***- ***- ***- ***-
*(وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (27) إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (28)). .
_ وهذه درجة أخرى وراء مجرد التصديق بيوم الدين . درجة الحساسية المرهفة , والرقابة اليقظة , والشعور بالتقصير في جناب الله على كثرة العبادة , والخوف من تلفت القلب واستحقاقه للعذاب في أية لحظة , والتطلع إلى الله للحماية والوقاية .
_ ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو من هو عند الله . وهو يعرف أن الله قد اصطفاه ورعاه . . كان دائم الحذر دائم الخوف لعذاب الله . وكان على يقين أن عمله لا يعصمه ولا يدخله الجنة إلا بفضل من الله ورحمة . وقال لأصحابه:" لن يدخل الجنة أحدا عمله " قالوا:ولا أنت يا رسول الله ? قال:" ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته "
_ وفي قوله هنا( إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ ). . إيحاء بالحساسية الدائمة التي لا تغفل لحظة , فقد تقع موجبات العذاب في لحظة الغفلة فيحق العذاب . والله لا يطلب من الناس إلا هذه اليقظة وهذه الحساسية , فإذا غلبهم ضعفهم معها , فرحمته واسعة , ومغفرته حاضرة . وباب التوبة مفتوح ليست عليه مغاليق ! وهذاقوام الأمر في الإسلام بين الغفلة والقلق . والإسلام غير هذا وتلك . والقلب الموصول بالله يحذر ويرجو , ويخاف ويطمع , وهو مطمئن لرحمة الله على كل حال .
***- ***- ***- ***-
*(وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (31) ). .
_ وهذه تعني طهارة النفس والجماعة , فالإسلام يريد مجتمعا طاهرا نظيفا , وفي الوقت ذاته ناصعا صريحا . مجتمعا تؤدى فيه كل الوظائف الحيوية , وتلبي فيه كل دوافع الفطرة . ولكن بغير فوضى ترفع الحياء الجميل , وبغير التواء يقتل الصراحة النظيفة . مجتمعا يقوم على أساس الأسرة الشرعية المتينة القوائم . وعلى البيت العلني الواضح المعالم . مجتمعا يعرف فيه كل طفل أباه , ولا يخجل من مولده . لا لأن الحياء منزوع من الوجوه والنفوس . ولكن لأن العلاقات الجنسية قائمة على أساس نظيف صريح , طويل الأمد واضح الأهداف , يرمي إلى النهوض بواجب إنساني واجتماعي , لا لمجرد إرضاء النزوة الحيوانية والشهوة الجنسية !
_ ومن ثم يذكر القرآن هنا من صفات المؤمنين(وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30)
_ فيقرر نظافة الاتصال بالأزواج وبما ملكت الأيمان - من الإماء حين يوجدن بسبب مشروع
_ والسبب المشروع الوحيد الذي يعترف به الإسلام هو السبي في قتال في سبيل الله . وهي الحرب الوحيدة التي يقرها الإسلام - والأصل في حكم هذا السبي هو ما ذكرته آية سورة محمد: (فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق , فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها)
_ ولكن قد يتخلف بعض السبي بلا من ولا فداء لملابسات واقعية ; فهذا يظل رقيقا إذا كان المعسكر الآخر يسترق أسرى المسلمين في أية صورة من صور الرق - ولو سماه بغير اسمه !
_ ويجوز الإسلام وطء الإماء عندئذ من صاحبهن وحده , ويجعل عتقهن موكولا إلى الوسائل الكثيرة التي شرعها الإسلام لتجفيف هذا المورد . ويقف الإسلام بمبادئه صريحا نظيفا لا يدع هؤلاء الأسيرات لفوضى الاختلاط الجنسي القذر كما يقع لأسيرات الحروب قديما وحديثا ! ولا يتدسس ويلتوي فيسميهن حرات وهن إماء في الحقيقة !
*(فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (31) ). . .
_ وبذلك يغلق الباب في وجه كل قذارة جنسية , في أية صورة غير هاتين الصورتين الواضحتين الصريحتين . . فلا يرى في الوظيفة الطبيعية قذارة في ذاتها ; ولكن القذارة في الالتواء بها . والإسلام نظيف صريح قويم . .
( وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (32) وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (33) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34) أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ (35)}).
وهذه من القوائم الأخلاقية التي يقيم الإسلام عليها نظام المجتمع . ورعاية الأمانات والعهود في الإسلام تبدأ من رعاية الأمانة الكبرى التي عرضها الله على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان . وهي أمانة العقيدة والاستقامة عليها اختيارا لا اضطرارا . . ومن رعاية العهد الأول المقطوع على فطرة الناس وهم بعد في الأصلاب أن الله ربهم الواحد , وهم بخلقتهم على هذا العهد شهود . . ومن رعاية تلك الأمانة وهذا العهد تنبثق رعاية سائر الأمانات والعهود في معاملات الأرض وقد شدد الإسلام في الأمانة والعهد وكرر وأكد , ليقيم المجتمع على أسس متينة من الخلق والثقة والطمأنينة . وجعل رعاية الأمانة والعهد سمة النفسالمؤمنة , كما جعل خيانة الأمانة وإخلاف العهد سمة النفس المنافقة والكافرة . ورد هذا في مواضع شتى من القرآن والسنة لا تدع مجالا للشك في أهمية هذا الأمر البالغة في عرف الإسلام .
( وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (33)). .
وقد ناط الله بأداء الشهادة حقوقا كثيرة , بل ناط بها حدود الله , التي تقام بقيام الشهادة . فلم يكن بد أن يشدد الله في القيام بالشهادة , وعدم التخلف عنها ابتداء , وعدم كتمانها عند التقاضي , ومن القيام بها أداؤها بالحق دون ميل ولا تحريف . وقد جعلها الله شهادة له هو ليربطها بطاعته , فقال: (وأقيموا الشهادة لله). . وجعلها هنا سمة من سمات المؤمنين وهي أمانة من الأمانات , أفردها بالذكر للتعظيم من شأنها وإبراز أهميتها . .
وكما بدأ سمات النفوس المؤمنة بالصلاة , ختمها كذلك بالصلاة:
(وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34)). .
وهي صفة غير صفة الدوام التي ذكرت في صدر هذه الصفات . تتحقق بالمحافظة على الصلاة في مواعيدها , وفي فرائضها , وفي سننها , وفي هيئتها , وفي الروح التي تؤدى بها . فلا يضيعونها إهمالا وكسلا . ولا يضيعونها بعدم إقامتها على وجهها . . وذكر الصلاة في المطلع والختام يوحي بالاحتفال والاهتمام . وبهذا تختم سمات المؤمنين . .
وعندئ يقرر مصير هذا الفريق من الناس بعد ما قرر من قبل مصير الفريق الآخر:
(أولئك في جنات مكرمون).
[IMG]https://***- /fa/0008.gif[/IMG]
من هداية الآيات:
[IMG]https://***- /fa/0008.gif[/IMG]
1- بين شر صفات الإِنسان وانها الهلع.
2- بيان الدواء لهذا الداء داء الهلع الذي لا فلاح معه ولا نجاح.
3- انحصار العلاج في ثماني صفات أو ثماني مركبات دوائية.
4- وجوب العمل بما اشتملت عليه الوصفة من واجبات.
5- حرمة ما اشتملت عليه الوصفة من محرمات.
[IMG]https://***- /fa/0008.gif[/IMG]
فائدة:
[IMG]https://***- /fa/0008.gif[/IMG]
قوله تعالى:{وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ}
1_هىَّ الزكاة والصدقات ولكنّ الزكاة فُرِضت بالمدينة؟؟!!
قالوا: ولا يمنع ذلك من أن تكون السورة مكية، فقد يكون أصل مشروعية الزكاة بمكة، ثم أتى تفصيل أحكامها بالمدينة، عن طريق السنة النبوية المطهرة.
2_ووصف- سبحانه- ما يعطونه من أموالهم بأنه حَقٌّ للاشارة إلى أنهم- لصفاء أنفسهم- قد جعلوا السائل والمحروم، كأنه شريك لهم في أموالهم، وكأن ما يعطونه له إنما هو بمثابة الحق الثابت عندهم له.
3_فيا أيها المسلم ترى أن الله- تعالى- قد وصف هؤلاء المؤمنين الصادقين، الذين حماهم- سبحانه- من صفة الهلع.. قد وصفهم بثماني صفات كريمة، منها: المداومة على الصلاة، والمحافظة على الإنفاق في وجوه الخير، والتصديق بيوم القيامة وما فيه من ثواب وعقاب، والحفظ لفروجهم، وأداء الأمانات والشهادات.فهل حرصت ان تكون منهم ؟؟.
اللهم اهدنا فيمن هديت واجعل شهر رمضان سبب لغفران ذنوبنا ورضاكِ عنَّا
بارك الله فيكم على طيب المتابعة دمتم فى حفظ الرحمن
[IMG]https://***- /fa/0008.gif[/IMG]
المراجع
تفسير القرآن العظيم ابن كثير
تيسير الكريم الرحمن فى تفسير
كلام المنان للسعدى.
سيد قطب فى ظلال القرآن.
ابن عاشور تتفسير التحرير والتنوير
الجزائرى أيسر التفاسير.
الطنطاوى التفسير الوسيط
[IMG]https://***- /ne/0003.gif[/IMG]