تخيل نفسك تتجول في متحف غارق، في اعماق الكاريبي، متحف متكامل مخبأ تحت البحر تسبح حولة الأسماك الملونة وتنمو حولة الأعشاب المرجانية
و المخلوقات البحرية المتنوعة التي لا تعرفها.
منذ فترة قريبة كان هذا خيالا يراود كثير من الناس ، وقد اصبح هذا الخيال ممكنا بعد ان صار البحر الكاريبي موطنا الأكبر للمتاحف الغارقة بالعالم.
افتتح النحات البريطاني جايسون تايلور متحفه المنتظر الذي يقبع تحت الماء على شواطئ مدينة كانكون المكسيكية.
وبعد 18 شهرا من العمل المستمر استطاع تايلور وضع 400 تمثال على عمق 9 أمتار في المتنزه البحري الوطني للشعب المرجانية الكبيرة تمثل لقطات إنسانية بسيطة: امرأة حامل، ورجل مسن يبتسم، وطفل ينظر إلى أعلى نحو سطح المياه.
تايلور الذي يعشق الغطس أطلق اسم «التطور الصامت» على مشروعه هذا، ويوضح في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية أنها «أكبر مجموعة بحرية لمنحوتات معاصرة في العالم».
وقام غواصون بواسطة رافعات بوضع آخر الأعمال نهاية أكتوبر (تشرين الأول)، وتشكل هذه الأعمال حاجزا صخريا جديدا بدأت تنبت عليه بعض الطحالب الصفراء.
تايلور صمم الكثير من تماثيله وتكويناته الفنية لتعكس رؤية فنية تصادق البيئة وتعمل معها، بل تتخذ منها ملهمة. ويشير تايلور إلى أن الحفاظ على البيئة، هو جانب مهم في عمله، فكل تماثيله الموضوعة تحت الماء مصنوعة من مواد غير ضارة بالبيئة البحرية، بل على العكس تستفيد تلك الأعمال من الطحالب والأعشاب التي تلتصق بها وتمنحها حياة جديدة، ومن ناحية أخرى تثري الحياة الفطرية تحت الماء.
ويتوقع أن تستفيد الحياة البحرية في المكسيك من إقامة المتحف، خاصة بعد تضررها من الأعاصير التي أصابتها مؤخرا، وأيضا من الضرر الذي يسببه الغواصون غير المحترفين في المنطقة، حيث يتسببون في تحطيم الشعب المرجانية بالمشي عليها أو الغوص بالقرب منها أو حتى عن طريق الارتطام بها دون قصد. وسيساهم المتحف على طريقته في المحافظة على الشعب المرجانية الطبيعية من خلال جذب عدد من الـ750 ألف سائح الذين يغوصون في أرجائها سنويا، وتعاني الشعب المرجانية من تدفق السياح الذين غالبا ما يجهلون هشاشة نظامها البيئي.
وفي غياب إجراءات لحمايتها سينقرض 60 في المائة من الشعب المرجانية في العالم بحلول عام 2050 على ما تفيد به إدارة ال
محيطات الأميركية.
ويقول دياز: «عشقت عمل جايسون عندما اطلعت عليه للمرة الأولى عبر الإنترنت. لديه هذه اللمسة السحرية لنحات يستوحي عمله من روح المحافظة على الطبيعة». ومتحف كانكون لا يشكل «سابقة» بالنسبة إلى جايسون ديكير تايلور، فسبق أن نصب أعماله في جزيرة غرانادا في جزر الانتيل الصغرى، فضلا عن نهر إنجليزي. ويوضح النحات الذي استوحى منحوتاته من أناس في الشارع أن فكرة مشروع كانكون بدأت قبل عامين.
ويقول لوكالة الصحافة الفرنسية في محترفه القريب من كانكون: «وضعت لائحة لما أبحث عنه: فتاة شابة وامرأة مسنة ورجل يشبه شعوب المايا في العشرين من عمره تقريبا، ونقلناهم إلى المحترف».
وقد اعتمدت وضعيات للجميع وغطيت أجسامهم بمرهم «الفازلين» ودهنوا بالجص لأخذ نسخة عنهم قبل إنجاز التمثال المصنوع من الإسمنت الخاص وألياف الزجاج. وتكلفة المتحف حتى الآن 250 ألف دولار، وينوي جايسون التوسع أكثر مع الانفتاح على فنانين آخرين.
ويقول جايسون تايلور: «يسألني الناس: هل هذا كل شيء؟ أنا لا أعتقد ذلك، إنها مجرد مرحلة». ويختم قائلا: «أنا في مرحلة وضع منحوتات في البحر، ومن ثم، كما يرد في العنوان، سيتطور الأمر بشكل كبير».
وعبر مشواره الفني اعتمد تايلور على المؤثرات الفنية التي تمنحها الطبيعة تحت البحر لأعماله، وعبر عن ذلك في حديث سابق مع «الشرق الأوسط» قائلا: «المساحات تحت الماء غير محدودة، هنا يستطيع الفنان أن يجد المكان المثالي لتنفيذ أعماله»، وإضافة إلى المساحات تضيف الأضواء المتكسرة والحيوانات البحرية إلى تلك الأعمال أبعادا جديدة.