تعتبر فصيلة الدم "o" هي الأكثر ندرة بين كل أقرانها، لكن داخل عروق بعض نجوم الرياضة يسري نوع أكثر قيمة بل وربما لا يقدر بثمن لأنه غالبا ما يكون السبب الرئيسي في تألقهم واستمرار مسيرتهم.
ولا تعتمد نجومية هؤلاء على الموهبة الفطرية، التي غالبا ما تكون نتاج موروث جيني، مثلما يحدث مع فصائل الدم المتعارف عليها، بل على المجهود والمثابرة بصورة أكبر، فهذان المفهومان وكلاهما يبدأ بحرف الـ"ميم" هما السند الرئيسي لمسيرتهم.
وينتشر نجوم فصيلة الدم "م"، في مختلف الألعاب الرياضية ، من كرة القدم للتنس وحتى حلبات الملاكمة، ويتصدر أغلبهم الشاشة حاليا بعد تفوقهم ليثبتوا صحة مقولة "المجهود القاسي يتغلب على الموهبة"، فيما أن آخرين ممن يحملون نفس الفصيلة يُعتبر تواجدهم نفسه في الساحة الرياضية بعد كل ما مروا به انجازا في حد ذاته.
- ياكوب بلاتشيكوفيسكي:.
لا يعد إسم لاعب بروسيا دورتموند الألماني، البولندي ياكوب بلاتشيكوفيسكي هو الأصعب في حياته، ربما يكون بذل مجهودا كبيرا لنطقه في الصغر، ولكن هذه ليست الناحية الأكثر مأساوية في عالمه الذي اضطر فيه للمثابرة بشكل يفوق الخيال.
وتحمل طفولة اللاعب قدرا كبيرا من الآلام التي تمكن من التفوق عليها بعدما شاهد والده زيجمونت وهو يطعن والدته آنا حتى الموت حيث ظل في فترة صدمة استمرت خمسة أيام بالفراش حيث قام بتربيته بعدها كل من جدته وخاله.
ووجد بلاتشيكوفيسكي في الكرة ضالته ليتناسى هذه الأحداث عن طريق بذل الجهد حيث وصل لحمل شارة قيادة المنتخب البولندي والفوز بالبوندلسيجا مرتين وكأسي ألمانيا وسوبر ألمانيا مرة واحدة وأفضل لاعب في بروسيا دورتموند عام 2008 وأفضل لاعب في منتخب بولندا عام 2025.
وحول التغير الذي طرأ في شخصيته وجعلتها قائمة على المثابرة يقول اللاعب "أي مشكلة تعرضت لها ساهمت في زيادة صلابتي، لم أعد أخشى شيئا، ما الذي يمكن أن يحدث؟ لقد شاهدت الأسوأ".
-كريستيانو رونالدو:.
يمثل "صاروخ ماديرا" حالة غريبة في عالم كرة القدم فهو على عكس أغلب اللاعبين الذين حينما يتقدم بهم السن يبدأون في التكاسل ربما بحكم تشبعهم بالألقاب أو تراجع حالتهم البدنية، ولكن نجم ريال مدريد الإسباني يتمتع بنهم وشهية كبيرة لتحقيق المزيد واثبات الذات وتحدي كل الظروف عن طريق المثابرة.
ولم تكن طفولة كريستيانو أمرا سعيدا بالمرة حيث اضطر لتحدي الظروف التي تمثلت في ولادته في كنف أسرة فقيرة لأب يعمل بستاني ويعاني من مشاكل مع الخمر وأم تعمل طاهية، هذا بجانب شخصيته الـ"مشاغبة"، التي أدت لفصله من المدرسة في احدى المرات عقب شجار مع معلم.
نجح الـ"دون" في تغيير مسار حياته عن طريق الكرة والتنقل بين سبورتنج لشبونة ومانشستر يونايتد وصولا لريال مدريد الذي أظهر فيه أغلب قدراته الخارقة وحبه للمثابرة وتخطي العقبات وكل التحديات عن طريق النهوض من الكبوات المتتالية وعدم الاستسلام.
