استنفار أمني وعسكري في العاصمة الليبية.. والبرلمان يكرر إخفاقه في إقالة حكومة زيدان
وسط اضطراب سياسي وعسكري ومخاوف من عودة النظام السابق الموالي للعقيد الراحل معمر القذافي، أخفق المؤتمر الوطني العام (البرلمان) في ليبيا مجددا للمرة السابعة على التوالي في الإطاحة برئيس الحكومة الانتقالية علي زيدان. وعقد المؤتمر الوطني، الذي يعد أعلى سلطة دستورية وتشريعية في البلاد، جلستين صباحية ومسائية بمقره الرئيسي في العاصمة الليبية طرابلس، من دون أن يتمكن خصوم زيدان السياسيين من جمع 120 صوتا من إجمالي عدد مقاعد المؤتمر البالغة 200 مقعدا، وهو النصاب القانوني لحجب الثقة عن الحكومة التي تشكلت في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2025.
وجاء ذلك في وقت تروج فيه قنوات فضائية ومواقع إلكترونية موالية لنظام القذافي، شائعات باحتمال عودة نظامه وظهور أعلامه الخضراء في جنوب البلاد الذي يشهد مواجهات بين القبائل العربية وأقلية التبو العرقية، رغم إعلان حكومة زيدان نجاحها في إبرام هدنة بين الطرفين.
وقالت حركة اللجان الثورية التي كانت تعد العمود الفقري لنظام القذافي، إن «ما يجري من سبها إلى البريقة إلى الزاوية وطبرق ما هو إلا تعبير عن رفض أبناء شعبنا لهذا الواقع البائس الذي وصلت إليه ليبيا، ولا علاقة لكل من المدعين من الجرذان الخضر المتنطعين والمهرجين منهم بهذا الحراك». لكن ناصر الكريو رئيس لجنة أمن واستقرار العاصمة بمجلس طرابلس المحلي، أكد أن الأوضاع الأمنية بالمدينة طبيعية وتحت السيطرة، وأن قوات المنطقة العسكرية وثوار طرابلس في حالة تأهب لأي تعليمات تصدر من شرعية الدولة الليبية، وأنهم على تواصل واستعداد تام للتصدي لمن يحاول زعزعة الأمن والاستقرار بالمدينة.
وحذر المواطنين من الشائعات المغرضة والأكاذيب المضللة، التي وصفها بالمحاولات الفاشلة لإفساد الاحتفالات بالذكرى الثالثة لثورة 17 فبراير (شباط). ونفى وجود أزمة وقود في العاصمة بقوله: «لا داعي للتزاحم والقلق.. لا توجد عوائق أو عراقيل تمنع وصول شاحنات الوقود إلى المحطات».
وكانت قوات تابعة للجيش الليبي وأخرى تمثل ميليشيات مسلحة أجرت ما عده مراقبون محليون بمثابة استعراض عسكري في شوارع طرابلس للتأكيد على السيطرة على الأوضاع الأمنية والعسكرية بالمدينة.
وأعلن ثوار طرابلس استعدادهم للتصدي لكل من تسول له نفسه المساس بأمن العاصمة واستقرارها، حيث أكد الناطق الرسمي باسمهم أن العاصمة لا يوجد بها حتى الآن أي مشكلات، وأنهم على استعداد للدفاع عن الثورة ووحدة البلاد، كما حذر من محاولة زعزعة أمن البلاد واستقرارها.
وكانت الغرفة الأمنية المشتركة بطرابلس قد أعلنت رفع حالة التأهب القصوى وذلك لتأمين العاصمة من أي خروق أمنية. وطالبت في بيان لها أفرادها للالتحاق فورا بها والتعاون معها حفظا للأمن والاستقرار بالعاصمة.
وأعلنت غرفة عمليات ثوار ليبيا أن قوة مشتركة بين غرفة عمليات ثوار ليبيا والقوة الوطنية المتحركة دخلت منطقة ورشفانة لبسط الأمن، والقبض على المجرمين والخارجين على القانون، والحفاظ على أمن المواطنين بالمنطقة واستقرارهم.
في غضون ذلك، أكد اللواء عبد السلام العبيدي رئيس الأركان العامة للجيش الليبي، أن السلاح الجوي نفذ أول من أمس عددا من الطلعات الجوية في منطقة الجنوب واشتبك مع أهداف محددة، وطرد مقتحمي قاعدة تمنهنت الجوية.
ودعا العبيدي في مداخلة هاتفية مع قناة «ليبيا الوطنية»، مساء أول من أمس، القبائل الليبية في منطقة الجنوب، إلى إنهاء النزاعات وتفويت الفرصة على المتربصين بالوطن في هذه المرحلة الحاسمة التي تمر بها بلادنا.
وطمأن العبيدي المواطنين إلى أن الوضع في منطقة الجنوب هادئ، وأن قوة من الدروع التابعة لرئاسة الأركان وغرفة ثوار ليبيا والثوار يساندهم السلاح الجوي، ستتعامل مع أي مجموعات تحاول مهاجمة المعسكرات أو القواعد العسكرية.
فيما قالت وكالة الأنباء المحلية إن أصوات أسلحة ثقيلة ومتوسطة سمعت في مدينة سبها، التي تشهد هدوءا حذرا وحركة ضعيفة جدا في الشوارع. وأكد العقيد محمد البوسيفي، آمر (حاكم) منطقة سبها، أن الوضع الأمني في المنطقة يعد جيدا، إلا أن هناك مجموعات مسلحة توجد داخل بعض الأحياء السكنية تقوم بالقصف على معسكر اللواء السادس مشاة التابع للمنطقة، مما تسبب في بعض الأضرار والخسائر الطفيفة. بينما تحدثت مصادر في المدينة عن استمرار إغلاق المصالح العامة والمحلات التجارية والمصارف، باستثناء المخابز وأسواق الخضار.
في المقابل، قالت قبائل الصحراء إنها بعثت برسالة عاجلة لمجلس الأمن الدولي والجامعة العربية والاتحاد الأفريقي، تطالب فيها بالحماية، بعد قصف سلاح الطيران الليبي لمناطق في الجنوب.
وأعلن علي زيدان في كلمة نقلها التلفزيون، أنه أمر بإرسال قوات إلى الجنوب بعد أن دخل مسلحون قاعدة تمنهنت الجوية الواقعة خارج سبها على بعد 770 كيلومترا جنوب العاصمة طرابلس.
وبعد هذه التصريحات وافق المؤتمر الوطني على وضع الجيش في حالة تأهب، وقال نائب باللجنة الأمنية بالمؤتمر الوطني، إن «هناك بعض التحركات العدائية ضد الثورة الليبية في بعض المدن».