الخبير العالمى محمد العريان يحدد 4 تحولات حاسمة للتغلب على الركود الاقتصادى.. تحسين تنفيذ السياسات والابتعاد عن نمو تقوده الدولة وإعادة هيكلة المؤسسات المحلية وتوسيع دائرة الدعم الخارجى
قال محمد العريان، الخبير الاقتصادى العالمى، إن الحكومة المصرية تحاول تصحيح التصور بأن الكثير من الأخبار السيئة تأتى من الشرق الأوسط من خلال دعوة مجموعة من المسئولين رفيعى المستوى من القطاعين العام والخاص لمؤتمر التنمية الاقتصادى، المقرر إقامته فى شرم الشيخ فى الثالث عشر من مارس الجارى، ومن المؤكد أن المناقشات ستسلط الضوء على الأحياء المستمر لواحد من أكبر الاقتصاديات فى المنطقة.
الأرقام فى مصر مشجعة
وأوضح العريان فى مقال له على شبكة بلومبرج الأمريكية، أن الأرقام مشجعة، فقد بدأ الاقتصاد ينتعش وارتفع معدل النمو لأكثر من 5% فى النصف الأول من العام المالى الحالى، كما أن هناك تعافيا تدريجيا فى الاستثمارات المحلية والأجنبية، وبدأت السياحة تعود ببطء. وهناك خطة لخفض عجز الميزانية بنسبة 10.5 % من التاتج المحلى فى ميزانية 2025- 2025، بعد أن كانت 12.5% العام المقبل، ومن أجل أن تصل إلى 8% فى العام المالى 2025-2017، فضلا عن ذلك، فقد تم تخفيف الضغوط على العملة غير المنضبطة، مما يسمح للبنك المركزى بخفض معدل الفائدة. وقد ساهم كل ذلك فى التقييم الذى أصدره صندوق النقد الدولى مؤخرا، والذى قال إن الإجراءات التى تم تنفيذها حتى الآن، مع بعض استعادة الثقة بدأت تؤتى ثمارها.
الهدف استغلال الإمكانات الكبيرة فى مصر
وتابع العريان قائلا، إنه بقدر أهمية هذه المؤشرات، فإن آثارها تتضاءل مقارنة بالنطاق الناشئ للسياسة الاقتصادية الشاملة لمصر، فالهدف ليس فقط إرساء استقرار الاقتصاد ولكن أيضا إطلاق الإمكانات الكبيرة غير المستغلة فى البلاد.
فبرغم أن مصر لديها أصول بشرية ومادية كبيرة، إلا أن تلك الإمكانات تراجعت مرارا وتكرارا بسبب العوامل السياسية والجمود البيروقراطى، ومنها تخفيف الرخاء الذى يستحقه أجبال المصريين فى الماضى والحاضر ويتوقعونه الآن. ولأجل تحقيق تلك الغاية، فإن الإجراءات الفورية لتحقيق استقرار الاقتصاد تصحبها ثلاث ركائز تعزيز بعضها البعض من أجل إصلاح اقتصادى دائم.
ثلاث ركائز لاستقرار الاقتصاد
أول هذه الركائز يتمثل فى تعزيز النمو الفعلى والمحتمل وتوفير فرص العمل بما فى ذلك قانون جديد للاستثمار للحد من أوجه القصور وزيادة حماية الاستثمار وتقديم حوافز مستهدفة، وإصلاح الدعم من أجل دعما مستهدف للقطاعات الأكثر ضعفا فى المجتمع، والأمر الثانى يتحدد فى تشجيع البرامج التى تركز على قطاعات محددة بالتأكيد على مجالات اقتصادية واجتماعية هامة مثل التعليم والصحة والإسكان والطاقة والبنية التحتية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
الأمر الثالث هو خلق إطار للاقتصاد الكلى الذى يستهدف تحقيق النمو الشامل المستدام ويتم مشاركة فوائده مع الشعب على نطاق واسع، مع تأكيد خاص على حماية القطاعات الضعيفة.
ضرورة الشمول السياسى الاقتصادى والاجتماعى
وشدد العريان على أن تلك السياسة الشاملة التى كانت غائبة فى تاريخ مصر الحديث هامة من أجل تحقيق الرفاهية الاقتصادية على المدى الأبعد، كما أن هناك شرطا ضروريا وإن لم يكن كافيا، بأن تكون الدولة أكثر شمولا من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وهذه المرة تستفيد مصر أيضا من الدعم الكبير من شركائها، ولاسيما السعودية والإمارات والكويت.
ويمضى العريان قائلا إن السلطات المصرية ليست وحدها فى جهودها لإصلاح السياسة الاقتصادية لضمان نتائج أكبر، وليسوا وحدهم الذين عرفوا أن النجاح يعنى القيام بالأمر بشكل أفضل وبطريقة مختلفة، وليسوا وحدهم الساعين إلى وضع تأكيد أكبر على التواصل مع الشباب، وهو عنصر فى غاية الأهمية لأى نهج شامل للإصلاح ويمثل ضرورة قصوى.
الجهات المانحة تكيف نهجها
وتكيف الجهات المانحة نهجها. فالإمارات على وجه الخصوص تبنت نهجا مبتكرا على الأرض فى المناطق الحضرية والريفية. ويقدم هذا النموذج المساعدة المالية والفنية بمشاركة وثيقة مع الحكومة المصرية ورجال الأعمال فى مشروعات لبناء مدارس ومستشفيات وتوفير وسائل النقل العام وتحسين خدمات الصرف الصحى وبناء الطرق.
ونظرا لتلك التطورات الواعدة، فإن أربعة تحولات على الأقل ستكون هامة لنجاح مصر فى بناء اقتصاد أكثر ازدهارا.
أربعة تحولات هامة لبناء اقتصاد أكثر ازدهارا
أولها تحسين تنفيذ السياسات لضمان أن تصميم البرامج يشمل تنفيذ يقوم بالتعديل فى الوقت المناسب، وفقا للتطورات التى تحدث فى اقتصاد عالمى متقلب بشكل مستمر. وثانيها إبعاد التنمية الاقتصادية عن الاعتماد على النمو الذى تقوده الدولة، ونحو نموذج أكثر شمولا يكمل مشروعات وطنية عامة مع وجود شراكات بين القطاعين العام والخاص، وثالثا إعادة هيكلة المؤسسات المحلية لكى تكون أكثر كفاءة وشفافية ومساءلة وشمولا، وأن تلبى احتياجات كل الشعب المصرى وليست قلة تحظى بامتيازات.
ورابعا، توسيع الدعم الخارجى للإصلاحات الداخلية التى تقوم بها مصر من شركاء قليلين إلى مجموعة أكبر من المانحين بما فى ذلك مؤسسات إقليمية ومتعددة الأطراف.
وشدد العريان على أن تلك التحولات حاسمة لو أرادت مصر أن تتغلب على عقود من سوء الأداء الاقتصادى المزمن، والحد من التعرض لتقلبات الاقتصاد العالم المضطرب.
وخلص ختاما إلى القول بأن الفوائد المترتبة على التحول الاقتصادى المصرى الناجح سيكون له تأثيرات جانبية ملحوظة تمتد إلى ما وراء حدود البلاد، لأن مصر التى تحقق النمو ستشكل جزءا لا يتجزأ من شرق أوسط أكثر أمنا واستقرارا.
اليوم السابع