مساء الخير...بما ان قصتي لم تظهر كتابتها جيدا فضلت اعادة كتابتها...
قلب من العاطفة بعد مرور العاصفة. هناك في الأفق البعيد بالقصر الشامخ تجلس فتاة اسمها هدير تكاد تودع عهد الشباب...
هي في زهاء الأربعين من العمر، تتطلع إلى الأشجار الصنوبرية الطويلة
و على أغصانها كتاكيت صغار لطيور النورس...
تحاول الفتاة الاستمتاع بالنظر إلى ما يجول حولها و هي تفكر و
تفكر و تغرق في ذكرياتها السحيقة البعيدة العميقة القرار...و ...
هيجتها تلك الذكريات...
ذكريات أول حب عايشته في صباها...
و كانت تلك هي أجمل المشاعر حين شعرت
أنها بحاجة إليها كشلال يصب في نهر متوجه نحو بحر شاسع الأرجاء...
عبث الحنين بفؤادها و تساقطت البعض من دموعها لأنه ثمة شيء لا يزال بداخلها.
حاولت نسيانه و قررت و فعلت بعدما تعرفت على أحدهم عبر ألنت...كلاهما شده قلم الآخر....
دون أن يتعرفا على بعضهما البعض،....اهو حب أقلام؟ أم إعجاب فقط؟ أم استلطاف؟....
هو شاعر راق...له هيبته...يستمتع كثيرا بردها و مشاركتها له في شتى قصائده الشعرية...
يبادل كل منهما احترام الآخر ...مع أنهما من جنسيتين مختلفتين و لا يعرفان بعضهما إلا عن طريق القلم...
أجمل الأيام هي التي يقضيانها مع بعض و أجمل الكلمات هي تلك الهمسات الشعرية،
و أجمل النظرات هو ذاك الشوق في غياب كل واحد منهما و ظهوره فجأة من الجانب الآخر في ألنت.
كان يسأل عنها لتجيبه عيونها و إن لم يكن يفهم لغة العيون فقد كانت تجيبه كلماتها عبر قلمها.
و خصوصا بعدما فاجأها برسالة شعرية مسائية، كلها أحاسيس و مزايا تحلم فيها أي امرأة كانت.
هدير....حياتها معقدة و عكسه تماما...مع أنها تكبره ببضع سنوات...
صحيح أنه أنار لها دربها و حياتها بعدما كان الألماس
في منجمها مشوه التبلور و الذكريات في دمها العاصف التحرر...
و سرّها يضيق في فؤادها، تلحّ و ترجو و تستفهم....
أتعلم أيها الحبيب؟ أن هدير تحسد نفسها على حبك لها و هي
تقولها بكل صدق و من صميم فؤادها أنك ملكت عرش عشقها
بعدما أتيتها تبتسم لها بشعرك الفصيح تارة و بالعامية تارة أخرى.
عشقها لك تعدى الخيال و أصبحت روحها،حياتها،موطنها و عالمها الذي لم ترى مثله...
و لأنك ألماس حي الجوهر ....
أصبحت في فمها المستضحك المستبشر ،
أغنية قمر تتراقص على نغماتها صبايا الغجر في ليالي السمر رغم رياح القدر....
أصبحت بلسما لجرحها و نبضا لقلبها و السماء و البحر لعالمها....
هي تعلم أنها ملهمتك، و ربما حروفك ، كلماتك، أبيات قصيدتك بدايتها و نهايتها...
ربما غيرت لك وجهة الحب لأنك التراث و الحضارة، لتقول لك بصمت حين تضيق العبارة عما تعاني يا شاعرها
و يصبح قلمها مؤامرة تتورط فيه على ضوء قمر و تقدم لبحرها عنوان عيناك
فتبقى خلف حدود حياتك في طريق آمن و تلقي بهمومها على عاتقك
فيصبح حبها أقوى من الأيام و أقسى من الليالي كجرعة عشق و إدمان
حب لتنسحب روحها من جسدها و تعيش بين أضلعك يا شاعرها.
كيف لهدير أن تستسلم لنسيان عطر حياتها في ربيع عمرها
و كيف لها أن تصمت على حب يشرفها؟ ليضل حب شاعرها
كالفيضان الجارف و يأخذها تياره إليه بقوة تتألم و تفرح في نفس الوقت.
فأي قلب عاطف صادق عثرت عليه هدير من بعد مرورها بعاصفة حب قد خمدت نارها ....