أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

129127 سورة المعارج (مقدمة وتمهيد)



[IMG]https://***- /bas/0054.gif[/IMG]
سورة المعارج (مقدمة وتمهيد)

[IMG]https://***- /fa/0025.gif[/IMG]

سورة (المعارج) هي السورة السبعون في ترتيب المصحف، أما ترتيبها في النزول فهي السورة الثامنة والسبعون، وكان نزولها بعد سورة (الحاقة) وقبل سورة (النبأ) .

وتسمى- أيضا- بسورة (سأل سائل) ، وذكر السيوطي في كتابه (الإتقان) أنها تسمى كذلك بسورة (الواقع) .

وهذه الأسماء الثلاثة قد وردت ألفاظها في السورة الكريمة. قال- تعالى- سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ. لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ. مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعارِجِ.

وهي مكية باتفاق، وعدد آياتها أربع وأربعون آية في عامة المصاحف، وفي المصحف الشامي ثلاث وأربعون آية.

والسورة الكريمة نراها في مطلعها، تحكى لنا جانبا من استهزاء المشركين بما أخبرهم به النبي صلى الله عليه وسلم من بعث وثواب وعقاب.. وترد عليهم بما يكبتهم، حيث تؤكد أن يوم القيامة حق، وأنه واقع، وأن أهواله شديدة.
[IMG]https://***- /fa/0025.gif[/IMG]

- هذا والمتدبر في هذه السورة الكريمة، يرى أن على رأس القضايا التي اهتمت بالحديث عنها: التذكير بيوم القيامة، وبأهواله وشدائده، وببيان ما فيه من حساب، وجزاء، وثواب وعقاب.

والحديث عن النفس الإنسانية بصفة عامة في حال عسرها ويسرها، وصحتها ومرضها، وأملها ويأسها ... واستثناء المؤمنين الصادقين، من كل صفة لا يحبها الله- تعالى- وأنهم بسبب إيمانهم الصادق، وعملهم الصالح، سيكونون يوم القيامة. في جنات مكرمين.
كما أن السورة الكريمة اهتمت بالرد على الكافرين، وبتسلية الرسول صلى الله عليه وسلم عما لحقه منهم، وببيان مظاهر قدرة الله- تعالى- التي لا يعجزها شيء.

[IMG]https://***- /fa/0025.gif[/IMG]

فى ظلال سورة المعارج تقديم :
[IMG]https://***- /fa/0025.gif[/IMG]
هذه السورة حلقة من حلقات العلاج البطيء , المديد , العميق , الدقيق , لعقابيل الجاهلية في النفس البشرية كما واجهها القرآن في مكة ; وكما يمكن أن يواجهها في أية جاهلية أخرى مع اختلافات في السطوح لا في الأعماق ! وفي الظواهر لا في الحقائق !
أو هي جولة من جولات المعركة الطويلة الشاقة التي خاضها في داخل هذه النفس , وفي خلال دروبها ومنحنياتها , ورواسبها وركامها . وهي أضخم وأطول من المعارك الحربية التي خاضها المسلمون - فيما بعد - كما أن هذه الرواسب وتلك العقابيل هي أكبر وأصعب من القوى التي كانت مرصودة ضد الدعوة الإسلامية والتي ما تزال مرصودة لها في الجاهليات القديمة والحديثة !.

والحقيقة الأساسية التي تعالج السورة إقرارها هي حقيقة الآخرة وما فيها من جزاء ; وعلى وجه الخصوص ما فيها من عذاب للكافرين , كما أوعدهم القرآن الكريم . وهي تلم - في طريقها إلى إقرار هذه الحقيقة - بحقيقة النفس البشرية في الضراء والسراء . وهي حقيقة تختلف حين تكون مؤمنة وحين تكون خاوية من الإيمان . كما تلم بسمات النفس المؤمنة ومنهجها في الشعور والسلوك , واستحقاقها للتكريم . وبهوان الذين كفروا على الله وما أعده لهم من مذلة ومهانة تليق بالمستكبرين . . وتقرر السورة كذلك اختلاف القيم والمقاييس في تقدير الله وتقدير البشر , واختلاف الموازين . . .

[IMG]https://***- /fa/0025.gif[/IMG]
وتؤلف بهذه الحقائق حلقة من حلقات العلاج الطويل لعقابيل الجاهلية وتصوراتها , أو جولة من جولات المعركة الشاقة في دروب النفس البشرية ومنحنياتها . تلك المعركة التي خاضها القرآن فانتصر فيها في النهاية مجردا من كل قوة غير قوته الذاتية . فقد كان انتصار القرآن الحقيقي في داخل النفس البشرية - ابتداء - قبل أن يكون له سيف يدفع الفتنة عن المؤمنين به فضلا على أن يرغم به أعداءه على الاستسلام له !
والذي يقرأ هذا القرآن - وهو مستحضر في ذهنه لأحداث السيرة - يشعر بالقوة الغالبة والسلطان البالغ الذي كان هذا القرآن يواجه به النفوس في مكة ويروضها حتى تسلس قيادها راغبة مختارة . ويرى أنه كان يواجه النفوس بأساليب متنوعة تنوعا عجيبا . . تارة يواجهها بما يشبه الطوفان الغامر من الدلائل الموحية والمؤثرات الجارفة ! وتارة يواجهها بما يشبه الهراسة الساحقة التي لا يثبت لها شيء مما هو راسخ في كيانها من التصورات والرواسب ! وتارة يواجهها بما يشبه السياط اللاذعة تلهب الحس فلا يطيق وقعها ولا يصبر على لذعها ! وتارة يواجهها بما يشبه المناجاة الحبيبة , والمسارة الودود , التي تهفو لها المشاعر وتأنس لها القلوب ! وتارة يواجهها بالهول المرعب , والصرخة المفزعة , التي تفتح الأعين على الخطر الداهم القريب ! وتارة يواجهها بالحقيقة في بساطة ونصاعة لا تدع مجالا للتلفت عنها ولا الجدال فيها . وتارة يواجهها بالرجاء الصبوح والأمل الندي الذي يهتف لها ويناجيها .وتارة يتخلل مساربها ودروبها ومنحنياتها فيلقي عليها الأضواء التي تكشفها لذاتها فترى ما يجري في داخلها رأي العين , وتخجل من بعضه , وتكره بعضه , وتتيقظ لحركاتها وانفعالاتها التي كانت غافلة عنها ! . . ومئات من اللمسات , ومئات من اللفتات , ومئات من الهتافات , ومئات من المؤثرات . . يطلع عليها قارئ القرآن , وهو يتبع تلك المعركة الطويلة , وذلك العلاج البطيء . ويرى كيف انتصر القرآن على الجاهلية في تلك النفوس العصية العنيدة .

وهذه السورة تكشف عن جانب من هذه المحاولة في إقرار حقيقة الآخرة , والحقائق الأخرى التي ألمت بها في الطريق إليها .

وحقيقة الآخرة هي ذاتها التي تصدت لها سورة الحاقة , ولكن هذه السورة تعالجها بطريقة أخرى , وتعرض لها من زاوية جديدة , وصور وظلال جديدة . .
_في سورة الحاقة كان الاتجاه إلى تصوير الهول والرعب في هذا اليوم , ممثلين في حركات عنيفة في مشاهد الكون الهائلة:(فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة , وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة . فيومئذ وقعت الواقعة , وانشقت السماء فهي يومئذ واهية). .

وفي الجلال المهيب في ذلك المشهد المرهوب:
(والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية). . وفي التكشف الذي ترتج له وتستهوله المشاعر:(يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية). .
_كذلك كان الهول والرعب يتمثلان في مشاهد العذاب , حتى في النطق بالحكم بهذا العذاب: . كما يتجلى في صراخ المعذبين وتأوهاتهم وحسراتهم:
(يا ليتني لم أوت كتابيه . ولم أدر ما حسابيه . يا ليتها كانت القاضية . .).

[IMG]https://***- /fa/0025.gif[/IMG]
فأما هنا في هذه السورة فالهول يتجلى في ملامح النفوس وسماتها وخوالجها وخطواتها , أكثر مما يتجلى في مشاهد الكون وحركاته . حتى المشاهد الكونية يكاد الهول يكون فيها نفسيا ! وهو على كل حال ليس أبرز ما في الموقف من أهوال . إنما الهول مستكن في النفس يتجلى مداه في مدى ما يحدثه فيها من خلخلة وذهول وروعة:
يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ (8) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ (9) وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (10) يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (13) وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ

وجهنم هنا "نفس" ذات مشاعر وذات وعي تشارك مشاركة الأحياء في سمة الهول الحي: إ(14) كَلَّا إِنَّهَا لَظَى (15) نَزَّاعَةً لِلشَّوَى (16) تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (17) وَجَمَعَ فَأَوْعَى (18)}.


والعذاب ذاته يغلب عليه طابع نفسي أكثر منه حسيا:(يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (43) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (44)}
ومن ثم فقد تناولت سورة المعارج - فيما تناولت - تصوير النفس البشرية في الضراء والسراء , في حالتي الإيمان والخواء من الإيمان . وكان هذا متناسقا مع طابعها "النفسي" الخاص:فجاء في صفة الإنسان

{إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21)

[IMG]https://***- /fa/0025.gif[/IMG]
واستطرد السياق فصور هنا صفات النفوس المؤمنة وسماتها الظاهرة والمضمرة تمشيا مع طبيعة السورة وأسلوبها: ( إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26) وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (27) إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (28) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (31) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (32) وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (33) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34) أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ (35)}). .


ومن ثم كانت الحقائق الأخرى في السورة كلها متصلة اتصالا مباشرا بحقيقة الآخرة فيها . من ذلك حديث السورة عن الفارق بين حساب الله في أيامه وحساب البشر , وتقدير الله لليوم الآخر وتقدير البشر: تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة , فاصبر صبرا جميلا . إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا . . . الخ وهو متعلق باليوم الآخر .

[IMG]https://***- /fa/0025.gif[/IMG]
ومنه ذلك الفارق بين النفس البشرية في الضراء والسراء في حالتي الإيمان والخلو من الإيمان . وهما مؤهلان للجزاء في يوم الجزاء .
ومنه غرور الذين كفروا وطمعهم أن يدخلوا كلهم جنات نعيم , مع هوانهم على الله وعجزهم عن سبقه والتفلت من عقابه . وهو متصل اتصالا وثيقا بمحور السورة الأصيل .
وهكذا تكاد السورة تقتصر على حقيقة الآخرة وهي الحقيقة الكبيرة التي تتصدى لإقرارها في النفوس . مع تنوع اللمسات والحقائق الأخرى المصاحبة ! للموضوع الأصيل.





[IMG]https://***- /fa/0025.gif[/IMG]
المراجع

الجامع لأحكام القرآن الكبير القرطبى
الظلال لسيد قطب
الطنطاوى تفسير الوسيط


[IMG]https://***- /fa/0010.gif[/IMG]
دمتم طيبين فى رعاية الله

[IMG]https://***- /flow/0006.gif[/IMG]






إظهار التوقيع
توقيع : أم أمة الله
#2

افتراضي رد: سورة المعارج (مقدمة وتمهيد)

جزيتى خيرا

إظهار التوقيع
توقيع : ام طاطو
#3

افتراضي رد: سورة المعارج (مقدمة وتمهيد)

رد: سورة المعارج (مقدمة وتمهيد)
إظهار التوقيع
توقيع : هبه شلبي
#4

افتراضي رد: سورة المعارج (مقدمة وتمهيد)


المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام طاطو
جزيتى خيرا
جزانا وايّاكِ وبارك الله فيكِ ورضى عنكِ

إظهار التوقيع
توقيع : أم أمة الله
#5

افتراضي رد: سورة المعارج (مقدمة وتمهيد)

رد: سورة المعارج (مقدمة وتمهيد)

#6

افتراضي رد: سورة المعارج (مقدمة وتمهيد)

جزاك الله خيرا اخيتي

إظهار التوقيع
توقيع : جويريه
#7

افتراضي رد: سورة المعارج (مقدمة وتمهيد)


المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سوبر مامى
رد: سورة المعارج (مقدمة وتمهيد)
بارك الله فيكِ ورضى عنكِ دمتِ طيبة بلغنا الله وايّاكِ رمضان

إظهار التوقيع
توقيع : أم أمة الله
#8

افتراضي رد: سورة المعارج (مقدمة وتمهيد)


المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام طاطو
جزيتى خيرا
جزانا وايّاكِ وبارك الله فيكِ دمتِ طيبة

إظهار التوقيع
توقيع : أم أمة الله
#9

افتراضي رد: سورة المعارج (مقدمة وتمهيد)


المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جويريه
جزاك الله خيرا اخيتي
جزانا وايّاكِ وبارك الله فيكِ وأحسن اليكِ ..دمتِ طيبة

إظهار التوقيع
توقيع : أم أمة الله


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
ابن سيرين تفسير الاحلام في تأويل سورة القران الكريم لولو حبيب روحي منتدى تفسير الاحلام
اسماء سور القران ,تعرفى على آسمآء سور القرآن ربي رضاك والجنة القرآن الكريم
القران الكريم كاملاً بصوت السديس .mp3 - استماع وتحميل Admin القرآن الكريم
تحميل القرآن الكريم كاملا بصوت العجمى mp3 حبيبة أبوها القرآن الكريم
اسماء سور القران ومعانيها الرزان القرآن الكريم


الساعة الآن 08:27 AM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل