الســــلام عليكـم
قال الله تعالى:
(وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)(الحشر : 7 )
سئل الشيخ عطيه صقر عن الاحتفال بهذا اليوم فقال
لا شك أن التمتع بمباهج الحياة من أكل وشرب وتنزه أمر مباح؛ ما دام في الإطار المشروع، الذي لا ترتكب فيه معصية ولا تنتهك حرمة ولا ينبعث من عقيدة فاسدة.
قال تعالي : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (المائدة : 87 )
وقال تعالى ((قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (الأعراف : 32 )
لكن هل للتزين والتمتع بالطيبات يوم معين أو موسم خاص لا يوجد في غيره ؟ !
وهل لا يتحقق ذلك إلا بنوع معين من المأكولات والمشروبات أو بظواهر خاصة ؟ هذا ما نحب أن نلفت الأنظار إليه.
إن الإسلام يريد من المسلم أن يكون في تصرفه على وعي صحيح وبُعد نظر ، ولا يندفع مع التيار فيسير حيث يسير ، ويميل حيث يميل ، بل لابد أن تكون له شخصية مستقلة فاهمة ، حريصة على الخير بعيدة عن الشر والانزلاق إليه وعن التقليد الأعمى.
لا ينبغي أن يكون كما قال الحديث (إمّعة) : يقول : إن أحسن الناس أحسنت ، وإن أساءوا أسأت ، ولكن يجب أن يوطن نفسه على أن يحسن إن أحسنوا ، وأن لا يسئ إذا أساءوا ، وذلك حفاظاً على كرامته واستقلال شخصيته ، وغير مبالٍ بما يوجّه إليه من نقد أو استهزاء، والنبي نهانا عن التقليد الذي بهذا النوع فقال : (( لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع ، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه ))رواه البخاري ومسلم .
فلماذا نحرص على شم النسيم في هذا اليوم بعينه والنسيم موجود في كل يوم ؟! إنه لا يعد أن يكون يوماً عادياً من أيام الله حكمه كحكم سائرها ، بل إن فيه شائبة تحمل على اليقظة والتبصر والحذر وهي ارتباطه بعقائد لا يقرها الدين حيث كان الزعم أن المسيح قام من قبره وشم نسيم الحياة بعد الموت . قال تعالى ((وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ)) (النساء: 157 )
ولماذا نحرص على طعام بعينه في هذا اليوم وقد رأينا ارتباطه بخرافات أو عقائد غير صحيحة
مع أن الحلال كثير وهو موجود في كل وقت، وقد يكون في هذا اليوم أردأ منه في غيره أو أغلى ثمناً !
إن هذا الحرص يبرر لنا أن ننصح بعدم المشاركة فى الاحتفال به مع مراعاة أن المجاملة على حساب الدين والخلق والكرامة ممنوعة لا يقرها دين ولا عقل سليم .
والنبي يقول: ( من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤونة الناس ، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكّله الله إلى الناس )) . رواه الترمذي ، ورواه بمعناه ابن حبان فى صحيحه .
وقال الحافظ الذهبي – رحمه الله – فى كتابه ( تشبيه الخسيس بأهل الخميس ):
1-" وأي منكر أعظم من مشاركتهم في أعيادهم ومواسمهم، ويصنع كما يصنعون من..... وصبغ البيض ، و الخروج إلي شطوط الأنهار . "
2-" فكيف سوغ لمسلم إظهار شعائرهم من صباغ البيض "
3-" وشراء البيض وصبغه فى هذا اليوم مذموم "
4-" فكيف تطيب نفسك بالتشبه بهم ...... وتصبغ لصغارك البيض "
5-" صبغ البيض باطل "
قال ابن الجوزي:
1-" يُجمع الناس كلهم في صعيد (أي يوم القيامة) وينقسمون إلى شقي وسعيد، فقوم قد حلّ بهم الوعيد وقوم قيامتهم نزهة وعيد، وكل عامل يغترف من مشربه"
2-" كأن القلوب ليست منا ، و كأن الحديث يُعنى به غيرنا ، كم من وعيد يخرق الآذان كأنما يُعنى به سوانا أصمّنا الإهمال بل أعمانا "
3-" كيف يفرح بالدنيا من يومه يهدم شهره، و شهره يهدم سنته، و سنته تهدم عمره، كيف يلهو من يقوده عمره إلى اجله، وحياته على موته"
4-" يا له من يوم لا كالأيام ، تيقظ فيه من غفل ونام ، ويحزن كل من فرح بالآثام ، وتيقن أن أحلى ما كان فيه أحلام ، وا عجباً لضحك نفس البكاء أولى بها ".
شم النسيم اصله ونشأته
***- ***- ***- ***-
شم النسيم هو واحد من أعياد مصر الفرعونية، وترجع بداية الاحتفال به إلى ما يقرب من خمسة آلاف عام، أي نحو عام (2700 ق.م)، وبالتحديد إلى أواخر الأسرة الثالثة الفرعونية ويحتفل به الشعب المصري حتي الآن.
وإن كان بعض المؤرخين يرون أن بداية الاحتفال به ترجع إلى عصر ما قبل الأسرات، ويعتقدون أن الاحتفال بهذا العيد كان معروفًا في مدينة هليوبوليس "أون". وترجع تسمية "شم النسيم" بهذا الاسم إلى الكلمة الفرعونية "شمو"، وهي كلمة مصرية قديمة لها صورتان:وهو عيد يرمز – عند قدماء المصريين – إلى بعث الحياة، وكان المصريون القدماء يعتقدون أن ذلك اليوم هو أول الزمان، أو بدأ خلق العالم كما كانوا يتصورون.
وقد تعرَّض الاسم للتحريف على مرِّ العصور، وأضيفت إليه كلمة "النسيم" لارتباط هذا الفصل باعتدال الجو، وطيب النسيم، وما يصاحب الاحتفال بذلك العيد من الخروج إلى الحدائق والمتنزهات والاستمتاع بجمال الطبيعة.
وكان قدماء المصريين يحتفلون بذلك اليوم في احتفال رسمي كبير فيما يعرف بالانقلاب الربيعي، وهو اليوم الذي يتساوى فيه الليل والنهار، وقت حلول الشمس في برج الحمل. فكانوا يجتمعون أمام الواجهة الشمالية للهرم – قبل الغروب –؛ ليشهدوا غروب الشمس، فيظهر قرص الشمس وهو يميل نحو الغروب مقتربًا تدريجيًّا من قمة الهرم، حتى يبدو للناظرين وكأنه يجلس فوق قمة الهرم.
وفي تلك اللحظة يحدث شيء عجيب، حيث تخترق أشعة الشمس قمة الهرم، فتبدو واجهة الهرم أمام أعين المشاهدين وقد انشطرت إلى قسمين.
ولقد اهتم المصريون منذ القدم بعيد شم النسيم اهتمام خاص جدا حتى التاريخ المعاصر.