قلعة العمادية في محافظة دهوك
عندما يفكر المرء في سياحة ترفيهية، خاصة في فصل الصيف تتجه انظاره الى إقليم كوردستان العراق، مدن كوردستان الجميلة، ينابيع مياهها وجبالها الشاهقة وكهوفها التي تحكي قصة الانسان العراقي منذ اقدم الحضارات .
منحوتاتها التي تمتلك الساحات، شلالاتها، مصايفها، اشجارها الدائمة الخضرة، مناخها المعتدل صيفا، وحتى شتاؤها جميل حيث يتساقط الثلج والوفر على الجبال ليشكل بساطا ابيض ناصعا كبراءة الاطفال يبدأ الاخضرار مع بداية نوروز عيد الربيع.كوردستان جنة العراق الصيفية بمناخها وتاريخها حيث يفخر الانسان العراقي الكوردي والعربي والتركماني بانه صاحب حضارات وادي الرافدين، الاقدم والاعرق والاكثر تأثيرا على البشرية حتى يومنا هذا.
فهذه الحضارات المدنية وصلت الى اعلى درجات التقدم والرقي في مجالات الحياة كافة، فعلى ضفتي دجلة والفرات وفي قمم جبال كوردستان ووديانها بنيت اعظم المدن: سومر، اكد، بابل، نينوي، نمرود، دهوك، آشور، اور، اربائيلو، الوركاء، وغيرها الكثير ومنها ظهرت الكتابات المسمارية ودونت الاساطير على الالواح الحجرية وسنت اولى القوانين وبنيت السدود على الانهار وتمت دراسة الفلك ورصد النجوم، ووضعت اولى المسائل الهندسية، واشتهرت بفن النحت والعمران، وتكونت اعظم الامبراطوريات وطبعت مدن العراق بطابعها الاسلامي وتزخر بعشرات الآلاف من المقامات والمزارات والمراقد للانبياء والمرسلين والائمة والصالحين.
انها الفردوس حقا، ارض العراق، لكن ما زلنا في خطوتنا الاولى المتوقفة في بناء صناعة سياحية جاذبة واعلام متطور يبدأ بفضائية سياحية ولا ينتهي بفولدر او خارطة، فالسياحة مورد اقتصادي ستراتيجي مثلما هي التواصل بين الشعوب وثقافاتها.
وتشهد السياحة في اقليم كوردستان حركة ونشاطاً يساعدها على ذلك الوضع الامني المستقر في محافظات الاقليم الذي حولها الى متنفس لعوائل المحافظات الاخرى، ترتاح فيها من التوتر وانعدام الامن والسلام، اذ تبحث عن الاستجمام وتهدئة الاعصاب.
واذ يرحب اقليم كوردستان بهذه العوائل، تسعى حكومة الاقليم، ممثلة بوزارة السياحة فيها لتهيئة كل ما يوفر لها الجو السليم للراحة والاصطياف، مبدية كل الاهتمام بالمرافق الحيوية التي تعبر عن ثقافة الكرد المتأصلة جذورهم في عمق التاريخ وحضارة هذا البلد العريق.
ولعل ابرز عامل جذب للسياح هو المواقع الاثارية التي يعد اقليم كوردستان من اغنى المناطق بها اذ يوجد فيه (30152) موقعا آثارياً معلنا، وكل محافظة من محافظات الاقليم تتميز بخصوصية تاريخية، اذ ان محافظة السليمانية تتميز آثارها بطابع الحضارة الساسانية، اما محافظة دهوك فيغلب عليها طابع الحضارة العباسية والعثمانية، ومحافظة اربيل آثارها ذات طابع آشوري وبابلي وسومري.
وأهم المواقع الاثارية في كوردستان نذكر منها في زاخو الجسر العباسي، وفي اربيل قلعة اربيل التاريخية ومنارة (الشيخ جولي) التي يمتد تاريخها الى(700) سنة، وهناك ايضا منطقة (كردي قارنجة) وتقول المصادر التاريخية انها تحتوي على (13) الهاً، وهي من العهد الاشوري، وقد عرفت عبر التاريخ بمعبد الالهة، وكانت زيارتها بمنزلة الحج إذ يتوافد اليها الناس من مختلف بقاع الارض للتبرك بها.. ونذكر من مواقع السليمانية الاثارية كهف (هزار ميرد).
اما من ناحية الاصطياف، فان كوردستان غنية بمصايفها التي يتوافد اليها الناس للاستجمام، وهو ابرز عامل جذب للسياحة الداخلية في فصل الصيف.
المناطق السياحية في إقليم كوردستان:
السليمانية
من اروع مدن كوردستان العراق، بناها ابراهيم باشا ملك امارة بابان سنة 1784م، بعد اعجابه بالمناظر ال
محيطة بسراية عمه (عثمان باشا)، ويبدو انها بنيت اساساً لتكون عاصمة الامارة البابانية، منذ تأسيسها كانت فيها اسواق كبيرة وحمامات عامة مبنية على شكل حمامات اسطنبول، وقد اثبتت التنقيبات الأثارية ان هناك مايدل على وجود الحياة فيها منذ الالف الثالث ق. م، وكانت تسمى (زاموا) وهي موطن اللولويين والكوتيين القدماء وتوالت عليها الحضارات ومن بين معالمها الجامع الكبير الذي بني في القرن الثامن عشر كذلك جامع مولانا خالد وجامع محوى-وكنسية السليمانية-ويضم متحف التراث في السليمانية عشرات التحف الاثارية.. وغرب مدينة السليمانية مصيف سرجنار ويضم هذا المصيف قرية باخان السياحية، ومن المناطق السياحية في السليمانية سيتك وييري شه وكيل، ومصيف سرسير، وكونه ماسي، وكه ناروى، وسركلو، وميركه بان، وتايين وعشرات المناطق السياحية الاخرى.
اربيل (هه ولير):
تقع اربيل وسط اقليم كوردستان على سهل واسع وهي عاصمة الاقليم يعود تاريخها الى الالف السادس قبل الميلاد، سميت في الكتابات السومرية والبابلية بـ(اوربيلم) و (اربائيلو)، وكانت في العهد البابلي مركزا لعبادة الالهة (عشتار)، ومن معالمها البارزة منارة الشيخ جولي التي بنيت في عهد السلطان مظفر الدين الكو كبري ما بين (543- 586م) وكنيسة ماريوسف والمبنية على الطراز البابلي القديم، وقلعة خانزاد وقلعة دويين، ومصيف شقلاوة ومصايف بيخال وكلي علي بيك، وجونديان، وحاج اومران، ومن كهوفها الشهيرة كهف ييستون وكهف شابندر اضافة الى قلعة اربيل التي تتوسط المدينة وعشرات المعالم الحضارية والدينية والجمالية.
دهوك:
تقع مدينة دهوك بين سلسلتي جبال (بيخير وشندوخا) وهي بالقرب من حدود تركيا وسورية ويعود تاريخ بناء المدينة الى مئات السنين وكانت نقطة عبور تجارية في العهد الاشوري بقي ذلك التراث شامخاً حتى اليوم وتتوفر فيها مناطق سياحية متميزة ونادرة منها:
مصيف انشكي، ومصايف سولاف وسواره توكه وسرسنك واشاوه ومن منحوتاتها : كهف هلامتا وخنس وكهف جارستين ومدينة آميدي-العمادية وعشرات من المصايف والمعالم الحضارية المتميزة التي تحكي قصة تاريخ وحضارة وشعب.
كركوك
من كبرى مدن العراق الشمالية فيها حقول النفط الشهيرة، حيث يتم استخراجه وتكريره، ومن اهم حقول نفط كركوك: حقل بابا كركر وحقل باي حسن، وحقل جمجمال، وحقل جمبور، وحقل حمرين، وحقل. ومعظم الاراضي المجاورة لكركوك سهول ليس فيها تلال او جبال واقرب التلال والمرتفعات المجاورة هي تلال بابا كوركور حيث فيها النار الازلية المجاورة لحقول نفط كركوك وتليها تلال شوان في طريق كويسنجق وتلال قراينجير وقرة حسن تليها جبال بازيان وقره داغ. ويعتبر سهل كركوك من اعظم السهول لو توفرت له المياه الاروائية الكافية..
كما تعتبر كركوك مدينة سياحية لما فيها من آثار قديمة، فنجد قلعة كركوك، التي تسمى (كرخيتي)، فضلاً عن معالم اثرية بارزة منها مرقد الامامين زين العابدين والقاسم اولاد، الامام موسى الكاظم (عليهم السلام)، فضلاً عن مرقد امام الهوى احد اولاد الشيخ عبدالقادر الكيلاني، كما نجد ناحية الدبس السياحية لوجود نهر الزاب وناحية تازة، فضلاً عن معالم آثارية تضرب في جذور التاريخ اهمها (جامع العريان) يعود الى 1142 م، والجامع الكبير الذي يعود الى القرن الثالث الميلادي، وجامع النبي دانيال وكنيسة الحمراء والكنيسة الكلدانية التي تعود الى 1862 م وغيرها من المواقع السياحية العديدة فيه