كان عبد العليم طالباً في المدرسة الإعدادية، وكان فقيراً لا يملك شراء أدوات المدرسة التي يطلبها منه المعلم..
قرر عبد العليم أن يبيع بعض الأقلام ولوازم المدرسة، أمام مدرسة بعيدة قليلاً عن مدرسته، كي لا يتعرف عليه أحد من زملائه.
فكان يخرج مسرعاً من مدرسته، عندما يدقّ جرس المدرسة، ويذهب إلى صاحب مكتبة قريبة من المدرسة، فيأخذ منه بعضاً من القرطاسية، بسعر أقل مما يبيعه لتلاميذ المدرسة ويبيعها عبد العليم بثمن أقلّ من المكتبة بقليل كي يجذب الطلاب إليه.
في أحد الأيام لم يشترِ أحد منه أي شيء، وكذلك في اليوم الثاني والثالث..
فقرر عبد العليم أن يبيع أمام مدرسته، لأن أستاذه طلب من الطلاب شراء بعض المساطر الهندسية..
أخذ عبد العليم من صاحب المكتبة البضاعة المطلوبة، ووضع على رأسه كوفية وغطى بها وجهه ولم يظهر سوى عينيه، حتى لا يعرفه أصدقاؤه، ولأن الجو كان بارداً فلن ينتبه إليه أحد..
وضع عبد العليم في فمه قطعة من القطن، حتى يغيّر من نبرة صوته، فلا يتعرّف أصدقاؤه على صوته..
كان عبد العليم فرحاً لأنه باع أكثر البضاعة التي لديه ولم يعرفه أحد..
وإذا به يرى عن بعد صديقه همام ينظر إليه وابتسامة ماكرة على وجهه..
اقترب همام من عبد العليم رويداً رويداً وهو يبتسم ابتسامة صفراء..
صار عبد العليم يرتّب بضاعته حتى لا ينظر إلى همام فيعرفه من عينيه..
صاح همام:
- عبد العليم... ماذا تفعل يا صديقي؟؟ تبيع؟؟ إذاً أنت محتاج للنقود أليس كذلك؟؟
أشاح عبد العليم بوجهه عن همام، وكأنه لا يسمعه..
وإذا بهمام يقفز ويمدّ يده بسرعة كبيرة ويخلع الكوفية عن عبد العليم..
صار همام يضحك بصوتٍ عالٍ وينادي أصدقاءه كي يروا صديقهم البائع الصغير..
شعر عبد العليم بحرج شديد، ودمعت عيناه خجلاً من أصدقائه..
كان مربي الصف يقف بعيداً يراقب المشهد..
ولما رأى عبد العليم يبكي خجلاً، أسرع إليه الأستاذ، وضمّه إلى صدره، وهو يقول للطلاب الساخرين منه:
- عبد العليم أيها الرجل الصغير.. كم أنت كبير يا بُنيّ، تعمل كي تنفق على نفسك ووالديك، ليتكم كنتم مثله، رجلاً حقاً يتحمّل المسؤولية ولا يطلب مالاً من أحد..
فشعر الجميع بالخجل الشديد