محاولات امريكية لاقناع الخليج بالربط بين انظمته للدفاع الجوى
استكمالا لتنفيذ استراتيجية الدفاع الامريكية المعروفة " بالدرع الصاروخى " ، بدات الولايات المتحدة فى السعى حثيثا لاقناع دول مجلس التعاون الخليجي ، لتحقيق دمج و تكامل لأنظمة الدفاع الجوى و الصاروخى بين دول المجلس الست ، ليصبحوا جزءا من الدرع الصاروخى العالمى.
و وفقا لمستشار الدفاع الاستراتيجي الأمريكي "إيان بريجنسكي" ، فان عملية الدمج بين انظمة الدفاع الخليجية لا تواجهها اى عوائق الان حيث قامت كل من الإمارات العربية المتحدة ، الكويت، والمملكة العربية السعودية بشراء نظام " ريثيون باتريوت " ، و كلا من قطر والإمارات العربية المتحدة يتعاقدون الان لشراء نظام الدفاع الجوي (ثاد) من شركة لوكهيد مارتن.
وقد بدات الجهود الامريكية لاقناع دول الخليج مع تاسيس "منتدى التعاون الاستراتيجي بين مجلس التعاون الخليجى والولايات المتحدة"، في الرياض 31 مارس 2025 بهدف تعزيز التعاون بين الجانبين في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية .. و خلال المنتدى الاول شجعت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون وزراء خارجية دول الخليج العربية على تبنى المشاركة فى الدرع الصاروخي الذى يكفل الحماية لها في حالة تعرضها لهجوم إيراني محتمل..
و ترى واشنطن اهمية و ضرورة تحقيق هذا التكامل فى نظم الدفاع الجوى الخليجية ، اذ لا يمكن تحقيق التغطية الإقليمية للدفاع ضد الاخطار الخارجية - مثل اطلاق ايران لصواريخها على دول الخليج - من دون التعاون المتعدد الأطراف .. و تحاول واشنطن اقناع دول الخليج بتغيير استراتيجياتها الدفاعية الفردية و الاعتماد على صيغ أكثر فاعلية من خلال إستراتيجية الشراء المشترك خاصة وأنها في الغالب تتعامل مع نفس منظومة الأسلحة الامريكية ، مع ضرورة انتهاج رؤية موحدة لمفهوم الأمن الجماعي.
و يقول بريجنسكي وهو المسؤول السابق في البنتاجون عن سياسة الولايات المتحدة تجاه الناتو وأوروبا ، ان التقدم الذي أحرزته أوروبا في الدفاع ضد تهديدات الصواريخ الباليستية، كان نتيجة دمج نظم الرادار الوطنية وأنظمة صواريخ ، و الان هناك ربط بين تسع دول اعضاء بالناتو لشبكة أجهزة استشعار للدفاع الجوي ونظم الدفاع الجوى ضد الصواريخ البالستية .
و وفقا لمعمارية برنامج الدفاع الصاروخى المشترك ، فان المرحلة الاولى تختص بالدمج بين انظمة الدفاع " محدودة المستوى" مثل أنظمة باتريوت التى تعترض الاهداف في الغلاف الجوي للدفاع عن المدن أو الانتشار العسكري، وبين " الاعلى مستوى " مثل نظام SM-3 التى تعترض الاهداف في الطبقات العليا من الغلاف الجوي " لاكثر من 50 ميلا ارتفاعا " والتى يمكن ان تستهدف مناطق او دولا بأكملها .
و لتنفيذ المرحلة المتقدمة من استراتيجية الدفاع الصاروخى المشترك مع حلفائها بحلف الناتو ، قامت واشنطن بنشر سفن حاملة لصواريخ من طراز SM-3 فى منطقة البحر الأبيض المتوسط. و سلى هذا في مرحلة ثانية، نشر منظومة دفاعية متطورة من صواريخ SM-3 على الارض في رومانيا (اعتبارا من عام 2025) وبولندا ( بحلول عام 2025).
و نظرا للكلفة العالية لنظم الدفاع الصاروخي ، وجدت الاستراتيجية الامريكية ان تقاسم تغطية الاستشعار ودمج انظمة الصواريخ الاعتراضية بين الحلفاء سيوفر نظام دفاعى متكامل ، ويؤدي إلى وفورات في التكاليف وزيادة القدرات الدفاعية المشتركة .
و تاتى رغبة الولايات المتحدة فى سرعة دمج دول الخليج لمنظومتهم للدفاع الجوى ، من منطلق الاستراتيجية العسكرية الامريكية التى تعتبر في السنوات الأخيرة ان التهديد الصاروخي الايرانى هو التهديد الرئيسى للدول الأوروبية والخليجية على حد سواء.
ووفقا لبيانات مركز استخبارات الفضاء والطيران الوطني الأمريكي ، فان إيران لديها نحو 100 مركبة تستعمل كقاعدة لإطلاق الصواريخ الباليستية قصيرة المدى، فضلا عن امتلاكها لنحو 50 من صواريخ شهاب 3 التى يصل مداها إلى 1250 ميلا، وعددًا غير معروف من صواريخ سجيل-2 المتطورة والتي يمكن أن يتجاوز مداها 1500 ميل.
و يقول بريجنسكي " انه هناك الان 30 دولة تمتلك الصواريخ البالستية، ومداها ودقتها وقدرتها التدميرية تتحسن مع مرور الوقت ، و ان هناك إجماع قوى عبر ضفتى الأطلسي بضرورة و اهمية الدفاع المشترك ضد الصواريخ الباليستية" .
و يعتقد بريجنسكي انه ينبغي الا تكون دول منطقة الخليج استثناء من هذه المنظومة ، خاصة و ان القيادة المركزية الأمريكية قامت بالفعل برعاية تدريبات دفاع مع جيوش هذذه المنطقة لمواجهه الصواريخ الباليستية الإقليمية.. و يضيف بريجنسكي ان العائق الوحيد الان امام تكامل منظومة الدفاع الصاروخى بالخليج هو حساسيات هذه الدول ازاء مسألة السيادة الوطنية فقط ، مشيرا الى انه وعلى الرغم من التركيز المتزايد من دول المنطقة في مجال تعزيز قدرات الدفاع الصاروخي، إلا أن دول الخليج لا تزال عاجزة عن إقامة نظام دفاع جوي مشترك ومنظومة إنذار مبكر لتغطية كامل الساحل العربي للخليج، وذلك بسبب الحساسيات القطرية التى مازالت قائمة بين الدول الخليجية منذ بداية تأسيس مجلس التعاون سنة 1980، وما تزال بعضها قائمة حتى الان .
المصدر اخبار مصر