أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

خبر «المقاتلون الشيشان» في سورية.. بين المشاركة بدافع عقائدي وعداء متجذر لروسيا

برز دور "المجاهدين الشيشان" في الصراع السوري في الأشهر الأخيرة بعد وفاة العديد من المقاتلين من بلاد القوقاز على الجبهات المختلفة. وكذلك من خلال العديد من أفلام الفيديو المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعية، التي تظهر مقاتلين منهم في المناطق السورية. وإلى جانب البعد "الإسلامي" للحرب الذي تبناه العديد من المقاتلين الشيشان، فإن انخراط هؤلاء الجهاديين في سورية له أيضاً جذور في عدائهم الطويل مع روسيا، التي هي داعم أساسي للرئيس السوري بشار الأسد.
في الأسبوع الماضي، أورد مركز كافكاز، وهو وكالة إسلامية قوقازية إخبارية، إعلانا على لسان أبو محمد الجولاني زعيم جبهة النصرة في سورية عن "استشهاد أمير سيف الله الشيشاني خلال معركة خاضها ضد قوات الأسد في السجن المركزي في حلب". وقد أفاد مركز كافكاز أن سيف الله كان القائد الثاني السابق في جيش المهاجرين والأنصار والمساعد لعمر الشيشاني، وأن سيف الله هو شيشاني الأصل من منطقة وادي بانكيسي في جورجيا. وحسب أحد التقارير التي أوردها المحلل مراد بطل الشيشاني، فإن عددا كبيرا من المقاتلين القوقاز في سورية من وادي بانكيسي البعيد في جورجيا، وهي موطن لنحو 15 ألف شخص فقط من ذوي الأصول الشيشانية.
قال أبو حمزة، مقاتل شيشاني في مقابلة أجريت معه ونشرتها مجلة فورين بوليسي: "ذهبت إلى هناك (سورية) لأني رأيت أفلام فيديو على الإنترنت لنساء وأطفال يقتلهم النظام. أردت قتال الحكومة السورية لكي أساعد المعارضة، أردت قتل بشار". وقد يلفت الانتباه لهذه الدعوة فيديو آخر عرض في الشيشان وتُرجم إلى العربية، وفيه يظهر مطرب يقول في أغنية له "من الشيشان أتينا ولن نترككم وحدكم، لقد أتينا لنحرركم، لقد أتينا لنموت لأن الشهادة هي هدفنا". وحسب أحد التقارير التي أوردها مراد بطل الشيشاني، فإن هناك احتمالا بوجود 200 مقاتل في سورية جاؤوا من شمال القوقاز.
تميز المقاتلون الشيشان بقدراتهم القتالية. يقول الشيخ السلفي عمر بكري وهو يتحدث من طرابلس في لبنان: "اكتسب المجاهدون الشيشان تقنيات قتالية عالية من حربهم ضد الروس. لقد تدربوا على استخدام أجهزة تفجير القنابل (IEDs)، وتعلموا تكتيكات الجيش الروسي المطبقة الآن في سورية، وقد ساهم هذا في صعود حركة المهاجرين في سورية".
يُعتقد أن أغلب المقاتلين الشيشان في سورية هم أعضاء في جيش المهاجرين والأنصار الذي يتضمن لواء أو كتائب المجاهدين الذي أسسه عمر الشيشاني الذي قاتل ضد القوات الروسية في القوقاز.
ظهر عمر الشيشاني أول مرة في فيلم فيديو في عام 2025 وهو محاط بنحو 20 مقاتلاً ويدعو "للجهاد" ضد الرئيس بشار الأسد المدعوم من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. فالشيشان واجهت روسيا في صراع طويل الأمد للحصول على الاستقلال منذ القرن التاسع عشر. وقد بدأت الحروب الحديثة بين الروس والشيشان في أواسط التسعينيات، حيث نشبت حربان دمويتان مع روسيا في عامي 1994 و1999.




ومع اندلاع الحرب السورية اتجه العشرات من الشيشان إلى بلاد الشام، حيث أصبح لهم تأثير في كتائب مختلفة انتهت باتحاد بعضهم مع بعض. فقد أعلنت مجموعتان مسلحتان سوريتان البيعة لأمير كتائب المجاهدين، عمر الشيشاني، وهما كتائب الخطاب، وكتائب جيش محمد، مع كتائب المجاهدين. وقد أعلنت هذه المجموعات الموحدة الجديدة اندماجها في حركة جديدة أطلق عليها اسم جيش المجاهدين والأنصار، وهو تحت قيادة الشيشاني.
وقد لعبت وحدات المجاهدين من جيش المهاجرين والأنصار والكتائب دوراً فعالاً في سورية. وحسب تقارير نشرها مركز كافكاز، فقد شنت حركة نور الدين زنكي، العضو في الحركة، هجمات ضد قوات بشار الأسد في الأشهر الأخيرة من مواقع حصينة في قرية كفرا الحمرا.
في نيسان (أبريل) من عام 2025، شن المجاهدون من جيش المجاهدين والأنصار عملية مهمة أخرى في حلب بقيادة الأمير عمر الشيشاني. وحسب مواقع للمعارضة على شبكة الإنترنت، ظهرت الكتيبة نفسها بعد عشرة أيام، وهي تقتحم وتستولي على جزء من المطار قرب الحدود مع تركيا.
وبرز في بداية الأمر أن كتيبة المهاجرين تأثرت إلى حد كبير بجبهة النصرة. وهذه العلاقة مستمرة حتى الآن بالتنسيق مع جبهة النصرة. ويلفت الشيخ البكري الانتباه إلى حقيقة أن المجاهدين يعملون ككتائب داعمة لكل من النصرة وداعش. يبدو أن العلاقات القوية ما زالت سائدة بين النصرة والمجاهدين، وهو ما أثبتته عبارات رثاء سيف الله التي قالها أبو محمد الجولاني، زعيم جبهة النصرة في سورية. يفسر البكري ذلك بقوله: "في الوقت ذاته أعلن عمر الشيشاني البيعة لأبي بكر البغدادي، زعيم داعش (دولة الإسلام في بلاد العراق والشام). وأضاف أن هناك معلومات أكدها أيضاً مراد البطل بأن داعش عينت عمر الشيشاني في نهاية العام الماضي قائداً للقطاع الشمالي في سورية.
دور الشيشان في سورية والروابط التي حاكوها مع المجموعات المتطرفة هناك تدل على تطور في التقاليد الجهادية للشيشان. ويؤكد مراد بطل الشيشاني في أحد تقاريره على أن من الممكن أن تكون سورية أول أرض معركة يقاتل فيها الشيشان خارج أرضهم في شمال القوقاز. وقد أخبر أبو حمزة مجلة فورين بوليسي أنه من اللافت للانتباه أن أغلب الشيشان الذين قابلهم في سورية لم يكونوا من القوقاز أو الشرق الأوسط، بل جاؤوا من عائلات مهاجرة منتشرة في أنحاء أوروبا.
والحال أن وقوف روسيا إلى جانب سورية باستخدامها لحق النقض الفيتو في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لحماية الأسد من حل يضغط عليه، ويؤدي إلى إنهاء حملات القمع للشعب السوري والقتل في سورية، سيعمل فقط على تأجيج مشاعر المقاتلين الشيشان في المدى البعيد. وحسب مقالة نشرتها وكالة رويتر في الشهر الماضي، ذكرت أن هناك أمراً تنظر إليه روسيا بشكل جدي، حيث قالت إن وحدة من قوات الأمن الروسية تقوم الآن بالتدرب لقتال المسلحين الإسلاميين في سورية. وكما أعلن القائد الشيشاني رمضان خضيروف، وهو أحد حلفاء موسكو متحدثاً عن خطر المجاهدين الشيشان: "لا نستطيع الاستماع بهدوء لهذه التهديدات والانتظار أن تمتد هذه الكارثة إلى روسيا، ولذلك تقوم كل من الشرطة وقيادة الجمهورية باتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة".
بعد مرور أكثر من عقد على حرب روسيا ضد الشيشان، تخوض الشيشان الآن حرباً بالوكالة في سورية ضد أعدائها. وقد تطور مفهوم القتال الشيشاني من تحقيق هدف وطني إلى تحقيق هدف إسلامي، وهذا هدف يمكن أن يؤدي إلى حدوث انفجار داخل منطقة القوقاز موجه ضد روسيا.
في أحد مقاطع الفيديو التي تم بثها يقول عمر الشيشاني: "لقد فوَّتْنا فرصاً كثيرة، لكن اليوم هناك فعلاً فرصة لتأسيس دولة إسلامية على الأرض" بحسب وصفه.


«المقاتلون الشيشان» في سورية.. بين المشاركة بدافع عقائدي وعداء متجذر لروسيا




إظهار التوقيع
توقيع : سارة سرسور



الساعة الآن 08:14 PM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل