• خسارة الحزب الحاكم تبقى قادة المعارضة فى مناصبهم وتفتح الباب أمام انتخابات برلمانية مبكرة ربما تحمل مزيدًا من التراجع
• فوز «العدالة والتنمية» يمهد الأرض أمام وصول أردوغان إلى مقعد الرئاسة وتحقيق فوز جديد فى الانتخابات البرلمانية
هى انتخابات بلدية، بمعنى أنها الاستحقاق الديمقراطى الأقل أهمية بعد البرلمانية والرئاسية فى تركيا، إلا أن واقع الحالة التركية، وسلسلة الأزمات التى ضربت حكومة حزب العدالة والتنمية ذات التوجه الإسلامى، برئاسة رجب طيب أردوغان، فى أقل من تسعة أشهر، صنع من الانتخابات البلدية فرصة لأحزاب المعارضة البعيدة عن السلطة منذ 12 عاما، واختبار الشعبية أردوغان الطامح فى مقام الرئاسة الرفيع.
ففى اليوم التالى لتلك الانتخابات، وبعيد ظهور نتائجها الأولية، سيكون أردوغان أمام خيارين، إما اعتزام الترشح للانتخابات الرئاسية فى أغسطس المقبل، والتى تجرى بالاقتراع السرى المباشر للمرة الأولى، استثمارا لانتصاره فى البلديات، أو الدعوة إلى انتخابات برلمانية مبكرة عن موعدها المحدد العام المقبل؛ لانقاذ ما يمكن انقاذه وتعويض خسائره.
وقبل ديسمبر الماضى، كان أى مراقب للشأن التركى يجزم بتحقق الخيار الأول، إلا أن ذلك الشهر شهد حدثا كان بمثابة الحجر الذى سقط فى مياه راكدة، إذ فوجئ الأتراك بسيل من تحقيقات الفساد طالت مقربين من رئيس الوزراء، قبل أن تخرج تسجيلات صوتية تضع أردوغان نفسه فى بؤرة الشبهات، ما اعتبر أشد ضربة تتلقاها حكومة العدالة والتنمية منذ صعودها للسلطة عام 2003.
تلك الضربة، أعادت إحياء الاحتجاجات، التى انفجرت فى وجه الحكومة فى يونيو الماضى، وأصابت ركن أساسى فى معادلة شعبية أردوغان وحزبه، حيث كان يروج فى أوساط الناخبين شعار «أردوغان ذو اليد النظيفة»، وكسرت تحالف أردوغان ورجل الدين التركى البارز فتح الله جولن، الذى ساعد الأول فى البقاء بالسلطة، ونزع مخالب المؤسسة العسكرية، التى نفذت ثلاثة انقلابات فى النصف الثانى من القرن العشرين.
وتزيد من الصعوبات التى يواجهها أردوغان فى خضم فضيحة الفساد، حالة التراجع الاقتصادى فى البلاد، بعد سنوات من النمو والازدهار، إضافة إلى تحقيقات الفساد والاتهامات بالاستبداد التى تواجه أردوغان، لاسيما منذ حظر موقع «تويتر» للتدوينات القصيرة، ما يجعل من
الانتخابات البلدية فرصة ذهبية
للمعارضة لانتزاع السلطة من يد الرجل القوى.
إلا أنها تمثل فى الوقت ذاته قيدا لأحزاب المعارضة، لأن فشلها فى انتزاع مكاسب فى ظل حالة حزب العدالة والتنمية المتردية والمتخبطة وسط الأزمات، يعنى حركة تنقلات فى الهيئات العليا لتلك الأحزاب وخسارة قادتها لمقاعدهم، كما أنها تعنى أن أردوغان خرج قويا من أخطر أزمة واجهته، وأنه باقٍ فى السلطة إلى وقت غير معلوم.
أما أردوغان وحزبه، فانتصاره فى البلديات يعنى أن الأرض ممهدة أمامه لرئاسة البلاد، واغلبية جديدة فى الانتخابات البرلمانية المقبلة، فى حين تعنى خسارته للأغلبية فى تلك الانتخابات، مزيدا من التخبط والتراجع، قد يجلب مزيدا من الخسارة فى الانتخابات البرلمانية، التى يتوقع مراقبون تبكيرها، حال فشل أردوغان فى تحقيق أغلبية فى الانتخابات البلدية.5مواجهـات
الشروق