لا داعي لذكر كل الأرقام القياسية التي حطمها مع الريال أو التي عادلها أو اقترب من تحطيمها، تكفي فقط الاشارة لكيف شاهد رونالدو غريمه الأرجنتيني ليونيل ميسي نجم برشلونة يتفوق يفوزه بالكرة الذهبية لأربع سنوات متتالية من 2009 وحتى 2025 ، ليعود اللاعب البرتغالي ويتفوق بعدها عامي 2025 و2014.
وكان أي منافس لميسي غير رونالدو بكل مقومات شخصيته الفريدة ليصاب بالاحباط ويتخلى عن مبدأ العمل والمجهود، ولكن اللاعب البرتغالي كان يعلم جيدا ما يجب عليه فعله وهو السعي دائما ليصبح الأفضل.
-سامنثا ستوسور:.
الكثير يعرفونها بنظارتها المميزة التي ترتديها داخل الملعب اضافة إلى ذراعيها المفتولين، اللذين يعجز بعض الرجال عن الوصول إلى ضخامتهما العضلية، حيث رفعت بهما أربعة ألقاب في الجراند سلام (ثلاثة منه في الزوجي) ولكن هذا ليس كل شيء.
كان على ستوسور، المولودة في مدينة جولد كوست الأسترالية، وعائلتها تخطي الصعاب، حيث إن الفيضان دمر منزلها وأعمال الأسرة عندما كانت في السادسة من عمرها، لتنتقل إلى مدينة أديليد حيث بدأت رحلتها في لعبة الأمراء بحصولها على مضرب هدية في أعياد الميلاد عندما كانت في الثامنة.
ورغم أنها بدأت بهدية، فقد واجهت خلال مشوارها صعوبات بالغة، حيث تروي أنها اضطرت للنوم على أرضية إحدى محطات القطارات باليابان لعدم توافر الموارد المالية لبعض اللاعبات المرافقات لها، وكن يجلسن أمام أقسام الشرطة لدرجة أن أحد المارة اشترى لهن عصيرا.
وبعدما تذوقت طعم البطولات الكبرى في منافسات الزوجي بالولايات المتحدة المفتوحة 2005 ورولان جاروس 2006 والبطولة الختامية في العامين، اصطدمت بعثرة مرض غريب يطلق عليه "داء لايم" في 2007 لكنها تجاوزته بقوة مكنتها من التألق في منافسات الفردي، والفوز ببطولة الولايات المتحدة المفتوحة 2025 بعد دخولها قائمة المصنفات العشر الأوليات.
-مارتا فييرا:.
تعد البرازيلية مارتا فييرا الشخص الوحيد في عالم كرة القدم الذي يتفوق على الأرجنتيني ليونيل ميسي حيث يبلغ عدد الكرات الذهبية التي فازت بها خمسة مقابل أربعة للـ"برغوث"، ولكنها لم تصل لهذا الأمر بسهولة، فهي لم تولد في كنف عائلة ثرية وفرت لها مقومات النجاح بل وصلت لما هي فيه عن طريق العمل والمثابرة.
وكانت أول مشكلة تواجه مارتا كونها أنثى تلعب كرة القدم في مجتمع برازيلي ذي طابع ذكوري، خاصة في ظل وجود أربعة أشقاء دائما كانوا يطاردونها أثناء لعبها الكرة في الشارع مع الأولاد، ولكنها دائما ما كانت تهرب منهم وربما يكون هذا السبب في سرعتها الفائقة.
وجذبت موهبة مارتا حينما كانت تلعب لمركز سبورتيفو ألاجوانو الرياضي انتباه نادي فاسكو دي جاما الذي قام بضمها، لتجد مارتا نفسها أمام عقبة جديدة، فالفتيات في باقي الفريق كن مستعدات بشكل كبير من الناحية البدنية، على عكس وضعها فهي لم تحظ أبدا بهذه الفرصة في ظل انفصال والديها واضطرار والدتها للعمل في غسل الملابس لإحدى العائلات الثرية.
