أكد حسين العباسي الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل أن الأزمة السياسية مازالت مستمرة في بلاده وأن الأوضاع غير مستقرة لأن هناك أطرافًا تسعى لتعطيل الحوار الوطني من داخله وخارجه.
وأشار العباسي في حوار تنشره وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) بالتزامن مع جريدة "الوطن" القطرية اليوم الأحد إلى أن هناك نوعًا من الإبطاء المتعمد في تنفيذ بنود خارطة الطريق ما تسبب في عدم الالتزام بالموعد الزمني المحدد رغم التوافق على شخصية مهدي جمعة الرئيس المكلف برئاسة الحكومة والتي وصلت مراحل تشكيلها إلى الأمتار الأخيرة.
وقال: "شهدت خريطة الطريق شيئًا من التلكؤ والبطء والتأخير وفي بعض الحالات ربما كان هناك تأخير متعمد نتيجة جملة من التجاذبات الحزبية القائمة والأزمة السياسية ألقت بظلالها على المسارات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والبلاد تقريبًا دخلت منعرجًا خطيرًا، وكل المؤشرات لا تبشر بشيء إيجابي، وإنما تنبئ بالمخاطر، التي تحدق بالبلاد، والتي تمر بفترة قاسية على كل المستويات".
وتابع "ولذلك فنحن أخذنا على عاتقنا أن نقوم بمبادرة، كانت في المرحلة الأولى منطلقة من الاتحاد العام التونسي للشغل تمت في إطار مبادرة عامة، وبعد ذلك أدخلنا شركاء معنا، وهم الثلاثة الآخرون، وهي الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان واتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وعمادة المحامين، وبالتالي أصبحت مبادرة رباعية، وعملنا كثيرًا من الاتصالات مع كل الفرقاء السياسيين، بهدف الحوار معهم حول محتوى المبادرة العامة، وأخذنا بعين الاعتبار ملاحظاتهم، واحترازاتهم، واختزلنا المبادرة في ورقتين أطلقنا عليها "خريطة الطريق" أو ورقة حل سياسية للأزمة التي تمر بها البلاد".
وقال "وعلى هذا الأساس انطلق الحوار، وتبقى حزب خارج المشاركة من الائتلاف الحاكم هو "المؤتمر من أجل الجمهورية" والذي منه رئيس الدولة الحالي".
وأوضح أنه في كل مرة يظهر طرف مختلف يعطل الحوار مما يعني أن هناك أطرافًا عديدة تساهم في ذلك من داخل وخارج الحوار، ولا يريدون له النجاح ولكن بصبرنا وفهمنا للتناقضات، ومحاولات شق صفوف الأحزاب المشاركة، وبفهمنا بعلاقتهم لبعضهم البعض، تمكنا في نهاية المطاف، وبشيء من الصبر، من مواصلة حوارنا، وهذا يفسر لنا السبب في عدم الانتهاء من تنفيذ خريطة الطريق في الآجال التي تم تحديدها منذ التوقيع على النص، حيث شهدت في بعض الحالات توقف الحوار، وأحيانًا كنا نعقد مؤتمرات صحفية لتحميل من كان سببًا في التأخير والمماطلة، ولكن في نهاية المطاف تغلبنا على الأوضاع، وتوصلنا إلى جمع الفرقاء إلى مائدة حوار واحدة.
وكشف العباسي عن أنه لن يكون هناك مكان لأي متحزب في حكومة الكفاءات الوطنية المقبلة وأن عدد وزرائها ليس قرآنًا منزلاً وهذا يحدده الرئيس المكلف.
وقال "الأزمة التونسية مازالت مستمرة ولن تنتهي الا باليوم الذي يتوجه فيه الشعب التونسي إلى صندوق الاقتراع لينتخب رئيس الدولة والبرلمان ووقتها يمكن القول بأن الأزمة انتهت، ومن الآن حتى الوصول لهذه اللحظة فالأزمة تظل قائمة، والوضع هش، ولكننا الآن أمام مرحلة جديدة مع رئيس الحكومة القادم، الذي وقع اختياره من طرف الحوار الوطني، وهو الآن بصدد تشكيل حكومته، والتي يلزمها أن تتكون من عدد مصغر من الوزراء، لإدارة الأزمة، وسيصلنا خطاب يوجهه رئيس الحكومة إلى الشعب التونسي يبين فيه الحقائق والوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي و الأمني وكيفية إدارته لما تبقى من هذه المرحلة الانتقالية، وذهابه الى الانتخابات وهي مهمة أيضا، إذ يقع عليه وهو على رأس الحكومة توفير كل المناخ الملائم لهذه الانتخابات الضرورية، بحيث تدور في اطار ديمقراطي شفاف نزيه يقود لفترة الاستقرار اللاحقة".
وأوضح أن هذه الحكومة التي يتم تكوينها لتحمل المسئولية فيما تبقى من المرحلة الانتقالية تتكون من شخصيات لديها كفاءات ومستقلة بعيدة عن كل الأحزاب، وبالتالي ليس لديها سند حزبي يدعمها ويقف خلفها، والسند يأتي لها من الحوار القائم في البلاد، ومن التزام المجلس التأسيسي بدعمها ومن التفاف الشعب من حولها لأن الحكومة حينما تكون عارية من سند حزبي، فهي بحاجة إلى سند آخر.
وقال العباسي: "حتى تبقى الأمور واضحة فإن من النقاط المحورية في خريطة الطريق أن تكون الحكومة مصغرة وعدد وزرائها 15 لإدارة أزمة من فريق يكون مشهود له بالكفاءات، شخصيات مستقلة وبعيدة عن كل الأحزاب، والالتزام بالعدد ليس قرآنًا منزلاً، بل لرئيس الحكومة الحرية، نقص العدد أو زيادته بعض الشيء، ولكن بأي حال من الأحوال لا ينبغي أن تكون الحكومة أكبر من اللازم كما الحكومة الحالية حيث إن البلاد غير قادرة على تحمل النفقات ولا حتى في القرارات ومن ثم فلسنا نحن الذي نحدد وإنما خريطة الطريق، ولا ينبغي تحميل فرد المسؤولية، فهو عمل مجموعة والحوار الوطني اشتغل عليه، وثانيًا أنا لا دخل لي في تشكيله لحكومته ولا أن نملي عليه وزيرًا بعينه، وبالتالي فلست أنا الذي أطالبه وإنما الحوار الوطني والشعب التونسي هو الذي يطالب".
وحول الاتهامات التي تطاله بأنه صار يتصرف كأنه السلطة العليا في البلاد وأنه يحدد شكل الحكومة وعدد وزرائها، نفى العباسي أن تكون له وللرباعي الراعي للحوار أي رغبة في الحكم لا قريبًا ولا بعيدًا.
وقال: "نحن جمعنا الناس للحوار من أجل إيجاد حلول لمشاكلنا وهذا هو الأساس وليس لدينا طموحات سياسية ولا غايات فنحن منظمة اجتماعية تدافع عن الفقراء والغلابة والمتعطلين عن العمل ونلعب دورنا في تحقيق التوازن كلما استدعى الأمر وما زاد عن ذلك سيتم عبر الحوار الوطني، ويبقى للأحزاب السياسية أن تتنافس في ما بينها عبر الممارسة الديمقراطية".
وتابع "وأما بالنسبة لدورنا هو التوازن فقط وقت الخلل لا نترشح ولا نفكر في الوصول للحكم لا على المدى القريب أو البعيد وبالفعل اقترح الباجي السبسي ترشيحي لرئاسة الحكومة وجاوبته رافضًا في نفس اللحظة وقلت لكل الحاضرين في جلسات الحوار الوطني، نحن كرباعي لسنا من هؤلاء الباحثين عن قيادة البلاد لا الآن ولا مستقبلاً وهذا دور الأحزاب، وطالبتهم أن ابحثوا لنا عن شخصية مستقلة ومتوافق عليها، ليدير ما تبقى من المرحلة الانتقالية".
ومن جهة أخرى أكد العباسي أنه تلقى الكثير من رسائل التهديد بالاغتيال قبل انطلاق الحوار الوطني وبعده وأنه صار يتحرك تحت الحماية الأمنية التي وفرت له ثلاث سيارات ترافقه على حساب حريته الشخصية.
وأضاف: "التهديدات لي باغتيالي أتلقاها باستمرار ولا أعرف مصدرها سواء بالمكالمات او الرسائل المكتوبة وكلما تلقينا تهديدًا نحيله لوزير الداخلية والتحقيقات والبحث، فهناك العديد من الذين يريدون اغتيال الثورة وعدم نجاحها وتونس ما بعد الثورة مدنية واجتماعية، وهم الناس الذين لا يحبون للحوار أن ينجح لأن الإرهاب يعشش في جانب الفوضى".