بسم الله الرحمن الرحيم
حظرت الصلاة في أوقات معينة لِحكَمٍ يعلمها الشارع، كالابتعاد عن مشابهة الكفار في وقت عبادتهم.
وأوقات النهي ثلاثة:
الأول: من صلاة الفجر حتى ترتفع الشمس عن الأرض قَيد رمح.
الثاني: حين تبلغ الشمس نهايتها في الارتِفاع، حتى تبدأ في الزوال.
الثالث: من صلاة العصر إلى الغروب.
الحديث الأول الحديث الثاني
الحديث الأول
عن عَبْدِ الله بْنِ عَبَّاس رَضِيَ الله عَنْهُمَا قَال " شَهدَ عِنْدي رِجَال مَرْضيونَ وأرْضَاهُمْا عِنْدِي عُمَرُ: أن رَسُوَل الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عن الصلاةِ بَعْدَ الصبحِ حَتى تَطْلُع الشمس، وبَعْدَ العصر حَتًى تَغْرُبَ ". وما في معناه من الحديث.
الحديث الثاني [color="red"]
عَنْ أبي سَعِيدٍ الخُدْرِي رَضيَ الله عَنْهُ عن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيهِ وسلم قَاَل: " لا صَلاةَ بَعدَ الصّبْحِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشمس ، وَلا صلاَةَ [2] بَعْدَ العصْرِ حَتَى تَغِيبَ الشمسُ ".
[/color]
قال المصنف: وفى الباب [3] عن على بن أبي طالب، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأبي هريرة، وسمرة بن جندب، وسلمة بن الأكوع، وزيد بن ثابت، ومعاذ بن جبل، وكعب بن مرة، وأبي أمامة الباهلي، وعمرو بن عَبَسَةَ السُلمِّي، وعائشة -رضي الله عنهم- والصُّنابحى، ولم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم فحديثه مُرْسل.
المعنى الإجمالي:
في هذين الحديثين، النهي من النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بعد صلاة الصبح حتى تشرق الشمس وترتفع في نظر العين قدر طول رمح. (أي ما يقرب من ثلاثة أمتار).
ونهى أيضا عن الصلاة بعد صلاة العصر حتى تغيب الشمس لأن في الصلاة في هذين الوقتين تشبهاً بالمشركين الذين يعبدونها عند طلوعها وغروبها وقد نهينا عن مشابهتهم في عباداتهم، لأن من تشبه بقوم فهو منهم.
اختلاف العلماء: اختلفت العلماء في الصلاة في هذه الأوقات:
فذهب جمهور العلماء : إلى أنها مكروهة، مستدلين بهذه الأحاديث الصحيحة وغيرها.
وذهبت الظاهرية إلى إباحة الصلاة فيها. أجابوا عن أحاديث النهي بأنها منسوخة.
وكل الأحاديث التي زعموها ناسخة جعلهما العلماء من باب حمْل المطلق على المقيد، أو بناء الخاص على العام.
ولا يعدل إلى النسخ إلا إذا تعذر الجمع، وهو- هنا- ممكن بسهولة .
ثم اختلفوا: ما هي الصلاة المنهي عنها في هذه الأوقات؟.
فذهب الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أنها جميع التطوعات، ماعدا ركعتي الطواف، مستدلين بعموم النهى الوارد في الأحاديث.
ومذهب الشافعية، ورواية عن الإمام أحمد، اختارها شيخ الإسلام "ابن تيمية" وجماعة من أصحابنا، إلى أنها النوافل المطلقة عن الأسباب أما الصلوات ذوات الأسباب كتحية المسجد لداخله، وركعتي الوضوء فجائزة عند وجود سببها في أي وقت.
ودليلهم على ذلك الأحاديث الخاصة لهذه الصلوات فإنها مخصصة لأحاديث النهي العامة.
وبهذا القول تجَتمع الأدلة كلها، ويعمل بكل من أحاديث الجانبين.
ثم اختلفوا: هل يبدأ النَّهْيُ في الصبح، من طلوع الفجر الثاني أو صلاة الصبح ؟.
فذهب الحنفية إلى أنه يبدأ من طلوع الفجر، وهو المشهور من مذهب الحنابلة، مستدلين على ذلك بأحاديث:
منها: ما رواه أصحاب السنن الأربعة عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا صلاة بعد الفجر إلا سجدتين".
فإنه يدل على تحريم النافلة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر ، لأن المراد من النفي ، النَّهْىُ.
وذهب كثير من العلماء إلى أن النهى يبتدئ من صلاة الفجر، لا من طلوع الفجر. واستدلوا على ذلك بأحاديث.
منها ما رواه البخاريِ عن أبي سعيد " لا صَلاةَ بَعْدَ صلاةِ اْلفَجْرِ حَتَّى تَطْلُع الشمس ".
وبما رواه البخاري أيضاً عن عمر بن الخطاب: " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا صَلاةَ بَعْدَ صَلاةِ الصبح حَتَّى تَطْلُعَ الشمس " وغير ذلك من الأحاديث الكثيرة الصحيحة.
وما استدل به الأولون، فيه مقال ، وهو لا يقاوم مثل هذه الأحاديث.