من وراء تدمير صروح مصر الطبية ؟!
الإهمال يضرب مستشفيات الغلابة
الشركات الأجنبية سيطرت علي 33% من الخاصة والجامعية تحت سيف الخصخصة
هجمة شرسة تتعرض لها صروح مصر الطبية في وقت واحد .. فإذا تغاضينا عن المستشفيات العامة التي تحولت لقبور.. الداخل إليها مفقود بعد أن كانت بيوت خبرة طبية متميزة. خاصة المتخصص منها كالصدر والهلال ومعاهد الأورام والكبد والرمد.. وغيرها.
نجد أنفسنا أمام واقع مخيف تتعرض له المستشفيات الجامعية بعد تسليط سيف الخصخصة علي رقبة 88 مستشفي جامعيا وتعليميا. يستقبل سنويا 45 مليون مواطن. ويقدم الخدمات الطبية الدقيقة ل45% من مستحقي العلاج علي نفقة الدولة تلك المستشفيات التي أصبحت حائط الصد الأخير أمام المرضي في الحصول علي خدمة علاجية متطورة امتدت لها هي الأخري يد الإهمال وبدلاً من تطويرها طرحت الحكومة فكرة خصخصتها وفصلها عن كليات الطب بحجة تحويلها لوحدات تعتمد علي الاستثمار لتوفير الأجهزة الطبية المتطورة!!
وإذا كان الحديث عن هذا المشروع توقف مؤخرا تحت ضغط أساتذة الجامعات والرأي العام. فالنار مازالت مشتعلة تحت الرماد!!
ولعل الضجة التي أثيرت حول المستشفيات الجامعية كانت مقصودة لتحويل الأنظار عن كارثة أخري تعرضت لها المستشفيات الخاصة وبعض شركات الأدوية ومعامل التحاليل عبر إحدي الشركات عابرة القارات والتي استطاعت في وقت قصير الاستحواذ علي 33% من إجمالي الخدمات الصحية في مصر. مما يفتح الباب لعشرات التساؤلات حول الاحتكار والأمن القومي الصحي للمواطن المصري.. وطبيعة رءوس الأموال التي تتدفق علي الشراء للاستحواذ علي هذا القطاع؟!!
ووسط كل ذلك ورغم أن القائمين علي أمور الصحة في مصر يعلمون جيدًا أن الحل هو قانون عادل وكفء للتأمين الصحي يجمع تحت مظلته الفقراء والطبقة المتوسطة التي تعجز عن الوفاء بمتطلبات العلاج الخاص إلا أن ذلك القانون مازال متعثرًا ومنذ عشرين عامًا وبلا أسباب مفهومة بينما يعاني القانون الحالي من أنظمة متعددة فاشلة خلقت منظومة مرتبكة.. ولا عزاء للمصريين.
صدر العباسية "خرابة" وبولاق تسكنها الاشباح.. والاورام مقبرة
يتعرض القطاع الصحي لانهيار متعمد أمام أعين المسئولين دون أن يتحرك أحد لإنقاذه فالكيانات العلاجية العملاقة التي كان يقصدها جميع فئات الشعب من كافة المحافظات لتشخيص الامراض المستعصية وتلقي العلاج تحولت الي مجرد هياكل خرسانية بأجهزة معطلة وأسرة متهالكة بخلاف عدم وجود اطباء ولم تمتد لها يد التطوير بل تركت فريسة للاهمال والتدهور لتتلاشي فكرة العلاج المجاني لغير القادرين يوما وراء الآخر.
صدر العباسية.. متهالك
مستشفي صدر العباسية اكبر المستشفيات المتخصصة في امراض الجهاز التنفسي افتتح عام 1963 وكان يتميز بوجود اطباء واستشاريين متخصصين علي اعلي مستوي ولكن خلال الفترة الماضية تدهور حال المستشفي بشكل كبير فبعد الدخول من بوابته يثير انتباهك المباني المهجورة والمساحات الشاسعة غير المستغلة الا من حبل غسيل يوضع عليه البطاطين وملاءت الاسرة ومبني للعناية المركزة متهالك للغابة وعيادات خارجية خالية من المرضي.
ومن داخل المستشفي قابلنا عبد السلام محمد الذي قال جئت لتقديم شكوي الي مدير المستشفي حيث أعاني من التهاب رئوي شديد وكان من المفترض اجراء عملية "البروستاتا" ونصحني الاطباء بالتوجه الي مستشفي الصدر للتأكد من أن حالة الصدر تسمح بإجراء العملية وبعد الكشف اعطاني الاطباء الموافقة علي اجراء العملية وبعد خروجي من المستشفي بساعات تعرضت لأزمة تنفسية شديدة فتوجهت الي احد الاطباء في عيادته الخاصة لافاجأ بأن اعاني من ورم سرطاني بالرئة وفي مرحلة متأخرة.
ويشكو محسن محمد مريض بالربو قائلا: جئت الي المستشفي منذ الصباح الباكر بعد أن تعرضت لأزمة تنفس شديدة ولم يتم حجزي رغم تدهور حالتي للغابة وكل ما قام به الطبيب هو وضعي علي جهاز التنفس الصناعي وهنا تكمل ابنته الحديث وتصف لنا الواقع داخل غرفة التنفس الصناعي مؤكدة وجود اعداد كثيرة من المرضي حيث يتم وضع مريضان علي سرير واحد ويتم تغيير مياه الأجهزة ب "مية الحنفية".
الهلال.. في انهيار
ولا يختلف الحال كثيرا في مستشفي الهلال فبعد ان كانت من اشهر المستشفيات المتخصصة في مجال العظام والجراحات المستعصية تم انشاؤه عام 1936 وكان يرأسها الدكتور محمد كامل حسين أحد رواد جراحة العظام واشتهر المستشفي بالجراحات الدقيقة في العظام ومع ذلك لم يرحمه الاهمال وانتشرت الفوضي به لدرجة تعطل اغلب الأجهزة والعمليات مؤجلة لتصل قوائم الانتظار لسنوات حتي مصاعد المرضي لا تعمل والعناية المركزة لمن يستطيع دفع المقابل حتي غرف المرضي تفتقد النظافة.
هذا ما تؤكده فاطمة عبد الفتاح قائلة: تعرضت لكسر في المفصل والحوض وانتظرت شهر كامل حتي يتم السماح لي بالحجز في المستشفي وتحديد ميعاد للعملية وكل مرة يتم التأجيل بحجة عدم وجود سرير رغم ان حالتي تسوء بسبب الانتظار.
ويصرخ حنفي محمود قائلا: اصبت بحادث وتم نقلي الي المستشفي لإجراء جراحة بالساق وتركيب شرائح ومسامير فقمت باستخراج قرار علي نفقة الدولة ورغم مرور أكثر من سته اشهر لم اجري الجراحة بحجة عدم وجود شرائح ومسامير المستشفي.
ويضيف محمد أحمد اعالج بالمستشفي من هشاشة العظام منذ سنوات ومع مرور الوقت يزداد المستشفي سوءاً حيث انتظر طويلا لكي ادخل للطبيب واحيانا يعتذر الطبيب عن الحضور بعد ان ننتظره لا كثر من ثلاث ساعات حتي عندما يطلب مني الطبيب قياس نسبة الهشاشة او عمل اشعة يكون الرد ان الجهاز معطل منذ فترة طويلة.
ويتساءل محمود ممدوح لصالح من يتم تخريب هذا المستشفي العملاق بعد ان كان من اعظم مستشفيات جراحة العظام في الدول العربية اما الان اصبح يعاني من عجز في الاطباء وطاقم التمريض واجهزة معطلة باستمرار فلقد عانيت الامرين عندما تم حجزه لاجراء جراحة في اليد بسبب سوء الخدمة مما اضطرني الي الخروج واجراء الجراحة علي نفقتي الخاصة.
بولاق العام.. مهجورة
وعلي نفس النهج يسير مستشفي بولاق ابو العلا الذي كان من أفضل مستشفيات الجمهورية تم انشاؤه عام 1936 وكان يسمي مستشفي المجموعة المتميزه بمجموعة من التخصصات الطبية وتقديم خدمة علاجية متميزة ودواء بالجان للألاف ولكن منذ عام 2002 بدأ الإهمال يضرب المستشفي واستمر الوضع من سييء إلي اسوأ حتي وصل إلي حالة من الانهيار والفقر في الخدمات.
فعند الدخول من الباب الرئيسي لن تجد امن ولن يعترضك احد لتصدم قدمك بمخلفات الهدم الممتدة علي مساحات واسعة ثم تصعد للمستشفي لتجد غرف المرضي مغلقة بأقفال يعلوها الصدأ والابواب مكسورة والأسرة متهالكة ومملوءة بالأتربة حتي وحدة الغسيل الكلوي والعناية المركزة وغرفة العزل مغلقة علاوة علي انك لا تستطيع الرؤية بوضوح داخل الغرف لعدم وجود مصابيح لتصدم بالقطط في كل خطوة فضلا عن تدلي الاسلاك الكهربائية من الأسقف امام دورات المياه فهي غير آدمية بالمرة وخيوط العنكبوت تمنعك من الدخول واثناء الجولة لن تري اي عامل او تمريض فالمستشفي مهجور.
علي الجمل يسكن بجوار المستشفي يقول قديما كنا نري المرضي يأتون الي المستشفي من كل انحاء الجمهورية لما كان يقدمه من خدمة طبية متميزة حيث كان يتم تحضير الادوية له لكن منذ حوالي 15 عاماً بدأ تدهور المستشفي بشكل ملحوظ وفقر شديد في الخدمات والامكانيات حيث كان يضم مبني للغسيل الكلوي ومستوصف الصدر تم بناؤهما بمساعدة وتبرعات الاهالي لتقوم وزارة الصحة بهدمهم رغم حداثتهم بحجة انشاء قسم استثماري لتدعيم الخدمة المجانية وتم الهدم سريعا وحتي الان لم يحدث شيئا ومازالت مخلفات الهدم تملأ مدخل المستشفي.
ويلقي سامي محمد من سكان المنطقة باللوم علي وزارة الصحة فيما وصل له الحال بعد ان تسببت بقرارتها الخاطئة في هدم وتدمير بنية المستشفي حتي اصبح خالياً من الادوية والاجهزة والاسعاف حتي العيادات الخارجية التي من المفترض ان تعمل من الثامنة صباحا ولكنها تعمل من الحادية عشرة الي الثانية عشرة ظهرا فقط ويرفض الطبيب الكشف علي المرضي بعد هذا الموعد.
معهد الاورام.. يعاني
وعن مستشفيات الأورام فحدث ولا حرج فمعهد الأورام الذي يعد من اهم المعاهد المتخصصة لعلاج الاورام السرطانية تحول بسبب الاهمال والروتين الي مقبرة للمرضي وباعث للألم فلا تستطيع رؤية ساحة العهد من كثرة المرضي المتراصين لحجز تذكرة كشف وبعد ان يتم انهاكهم في طوابير طويلة لا تنتهي يفاجأوا بعدم حضور الطبيب المعالج واذا حضر يكون الكشف مبدئياً لا يخفف من الم لتزداد معالتهم من المرض والروتين والطوابير.
جيهان شحاته تروي معاناتها مع المرض والمعهد قائلة اعاني من ورم في الثدي وبعد معاناة في الوصول الي الطبيب طلب مني اجراء اشعة بالصبغة لافاجأ بعدم ووجود صبغة بالمعهد بحجة زيادة أعداد المرضي مما أدي إلي نفاد الصبغة واذا أردت إجري الأشعة علي دفع 350 جنيها وألا يكون الانتظار والألم نصيي.
ويشكو هشام فكري من الروتين وتعقيد الإجراءات قائلا: أنتظر منذ شهر ظهور نتيجة تحاليل عينة "بيوسي" دلائل أورام في الكبد الخاصة بشقيقي وبسبب التأخير في ظهور النتيجة وعدم تلقي العلاج أدي ذلك لتدهور حالته وانتشار الورم في البنكرياس.
ويستغيث عبد الرحمن سعد برئيس الجمهورية للتدخل وانقاذ مستشفيات الغلابة من الاهمال المتعمد المنتشر فيها رغم انها كانت من أفضل وأهم المستشفيات في الوطن العربي.
"الاحتكار" يشعل أسعار المستشفيات الخاصة
الأطباء : مخطط للعبث بصحة المصريين
الخبراء : خطر يهدد الأمن القومي ويحمل شبهة غسيل أموال
حذر الأطباء والخبراء من هجمة الشركات الأجنبية واستحواذها علي القطاع الصحي في مصر. خاصة ان تلك الشركات هدفها الربح في المقام الأول فهي تعمل علي احتكار هذا القطاع الهام والتحكم في أسعار الخدمة الصحية المقدمة خاصة ان قانون التأمين الصحي الجديد سيلزم بشراء الخدمة من تلك المستشفيات مما يمثل خطرًا شديدًا علي منظومة الصحة والأمن القومي المصري.
الدكتور خيري عبدالدايم -نقيب الأطباء- يقول: الاستثمار في قطاع الصحة سواء كان مصريًا أو أجنبيًا وبناء مستشفيات جديدة أمر جيد. أما استحواذ واحتكار بعض الشركات الأجنبية علي الخدمة الصحية مثلما قامت به إحدي الشركات المتعددة الجنسيات بشراء بعض المستشفيات ومعامل التحاليل الخاصة. فهو أمر مرفوض تمامًا لما يمثله من خطورة علي هذا القطاع لارتباطه المباشر بالحياة اليومية للمواطن. خاصة ان 70% من الخدمات الصحية في مصر يقدمها القطاع الخاص.
احتكار
يضيف خيري أن قضية الاحتكار شائكة خاصة ان قانون التأمين الصحي الجديد سيتم اعلانه وتطبيقه قريباً وسيشمل كل الفئات وسيكون للقطاع الخاص نسبة كبيرة في الخدمات المقدمة وستنضم جميع المستشفيات التابعة للتأمين الصحي في هيئة مستقلة يتم التعاقد معها.
الدكتور حمدي السيد -نقيب الأطباء السابق- يطالب بضرورة وجود رقابة من وزارة الصحة علي نشاط أي شركة مصرية أو أجنبية في كل قطاعات الصحة بحيث لا يسمح ببيع أو شراء أي منشأة صحية إلا بعد موافقة وزارة الصحة والتأكيد علي أصول الشركة وهويتها مع وضع قواعد تمنع الاحتكار حتي لا يتم فرض سيطرة من القطاع الصحي الخاص وتوجيهه إلا من خلال سياسة الدولة الصحية.
الدكتور صلاح جودة -الخبير الاقتصادي- يؤكد دخول بعض الشركات الأجنبية إلي القطاع الصحي في مصر بعد أن نجحت احدي هذه الشركات في الحصول علي بعض المستشفيات الخاصة وعلي سلسلة معامل البرج في عام 2008 وفي 2025 علي معامل المختبر وتم دمجها في كيان جديد.
كما استحوذت نفس الشركة مؤخرًا علي شركة آمون بأكثر من مليار جنيه والتي تعد من أكبر شركات الأدوية في مصر وتنتج 120 دواء من أهم الأدوية المهمة للسوق المصري لتحتكر هذه الشركة وحدها ما يقرب من 33% من إجمالي الخدمات الصحية المقدمة في مصر.
غسيل أموال
يضيف جودة.. أن سيطرة الشركات الأجنبية علي المنشآت الصحية في مصر يمثل احتكارا للقطاع مما يمنحها القدرة علي التحكم في الأسعار ويؤدي لتقليل الاستثمار في هذا القطاع. نظرًا لعدم قدرة صغار المستثمرين علي مواكبة ظروف السوق وبالتالي تتمكن تلك الشركات من التحكم في حجم ومستوي الخدمة الصحية وفقاً لأجندتها السياسية..
مشيرًا إلي أن الاستحواذ بهذا الشكل يثير علامات الاستفهام. سواء من الناحية الإجرائية أو القانونية.. خاصة ان تلك الصفقات تكلفت مبالغ خيالية قد تحمل شبهة غسيل أموال.. كما أنها تمت دون تدخل أو رقابة من وزارة الصحة بحجة أن هذا استثمار حر. ولا يخضع للرقابة الحكومية. لذلك علي الدولة الانتباه إلي وجود مخطط للعبث بصحة المصريين.
محمد شحاته -مدير المركز العربي للشفافية- يري اننا نعيش حالة من الفوضي القانونية مما سمح للشركات الأجنبية بالاستحواذ علي جزء كبير من القطاع الصحي والاستغناء عن العمالة الموجودة فيه.
كما تم في بعض المستشفيات. فلا توجد أي فائدة تعود علي سوق الاستثمار في مصر من وراء نشاط تلك الشركات. لأنها تقوم بشراء مستشفيات موجودة بالفعل ولا تقوم ببناء جديدة تساهم في نشاط القطاع الطبي ومن المفارقة أن تلك الشركات لا تعمل أصلاً في الخدمات الصحية. علاوة علي دفع مبالغ هائلة في كيانات لا تستحق. وهذا النوع من الاستثمار لا يصلح في مصر. فنحن نحتاج إلي ضخ استثمارات جديدة. وهذا النوع يثير الشبهات حول غسيل الأموال.
يطالب شحاتة بإصدار قانون يمنع الاحتكار في مصر. خاصة في القطاع الصخي ووقف كافة القوانين الخاصة بهيكلة الصحة حتي يتم انتخاب مجلس نواب لدراسة مشروعات القوانين دراسة جيدة مناشدًا هيئة الرقابة المالية أن تجبر الشركات الأجنبية العاملة بقطاع الصحة بالإفصاح عن أسماء المساهمين فيها. خاصة أن قواعد سوق المال تلزم بذلك.
.. والجامعية .. تعاني
المواطنون: الخدمات منعدمة..الاجهزة معطلة وقوائم الانتظار سنوات
الحق في الدواء: الخصخصة قرار ينسف المنظومة .. والتطوير هو الحل
المستشفيات الجامعية الضلع الثالث في مثلث الصحة حيث يبلغ عددها 88 مستشفي جامعي وتعليمي تساند بشكل كبير عمل المستشفيات الحكومية و تتفوق عليها في تقديم خدمة طبية متميزة بأسعار رمزية وتخدم حوالي 45 مليون مريض سنويا ولكن يد الاهمال لم ترحمها لتتدهور هي الاخري ويبدأ اصحاب المصالح بالحكومة في المطالبة بسن قانون في ظاهره التطوير وباطنه الخصخصة.
البداية من القصر العيني اقدم مستشفي بالوطن العربي تأسس في عهد محمد علي وبه العديد من الاقسام وله مكانته العالمية ولكنه الان يعاني نقص الكفاءات بعد ان هجروه الاطباء وقلة الامكانيات فالاجهزة معطلة والاسرة متهالكة اما اخطاء العمليات فحدث ولا حرج هذا بخلاف المعاملة السيئة التي يلقاها المرضي.
هذا ما يؤكده محمد حسني قائلا: اعاني الامرين لحجز اخي بقسم الباطنة فلقد انتظرنا لاكثر من اربع ساعات في الاستقبال دون ان يتم الكشف عليه والحجة عدم وجود مكان رغم دخول المريض في حالة اعياء شديدة واخبرني احد العاملين بالمستشفي بالتوجه الي القصر الفرنساوي لوجود اماكن كثيرة متوفرة ولكن بفلوس.
ويصرخ عيد عثمان: الخدمة منعدمة ولا يوجد اهتمام بالمرضي ومعاملة الممرضين سيئة جدا وعلي المريض ان يخدم نفسه وان يشتري جميع المستلزمات الطبية والادوية علي نفقته الخاصة ونضطر لاحضار ملاءت للاسرة من بيوتنا بسبب تهالك الموجودة.
ويضيف حسن عبد الحميد تحول المستشفي من مداو للمرضي الي مقبرة لهم فالقمامة تملئ الغرف والمصاعد معطلة ودورات المياه غير ادمية ينبعث منها روائح كريهة للغاية.
ومن مراكز الاورام بالمستشفي يقول سعد عادل بعد انشاء مركز لمرضي الاورام بالقصر العيني وتم تجهيزه باحدث الاجهزة الاشعاعية استبشرنا خيرا ولكنها فرحة لم تكتمل فالاجهزة معطلة باستمرار ويتم تحويل المرضي الي مستشفيات اخري.
وتضيف داليا عاطف موظفة اعاني من ورم سرطان الثدي وقمت باجراء جراحة عاجلة لاستئصال الورم وبعد الجراحة كان لابد من اخذ جلسات اشعاع علي الفور بناء علي توجيهات الطبيب ولكن روتين استخراج الاوراق اللازمة لتلقي الجلسات استغرق مدة طويلة رغم انه من المفترض سرعة البدء في تلقي الجلسات لمنع تدهور الحالة.
وتؤكد مها علي اعاني من سرطان الجلد وتوجهت الي مركز الطب النووي لاجد جهاز التخطيط معطلا منذ اسبوعين رغم انه من المفترض سرعة اخذ الجلسات وقمت باجرائها علي نفقتي الخاصة.
الدمرداش .. طوابير بشرية
ولم يختلف الحال في مستشفي الدمرداش ثاني اكبر المستشفيات الجامعية تم انشاؤه في عام 1931 تحت اسم المستشفي الخيري ليصبح مع مرور الوقت اكبر ثاني مستشفي جامعي في ضعف الامكانيات الطبية وقلة الموارد وعدم الاهتمام بالمستوي الصحي للمرضي.
سعدية علي تقول: لا يوجد اهتمام ولا رحمة بالمستشفي فالمرضي يملئون الطرقات والعمليات مؤجلة الي اجل غير مسمي فشقيقتي تحتاج إلي اجراء جراحة بالرحم ومازالت في قائمة الانتظار رغم خطورة حالتها فالاهمال هو سيد الموقف بالمستشفي.
وتصرخ فوزية علي قائلة: عنابر المرضي تحولت لفوضي فالاطعمة موجودة بكل مكان والاهالي يفترشون الطرقات وعلب العصير والقمامة تجذب القطط والحشرات الطائرة مما يؤذي المرضي.
وتقول سهام صباح المستشفيات الجامعية هي الملجا لمعظم الفقراء الذين لا يستطيعون تحمل نفقات العلاج فهي القشة التي يتعلق بها محدودو الدخل ولكننا نصدم من عدم وجود عناية والادوية علي نفقتنا الخاصة وكأن المجاني اختفي وهذا حدث لوالدتي عندما احتاجت عناية مركزة ولم نجد الا بالفلوس.
الزهراء .. ادفع تتعالج
وينضم مستشفي الزهراء الجامعي الذي تم انشاؤه عام 1963 ويضم تخصصات نادرة ومهمة الي قائمة المستشفيات المهملة بعد ان تدهور بشكل كبير واصبح يعاني من سوء الخدمة الطبية وتدني مستوي النظافة وانتشار القطط والحشرات التي تتجول مع المرضي واصبح شعارة ادفع تحصل علي خدمة افضل.
يشتكي عبدالله محمد من سوء الخدمة بالمستشفي قائلا: يوجد نقص شديد في الممرضات المسئولات عن اعطاء الادوية للمرضي وخاصة بالعناية المركزة ففي بعض الاحيان تقوم الممرضة باعطائه الادوية الخاصة به في غير مواعيدها بحجة ان مواعيد عمله انتهت.
ويضيف مصطفي رجب: لا يوجد اي نظام داخل المستشفي فالتمريض غير متواجد ليلا في كل الاقسام وعلي المرضي خدمة انفسهم رغم ان كشوف الحضور والانصراف الخاصة بالتمريض تثبت انهم متواجدين فحضورهم حبر علي ورق.
ويعاني رزق السيد عليوه 49سنه من القليوبية من روتين المستشفي قائلا: اذهب يوم سبت واثنين واربعاء من كل اسبوع الي المستشفي للعرض علي طبيب العظام لاجراء عملية رد خلع بالكتف ببنج كلي فطلب مني اجراء اشعة رنين وقمت باجرائها علي نفقتي الخاصة ومرت ثلاثة شهور ولم يتم عمل شيء.
نصوص قاتلة
ويؤكد الدكتور علاء الغنام مدير برنامج الحق في الصحة ان قانون تنظيم المستشفيات الجامعية لا ينسجم مع اعادة هيكلة المنظومة الصحية لانه يفصل المستشفيات عن كليات الطب مما يترتب عليه زيادة في اسعار الخدمات الطبية المقدمة في هذه المستشفيات التي تعد الملجأ الوحيد لغير القادرين علي تحمل نفقات العلاج فهي خط الدفاع الطبي الاخير للمرضي فالوضع الحالي هو قمة الخصخصة حيث يتحمل المواطن نسبة 72% من حجم الانفاق الكلي علي الصحة.
ويصف الدكتور محمد فؤاد رئيس المركز المصري للحق في الدواء مشروع قانون المستشفيات الجامعية الذي تحاول الحكومة تمريره قبل انتخابات مجلس الشعب بالخطير معتبرا انه تخلي من الدولة عن مسئوليتها في توفير الخدمات الصحية مطالبا بمراجعة مشروع القانون واعادته مرة اخري لقسم التشريع بمجلس الدولة لاستبعاد النصوص التي ستضر بحق المواطنين في العلاج فلدينا 88 مستشفي جامعي وتعليمي تستقبل اكثر من 45 مليون مريض وتقدم نحو 45 % من خدمات الصحة في مصر وبهذا القانون ستتحول الي وحدات خاصة تعتمد علي الاستثمار لشراء المستلزمات والاجهزة الطلية وتقديم الخدمة الطبية.
الجمهورية