يبدو أن فلورنتينو بيريز رئيس نادي ريال مدريد الإسباني قد تعلم جيدا من أخطاء الماضي حين أهدر الكثير من الأموال في صفقات فاشلة لم يستفد منها الفريق الملكي فنيا، ليصبح أكثر دهاء في الآونة الأخيرة بتحقيق المعادلة الصعبة، المتمثلة في الربح المادي والاستفادة الفنية.
وباتت فكرة التربح في ذهن فلورنتينو تحلق أبعد بكثير من مجرد عائدات بيع القمصان الرياضية للنجوم الجدد كما يظن معظم جمهور اللعبة.
كواليس صفقة الكولومبي جيمس رودريجز الصيف الماضي حملت الكثير من الانتقادات ضد بيريز في البداية، لتخمة النجوم في مركزه، ولتفريطه في عمودين أساسيين مثل شابي ألونسو والأرجنتيني أنخيل دي ماريا مقابل استقدام هداف مونديال البرازيل بمبلغ ضخم.
لكن بمرور الأيام تبين عدم تأثر الفريق كثيرا برحيل الثنائي، فضلا عن تقديم جيمس لأداء مقنع نسبيا وتسجيله وصناعته للأهداف رغم أنه يلعب في مركز مختلف، يحد من مغامراته الهجومية.
والأهم من ذلك أن فلورنتينو عوض سريعا قيمة صفقة جيمس، المقدرة بـ80 مليون يورو، بأكثر من عشرة أضعاف هذا المبلغ، من خلال مشروعاته الاستثمارية في كولومبيا عبر شركة (إيه سي إس) للبناء التي يمتلكها، حيث ستمد خزائنه بنحو 820 مليون يورو على مدار ربع قرن.
إذا ما الجديد لدى الداهية بيريز؟
تعاقد النادي الملكي مؤخرا مع اللاعب النرويجي الصاعد مارتن أوديجارد (16 عاما)، الذي يوصف كأفضل موهبة أوروبية في الوقت الحالي، ويتنبأ له كثيرون بأن يسير على نهج كريستيانو وليونيل ميسي خلال وقت قريب.
تمت الصفقة مقابل 2 مليون يورو لناديه السابق سترومسجودست، وراتب 5 ملايين يورو سنويا، مع توفير وظيفة لوالده في التدريب بقطاعات الناشئين.
لكن إصرار رئيس الميرينجي على جذب أوديجارد لم يمثل انتصارا فقط على أندية كثيرة سعت ورائه مثل برشلونة وبايرن ميونيخ وليفربول وأرسنال ومانشستر سيتي، بل فتح له الباب على مصراعيه للاستثمار في النرويج وجذب المزيد من الأموال لشركته ولنفسه، وبالتالي للنادي.
وبالفعل تزامنت صفقة أوديجارد مع اعلان شركة فلورنتينو توقيع عقود مع الحكومة النرويجية لتنفيذ مشاريع عملاقة لتشييد خط سكك حديدية للقطارات فائقة السرعة خلال الأشهر المقبلة، بميزانية ثلاثة مليارات و100 مليون يورو.
وارتفعت شعبية النادي بطل أوروبا 10 مرات في النرويج بعد التعاقد مع أوديجارد، الذي تملك عائلته صلة قرابة بالعائلة الملكية في البلد الاسكندنافي، مما يسهّل لبيريز فتح سوق للاستثمار بها، بحسب ما أكدته صحيفة (كونفيدنسيال) الإسبانية.
وفازت شركة بيريز بحقوق تنفيذ المشروع رغم وجود منافسة مع شركات كبيرة لبناء مسار السكة الحديدية بين مقاطعتي أوسلو و سكي على مسافة 22.5 كيلو متر، ومنها شركتين إيطاليتين وشركة ألمانية-نرويجية.
وبخلاف استثماراته في النرويج وقبلها في كولومبيا، استفاد بيريز ايضا من صفقة المعار خافيير تشيتشاريتو ليقوم بمشاريع معمارية في مسقط رأسه بالمكسيك منذ الصيف الماضي، رغم ندرة مشاركاته مع فريق المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي.