رد: خطوات مهمة لكشف الغمة
أيها الأخوات : إن التأصيل العلمي الشرعي لا بدّ منه .. لأن الوصول الى الحق والصواب لا يتم الا بالرجوع إلى الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة .. ولأنه يحمي من الاجتهادات التي تمليها الظروف والأهواء ، ويرجع الأمور الى أصولها الصحيحة . ومن خلال العلم يعرف المرء كيف يتصرف .. وماذا يفعل ؟ فهل من اهتمام بالعلم وطلبه وتأصيله على منهج شرعي ..
الحادي عشر :الاستعداد : وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم دائماً يهيأ أصحابه للأحداث القادمة .. ويسألهم ماذا سيصنع لو حدث كذا .. وماذا سيفعل لو جرى كذا ؟ يقول صلى الله عليه وسلم :" احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز " رواه مسلم .. ومن نماذج هدي الرسول لتهيأة أصحابه .. ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم لعثمان بن عفان : كما عند ابن ماجه عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عثمان إن ولاك الله هذا الأمر يوما فأرادك المنافقون أن تخلع قميصك الذي قمصك الله فلا تخلعه يقول ذلك ثلاث مرات .. قال هذا قبل موته صلى الله عليه وسلم وعثمان تولى الخلافة بعد أكثر من فترة طويلة .. ولم تأتي مناسبة هذا الكلام إلا في آخر خلافته رضي الله عنه .. فالرسول صلى الله عليه وسلم يهيأ عثمان نفسياً للحدث الذي يصيبه..ولذا عندما تولى الخلافة أراد المنافقون خلعه ولكنه رفض بناء على توجيه النبي صلى الله عليه وسلم له .
ـ و روى الحاكم في المستدرك عن أبي ذر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا ذر ..قلت : لبيك يا رسول الله وسعديك .. قال .. كيف أنت إذا أصاب الناس جوع .. تأتي مسجدك فلا تستطيع أن ترجع إلى فراشك ..وتأتي فراشك فلا تستطيع أن تنهض إلى مسجدك ؟ قلت : الله ورسوله أعلم .. قال :" عليك بالعفة " ثم قال : يا أبا ذر .. قلت : لبيك يا رسول الله وسعديك ..قال : كيف أنت إذا رأيت أحجار الزيت قد غرقت بالدم ..قلت الله ورسوله أعلم .. قال :" تلحق بمن أنت منه أو قال : عليك بمن أنت منه " قلت : أفلا آخذ سيفي فأضعه على عاتقي .. قال : شاركت إذاً .. قلت ..فما تأمرني يا رسول الله ؟..قال الزم بيتك ..قلت: أرأيت إن دخل على بيتي ؟ قال : " فإن خشيت أن يبهرك شعاع السيف فالق رداءك على وجهك يبوء بإثمه وإثمك "
والنصوص في هذا كثيرة في حث النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه للاستعداد والتهيأ لأحداث المستقبل ، وهذا الذي يجب فعله في الأيام القادمة أن نستعد ..وأن نتهيأ لما سيحدث والله المستعان : والاستعداد على قسمين :
أولاً : الإعداد النفسي من خلال :
ـ تهيئة الأسرة نفسياً من الآن تحسباً لأي طارئ يطرأ في المستقبل ..وتحدثيهم بالغزو والجهاد يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق " رواه أبو داود .
ـ التوكل على الله تعالى .. لأن الله تعالى { ومن يتوكل على الله فهو حسبه } أي كافيه وناصره .. يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاًَ ـ أي جائعة ـ وتروح بطانا ـ أي شباعا " رواه أحمد .
ـ أن يتيقن العبد أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطئه لم يكن ليصيبه ..وأن يستقين الإنسان بما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما : " واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام ، وجفت الصحف " رواه الترمذي وصححه .
ـ أن يعلم الإنسان أن نصر الله قريب .. وأن الله ينصر من نصره .. وأن هذا الدين منصور ..وما على الأمة إلا أن تطبق وتعمل بأسباب النصر والتمكين التي ذكرها الله في كتابه .. فإذا عملت وطبقت فإن النصر لا محالة قريب .
ـ أن يبشر الإنسان غيره ويتفائل .. خاصة في وقت الأزمات والملمات .. لأن النفوس بأمس الحاجة إلى التفائل الذي يدفعها إلى العمل .. وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل .. فعندما أراد الأحزاب قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم بدأ عليه الصلاة والسلام بحفر الخندق ..وبينا أصحاب رسول الله يحفرون الخندق إذ واجهتم صخرة شقت عليهم .. وكلت أيديهم منها فكلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك .. فأخذ رسول الله المعول من سلمان .. فضرب الصخرة ضربة صدعها .. وبرقت منها برقة أضاء ما بين لابتيها ـ يعني لابتي المدينة ـ حتى لكأن مصباحا في جوف بيت مظلم .. فكبر رسول الله تكبير فتح .. وكبر المسلمون .. ثم ضربها رسول الله الثانية فصدعها وبرق منها برقة أضاء منها ما بين لابتيها حتى لكأن مصباحا في جوف بيت مظلم ..فكبر رسول الله تكبير فتح ..وكبر المسلمون ثم ضربها رسول الله الثالثة فكسرها ..وبرق منها برقة أضاء ما بين لابتيها حتى لكأن مصباحا في جوف بيت مظلم ..فكبر رسول الله تكبير فتح .. وكبر المسلمون .. ثم أخذ بيد سلمان فرقي .. فقال سلمان بأبي أنت وأمي يا رسول الله .. لقد رأيت شيئا ما رأيته قط .. فالتفت رسول الله إلى القوم ..فقال : هل رأيتم ما يقول سلمان ؟ قالوا : نعم يا رسول الله بأبينا أنت وأمنا .. قد رأيناك تضرب فيخرج برق كالموج .. فرأيناك تكبر فنكبر .. ولا نرى شيئا غير ذلك ..قال : صدقتم .. ضربت ضربتي الأولى .. فبرق الذي رأيتم .. أضاءت لي منها قصور الحيرة ومدائن كسرى كأنها أنياب الكلاب .. فأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها .. ثم ضربت ضربتي الثانية .. فبرق الذي رأيتم أضاءت لي منها قصور الحمر من أرض الروم .. كأنها أنياب الكلاب .. فأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها ..ثم ضربت ضربتي الثالثة فبرق منها الذي رأيتم ..أضاءت لي منها قصور صنعاء .. كأنها أنياب الكلاب .. فأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها .. فأبشروا يبلغهم النصر .. وأبشروا يبلغهم النصر.. وأبشروا يبلغهم النصر.. فاستبشر المسلمون .. وقالوا : الحمد لله موعد صادق بار وعدنا النصر بعد الحصر .. فطلعت الأحزاب .. فقال المؤمنون : هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما ..فهكذا كان هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في وقت الأزمات .
ثانياً : الإعداد البدني : ويتم ذلك من خلال :
1 ـ ممارسة المشي والجري وحمل الأمتعة الثقيلة والتقلل من الطعام والشراب ونحو ذلك ..لقول النبي صلى الله عليه وسلم :" المؤمن القوي خير وأحب إلي الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير .." رواه مسلم .
2 ـ أن يتعلم الرماية ..لقول النبي صلى الله عليه وسلم :" ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا " رواه البخاري .
3 ـ أن يتعلم الإنسان الإسعافات الأولية .
4 ـ أن يعود الإنسان نفسه على ترك ما ألفه من حياة الترف والكماليات ، لقول عمر رضي الله عنه : اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم .
وأخيرا .. إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .. فإذا غيرنا ما بأنفسنا .. من المعاصي والذنوب .. وانتقلنا إلى فعل الطاعات ..والمسابقات إلى الخيرات ..غير الله علينا .. ما كان فينا من الشقاء ..إلى الخير والهناء .. إنها دعوة صادقة .. من محب لأحبابه .. ومن صديق لأصدقائه .. ومن قريب لأقربائه .. ومن أخ في الله لإخوانه .. أناشدهم فيها إلى المسارعة إلى التغيير .. والمبادرة إلى تحسين الأوضاع .. قبل أن تسكب العبرات .. وترتفع الآهات .. وتحل الأحزان .. وتكثر الأشجان .. ويفرح الأعداء .. ويحزن الأصدقاء .. فتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون .. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .