يشهد العام الجارى العديد من الانتخابات الرئاسية فى كثير من أنحاء العالم، وكان للشرق الأوسط نصيب الأسد فيها، الأمر الذى يؤشر إلى أن العام الحالى سيشهد صعود نظم جديدة ذات سياسات واستراتيجيات وتوجهات فكرية جديدة،
والتى ربما يكون لها تبعات كبيرة على الأوضاع السياسية والاقتصادية بالدول التى سنشهد ماراثون انتخابات الرئاسية.
وسوف نحاول فى هذا الملف استعراض أبرز الدول التى ستشهد انتخابات بالشرق الأوسط خلال العام الجارى وأبرز المرشحين فى سباقات الرئاسة.
مصر
تستعد مصر للإنتخابات الرئاسية المقررة فى يومى 26 و27 من مايو الجارى، حيث بدأت قبل أيام معدودة حملة الدعاية للمرشحين المتنافسين المشير عبد الفتاح السيسى الأوفر حظاً ومنافسه اليسارى حمدين صباحي، وهى انتخابات ظاهرياً يقول البعض أنها محسومة النتائج وفعلياً توجد فى الشارع المصرى حالة تشبه انقسام فى أراء الشباب حول المرشحين فمنهم من يجد أن انتخاب السيسى هو هدم وقتل لثورة 25 يناير لكونه ذو مرجعية عسكرية وأن حمدين هو منقذ الثورة ورمزها، بينما يرى الطرف الثاني، وهذا يمثل القطاع الأكبر، أن السيسى هو أمل مصر فى طريق الاستقرار، والبطل الذى أنقذ مصر من "براثن" الإخوان، بل وصل البعض لتشبيهه بجمال عبد الناصر الوقت الحالي، وأن صباحى لايمتلك القدرة على إدلرة شئون البلاد.
فيما تدعو بعض الأطراف إلى مقاطعة الانتخابات, وذلك لعدة أسباب ترجع إلى تأييدهم للرئيس المعزول محمد مرسى، أو ربما لتيقنهم من أن المعركة محسومة والنتيجة معروفة وبالطبع ستكون لصالح سيادة المشير .
سوريا
على الرغم من أن الانتخابات السورية فى تلك المرحلة لن تعدو أكثر من مجرد انتخابات شكلية نتائجها محسومة سلفاً لصالح الرئيس السورى الذى ظل فى الحكم فى خضم حرب أهلية طاحنة ولم يتزحزح عن كرسيه رغم سقوط آلاف القتلى، إلا أنها فى كل الأحوال أول انتخابات رئاسية تعددية بسوريا.
وقد أعلنت المحكمة الدستورية العليا فى سوريا يوم الأحد الموافق 4 مايو قبول ثلاثة طلبات ترشح للانتخابات الرئاسية المقررة فى الثالث من يونيو ، تبيّن منها أن الرئيس السورى بشار الأسد سيخوض الانتخابات فى مواجهة مرشحين اثنين آخرين.
حيث تم إغلاق باب الترشح وانحصرت المنافسة بين ماهر عبد الحفيظ حجار، حسان عبدالله النوري، بشار حافظ الأسد، فيما رفضت المحكمة باقى طلبات الترشح المقدمة، والبالغ عددها 21 طلبا، "بالنظر إلى عدم استيفائها الشروط الدستورية والقانونية".
ورغم أنها أول "انتخابات رئاسية تعددية"، إلا أن قانونها يغلق الباب عمليا على ترشح أى من المعارضين المقيمين فى الخارج. ويشترط القانون أن يكون المرشح قد أقام فى سوريا بشكل متواصل خلال الأعوام العشرة الماضية. ويشكل رحيل الأسد عن السلطة مطلبا أساسيا للمعارضة والدول الداعمة لها. وحذرت الأمم المتحدة ودول غربية النظام من إجراء الانتخابات، معتبرة إياها "مهزلة" تعرقل التوصل إلى حل سياسى للنزاع المستمر منذ منتصف مارس 2025.
موريتانيا
حالة من التوتر تسبق الانتخابات الرئاسية الموريتانية المقرر إجراءها فى 21 يونيو المقبل بعدما أعلن حزب الوئام ترشحه قبل ساعات من إغلاق باب الترشح، فى الوقت الذى تدعو فيه المعارضة للمقاطعة بدعوى أنها انتخابات أحادية وتفتقر للشفافية والنزاهة رغم وجود 4 مرشحين حتى الآن.
وقد أعلن رئيس حزب الوئام الموريتانى بيجيل ولد هميد ترشحه للانتخابات الرئاسية التى ستجرى فى 21 يونيو المقبل، وقبل ساعات من أجل باب الترشح للانتخابات تقدم الوزير السابق وعضو كتلة المعاهدة من أجل التناوب السلمى على السلطة، بملف ترشحه للانتخابات الرئاسية.
