أهم سبب يعين على تجديد اإيمان في القلوب
1/ تحقيق معنى التقوى في القلوب
التقوى أن تستشعر مراقبة الله لك في السر والعلن , حتى لا تنحرف عن الجادة , ولا تتنكب طريق الحق , وأن تتأمل نعمه عليك الظاهرة منها والباطنة فتداوم على عبادته وشكره , وأن تعمل لتلك النهاية الحتميّة والساعة التي لابد منها وهي ساعة فراقك لهذه الدنيا يقول علي رضي الله عنه : " التقوى هي الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والقناعة بالقليل والإستعداد ليوم الرحيل " ,,
2 / أن تتعرف على الله سبحانه وتعالى .
[هُوَ اللهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ هُوَ اللهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلَامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ العَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ هُوَ اللهُ الخَالِقُ البَارِئُ المُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ]
كلما تعرفت عليه بصدق – يا عبد الله - كلما زاد إيمانك به , وتضاعف وصلك له , وتجلت تضحياتك من أجله , وارتفع رأسك فخراً كلما تظللت تحت سقف عبوديته تعالى .
ومما زادني شرفاً وتيها ... وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي ... وأن صيّرت أحمد لي نبيا
3/ إقامة الصلاة بأركانها وخشوعها .
الصلاة أعظم أركان الإسلام بعد التوحيد ، وهي الصلة بين العبد وبين ربه تعالى وإقامتها في أوقاتها بأركانها وشروطها ، تبعث في النفس الطمأنينة والخشوع والذلة لله تعالى الأمر الذي يحقق الإيمان الحقيقي والتقوى في القلوب , قال تعالى: ﴿ الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾
4/ قراءة القرآن الكريم وتدبر آياته .
إن لقراءة القرآن الكريم شعور خاص , وحالة مستثناه ,, كيف لا ,, وأنت تقرأ كلام الله جل وعز , " الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد "
فكيف لو صاحب القراءة تدبراً وفهماً , وتأملاً وخشوعاً , لا شك أن الغايات المتعددة من هذا التدبر ستتحقق لصاحب العلاقة مع هذا الكتاب العظيم من بركة وهدى ونور وشفاء وصدق مناجاة قال تعالى :(كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ)
.وعن أولئك الذين لا يتدبرون القرآن ولا يستنبطون معانيه قال تعالى : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً * وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً)
5/ المداومة على ذكر الله تعالى :
فذكرك لله سبب في اطمئنان قلبك , وهو أمان لروحك ,, يقول جل من قائل : ﴿ أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾
وذِكْرُ لله سبب في أن يذكرك الله في من عنده قال تعالى: ﴿ فَاذكُروني أَذْكُرْكُمْ ﴾
6/ طلب العلم الشرعي .
وقد يسأل سائل ما علاقة العلم بتجديد الإيمان في القلوب , وأقول إن العلم منطلق العمل , فلا عمل متقن , ولا أثر يتضح , ما لم تنطلق من علم ودراية , كذلك الإيمان في القلوب لا يرى أثره ولا تظهر صوره إلا حينما ينطلق من علم يهذب النفوس ويربي الأرواح ويزكيها من كل شائبة ودخن ,, سئل سفيان بن عيينة عن فضل العلم فقال : ألم تسمع قوله تعالى حين بدأ به (أي بالعلم) " فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك "
قال تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا "
7/ قيام الليل .
هو دأب الصالحين، وتجارة المؤمنين، وعمل الفائزين، ففي الليل يخلو المؤمنون بربهم ، ويتوجهون إلى خالقهم وبارئهم ، فيشكون إليه أحوالهم، ويسألونه من فضله ، فنفوسهم قائمة بين يدي خالقها ، عاكفة على مناجاة بارئها ، تتنسم من تلك النفحات ، وتقتبس من أنوار تلك القربات ، وترغب وتتضرع إلى عظيم العطايا والهبات .
آمنوا بأنه لا يخفى عليه شي سبحانه فقاموا بين يديه في السحر , وأنه يحب الخبايا والأسرار فبنوا بينهم وبينه كل خبيئة صالحة وسر , وأن من نام واستراح ليس كأولئك الذين تتقلب جنوبهم على فرشهم والسرر
﴿ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَار ﴾
8/ مرافقة أهل الإيمان .
يقول الله تعالى في بيان أن الرفقة الصالحة ممتد خيرها لا ينقطع إلى يوم القيامة : " الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ "
وفي آية أخرى يبيّن جل وعز حال ذلك الذي تأسى بقدوات الشر وأصحاب الباطل وقرناء السوء متحسراً نادماً " وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يلَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً. يوَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً. لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَآءَنِي "
وقال مالك بن دينار: إنك إن تنقل الأحجار مع الأبرار، خير لك من أن تأكل الخبيص مع الفجار.
وأنشد:
وصاحب خيار الناس تنج مسلمــا
وصاحب شرار الناس يوما فتندما
يتبع