أفلام الكرتون.. سموم قاتلة تجنح ببراءة الطفولة نحو الجريمة
أفلام الكرتون.. سموم قاتلة تجنح ببراءة الطفولة نحو الجريمة
يلجأ كثير من الأهل إلى ترك أطفالهم بمفردهم أمام شاشة التلفاز، لمشاهدة أفلام الكرتون بالساعات، حتى يتمكنوا من القيام بأعمالهم، اعتقاداً منهم أن ذلك سيلهيهم، أو يحد من شقاوتهم داخل المنزل، وسيتيح الفرصة لهم للترفيه عن أنفسهم، وذلك دون أن يعي الأهل، أن هذه الأفلام قد تلعب دوراً رئيساً في تنمية العدوانية عند أبنائهم، كما أنها تؤثر على نموهم العقلي وسلوكهم، من خلال تقليدهم للأدوار التي تقوم بها بعض الشخصيات الكرتونية.
سموم قاتلة
أثبتت الدراسات أن تأثير أفلام أو مسلسلات الكرتون على الأطفال، يكون تراكمياً، ولا يظهر عند متابعتها لمدة شهر أو شهرين مثلاً، بل هو نتيجة تراكمات يومية تؤدي إلى نتائج مخيفة، فكيف هو الحال إذا كانت هذه المسلسلات، تعرض كماً كبيراً من العنف والخيال والسحر، وتقوم بنسف المبادئ الأخلاقية والدينية بأسلوب غير مباشر؟. وكيف ستكون هذه النتائج عندما تنقل هذه المسلسلات للأطفال صور الانتقام والعنف وأساليب السرقة وكل ما يفتح أمامهم آفاق الجريمة؟
إن أفلام الكرتون والرسوم المتحركة الموجهة للأطفال، من الممكن أن تكون خطراً حقيقياً، وتتحول إلى سموم قاتلة، وخاصة عندما تكون صادرة عن مجتمع يختلف في بيئته وفكره وقيمه وعاداته وتقاليده وتاريخه، عن مجتمع الطفل المتلقي لها، هنا سيحاول هذا الطفل التعايش مع هذه الأعمال، والاندماج بأحداثها وأفكارها، ولكن في إطار خصوصيتها وهويتها التي تفرضها مجتمعاتهم وبيئاتهم، فتصبح هذه الأفلام والمسلسلات، في هذه الحالة، مثل الدواء الذي صنع لداء معين، ثم يتم تناوله لدفع داء آخر، فتصبح النتيجة داءً جديداً.
الخوف والعدائية
وفي دراسات أخرى متعمقة، ربط بعض الباحثين أفلام الكرتون بظاهرة انتشار العنف عند الأطفال، فهي تجعلهم متحجري القلوب، قليلي التعاطف مع أوجاع الآخرين ومعاناتهم، وإنها تفاقم الخوف والهلع في نفوسهم، فتحولهم إلى سلبيين وانطوائيين، يخشون المصاعب، ويهربون من مواجهتها، أو على العكس، فقد تجعل الطفل عدائياً وانفعالياً وقليل الصبر، يرى المجتمع من خلال ذاته ويسعى دائماً لنيل ما يريده بالقوة.
وكان تقرير مصري، صادر عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، قد حذر من خطورة أفلام الكرتون على الأطفال، نظراً لسيطرتها على قلوبهم وعقولهم، بشكل كبير ومخيف للغاية، ولقدرتها أيضاً على تحطيم عقول الأطفال الأبرياء الذين لا يميزون بين الصالح والطالح، في ظل عصر الفضائيات، التي تعرض الغث والسمين.
وقال التقرير: إن الأفلام الكرتونية التي كانت تُعرض في السابق كانت ذات هدف معين وواضح، وكانت موافقة لعقلية الطفل الصغير، أما الآن ونظراً للتحول الثقافي والانفتاح الإعلامي، أصبحت تلك المسلسلات بعيدة أبعد ما تكون عن الواقع، فقد أُقحم فيها الخيال بشكل كبير، وأصبح بها معانٍ بارزة تمس نشأة الطفل، بل وتؤثر على معتقداته الدينية، علاوة على تلك الحوادث التي تؤدي إلى موت الأطفال نتيجة متابعتهم لبعض برامج الكرتون وتقليدهم لها. فكم من طفل ألقى بنفسه من علو وارتفاع كبير، تشبهاً بشخصيته الكرتونية التي تعلق بها، فيما يذهب أطفال آخرون إلى استخدام أساليب كلامية غير لائقة من المفروض أن نُبعد عنها الصغار.
الواقع والخيال
وتؤكد إحدى الباحثات الاجتماعيات، وهي فدوى كركشان، أن التلفزيون أصبح من أخطر المصادر الموجهة للطفل، لما له من جاذبية خاصة، بسبب سهولة التواصل معه، فهو ينمي الجانب الاجتماعي في الطفل، حيث يتبادل مع أقرانه الحديث عما شاهده من خلاله، إضافة إلى كونه عاملاً مهماً في صقل وجدان الطفل وأحاسيسه، بما يغمره من جو الترفيه والتسلية، فضلاً عن كونه مصدراً للمعرفة ومزوداً قوياً للخبرات والمهارات، وعاملاً مهماً في إثارة خيال الطفل، بما يقدمه من صور وتمثيليات، بألوان ومؤثرات جذابة. وقد وجه الباحثون، الذين درسوا تأثير مشاهدة أفلام الكرتون على الأطفال، مجموعة من النصائح للآباء لكي يقللوا من هذا التأثير السلبي، كالتقليل من استخدام التلفزيون لمدة ساعة أو اثنتين يومياً، مع الاهتمام بالنوعية، وضرورة وضع أجهزة التلفزيون وألعاب الفيديو خارج حجرات الأطفال، والتعرف على محتوى البرامج التي يشاهدونها، حتى لو كانت مخصصة لهم، وتعويد الطفل على التفريق في ما يشاهده بين الواقع والخيال، وعدم تقليد كل شيء يراه، والتنبيه على عدم مشاهدة التلفزيون، أو استخدام ألعاب الفيديو، قبل الذهاب إلى المدرسة أو قبل أداء الواجبات