وقد تأخر إعلان ترشح ولد هميد إلى حين انتهاء فعاليات المؤتمر الثانى لحزب الوئام، والذى أعاد تشكيلة المكتب التنفيذي، حيث انتخب بيجل ولد هميد رئيسا والوليد ولد ودادى نائبا أول للرئيس، وادومو ولد عبدى ولد اجيد نائبا ثانيا، وسيدى محمد ولد عابدين سيدى نائبا ثالثا، ومريم بابا سى نائبا رابعا.
يذكر أن المؤتمر الوطنى اختار فى اجتماعه الطارئ لقيادات نظام الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع، رئيس الحزب بيجيل ولد هميد مرشحا رئاسيا، بعد أن تمت تزكيته من طرف منتخبى الحزب، نواب وعمد، وكانت المعارضة الموريتانية قد قررت مقاطعة الانتخابات الرئاسية بدعوى أنها أحادية وغير توافقية وتفتقر لشروط الشفافية والنزاهة، داعية إلى حور سياسى جاد مع النظام والأغلبية.
هذا وتنتهى اليوم الثلاثاء الفترة المحددة لتقديم ملفات الترشح للانتخابات، التى سيخوض غمارها الرئيس الحالى محمد ولد عبد العزيز، وإبراهيما مختار صار رئيس حزب التحالف من أجل العدالة والديمقراطية، وبيرام ولد اعبيدى رئيس منظمة "إيرا"، والسياسى بيجل ولد هميد رئيس حزب الوئام.
لبنان
الديمقراطية اللبنانية وتحدى انتخابات الرئاسة
تنحصر المنافسة على رئاسة لبنان بين مرشحين بارزين هما سمير جعجع وهنرى الحلو، وعلى الرغم من تفوق جعجع إلا أن الوضع متأزم لاسيما بعدما انعقدت أمس الأول الجلسة الثانية لمجلس النواب اللبنانى لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وفشل النواب فى ذلك.
المرشحان هما نفسيهما كما فى الجلسة الأولى، وكلاهما فى الأصل من قوى 14 آذار. وقد حصل المرشح سمير جعجع فى تلك الجلسة على 48 صوتاً، وحصل المرشح هنرى الحلو على 16 صوتاً. وكان النصاب اللازم لصحة انعقاد الجلسة يومَها متوافراً (أى 86 صوتاً من أصل 128). وهكذا فقد ظل المرشحان بعيدين عن الفوز لأنه كان على أحدهما نيل 86 صوتاً. أما فى الدورة الثانية فيحتاج النجاح إلى 65 صوتاً فقط. لكنّ التصويت لم يحصل، لأن النصابَ لم يكتمل. وقد أعلنت قوى 8 آذار أنها تغيبت عمداً لكى لا يكتمل النصاب اللازم للانتخاب، لأنها تخشى حصول التصويت، دونما توافُق مسبق على الرئيس المُراد انتخابه! وبالطبع ففى الديمقراطيات المعاصرة، لا يحصل الانتخاب بالتوافُق، لأنه لا يعود انتخاباً حراً، لكن هذه هى العادة فى لبنان المنقسم طائفياً وسياسياً.
فهل ينبغى أن يخاف اللبنانيون لعدم انتخاب رئيس بعد جلستين للمجلس؟ المراقبون مفترقون لهذه الناحية. فالذين يقيسون الأمر بالمقاييس الأوروبية والأميركية يعتقدون أنه لا مبرر للخوف. فكثيراً ما يُنتخب الرئيس بعد عشرين تصويتاً وأكثر. وحتى عندما يُنتخب الرئيس بالاقتراع العام، قليلا ما ينتخب من المرة الأولى. أما الذين يعرفون التجربة اللبنانية، ويتأملون المشهد فى المنطقة؛ فخوفَهم يتعاظم، لأنهم يخشون أن تنتهى مدة رئيس الجمهورية الحالى (25 مايو الجاري) دون أن يتمكن النواب من انتخاب رئيس جديد، فيحصل الفراغ فى الرئاسة كما حصل فى المرة الماضية.
كانت هناك عدة سيناريوهات لا تزال سارية المفعول. الأول أن يتمكن المرشحون للرئاسة من المعسكرين المختلفين أو من المستقلين، من الاتفاق على واحد منهم أو من غيرهم، بحيث يذهب المسيحيون إلى مجلس النواب بمرشح واحد. وهو حل مثالى ما توافر حتى اليوم. والسيناريو الثانى أن يظل المرشحون الكبار منقسمين، لكن «الروح» الديمقراطية تقتضيهم أن يحتكموا لمجلس النواب، ومن يحصل على الأكثرية (ولو صوتاً واحداً) يكون هو الرئيس، وقد حصل ذلك مرة واحدة فى التاريخ اللبنانى الحديث عام 1970. والسيناريو الثالث والذى صار متعارَفاً عليه منذ ما قبل الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990) أن يكونَ هناك ناخب كبير خارجي، هو الذى يحدد المرشح الرئيسي، ويوافق النواب فى كثرتهم الساحقة عليه! وكانت سوريا هى ذلك الناخب الكبير طوال عقود. وفى العادة يجرى تعديل الدستور للتلاؤم مع إرادة القوة الغالبة. فى الانتخابات الرئاسية الأولى آخِر الحرب الأهلية (1989) قدّمت سوريا مرشحين فازا الواحد بعد الآخر. ثم ارتأت اختيار قائد الجيش (أميل لحود) للرئاسة، وأَرغمت المجلس النيابى على التمديد له لثلاث سنوات بعد انتهاء مدته! والرئيس الحالى (ميشال سليمان) كان قائداً للجيش أيضاً. وقد اختاره النواب اللبنانيون للرئاسة بعد فراغ فى المنصب دام لعدة أَشهر. وكانت سوريا الأسدية ما تزال ذات نفوذ (2008)، لكن اللاعب الأبرز كان وما يزال «حزب الله» وتنظيمه المسلح. وبالطبع ما كان سليمان وقتها مرشحه الأبرز، لكن الطرفين (14و 8 آذار) توافقا عليه فى مؤتمر الدوحة، بعد أن احتل «حزب الله» بيروت لإسقاط حكومة السنيورة.
عندما يتعذر الوفاق الداخلي، ينتقل القرار للاعبين الخارجيين. ويكون هناك طرف خارجى رئيسي، ولاعبون آخرون أقل سطوة. ولدينا اليومَ بلبنان قوة غالبة هى «حزب الله» ومن ورائه إيران. وليس لسوريا الأسد هذه المرة أى نفوذ؛بل إن «حزب الله» أرسل قوات بأمر من الحرس الثورى الإيرانى لمساعدة الأسد على الصمود فى وجه الثوار. لكنّ الحزب لا يملك هو وحلفاؤه المسيحيون أكثرية فى مجلس النواب، وهكذا فهم لا يستطيعون تحديد اسم الرئيس بمفردهم رغم تنظيمهم المسلح، الذى لا يبدو مستعداً لاحتلال بيروت مجدداً! وفى الوقت نفسه فإنّ قوى 14 آذار ما عادت تملك أكثريةً فى المجلس رغم فوزها بانتخابات 2009، لأن النائب وليد جنبلاط، ومعه 11 نائباً انشقوا عنها وشكلوا مع آخرين كتلة وسطية مرجِّحة. وجنبلاط، ضد المرشحين المسيحيين الرئيسيين: جعجع (14 آذار)، وميشال عون (8 آذار)، لذلك فقد رشح فى الجلسة الأولى النائب هنرى حلو وحصل له على ستة عشر صوتاً بنيهم بعض الغاضبين على جعجع من قوى 14 آذار!
إنّ هذا العجز عن التوافق قد يؤدى إلى فراغ منصب الرئاسة. والقوى الخارجية الحاضرة: إيران والسعودية. ومن غير الإقليم: فرنسا والولايات المتحدة. ويراهن كل من جعجع وعون على دعم قوة أو أكثر وممارسة الضغوط لصالحه. لكن القوى الخارجية هذه يحتمل أن تتوافق، ويحتمل أن تتفارق. فإذا توافقت فقد يكون على مرشح ثالث، وإن اختلفت فالمرجح أن تحاول كل منها إيصال أحد مرشحيها، وهذا ما يخشاه اللبنانيون من الفراغ. بمعنى أنه لا يمكن عندها التحكم فى الاحتمالات السيئة أو السلبية أو محاولة المجيء برئيس غلبة أو رئيس ضرورة. ويكون فى العادة قائد الجيش، لتزايُد التحديات الأمنية!
لقد أدخل سعد الحريرى طَعماً جديداً على اللعبة، للحيلولة دون تفاقم التأثير الخارجي. إذ رغم ترشيحه لجعجع؛ فإنه ما قطع مفاوضاته مع عون وأنصاره. وأثار ذلك انزعاج بعض أطراف 14 آذار، كما أثار انزعاج جنبلاط. إذ لو توافقت الأطراف الرئيسية، فإنه لا يعود «للوسطي» دور مرجِّح!
إسرائيل
رغم أن منصب الرئيس فى إسرائيل هو منصب شرفى لأن الرئيس لا يحكم وقراراته استشارية ودوره ينحصر على المراسم فحسب حيث لا صوت يعلو على صوت رئيس الوزراء فى ظل النظام البرلمانى والائتلافات والكتل الحزبية، إلا أن الانتخابات الرئاسية الإسرائيلية المزمعة بعد شهرين من الآن أصبحت على صفيح ساخن.
المرشحين الرئيسيين لرئاسة إسرائيل بعد انتهاء ولاية بيرس هما رئيس الكنيست السابق رؤوفين روبى ريفلين والوزير الحالى سيلفان شالوم والوزير السابق بنيامين بن اليعيزر والثلاثة تجاوزا الستين منذ زمن كبير.
وفى ظل الاستعدادت للانتخابات الرئاسية ذكرت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية اليوم الثلاثاء أن رئيس الوزراء الإسرائيلى، “بنيامين نتنياهو”، يعمل بكل قوة ضد المرشح من حزب الليكود وهو حزبه عضو الكنيست “روبين ريفلين”، كما يرفض دعمه لمرشح بعينه، مشيرة إلى أن “نتانياهو” يسعى إلى إلغاء مؤسسة الرئاسة تماماً فى إسرائيل.
وأوضحت الصحيفة العبرية أن “نتنياهو”، حتى اللحظة، لم يعلن دعمه لأى مرشح، فى الانتخابات المتوقع أن تجرى فى الكنيست بعد نحو شهرين، ونقلت معاريف عن مقربين من “نتنياهو”، وصفهم لما يحدث بين المتنافسين بـ”المهزلة”، مشيرين إلى ما حدث مع المرشح “سيلفان شالوم”، عندما تم اتهامه بعد إعلانه عزمه الترشح للسباق الرئاسى، وكما حدث ضد الوزير السابق “بنيامين بن إليعازر”، معتبرين أن هذا يؤكد الحاجة إلى إلغاء مؤسسة الرئاسة.
واذا كانت الانتخابات الرئاسية فى الشرق الاوسط هى الأهم ، فأن هناك انتخابات أخرى فى العالم ربمل لا تقل أهمية.
أوكرانيا
بدأ العد التنازل للانتخابات الأولى فى أوكرانيا بعد الإطاحة بالرئيس عزل الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش اثر حركة احتجاج كبرى، حيث تقرر إجراء الانتخابات يوم 25 مايو الجاري.
وتحظى الانتخابات الأوكرانية باهتمام دولى كبير نظراً لحساسية الموقف الجارى فى تلك الدولة دعت أوكرانيا اليوم الثلاثاء المجموعة الدولية إلى مساعدتها فى تنظيم انتخابات رئاسية "حرة وديمقراطية" فى 25 مايو فى هذا البلد الغارق فى أزمة.
وقال وزير الخارجية الأوكرانى اندرى ديتشتسا فى فيينا "لقد طلبنا من كل شركائنا إرسال مراقبين دوليين إلى أوكرانيا لمراقبة الانتخابات" والقيام "بكل ما هو ممكن لتبديد التهديدات والاستفزازات الخارجية المدعومة من روسيا فى أوكرانيا".
الانتخابات ستكون فى غاية الحساسية نظراً لأن أوكرانيا باتت ساحة للصراع الدولى بين روسيا والغرب، ومن ثم ستكون نتائج تلك الاتنخابات مصيرية بالنسبة للعلاقات الدولية لتلك الدولة التى تواجه حالة من عدم الاستقرار السلطوي.
بنما
حسم المرشح اليمينى المحافظ خوان كارلوس فاريلا فى الانتخابات الرئاسية التى جرت فى بنما يوم الأحد الموافق 4/5/2014، ليخلف بذلك الرئيس الملياردير المحافظ ريكاردو مارتينيلى فى بلد تعود فيه ثمار النمو الاقتصادى الكبير المرتبط خصوصا بالقناة بغالبيتها إلى النخبة.
وقد وصف العالم الانتخابات البنمية بالانتخابات الهادئة وحظت بإشادات دولية ومباركات من القوى العظمى.
وقد فاز كارلوس باستحقاق كبير حيث استحوذ على نسبة 93% من الاصوات.
وكان فاريلا يحتل المرتبة الثالثة فى استطلاعات الرأى وراء المرشح اليمينى ووزير الاسكان السابق خوسيه دومينجو ارياس المدعوم من الرئيس المنتهية ولايته ريكاردو مارتينيلي، والمعارض الاشتراكى الديمقراطى ورئيس بلدية بنما السابق خوان كارلوس نافارو.
الوفد