لإعجاز البحثي في بيت العنكبوت:-
إذا تأملنا الآية نجد أن الله -عز وجل- يقول “كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً” و العنكبوت كلمة مذكرة على الأشهر – و إن كان بعضهم ذهب إلى تذكيرها و بعضهم إلى تأنيثها- ولكنها على بناء المذكر، فلماذا قال الله “اتخذت” باتصال تاء التأنيث بالفعل الماضي؟
الجواب : هو أن الدراسات المستفيضة في علم الحشرات اتفقت على أن ذكر العنكبوت لا يمكنه إطلاقاً بناء البيت، و أن من يبني البيت هي الأنثى فقط، من خلال مغزل خاص في نهاية بطنها خاص بالإناث ولا يوجد نظيره في الذكور.
فهذا إعجاز بحثي و لغوي قيم جداً!!
ثم نجد حقيقة أخرى و هي أن الأنثى لا تبدأ بناء البيت إلا عند بلوغها استعداداً للزواج، فتبني هذا البيت ليجذب ذكراً عاجزاً عن بناء بيت لنفسه بطبيعة خلقته.
و هذا البناء العجيب تنسجه الأنثى بتداخلات هندسية بارعة، فيكون شديد الحساسية لأي اهتزاز خارجي، و هو كذلك مشبع بمادة صمغية لتلصق به أي حشرة عند الاقتراب منه، فيقوم الصمغ بالتكبيل حتى تأتي الأنثى فتفترس هذه الحشرة الضحية.
ثم بعد ذلك مرحلة التزاوج، فبعد تلقيح الذكر للأنثى تضع بيضها في مكان بعيد آمن، ثم النهاية المؤسفة أن تعود إلى الذكر المطمئن في بيته فتنقض عليه و تأكله، و هذا أمر لابد منه لأن البيض لن ينضج إلا في وجود أنسجة الذكر.
و بهذا نجد أن بيت العنكبوت بيت واهن حسياً معنوياً؛ حسياً إذ لا يقى ساكنه حرّاً ولا قرّاً ولا يدفع عنه عدواً، و مع كونه بهذه الدقة و هذا الوهن الحسي ، فوهنه معنوي في كونه مصيدة وشَرَكاً لأي حشرة تحاول الإيواء إليه، هذا من جهة ، و من جهة أخرى ركون الذكر إليه و ظنه إياه آمناً حتى يفجأه الغدر، و يلقى مصرعه حيث ظن الأمان.
فسبحان الله، ما أعظم هذه الآية التي تشبه الشرك ببيت العنكبوت، فالشرك مزخرف و مزين و كذلك بيت العنبكوت و من أوى إليهما هلك حسياً و معنوياً، فيالحسرة من أشرك بالله و أنكر وجود الله أو جعل معه آلهة أخرى أو دعا غيره أو جعل بينه و بينه وسائط و شركاء، فهذا ما حذر منه جميع الأنبياء و دعت إليه جميع الأديان التي أنزلها الله و التي تحذر الناس من الشر و تحضهم على الخير في الدنيا و الآخرة. سبحان الله وهو على كل شئ قدير