أصدرت 16 منظمة حقوقية بيانا، اليوم، تدعو فيه بالتحقيق الفوري في ادعاءات متزايدة ومفزعة عن أعمال «تعذيب وحشية واعتداءات جنسية» تعرض لها محتجزات ومحتجزون في سجون وأقسام شرطة في مصر، على حسب قولها.
كما طالبت المنظمات بالكشف الطبي العاجل على كل المحتجزين والسماح لوفد من المنظمات الموقعة بزيارة مستقلة مغير مشروطة لأماكن الاحتجاز وإجراء مقابلات معهم.
وذكر في البيان أنه قد تواترت مؤخرا العديد من الشهادات عن أنماط وحشية من التعذيب والاعتداءات الجنسية يقوم بها جهاز الشرطة مع المتعقلات والمعتقلين فاقت ما جاء بشهادات المعتقلين في الستة أشهر الماضية، وهي الفترة التي شهدت اعتقال المئات بصورة عشوائية خاصة في شهور أغسطس وسبتمبر وأكتوبر.
وضم البيان شهادة الناشط السياسي خالد السيد عن التعذيب الذي تلقاه في أقسام شرطة العباسية وقصر النيل، فضلا عن ما تعرض له في سجن أبو زعبل، وأكد على شهادته المحامي الحقوقي محمود بلال، الذي كان حاضرا بالتحقيق، حيث قام خالد برفع ملابسه وكشف جسده لإظهار الإصابات التي تعرض لها من جراء التعذيب، ولكن النيابة تعنتت في إثبات التعذيب، ورفضت في البداية الإشارة له في المحضر، ومع تعنت النيابة في إثبات الإصابات وتوثيق التعذيب الذي تعرض له المعتقلين, قام محامو المتهمين بتقديم شكاوى للمجلس القومي لحقوق الإنسان توثق المعلومات التي نجحوا في الحصول عليها من المعتقلين الذين رووا ما حدث لهم.
وروى خالد السيد تفاصيل التعذيب الذي تعرضت له مجموعة كبيرة من المعتقلين قائلا إن قوة من رجال الأمن في القسم قاموا بنقل النشطاء السياسيين المعروفين، وهم معصوبي الأعين، لغرفة كان يتم بها التعذيب، وأجبروهم على الاستماع لأصوات صراخ المعتقلين الذين كانوا يتعرضون للضرب والصعق بالكهرباء، ورددوا على مسامعهم مقولات من قبيل « العيال دي ذنبها في رقبتكم يا بتوع الثورة ،لولاكم كان زماننا مشيناهم، كان زمانهم في بيوتهم».
وقد أدعى أكثر من شخص ممن أعيدوا لغرفة الاحتجاز المشتركة بعد تعذيبهم أنهم تعرضوا للاعتداء الجنسي بالإضافة إلى الصعق الكهربائي في مناطق مختلفة من الجسم.
كما أبدت المنظمات الموقعة على البيان انزعاجها من بعض الشهادات التي وثقتها عن إجراء فحوصات مهبلية بسجن القناطر للنساء المحتجزات دون رضائهن، من اللواتي تم اعتقالهن في أحداث مختلفة من ضمنها الذكرى الثالثة للثورة، هذا بالإضافة إلى شهادات أخرى حول اعتداءات جنسية قامت بها قوات الشرطة ضد المحتجزات في العديد من أقسام الشرطة، وأثناء القبض عليهن في التظاهرات.
وأضاف البيان أنه بسبب ارتفاع معدلات اعتقال المتظاهرين والمتظاهرات، ووصول عدد المحتجزين إلى الآلاف في الأشهر السبع الأخيرة، زادت حالات التكدس بأماكن الاحتجاز المؤقتة وبالسجون ومعسكرات الأمن المركزي والتي لا تدخل في نطاق أماكن الاحتجاز القانونية، وساءت بشدة ظروف الاحتجاز بحيث إنها تتناقض مع الحد الأدنى من الضمانات التي يوفرها الدستور الجديد الذي نص في المادة 54 على أن «كل من يقبض عليه، أو يحبس، أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنيًا أو معنويًا، ولا يكون حجزه، أو حبسه إلا في أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانيًا وصحياً، وتلتزم الدولة بتوفير وسائل الإتاحة للأشخاص ذوي الإعاقة. ومخالفة شيء من ذلك جريمة يعاقب مرتكبها وفقا للقانون، وللمتهم حق الصمت. وكل قول يثبت أنه صدر من محتجز تحت وطأة شيء مما تقدم، أو التهديد بشيء منه، يهدر ولا يعول عليه» كما أنها تتعارض مع الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب والتي صدقت عليها مصر ونص الدستور في المادة 93 على أنها لها قوة القانون فور التصديق عليها ونشرها في الجريدة الرسمية
وقد أصدر وزير الداخلية إبراهيم تصريحا يوم الثلاثاء 11 فبراير ينفي فيه عن جهاز الشرطة الاتهامات المتواترة بالتعذيب، وأدعى أن العديد من منظمات حقوق الإنسان تقوم بزيارة مختلف السجون ولقاء المودعين بها ورحب بأي طلبات تقدم من المنظمات الحقوقية لزيارة السجون.
وأشارت المنظمات الموقعة على البيان أن السجون المصرية لا تخضع لأي رقابة حقيقية ولا يسمح إطلاقا للمنظمات أو المحامين المستقلين بزيارتها، ولا تقوم أي جهات قضائية مستقلة بالتفتيش بشكل دوري على أوضاع السجون، رغم أن هذا حق يكفله القانون والدستور.
وعلى صعيد عمل النيابة أعربت المنظمات عن قلقها من إضافة تهمة قتل المتظاهرين إلى قائمة الاتهامات التي باتت تشمل عادة التظاهر بدون تصريح والتجمهر وقطع الطريق والاعتداء على رجال الأمن. وقالت انه من الغريب أن تتهم النيابة المتظاهرين المعتقلين بقتل زملائهم الذين سقطوا بطلقات رصاص يوم السبت 25 يناير في المسيرات التي خرجت في محيط دار القضاء العالي وميدان طلعت حرب.