تقول مارتا حول هذه الذكريات "بدأت أتدرب بصورة يومية وأعمل بقوة لكي أصبح مستعدة مثلهن حتى أكتسبت المزيد من الثقة"، حيث قادت هذه الثقة المطعمة بالمثابرة المستمرة اللاعبة البرازيلية لحصد العديد من الألقاب الفردية والجماعية واللعب لتسعة أندية أخرها روزنجارد السويدي.
رافائيل نادال:.
يتمتع اللاعب الإسباني بروح قتالية لا غبار عليها عوضته عن حرمانه من الموروث الجيني من المهارات ومكنته أيضا من مجاراة لاعبين بقدرات السويسري روجيه فيدرير بل و التفوق عليهم أحيانا.
ويبدو أن العالم امام هذه الهبة قرر وضع مجموعة من العراقيل في مسيرته، في وقت كان في أمس الحاجة فيه لبعض الحظ، وكأن وجود منافسيه العمالقة في عالم اللعبة البيضاء لا يكفي.
فبخلاف الاصابات المتتالية، انفصل والداه عام 2009، ما أثر عليه سلبا فأسرته هي صف الدعم الأول والأهم بالنسبة لرافا، الذي لم يكد يتجاوز هذه العقبة حتى حل عام 2025.
ومتابعو التنس يعرفون جيدا ما يعنيه هذا العام بالنسبة لنادال، حيث بذل جهدا منقطع النظير، لكنه كان ينتهي أمام صلابة الصربي نوفاك ديوكوفيتش، الذي حرمه من عدة ألقاب بعد منافسات قوية في المباريات النهائية، لم تكلفه فقط ستة ألقاب وانما أيضا اصابة في العام التالي أبعدته عن الملاعب سبعة أشهر.
اصابة بهذا الحجم من شأنها التأثير على مستوى أي رياضي، ولكن ليس ممن تجري في عروقهم فصيلة "م"، فقد اكتسح منافسيه، بمن فيهم ديوكوفيتش، قبل أن يعاود السقوط مجددا في شباك الاصابات خلال الموسم الماضي، لكنه قطع أولى خطواته هذا الموسم. في بطولة أستراليا بقوة استمدها من المجهود المستمر والمثابرة.
-برنارد هوبكنز:.
يعد الملاكم الأمريكي الأسمر برنارد هوبكنز نموذجا حيا على التطور والروح العالية، فهو لا يزال متواجدا في الحلبة على الرغم من أن عمره في الوقت الحالي 49 عاما.
قصة هوبكنز لا تتعلق بالمثابرة فقط بل بالتفوق على الذات وعكس معطيات الحياة بزاوية 180 درجة، حيث كانت بداية حياته ترتبط بالجريمة التي دخل عالمها وهو في سن الثالثة عشر قبل أن يتعرض للسجن بعدها بخمسة أعوام بعد أن حكم عليه بالسجن 18 عاما، قضى فقط خمسة منها خلف القضبان.
واتجه البطل الأسمر لعالم الملاكمة عقب خروجه من السجن بعد أن شهد داخله مقتل أحد رفقاءه بسبب شجار على علبة سجائر، حيث وجد فيها ما يحبه ويمكنه تفريغ طاقته بصورة ايجابية.
وشارك هوبكنز طوال مسيرته في 66 نزالا فاز بـ55 منها (32 بالضربة القاضية) مقابل سبعة هزائم فقط وتعادلين، حيث لم يعلن حتى الآن اعتزاله.
ويعد فوز الملاكم الأسمر على الألماني كارو مورات، الذي يصغره بنحو 18 عاما العام قبل الماضي في المباراة التي تسبب فيها بجرح للاعب الشاب أكبر دليل على حبه للمثابرة ورفضه للاستسلام بل وحتى تقدم السن، ثم تكرر هذا الأمر العام الماضي أيضا حينما واجه الكازاخي بيبوت شومينوف (31 عاما).
وفي هذه المواجهة تمكن هوبكنز من الفوز على شومينوف ليصبح أكبر مصارع في التاريخ ينجح في توحيد لقبي اتحادي (إل بي إف) و(إي بي إيه) لوزن الخفيف الثقيل.