من منّا لا يبذل أقصى جهده لتفادي الحفر والمطبّات خوفاً على سيّارته التي تحتاج إلى عناية مستمرّة واهتمام دائم ليطول عمرها؟ كذلك المفاصل في الجسد؛ كلّما تجنبت ما يؤذيها ضمنت سلامتها خصوصاً إذا كانت مصابة بالالتهاب الذي يجعلها أكثر عرضة للإصابة. إليك هذا الموضوع الذي يرشدك إلى السبل التي تؤمّن لك حماية المفاصل من الأذى.
وأبرز طرق المحافظة على المفاصل وحمايتها التمارين الرياضية التي لا تعرّضها كما يظن معظم الناس للخطر بل على العكس تحفظها (شرط أن تكون مناسبة للحالة التي هي فيها).
فالتمارين الرياضية تؤدّي إلى:
● تقوية العضلات المحيطة بالمفاصل الملتهبة لتأمين حمايتها.
● تليين المفاصل وزيادة مدى حركتها.
● تخفيف الشعور بالوهن (وهو موضوع بالغ الأهمية عند مرضى التهاب المفاصل الرثياني أو الروماتويد).
● رفع مستوى النشاط.
● المساعدة على تخفيف الوزن وبالتالي العبء الذي تتحمّله المفاصل المنهكة.
● تحسين نوعية النوم. وسوف نتحدث عن التمارين الرياضية بالتفصيل في الموضوع القادم إن شاء الله. إلا أنه من الضروريّ فهم
إرشادات أساسية قبل الخوض في أيّ نوع من أنواع التمارين الرياضية
استشارة الطبيب
اسأل الطبيب عن أفضل أنواع التمارين التي تناسب وضعك الصحيّ خصوصاً إذا كنت غير معتاد على ممارستها. وهو ينصحك بالاستعانة بمعالج فيزيائيّ أو أيّ اختصاصيّ آخر.
البداية الهادئة
أفضل بداية هي التمارين اليومية التي تلتزم بمدى الحركة غير المؤلمة لمفاصلك. فهي تساعد على تغذية الغضاريف. وقد يختلف مدى الحركة من يوم لآخر، لذلك كان الاعتدال أفضل وسيلة خاصةً إذا كنت مريضاً بالتهاب المفاصل الرثيانيّ (الروماتيد). قم بتمارين مطّ العضلات المحيطة بالمفاصل المصابة مرّة واحدة على الأقل يومياً (عند الصباح مثلاً) وقبل المباشرة أو الانتهاء من أيّ برنامج تمارين رياضية؛ فهي تليّن العضلات وتحمي من الإصابة وتزيد من مدى حركة المفاصل المتصلّبة. لتكن حركاتك سلسة ومرنة وابتعد عن الوثب أو النخع المفاجئ الذي يضرّ بمفاصلك. المثابرة على التحمية والتبريد
يمكنك تحمية عضلاتك ومفاصلك بواسطة الكمادات الساخنة أو التدليك أو السير في مكانك لبضع دقائق.
ضع الكمّادات الساخنة لمدّة 20 دقيقة واحرص على أن تكون معتدلة الحرارة ولا تضعها على المفاصل المؤلمة والمتورّمة حتى لا يتفاقم الوضع. ثمّ ضع الكمادات الباردة لمدّة عشر دقائق إلى ربع ساعة على المفاصل المصابة بعد الانتهاء من التمارين.
زيادة وتيرة التمارين تدريجياً
يستحسن دائماً البدء بمستوى مريح من التمارين: كالسير أمام المنزل ومن ثمّ إلى المنزل المجاور وهكذا دواليك.
كذلك لا بدّ من توزيع التمارين على فترات خلال النهار واختيار الأوقات التي يكون فيها الألم خفيفاً.
تفهّم الألم ومعرفة كيفية التعامل معه
يجب التمييز بين ألم الالتهاب والألم الناجم عن إرهاق المفصل وعن تعديل البرنامج الرياضي ومستوياته تفادياً لتضخّم الآلام. فالمفاصل المؤلمة والمتورّمة أكثر عرضة للأذى؛ لذلك كان من الضروريّ عدم إرهاقها بالتمارين القاسية.
ويدلّ استمرار الألم لساعة أو أكثر بعد التمارين أو حدوثه في اليوم التالي لها على مبالغتك فيها.
معرفة الحدود القصوى
تعتبر رياضة المشي مفيدةً إلاّ في حالات إصابة الورك أو الركبة بالالتهاب العظميّ المفصليّ وحالات تحلل العظام والغضاريف التي يستحسن فيها استبدال رياضة السير بالسباحة.
أمّا بالنسبة إلى الالتهاب الرثياني (الروماتويد)، فمن الأفضل الالتزام بالتمارين الخفيفة الخالية من الألم بالنظر إلى وضع المفاصل المصابة. كما يجب تغيير التمرين بمجرّد الشعور بالألم.
