[IMG]https://***- /bas/0048.gif[/IMG]
سورة التغابن
.تفسير الآيات (7- 10)
======
{زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (7) فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (8) يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (10)}
[IMG]https://***- /fa/0219.gif[/IMG]
.شرح الكلمات:
====
{زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا}: أي قالوا كاذبين إنهم لن يبعثوا أحياء من قبورهم.
{قل بلى وربى لتبعثن}: قل لهم يا رسولنا بلى لتبعثن ثم تنبئون بما عملتم.
{وذلك على الله يسير}: أي وبعثكم وحسابكم ومجازاتكم بأعمالكم شيء يسير على الله.
{والنور الذي أنزلنا}: أي وآمنوا بالقرآن الذي أنزلناه.
{ليوم الجمع}: أي يوم القيامة إذ هو يوم الجمع.
{ذلك يوم التغابن}: أي يغبن المؤمنون الكافرين يأخذ منازل الكفار في الجنَّة واخذ الكفار منازل المؤمنين في النَّار.
{ذلك الفوز العظيم.}: أي تكفيره تعالى عنهم سيئاتهم وإدخالهم جنات تجرى من تحتها الأنهار هو الفوز العظيم.
{بئس المصير}: أي قبح المصير الذي صاروا إليه وهو كونهم أهلاً للجحيم.
[IMG]https://***- /fa/0219.gif[/IMG]
معنى الآيات:
=========
( 7 ) ادَّعى الذين كفروا بالله باطلا أنهم لن يُخْرَجوا من قبورهم بعد الموت، قل لهم -أيها الرسول-: بلى وربي لتُخْرَجُنَّ من قبوركم أحياء، ثم لتُخْبَرُنَّ بالذي عملتم في الدنيا، وذلك على الله يسير هيِّن.
( 8 ) فآمنوا بالله ورسوله- أيها المشركون- واهتدوا بالقرآن الذي أنزله على رسوله، والله بما تفعلون خبير لا يخفى عليه شيء من أعمالكم وأقوالكم، وهو مجازيكم عليها يوم القيامة.
( 9 ) اذكروا يوم الحشر الذي يحشر الله فيه الأولين والآخرين، ذلك اليوم الذي يظهر فيه الغُبْن والتفاوت بين الخلق، فيغبن المؤمنون الكفار والفاسقين: فأهل الإيمان يدخلون الجنة برحمة الله، وأهل الكفر يدخلون النار بعدل الله. ومن يؤمن بالله ويعمل بطاعته، يمح عنه ذنوبه، ويدخله جنات تجري من تحت قصورها الأنهار، خالدين فيها أبدًا، ذلك الخلود في الجنَّات هو الفوز العظيم الذي لا فوز بعده.
••توضيح:
=========
وسمى- أيضا بيوم التغابن، لأنه اليوم الذي يغبن فيه أهل الحق أهل الباطل.
• يقول الطنطاوى:والتغابن تفاعل من الغبن بمعنى الخسران والنقص، يقال غبن فلان فلانا إذا بخسه حقه، بأن أخذ منه سلعة بثمن أقل من ثمنها المعتاد، وأكثر ما يستعمل الغبن في البيع والشراء، وفعله من باب ضرب، ويطلق الغبن على مطلق الخسران أى: قل- أيها الرسول الكريم- لهؤلاء الجاحدين للبعث: لتبعثن يوم القيامة ثم لتنبؤن بما عملتم يوم القيامة يوم يجتمع الخلائق للحساب فيغبن فيه أهل الحق أهل الباطل، ويغبن فيه المؤمنون الكافرين، لأن أهل الإيمان ظفروا بالجنة، وبالمقاعد التي كان سيظفر بها الكافرون لو أنهم آمنوا، ولكن الكافرين استمروا على كفرهم فخسروا مقاعدهم في الجنَّة، ففاز بها المؤمنون.
•قال القرطبي: يَوْمُ التَّغابُنِ أى: يوم القيامة ... وسمى يوم القيامة بيوم التغابن، لأنه غبن أهل الجنة أهل النَّار.
•أى: أنَّ أهل الجنَّة أخذوا الجنَّة، وأهل النَّار أخذوا النار على طريق المبادلة فوقع الغبن على الكافرين لأجل مبادلتهم الخير بالشر، والنعيم بالعذاب.
يقال: غبنت فلانا، إذا بايعته أو شاريته، فكان النقص عليه، والغلبة لك.
وقال غير واحد: ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ:
أى: اليوم الذي غبن فيه بعض الناس بعضا، بنزول السعداء منازل الأشقياء لو كانوا سعداء، وبالعكس
•ففي الحديث لا يدخلُ أحدٌ الجنَّةَ إلَّا أُرِي مقعدَه من النَّارِ لو أساء ، ليزدادَ شُكرًا ، ولا يدخلُ النَّارَ أحدٌ إلَّا أُرِي مقعدَه من الجنَّةِ لو أحسن ، ليكونَ عليه حسرةً
الراوي:أبو هريرة المحدث:البخاري المصدر:صحيح البخاري الجزء أو الصفحة:6569 حكم المحدث:[صحيح]
•وأحمد بسند صحيح عن أبي هريرة بلفظ ما منكم من أحد إلا وله منزلان منزل في الجنَّة ومنزل في النَّار فإذا مات ودخل النَّار ورث أهل الجنَّة منزله وذلك قوله - تعالى (أولئك هم الوارثون ).
•وهو مستعار من تغابن القوم في التجارة، وفيه تهكم بالأشقياء لأنهم لا يغبنون حقيقة السعداء، بنزولهم في منازلهم من النَّار .
( 10 ) والذين جحدوا أن الله هو الإله الحق وكذَّبوا بدلائل ربوبيته وبراهين ألوهيته التي أرسل بها رسله، أولئك أهل النار ماكثين فيها أبدًا، وساء المرجع الذي صاروا إليه، وهو جهنم.
[IMG]https://***- /fa/0219.gif[/IMG]
فى ظلال الآيات:
===
•••هذه الآيات تكملة لما قبلها
••• هذه الآيات تكملة لما قبلها. يحكي تكذيب الذين كفروا بالبعث وظاهر أن الذين كفروا هم المشركون الذين كان الرسول صلى الله عليه وسلم يواجههم بالدعوة وفيه توجيه للرسول أن يؤكد لهم أمر البعث توكيداً وثيقاً. وتصوير لمشهد القيامة ومصير المكذبين والمصدقين فيه؛ ودعوة لهم إلى الإيمان والطاعة ورد كل شيء لله فيما يقع لهم في الحياة.
====
•••ومنذ البدء يسمي مقالة الذين كفروا عن عدم البعث زعماً، فيقضي بكذبه من أول لفظ في حكايته. ثم يوجه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى توكيد أمر البعث بأوثق توكيد، وهو أن يحلف بربه. وليس بعد قسم الرسول بربه توكيد، {قل: بلى وربي لتبعثن}.. {ثم لتنبئون بما عملتم}.. فليس شيء منه بمتروك.
====
••• والله أعلم منهم بعملهم حتى لينبئهم به يوم القيامة! {وذلك على الله يسير}.. فهو يعلم ما في السماوات والأرض ويعلم السر والعلن وهو عليم بذات الصدور. وهو على كل شيء قدير. كما جاء في مطلع السورة تمهيداً لهذا التقرير.
====
•••وفي ظل هذا التوكيد الوثيق يدعوهم إلى الإيمان بالله ورسوله والنور الذي أنزله مع رسوله. وهو هذا القرآن. وهو هذا الدين الذي يبشر به القرآن. وهو نور في حقيقته بما أنه من عند الله. والله نور السماوات والأرض. وهو نور في آثاره إذ ينير القلب فيشرق بذاته ويبصر الحقيقة الكامنة فيه هو ذاته.
====
••• ويعقب على دعوتهم إلى الإيمان، بما يشعرهم أنهم مكشوفون لعين الله لا يخفى عليه منهم شيء: {والله بما تعملون خبير}..
====
••• وبعد هذه الدعوة يعود إلى استكمال مشهد البعث الذي أكده لهم أوثق توكيد:
{يوم يجمعكم ليوم الجمع: ذلك يوم التغابن}..
فأمَّا أنه يوم الجمع فلأن جميع الخلائق في جميع الأجيال تبعث فيه، كما يحضره الملائكة وعددهم لا يعلمه إلا الله.
_ولكن قد يقربه إلى التصور ما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم-:
====
••• إنِّي أرى ما لا تَرونَ ، وأسمعُ ما لا تسمَعونَ أطَّتِ السَّماءُ ، وحُقَّ لَها أن تَئطَّ ما فيها موضعُ أربعِ أصابعَ إلَّا وملَكٌ واضعٌ جبهتَهُ للَّهِ ساجدًا ، واللَّهِ لو تعلَمونَ ما أعلمُ لضَحِكْتُم قليلاً ولبَكَيتُمْ كثيرًا ، وما تلذَّذتُمْ بالنِّساءِ على الفُرُشِ ولخرجتُمْ إلى الصُّعداتِ تجأرونَ إلى اللَّهِ ، لوَدِدْتُ أنِّي كنتُ شجرةً تُعضَدُ
الراوي:أبو ذر الغفاري المحدث:الألباني المصدر:صحيح الترمذي الجزء أو الصفحة:2312 حكم المحدث:حسن دون قوله: "والله لوددت ..."
=======
••• والسماء التي ليس فيها موضع أربع أصابع إلا وفيه ملك. هي هذا الاتساع الهائل الذي لا يعرف له البشر حدوداً. والذي تبدو فيه شمس كشمسنا ذرة كالهباءة الطائرة في الفضاء! فهل هذا يقرب شيئاً للتصور البشري عن عدد الملائكة؟ إنهم من بين الجمع في يوم الجمع!
====
••• وفي مشهد من هذا الجمع يكون التغابن! والتغابن مفاعلة من الغبن. وهو تصوير لما يقع من فوز المؤمنين بالنعيم؛ وحرمان الكافرين من كل شيء منه ثم صيرورتهم إلى الجحيم. فهما نصيبان متباعدان.
وكأنَّما كان هناك سباق للفوز بكل شيء، وليغبن كل فريق مسابقه! ففاز فيه المؤمنون وهزم فيه الكافرون! فهو تغابن بهذا المعنى المصور المتحرك! يفسره ما بعده:
{ومن يؤمن بالله ويعمل صالحاً يكفر عنه سيئاته ويدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيهآ أبداً. ذلك الفوز العظيم. والذين كفروا وكذبوا بآياتنآ أولئك أصحاب النار خالدين فيها وبئس المصير}..
وقبل أن يكمل نداءه إليهم بالإيمان يقرر قاعدة من قواعد التصور الإيماني في القدر، وفي أثر الإيمان بالله في هداية القلب:
{ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله. ومن يؤمن بالله يهد قلبه، والله بكل شيء عليم}..
[IMG]https://***- /fa/0219.gif[/IMG]
.من هداية الآيات:
===
1- تقرير البعث والجزاء.
2- تقرير التوحيد والنبوة.
3- بيان كون القرآن نوراً فلا هداية في هذه الحياة إلا به فمن طلبها في غيره ما اهتدى.
4- الترغيب في الإِيمان والعمل الصالح وبيان أنهما مفتاح دار السلام.
5- التحذير من الكفر والتكذيب بالقرآن وشرائعه وأحكامه فان ذلك يقود إلى النَّار.
[IMG]https://***- /fa/0232.gif[/IMG]
فائدة:
=======
••قوله تعالى مخبرا عن المشركين والكفار والملحدين أنهم يزعمون أنهم لا يبعثون : (قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم )
_وهذه هي الآية الثالثة التي أمر الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يقسم بربه ، عز وجل ، على وقوع المعاد ووجوده.
=========
•فالأولى في سورة يونس :
(ويستنبئونك أحق هو قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين ) [ يونس : 53 ]
•والثانية في سورة سبإ : ( وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم ) الآية [ سبإ : 3 ]
•والثالثة هي هذه [ ( زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير ) .......ابن كثير
جزاكم الله خيراً على طيب المتابعة وتقبل الله منَّا ومنكم صالح الأعمال ،اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا وإيَّاكم هُدَاةً مُهْتَدِينَ، غَيْرَ ضَالِّينَ وَلاَ مُضِلِّينَ.
[IMG]https://***- /fa/0232.gif[/IMG]
المراجع:
======
الجامع لأحكام القرآن (تفسير القرطبي).
ابن كثير تفسير القرآن العظيم .
تفسير الطنطاوى تفسير الوسيط.
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء.
في ظلال القرآن الكريم سيد قطب
الجزائرى أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير.
[IMG]https://***- /ne/0001.gif[/IMG]