[IMG]https://files.***- /img/SFz63859.gif[/IMG]
أقبلت يا رمضان أقبلت يا شهر الصيام والقيام أقبلت يا شهر النور والبركات أقبلت يا شهر الخشوع والطاعات أقبلت يا شهر النصر والمكرمات أقبلت يا شهر الذكريات أقبلت وقد اشتاق إليك المحبون .
فكم كنت ربيعا للطائعين وموسما للتائبين قد تاقت إليك نفوس المؤمنين واشتاقت إلى لياليك دموع المتهجدين فكم فيك من راكع وساجد وكم فيك من تال للقرآن وذاكر وكم فيك من مخبت وباك.
قد فتحت فيك أبواب الجنان وغلقت أبواب النيران وصفد مردة الجان .
فهنيئا لمن استغل أيامه ولياليه وتزود فيه من العمل الصالح ما يقربه إلى الله سبحانه وتعالى ويكسبه مرضاته .
جاء عند الإمام أحمد والنسائي بسند صحيح، أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول للصحابة في أول رمضان: {أتاكم شهر رمضان، شهر مبارك، كتب الله عليكم صيامه، فيه تفتح أبواب الجنة، وتغلق أبواب الجحيم، وتغل مردة الشياطين، فيه ليلة هي خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم }
و روى الترمذي وصححه الألباني رحمه الله أنه صلى الله عليه وسلم "قال: إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ وَيُنَادِي مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ "
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " رغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له " رواه مسلم
أتى رمضان مزرعة العبــاد ***- لتطهير القلوب من الفساد
فـــأد حقــوقه قولاً وفعــــلاً ***- وزادك فاتــخذه للمـــــــاد
فمن زرع الحبوب وما سقاها ***- تأوه نادماً يوم الحصـــــاد
تأمل في مرور الايام!
مرت الأيام وكرت الأعوام وتعاقب الليل والنهار وفي تعاقبهما عبر وعظات لمن اتعظ {وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أرد أن يذكر أو أراد شكورا}
فأين هم الآن ؟!! لقد أفناهم الموت ففارقوا الأحباب وتوسدوا التراب ذهبوا وذهبت أيامهم كم كان لديهم من أماني وأحلام وكم كانوا يؤملون أن يصوموا هذا العام لكنهم ( ردوا إلى الله مولاهم الحق )
لكل شيءٍ إذا ما تم نقصانُ ***- فلا يُغرُّ بطيب العيش إنسانُ
هي الأمورُ كما شاهدتها دُولٌ ***- مَن سَرَّهُ زَمنٌ ساءَتهُ أزمانُ
وهذه الدار لا تُبقي على أحد ***- ولا يدوم على حالٍ لها شان
تأمل حال هذا الذي ذهب السوق لقضاء حوائج رمضان فرحا مسرورا يهنئ الناس بقدوم الشهر تعلوا وجهه الصبوح بسمة الفرح فقد اقترب وقت ألقاء وقد تهيأ لصوم رمضان الذي انتظره أحد عشر شهرا و لم يدر في خلده أن شمس أجله قد آذنت بالرحيل وأن ساعات عمره قد انقضت وصفحات أيامه قد طويت !!
وقبل دخول الشهر بسويعات أتى الزائر الذي لا يستأذن ليخبره أن ساعة السفر قد أزفت وأنه لا مجال للبقاء بل هو أجل مسمى ووقت محتوم {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} إنه الموت .
نعم إنه الموت يا رعاك الله الذي غفل عنه كثير من الناس اليوم ( اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون )
جاءه هاذم الذات ومفرق الجماعات فلم يغن عنه أهله ولا إخوانه ولا أحبابه ولا جيرانه
{فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (86) تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (87)}
تبدل السرور ألما وماتت الأحلام والآمال فقد أمل ولكن لم يدرك أمله فقد خرمته المنية ووافاه الأجل .
كم كنت تعرف ممن صام في سلـــــف ***- من بين أهل وجـــيران وإخــوان
أفناهم الموت واستبقاك بعدهــــــــــــم ***- حياً فما أقرب ألقاصي من الـداني
ومعجب بثياب العيد يقطعهـــــــــــــــا ***- فأصبحت في غد أثواب أكفـــــــان
أيها الحبيب حري بمن منّ الله عليه إلى أن أدرك رمضان أن لا تذهب أيامه ولياليه سدى فماهى إلا أيام معدودات فتستقبل بالتوبة والإنابة والاستعداد له بالاجتهاد في القربات والمسابقة في أنواع الطاعات فهو شهر توبة وإنابة وخشوع وإخبات وذل لله تعالى لا شهر أكل وشرب وكسل وخمول .
خـَـلِّ إدّكـَارَ الأربـُع ِ .. وَالمَـعْـهَـدِ المُرتـَبـَع
وَالظـّاعِـن ِ المُـــوَدِّع ِ .. وَعَــدِّ عَــنـهُ وَدَع ِ
وَانـدُبْ زَمَـانـًا سَلـَفـَا .. سَوّدتَ فِـيـهِ الصُّحُـفـا
وَلمْ تـزلْ مُـعـتـَكِـفـا .. عَلى القبيــح ِالشنـِـع ِ
فـَالـْـبَـس شِعَـار النـَّدَم .. واسكـُبْ شـآبيبَ الـدّم ِ
قـَبـلَ زَوَال ِ القـَـدَم ِ .. وَقـَـبْـلَ سُوء المَـصْـرَع ِ
وَاخضَعْ خـُضُوعَ المُعـترِف .. وَلـُـذ مَلاذَ المُقـتـَرِف
واعْـص ِ هـَوَاك وانحَـرِف .. عَـنهُ انحِـرافَ المُـقـلِع ِ
إلامَ تسْهُــو وَتــَني .. وَمُـعـظـَمُ العـُمْـر ِ فـَنِـي
في مَا يَضُـرّ المُقـتـَـني .. وَلـَستَ بـِالمُــرتـَـدِع ِ
أمَا تـَرَى الشـّيبَ وَخـَط .. وَخـَطّ ّ في الرّأسِ خـِطـَط
وَمَن يَـلـُح وَخـْط ُ الشَمَـط .. بـِفـَـوْدِهِ فـَقـَد نـُعِـي
لماذا شرع الصيام ؟!
شرع الله الصيام لتهذيب النفوس وصقلها وتدريبها على مرقبة الله جلا وعلا . وأيضا من أجل أن يعطف على الفقراء والمساكين عندما يجد ألم ألجوع والعطش .
ومن الحكم التي من أجلها شرع الصوم تضييق مجاري الشيطان فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم .
وزمام ذلك كله تقوى الله سبحانه وتعالى
ولذا قال ( يا أيها الذين أمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون )
فالصوم الذي لا يربي صاحبه على تقوى الله جل وعلا واستشعار عظمته فيه خلل .
فليس الصوم الامتناع عن الطعام والشراب فقط !! بل الصوم أشمل من ذلك يشمل كل ما حرم الله .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" رواه البخاري.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ورب قائم حظه من قيامه السهر " ، وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الصيام جنة من النار ، فمن أصبح صائماً فلا يجهل يومئذ ، وإن امرؤ جهل عليه فلا يشتمه ولا يسبه وليقل إني صائم ، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك " أخرجه النسائي .
قال بعض السلف : أهون الصيام ترك الشراب والطعام . وقال جابر : إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ودع أذى الجار ، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك ، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء .
إذا لم يكن في السمع مني تصـاون ***- وفي بصري غض وفي منطقي صمت
فحظي إذا من صومي الجوع والظما ***- فإن قلت إني صمت يومي فما صمت