الحرص على الراحة
ينصحك الطبيب بالحركة الدائمة ويحدّثك في الوقت نفسه عن أهمية الراحة فتجد نفسك حائراً.
والحقيقة أنّ الموازنة بين الراحة التامة والحركة المستمرّة موضوع دقيق جداً.
أنت تحتاج، من جهة، إلى الراحة لتوفير طاقتك؛ ومن جهة أخرى، إلى ممارسة الرياضة حتى تحافظ على قوّة عضلاتك وليونة جسدك وتؤمّن التغذية لمفاصلك.
والراحة نوعان: راحة المفاصل وراحة الجسد كلّه.
راحة المفاصل: يؤمّن تحريك المفاصل المصابة الصحّة والغذاء لها إلاّ أنّ أكثر التمارين قد ترهقها؛ لذلك كان عليك الجلوس والاستراحة كلّما شعرت بأنّ عضلات الورك منهكة.
راحة الجسد كلّه: إذا كنت تعاني من التهاب المفاصل وخاصةً الرثيانيّ منه فلا بدّ من تأمين الراحة اليومية لجسدك. فالالتهاب الرثيانيّ يجعلك عرضة للتعب؛ إذ إنّه يصيب عدّة مفاصل معاً أو حتى أعضاء عدّة أخرى ويتسبب بفقر الدم الذي يزيد من الشعور بالإرهاق.
يرافق التهاب المفاصل إرهاق شديد وضعف في العضلات ممّا يجعل أيّ عمل بسيط يبدو وكأنّه أشغال شاقّة فيتولّد الشعور بالإحباط والعجز عن السيطرة على مجريات الحياة.
فالآلام تتسبّب بالتعب. لذلك كان لابدّ من تأمين الراحة التامة للمفاصل خلال فترات الانتكاس التي يتفاقم فيها الالتهاب. وقد يضطرك الألم إلى تغيير وضعية جسدك عدّة مرّات لتخفيف العبء عن المفاصل المصابة. وقد ذكرنا سابقاً أنّ الألم يرافقه أرق شديد واضطراب في النوم.
يتوقّف المرء أحياناً عن الحركة عندما يكون منهك القوى فتضعف عضلاته ويعجز فيما بعد عن ممارسة التمارين الرياضية. أو قد يتابع أعماله كلّها بغض النظر عما يشعر به من انزعاج كالسير ذهاباً وإياباً أو الغسيل ممّا يضرّ بمفاصله لأنّ التمارين القاسية لا تخلو من خطر تعريضه للإصابة.
والحلّ يكمن بالتوقف والاستراحة قبل الوصول إلى مرحلة الإرهاق. لا تعمل أبداً أثناء فترات الإرهاق.
مارس تمارينك الرياضية على مراحل متعددة خلال النهار وحاول دائماً أن ترتاح لمدّة عشر دقائق بعد كلّ ساعة من التمارين. والمسألة ليست بالسوء الذي قد يبدو لك.
لا مانع أيضاً من تخصيص بعض الوقت يومياً للاسترخاء (على الكراسي والكنبات والمقاعد الوثيرة وحتى مقعد السيارة). وليس الهدف النوم، بل بكلّ بساطة راحة الجسد. من جهة أخرى، لا تؤخّر موعد النوم لتشاهد الأخبار على التلفاز أو لتنهي تصفح مقال على الانترنت؛ فالنوم الهادئ يؤمّن الراحة لمفاصلك ويساعدك على استعادة نشاطك وحيويتك ومقاومة آلامك.
يحتاج المصاب بالتهاب الروماتويد إلى ما يتراوح بين 8 و 9 ساعات من النوم كلّ ليلة. ولا بدّ له من مراجعة الطبيب فوراً عند معاناته من اضطرابات في النوم لأنّها تزيد من آلامه ومن تعبه النفسيّ والجسديّ.
استخدام الأدوات المساعدة
يساهم الالتزام بتعليمات وقاية المفاصل مباشرةً في حمايتها وإطالة عمرها. والخطوات الأساسية وحدها لا تكفي أحياناً حتى ولو بذلت جهداً كبيراً في حماية مفاصلك وتجنيبها الضرر. فقد تحتاج إلى الرباط – ليخفّف مما تشعره من آلام في الركبة – أو العصا – لتخفيف الضغط الذي تعاني منه مفاصلك أثناء السير – أو الأدوات الخاصة المتوفّرة في بعض الأمكنة – للمحافظة على نشاطك اليوميّ في حالة إصابة اليدين.
وعلى الرغم من الدور الهام الذي تلعبه مثل هذه الأدوات في حماية المفاصل ومداواتها، يرفض بعض الناس استخدامها ظنّاً منهم أنّهم لا يحتاجون إلى العون أو لأنّهم يعتبرونها نوعاً من الاستسلام للمرض (حتى أنّ بعضهم يربط العصا بالشيخوخة والعجز).
وهم أنفسهم لا يترددون باستخدام السيارة للتنقل من مكان لآخر مع أنّها أداة مساعدة تسهّل بلوغ الهدف وتوفّر الجهد والوقت معاً.
هذا هو دور الأدوات المساعدة التي تستخدم لتحقيق الغاية المطلوبة وتسهيل الأعمال اليومية البسيطة منها (كفتح المرطبان أو الاستحمام) أو المعقّدة.
أمّا المصادر التي تؤمّنها، فيمكنك أن تجد أرقام موزعي الأدوات الطبية على الصفحات الصفراء من دليل الهاتف. كما يمكنك الاتصال مجاناً بشركات موجودة خارج نطاق مدينتك. كذلك قد ترسل بعض الشركات الكبيرة كتالوجات مجانية لتطّلع عليها.
تستطيع أيضاً شراء الأدوات الطبية عبر شبكة الإنترنت.
كما يساعدك الفكر الخلاّق على ابتكار أشكال منها (كاستخدام أنابيب البلاستيك المصنعة لعزل أنابيب المياه لصنع أدوات مساعدة لقبضة اليد ولتخفيف الارتجاج، وهذه الأنابيب متوفّرة بأحجام مختلفة تناسب كافّة المعدات اليدوية). إنّ لحسن اختيار هذه الأدوات دور كبير في حماية المفاصل وإليك فيما يأتي بعض الأفكار الهامة عنها:
الأدوات التي تساعد اليد
ابحث عن أدوات عريضة المقبض حتى يسهل عليك مسكها.
مثلاً: عندما يكون مقبض فرشاة الأسنان رفيعاً تضطر إلى إحكام قبضة يدك عليه ممّا يتسبب بضغط على مفاصل الأصابع والرسغ ويضاعف بالتالي الآلام.
تجنّب دائماً إحكام القبضة على الشيء إذا كنت تعاني من التهاب المفاصل حتى لا تزيد من الضغط على الأصابع والإبهام.
العناية الشخصية والنظافة
استعمل مشطاً أو فرشاة بمقبض طويل إذا كنت تعاني من قصور في مدى حركة المفاصل. كما تساعدك الأدوات الخاصة في الحمام (كالإسفنج أو الفرشاة الطويلة المقبض) على بلوغ مناطق جسدك كلّها دون القيام بمجهود كبير.
الملابس
إذا كنت تعاني من صعوبة في الانحناء: اشتر قرناً بمقبض طويل لانتعال حذائك وأداة مساعدة للبس الجوارب.
ابحث عن أدوات مثل تلك التي تساعد على التقاط الأزرار والزمامات المنزلقة (السحّاب).
قم بخياطة عروة مطاطية داخل أكمام القمصان حتى تتمدّد بسهولة أثناء خلعها من اليد واجعل أزرار الأكمام موصولة بمطاط لهذه الغاية.
انتق عباءات أو سراويل مطاطية سهلة الارتداء وربطة العنق المعقودة (الجاهزة) التي يمكن خلعها دون الحاجة إلى حلّ العقدة.
المطبخ
أنت تحتاج إلى انتقاء الأدوات المناسبة وترتيبها في المكان المناسب من المطبخ تجنباً للمتاعب.
وضّب أدوات الطهي في خزانات بارتفاع ما بين وركك وكتفك. تخلّص من الأدوات التي لا تحتاجها.
حاول تركيب صنابير المياه (الحنفيات) ذات الرافعة الواحدة لأنّها تخفف من الضغط على أصابع اليد.
استبدل فتاحة العلب اليدوية بأخرى كهربائية سهلة الاستعمال – واستبدل السكين الخاص لتقطيع اللحم بسكين على شكل “l” ذي مقبض عامودي عريض. في حال أردت استخدام السكين العادي اقبض عليه كالخنجر وقطع اللحم بحركة المنشار مخفّفاً الضغط عن مفاصلك. كما يستحسن أن تبتاع سكيناً كهربائياً. احصل على لوح للتقطيع مزود بنتوءات صغيرة تساهم في تثبيت الطعام في مكانه أثناء تقطيعه.
كذلك يمكن شراء الخضار الجاهزة التي لا تحتاج إلى تقطيع أو فرم. وقد تكون أكثر كلفة من غيرها بقليل إلاّ أنّها توفر جهداً ووقتاً كبيرين.
تنظيف المنزل
استعمل دائماً كلّ ما له مقابض طويلة من مماسح ولقاطّات ومكانس.
نظّف النوافذ بواسطة إسفنجة تضعها في راحة اليد.
خصص لكلّ طابق أدوات تنظيف خاصة تكون دائماً بمتناول يدك.
حاول أيضاً رفع الغسالة أو النشافة ذات الفتحة الأمامية على قوائم خشبية تخفيفاً لدرجة الانحناء.
المتجر
حاول دائماً البحث عما يجنّبك استخدام اليدين. مثلاً: المطارق الأوتوماتيكية التي تدق المسامير ومفكات للبراغي التي تعمل بالطاقة فتريحك وتحمي مفاصلك.
الرّباط