سورة الصف الآيات 7،8
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (7) يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8)
شرح الكلمات:
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
{ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب}: أي لا أحد أعظم ظلماً ممن يكذب عل الله فينسب إليه الولد والشريك، والقول والحكم وهو تعالى بريء من ذلك.
{وهو يدعى إلى الإِسلام}: أي والحال أن هذا الذي يفترى الكذب على الله يدعى إلى الإِسلام الذي هو الاستسلام والانقياد لحكم الله وشرعه.
{والله لا يهدى القوم الظالمين}: أي من ظَلم ثم ظلم وواصل الظلم يصبح الظلم طبعاً له فلا يصبح قابلاً للهداية فيحرمها حسب سنة الله تعالى في ذلك.
{ليطفئوا نور الله بأفواههم}: أي يريد المشركون بكذبهم على الله وتشويه الدعوة الإِسلامية، ومحاربتهم لأهلها يريدون إطفاء نور الله القرآن وما يحويه من نور وهداية بأفواههم وهذا محال فإنّ إطفاء نور الشمس أو القمر أيسر من إطفاء رنور لا يريد الله إطفاءه.
الجزائرى
معنى الآيات
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
( 7 ) ولا أحد أشد ظلمًا وعدوانًا ممن اختلق على الله الكذب، وجعل له شركاء في عبادته، وهو يُدعى إلى الدخول في الإسلام وإخلاص العبادة لله وحده. والله لا يوفِّق الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والشرك، إلى ما فيه فلاحهم.
( 8 ) يريد هؤلاء الظالمون أن يبطلوا الحق الذي بُعِثَ به محمد صلى الله عليه وسلم- وهو القرآن- بأقوالهم الكاذبة، والله مظهر الحق بإتمام دينه ولو كره الجاحدون المكذِّبون. التفسير الميسر
فى ظلال الآيات
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
0 فشل الأعداء في ضرب الإسلام ووعد الله بظهوره ونصره
ويبدو أن الآيات التالية في السورة جاءت على الأكثر بصدد استقبال بني إسرائيل - اليهود والنصارى - للنبي الذي بشرت به كتبهم . والتنديد بهذا الاستقبال , وكيدهم للدين الجديد الذي قدر الله أن يظهره على الدين كله , وأن يكون هو الدين الأخير !
0 فلما جاءهم بالبينات قالوا:هذا سحر مبين .....الآيات.
0 ولقد وقف بنو إسرائيل في وجه الدين الجديد وقفة العداء والكيد والتضليل , وحاربوه بشتى الوسائل والطرق حربا شعواء لم تضع أوزارها حتى اليوم .
0 حاربوه بالاتهام: (فلما جاءهم بالبينات قالوا:هذا سحر مبين). . كما قال الذين لا يعرفون الكتب ولا يعرفون البشارة بالدين الجديد . وحاربوه بالدس والوقيعة داخل المعسكر الإسلامي , للإيقاع بين المهاجرين والأنصار في المدينة , وبين الأوس والخزرج من الأنصار . وحاربوه بالتآمر مع المنافقين تارة ومع المشركين تارة . وحاربوه بالانضمام إلى معسكرات المهاجمين كما وقع في غزوة الأحزاب .
0 وحاربوه بالإشاعات الباطلة كما جرى في حديث الإفك على يد عبدالله بن أبي بن سلول , ثم ما جرى في فتنة عثمان على يد عدو الله عبدالله بن سبأ .
0 وحاربوه بالأكاذيب والإسرائيليات التي دسوها في الحديث وفي السيرة وفي التفسير - حين عجزوا عن الوضع والكذب في القرآن الكريم .
0 ولم تضع الحرب أوزارها لحظة واحدة حتى اللحظة الحاضرة . فقد دأبت الصهيونية العالمية والصليبية العالمية على الكيد للإسلام , وظلتا تغيران عليه أو تؤلبان عليه في غير وناة ولا هدنة في جيل من الأجيال .
0 حاربوه في الحروب الصليبية في المشرق , وحاربوه في الأندلس في المغرب , وحاربوه في الوسط في دولة الخلافة الأخيرة حربا شعواء حتى مزقوها وقسموا تركة ما كانوا يسمونه "الرجل المريض" . . واحتاجوا أن يخلقوا أبطالا مزيفين في أرض الإسلام يعملون لهم في تنفيذ أحقادهم ومكايدهم ضد الإسلام . فلما أرادوا تحطيم "الخلافة " والإجهاز على آخر مظهر من مظاهر الحكم الإسلامي صنعوا في تركيا "بطلا" ! . . ونفخوا فيه . وتراجعت جيوش الحلفاء التي كانت تحتل الأستانة أمامه لتحقق منه بطلا في أعين مواطنيه . بطلا يستطيع إلغاء الخلافة , وإلغاء اللغة العربية وفصل تركيا عن المسلمين , وإعلانها دولة مدنية لا علاقة
لها بالدين ! وهم يكررون صنع هذه البطولات المزيفة كلما أرادوا أن يضربوا الإسلام والحركات الإسلامية في بلد من بلاد المسلمين , ليقيموا مكانه عصبية غير عصبية الدين ! وراية غير راية الدين .
(يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم . والله متم نوره ولو كره الكافرون). .
وهذا النص القرآني يعبر عن حقيقة , ويرسم في الوقت ذاته صورة تدعو إلى الرثاء والاستهزاء ! فهي حقيقة أنهم كانوا يقولون بأفواههم: (هذا سحر مبين). . ويدسون ويكيدون محاولين القضاء على الدين الجديد . وهي صورة بائسة لهم وهم يحاولون إطفاء نور الله بنفخة من أفواههم وهم هم الضعاف المهازيل !
(والله متم نوره ولو كره الكافرون). . وصدق وعد الله . أتم نوره في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم.فأقام الجماعة الإسلامية صورة حية واقعة من المنهج الإلهي المختار .
0 صورة ذات معالم واضحة وحدود مرسومة , تترسمها الأجيال لا نظرية في بطون الكتب , ولكن حقيقة في عالم الواقع . وأتم نوره فأكمل للمسلمين دينهم وأتم عليهم نعمته ورضي لهم الإسلام دينا يحبونه , ويجاهدون في سبيله , ويرضى أحدهم أن يلقى في النار ولا يعود إلى الكفر . فتمت حقيقة الدين في القلوب وفي الأرض سواء .
0 وما تزال هذه الحقيقة تنبعث بين الحين والحين . وتنبض وتنتفض قائمة - على الرغم من كل ما جرد على الإسلام والمسلمين من حرب وكيد وتنكيل وتشريد وبطش شديد . لأن نور الله لا يمكن أن تطفئه الأفواه , ولا أن تطمسه كذلك النار والحديد , في أيدي العبيد ! وإن خيل للطغاة الجبارين , وللأبطال المصنوعين على أعين الصليبيين واليهود أنهم بالغو هذا الهدف البعيد !
لقد جرى قدر الله أن يظهر هذا الدين , فكان من الحتم أن يكون:
(هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله , ولو كره المشركون). .
0 وشهادة الله لهذا الدين بأنه (الهدى ودين الحق)هي الشهادة . وهي كلمة الفصل التي ليس بعدها زيادة . ولقد تمت إرادة الله فظهر هذا الدين على الدين كله . ظهر في ذاته كدين , فما يثبت له دين آخر في حقيقته وفي طبيعته . فأما الديانات الوثنية فليست في شيء في هذا المجال . وأما الديانات الكتابية فهذا الدين خاتمتها , وهو الصورة الأخيرة الكاملة الشاملة منها , فهو هي , في الصورة العليا الصالحة إلى نهاية الزمان .
0 ولقد حرفت تلك الديانات وشوهت ومزقت وزيد عليها ما ليس منها , ونقصت من أطرافها , وانتهت لحال لا تصلح معه لشيء من قيادة الحياة . وحتى لو بقيت من غير تحريف ولا تشويه فهي نسخة سابقة لم تشمل كل مطالب الحياة المتجددة أبدا , لأنها جاءت في تقدير الله لأمد محدود .
فهذا تحقيق وعد الله من ناحية طبيعة الدين وحقيقته . فأما من ناحية واقع الحياة , فقد صدق وعد الله مرة ,
0 فظهر هذا الدين قوة وحقيقة ونظام حكم على الدين كله فدانت له معظم الرقعة المعمورة في الأرض في مدى قرن من الزمان . ثم زحف زحفا سلميا بعد ذلك إلى قلب آسيا وأفريقية , حتى دخل فيه بالدعوة المجردة خمسة أضعاف من دخلوا في إبان الحركات الجهادية الأولى . .
0 0 وما يزال يمتد بنفسه دون دولة واحدة - منذ أن قضت الصهيونية العالمية والصليبية العالمية على الخلافة الأخيرة في تركيا على يدي "البطل" الذي صنعوه ! - وعلى الرغم من كل ما يرصد له في أنحاء الأرض من حرب وكيد , ومن تحطيم للحركات الإسلامية الناهضة في كل بلد من بلاد الإسلام على أيدي "أبطال" آخرين من صنع الصهيونية العالمية والصليبية العالمية على السواء .
00 وما تزال لهذا الدين أدوار في تاريخ البشرية يؤديها , ظاهرا بإذن الله على الدين كله تحقيقا لوعد الله , الذي لا تقف له جهود العبيد المهازيل , مهما بلغوا من القوة والكيد والتضليل !
سيد قطب
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
1_اللَّهُ- تعالى- لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ إلى ما فيه فلاحهم، لسوء استعدادهم، وإيثارهم الباطل على الحق. الطنطاوى
2_( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ) أي : يحاولون أن يردوا الحق بالباطل ، ومثلهم في ذلك كمثل من يريد أن يطفئ شعاع الشمس بفيه ، وكما أن هذا مستحيل كذلك ذاك مستحيل ابن كثير
~~~~~~~~~~
المراجع_
تفسير ابن كثير تفسير القرآن العظيم.
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء.
في ظلال القرآن الكريم سيد قطب
الطنطاوى الوسيط في تفسير القرآن الكريم
الجزائرى أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
يتبـــــــــــــــع