؟
نحن نحمّل ظروفنا كل فشلنا في الحياة و نتحجّج بذلك كل وقت مع انه يمكن ان نصبح افضل اذا تسلحنا بالارادة و بعنفوان الطفولة الضائعة..بقدرتنا على ان نرمي وراءنا ما يقف في طريقنا من عراقيل..
لقد كتبت خاطرة انعي فيها طفولتي الضائعة ..و قلت فيها :
حينما كنت صغيرة..
كان همّي دميتي و جدائل شعري...اضحك..العب..اجري..ابكي..ثم ارتمي في احضان امي..
التقي رفيقاتي ..نمرح..نتجادل..لا نبالي و ننسى وقع السنين..
تضمّنا الدنيا بلا منازع و نثمل حبّا و سرور..
...نسينا ان فرحتنا لا تدوم..
و صحوت يوما قلبي مثخن بالجراح و بالي مشغول..
اين جدائلي ؛ دميتي ؛ اين صدر امي...
اين رفيقات دربي...اين وهم الصغر..
اين دنيايا الجميلة..يا تراني من اكون...
و بدات ابحث عن ماض ضاع مني و اقلّب دفاتر ايامي..علّني اجد بسمة ضاعت..فرحة ماتت..
..هزّني الشوق...اين تلك الطفلة الصغيرة...
و جال بصري و امتدّ عبر السنين و داعبتني انامل القدر و اخبرتني من اكون..
ها انا اليوم كبيرة..ضاعت الدنيا الوردية..ضاعت احلام الصغر..
و امسى قلبي حزينا يتوسّل الزمن ان يعود..
و تحضنني المآسي تنسيني حضن امي..
و تعصرني الآلام و يشيب عمري..
اكبت داخلي صرخة..اضع راسي بين يداي علّني اواريه عن الدنيا..
و اتمنى كل يوم...يا ليتني اعود صغيرة...
اتمنى ان تجد كل واحدة فينا الطفلة البريئة التي تسكن وجدانها تدفعها لان ترى الدنيا جميلة ..تبدع و تعطي بلا حساب و تنسى كل اساءة ..تملا حياتها حبا للاخرين وتعيش بقلب الطفل الذي لا يعرف الكراهية او الحقد..ساعتها ستكون الدنيا وردية و ستكون حياتنا اجمل لاننا نحياها بقلب طفل بريء