كيف نجح البنك المركزى فى القضاء على السوق السوداء للعملة؟.. ثقة المستثمرين وتوفير النقد الأجنبى ودعم الصادرات أهداف حققها لضبط سوق الصرف.. توفير الدولار ضرورة لتلبية احتياجات لشراء السلع الاستراتيجية
بنهاية شهر ديسمبر 2025، وقبل أيام قليلة من ترك الدكتور فاروق العقدة، محافظ البنك المركزى المصرى السابق، لمهام منصبه، كانت نهاية آلية الإنتربنك الدولارى – بيع البنك المركزى المصرى للدولار للبنوك لضخها فى السوق – وتدشين آلية جديدة هى عطاءات العملة الصعبة 3 مرات يوميًا، وشهدت بالتوازى تحريكًا تدريجيًا للعملة المحلية أمام الدولار، لتستقر فيما بعد عند 715 قرشًا أمام الدولار لفترة امتدت لنحو عامين. المواد الغذائية والمواد الخام والأدوية ويوم الأحد الماضى باع البنك المركزى المصرى، نحو 420 مليون دولار عبر آلية الإنتربنك الدولارى - بيع العملة للبنوك - لبنوك عاملة فى السوق وهى الخطوة التى استهدفت تغطية كل الطلبات المعلقة لدى البنوك، والخاصة بالمواد الغذائية والمواد الخام والأدوية، والتى لا تكفيها العطاءات الدورية الـ4 التى ينفذها البنك المركزى أسبوعيًا. وتعد الأهداف التى دفعت البنك المركزى المصرى إلى تخفيض سعر الجنيه المصرى، فى أساسها لاستهداف القضاء على السوق السوداء للعملة التى ظهرت قبل نحو عامين فى عهد محافظ البنك المركزى المصرى السابق فاروق العقدة، والذى دشن آلية لضخ الدولار للسوق عن طريق عطاءات دورية لـ3 مرات أسبوعيًا زادت إلى 4 مرات مؤخرًا، ولكن السؤال كيف نجح البنك المركزى المصرى فى إنهاء تعاملات السوق السوداء للعملة؟.. وما هى انعكاسات ذلك على المشهد الاقتصادى؟ البنك المركزى المصرى عدة إجراءات فنية اتخذها البنك المركزى المصرى، بدأت بوضع حد أقصى للإيداع النقدى «كاش» بالدولار الأمريكى بحد أقصى 10 آلاف دولار يوميا من الأفراد والشركات، وإجمالى إيداعات شهرية بحد أقصى 50 ألف دولار «كاش» بالبنوك العاملة بالسوق المصرية، أتاحت القضاء نهائيًا على تعاملات السوق السوداء فى اليوم التالى لتنفيذ هذا القرار، مع إتاحة البنك المركزى المصرى لشركات الصرافة بارتفاع لهامش الربح بنحو 5 قروش كاملة فوق السعر الرسمى، الذى يستقر على مدار نحو 30 يومًا عند 763 قرشًا، أعقبها قرار البنك المركزى بطرح 420 مليون دولار للبنوك عبر آلية الإنتربنك الدولارى. والحركة التصحيحية للجنيه المصرى أمام سلة العملات الرئيسية الأخرى كانت ضرورية لضبط سوق الصرف فى ظل انخفاض أسعار البترول عالميًا، الذى أتاح للبنك المركزى المصرى هامشًا كبيرًا للتحرك فى سوق الصرف، فى ظل قياس أداء الجنيه أمام 5 عملات رئيسية خلال الـ6 أشهر الماضية والذى أظهر ارتفاعًا بنسب تتراوح بين 4.5% إلى 11%. وارتفع الجنيه المصرى أمام الريال البرازيلى بنسبة 11% وأمام اليورو بنسبة 9.7% وأمام الين اليابانى بنسبة 6.8% وأمام الليرة التركية بنسبة 5.5% وأمام الجنيه الاسترلينى بنسبة 4.5% فى حين تراجع أمام الدولار الأمريكى بنسبة 6.7%. أهم مؤتمر اقتصادى يعقد فى تاريخ مصر 8 أيام تفصلنا عن أهم مؤتمر اقتصادى يعقد فى تاريخ مصر والمعروف رسميًا بمؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصرى، الذى تستضيفه مدينة شرم الشيخ، ويعقد تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى، بحضور أكثر من 3000 شخصية دولية تمثل كل أطياف قطاعات الاقتصاد، وفئة المستثمرين هى المستهدفة من مشروعات القمة الأهم، والمستثمر عندما يقدم على الدخول باستثماراته فى سوق أجرى عليها العديد من الدراسات، تكون لديه تحفظات نحو الأسواق التى بها سعرين للعملة، وبالتالى، فإن توقيت القضاء على السوق السوداء للعملة قبل المؤتمر الاقتصادى يدعم ثقة المستثمرين فى إجراءات ضبط سوق الصرف، مما يشجع على تدفقات نقدية جديدة لشرايين الاقتصاد المصرى. ودائمًا ما يؤكد البنك المركزى المصرى على التزامه بتوفير الدولار لتلبية السلع الأساسية والاستراتيجية كالمواد الغذائية والأدوية والمواد الخام التى تدخل فى الصناعية وغيرها، واحتياجات هيئة السلع التموينية، وهو ما دفعه لتدشين آلية العطاءات الدولارية، التى تعمل على توفير الدولار للبنوك، وهى سياسة تستهدف ترشيد استخدمات العملة الصعبة مع تراجع مواردها الأساسية وهى قطاعات السياحة والاستثمارات والصادرات، وتتمثل فى طرح 4 عطاءات دولارية أسبوعيًا بنحو 160 مليون دولار، وإجمالى نحو 500 مليون دولار شهريًا للبنوك العاملة فى السوق المحلية. وفى إطار حزمة الإجراءات الخاصة بسوق الصرف كانت تأكيدات المجموعة الوزارية الاقتصادية على عدم تحصيل قيمة أى خدمة أو سلعة، داخل جمهورية مصر العربية، بغير الجنيه المصرى، طبقا للمادة 111 من قانون البنوك رقم 88، والتى تنص على ما يلى: «يكون التعامل داخل جمهورية مصر العربية شراء وبيعًا فى مجال السلع والخدمات بالجنيه المصرى، وفقًا للقواعد التى تحددها اللائحة التنفيذية، ما لم يُنص على خلاف ذلك فى اتفاقية دولية أو فى قانون آخر»، مشددًا على أنه سيتم تطبيق الجزاءات الواردة على أى مخالف، وهو القرار الذى يستهدف فى الأساس تخفيف الضغط على الدولار والطلب عليه، مما يسهم فى دعم الإجراءات التصحيحية لسوق الصرف. وتشمل قائمة السلع الأساسية والتموينية التى لها الأولية فى تدبير العملة الصعبة لاستيرادها، الشاى واللحوم والدواجن والأسماك والقمح والزيت واللبن – بودرة - ولبن أطفال والفول والعدس والزبدة، والذرة والآلات ومعدات الإنتاج وقطع الغيار، والسلع الوسيطة ومستلزمات الإنتاج والخامات، والأدوية والأمصال والكيماويات. وأتاحت الإجراءات الأخيرة فى سوق الصرف، زيادة الحصيلة الدولارية من تنازلات العملاء من العملة الصعبة للبنوك العاملة فى السوق بنسبة تراوحت بين 50 إلى 75% وهو ما يدعم أرصدة البنوك من العملة الصعبة فى ظل أنه خلال 10 أيام فقط زادت الحصيلة بنحو 1.5 مليار دولار فوق المعدل المعتاد فى الأيام العادية، وصلت فى بعض البنوك لنحو 18 مليون دولار يوميًا معدل تنازلات وحصيلة دولارية بعد قرارات البنك المركزى المصرى الأخيرة، التى يؤكد هشام رامز أنها مستمرة ومفاجئة خلال الفترة المقبلة. ميزات عدة يتيحها خفض سعر الجنيه المصرى فى هذا التوقيت بالغ الأهمية قبل القمة الاقتصادية، المقرر عقدها بمدينة شرم الشيخ الأسبوع المقبل، أهمها القضاء نهائيًا على تعاملات السوق الموازية، وهو حافز لتدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر، ويتمثل الهدف الآخر فى العمل على زيادة الصادرات المصرية وزيادة تدفقات السياحة الأجنبية لمصر، والذى من شأنه أن يعمل على زيادة موارد مصر من العملة الصعبة والتى تدعم الاحتياطى من النقد الأجنبى لمصر. وتعد الاعتمادات المستندية وخطابات الضمان الخاصة بهيئة السلع التموينية لها أولوية قصوى لدى البنك المركزى وبنك مصر الذى يصدر خطابات الضمان لهذا الغرض. وعودة الإنتربنك الدولارى للعمل بكامل طاقته أصبح وشيكًا مع التدفقات الاستثمارية المتوقعة التى تستهدفها الحكومة المصرية من مؤتمر شرم الشيخ، والتى تصل إلى عدة مليارات من الدولارات، وهو ما يؤكد أن المؤشرات الاقتصادية فى طريقها للتحسن الكبير خلال الفترة المقبلة فى ظل إجراءات إصلاحية وتشريعية تعكف عليها الحكومة حاليًا. وساهمت المساعدات المالية والبترولية والمنح والودائع من 3 دول خليجية هى المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والكويت، بعد 30 يونيو 2025 على تدبير جزء كبير من احتياجات مصر من العملة الصعبة خلال الفترة الماضية، مما عمل على تخفيض الضغط على أرصدة الاحتياطى الأجنبى لمصر خلال الـ18 شهرًا الماضية، وصلت فى تقدير أشرف سالمان، وزير الاستثمار إلى نحو 23 مليار دولار. موضوعات متعلقة: رئيس بنك التنمية الصناعية: تحصيل الخدمات بالجنيه يخفف الضغط على الدولار..السيد القصير: يعيد للعملة احترامها.. والمناطق الحرة والشركات الأجنبية مستثناة