وتؤكد غربوتشيان أنها تحيي عيد الميلاد الخاص بالطائفة الأرمنية، الموافق يوم 6 يناير، أينما كانت على وجه الأرض.
وتردف: "أعيد نفس الطقوس منذ عشرات السنين أينما كنت، لكني سأحمل دائما في قلبي هذا الدفء الذي كان يملأ منزلنا في مصر عندما كانت العائلة كلها تجتمع يوم عيد الميلاد".
"كل عام بعد القداس الذي يقام مساء يوم 5 يناير، تزدحم المائدة بأشهى واطيب المأكولات التقليدية الغنية التي تتوارث أسرارها الأجيال. الأسماك، فواكه البحر "الإتش"، سلطة البرغل الأرمنية، والأطباق الغنية باللحوم مثل الكباب بصلصة الكرز الحلبي وأصناف أخرى لا تحصى".
تضيف ليليان "ولا ننسى اللحوم والخضروات المحشية بالأرز والمكسرات ثم نختم كل ذلك بصينية كنافة حلبية بالجبن..نحن شعب يحب الحياة، يحب الاحتفال والبهجة ويعشق الأكل اللذيذ، لكنه أيضا شعب مؤمن ومتدين يؤدي فروضه دون تطرف".
يعود تاريخ تواجد الأرمن في مصر إلى القرن السادس الميلادي، كما فتحت مصر ذراعيها لعشرات آلاف الأرمن الذين وجدوا فيها ملاذا من المذابح في بداية القرن العشرين. كما كان أول رئيس وزراء لمصر الأرمني بوغوص نوبار باشا(1878) وكذلك أول وزير خارجية للبلاد وهو باغوس بك يوسفيان (1826-1844).
كانت الجالية الأرمنية من أكبر الجاليات في مصر ومن أكثرها مشاركة في الحياة السياسية والعامة ولها صحف ومدارس ومسارح ونواد رياضية وكان قوامها 120 ألف نسمة، هاجر معظمهم بعد ثورة يوليو 1952 وتطبيق الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قوانين التأميم، ويقدر عددها الآن بنحو 3 آلاف شخص فقط.
وتحتفل الطائفة البروتستانتية بعيد الميلاد مع الأرمن بينما احتفلت الطائفة الكاثوليكية به مع الكنائس الغربية يوم 25 ديسمبر.
ويحتفل الأقباط الأرثوذكس، الذين يشكلون الغالبية العظمى من مسيحيي مصر، يوم 7 يناير وفقا للتقويم الغريغوري ويقيمون القداس مساء يوم 6 يناير.
"صلاة من أجل مصر"
ويسبق العيد صيام 45 يوم، يمتنع فيه الأقباط عن أي طعام مشتق من الحيوانات فيكتفون بنظام غذائي نباتي، "لذلك تضج الوجبة التي تلي القداس بكل ما حرمنا منه أثناء الصوم"، حسب شريف أنيس.
وتقول سحر حبيب "الليلة سأصلي من أجل مصر، ليمنحها الرب السكينة والسلام والأمن والأمان والرخاء وأن يحفظها من شر كل متربص بها ومن يسعى للوقيعة بين أهلها".
جرى استهداف عدد من المسيحيين وتعرضت كنائس عدة للحرق وللتخريب إثر قيام الجيش بعزل الرئيس السابق محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في 30 يونيو، لم يتم تحديد منفذيها في أغلب الأحوال.
ومع اقتراب موسم الأعياد وقيام جماعة متشددة تدعى "أنصار بيت المقدس" بتنفيذ عدة تفجيرات ضد أهداف أمنية وعسكرية، فرضت السلطات إجراءات أمنية مشددة حول الكنائس تحسبا لأية اعتداءات.
"ذهبت يوم رأس السنة إلى كنيسة قصر الدوبارة وكانت الإجراءات الأمنية شديدة وحازمة، فتشت حقائب اليد ومررنا عبر بوابات الكشف عن المعادن وأحاطت المدرعات بالكنيسة"، حسب سحر حبيب.
كنيسة قصر الدوبارة، القريبة من ميدان التحرير والتي ترتادها الطائفة البروتستانتية، لعبت دورا كبيرا أثناء وبعد ثورة 25 يناير 2025 حيث تحولت إلى مستشفى ميداني يقوم فيه أطباء مسلمين ومسيحيين بعلاج مصابي الثورة دون تفرقة بين أديانهم فأصبحت رمزا للوحدة الوطنية. "لن يخاف أحد اليوم من أن يذهب للكنيسة للصلاة، لسنا مرعوبين من الإرهاب ولن يثنينا شيء أو شخص عن الاحتفال بعيد الميلاد"، كما أكد السياسي جورج اسحاق.
اعتبر اسحاق ذهاب رئيس الجمهورية المؤقت عدلي منصور إلى الكاتدرائية المرقسية للتهنئة بعيد الميلاد "مؤشر جيد ودليل على أن مصر استعادت حيويتها وإسلامها السمح الجميل".
واستبعد اسحاق استهداف الكنائس في ليلة العيد معتبرا الإجراءات الأمنية "احتياطات استباقية".
واعتبر اسحاق أن "الوقت الأن مناسب جدا لتغيير الثقافة الموجودة في المجتمع" والتي تفرق بين الناس على أساس طائفي.
وقال "أنا لا أعرف أقباط ولا مسلمين، أعرف فقط مصريين لهم نفس الحقوق والامتيازات وعليهم نفس الواجبات والالتزامات."