غالياً ما تراودنا أحلام الصغر ..
منّا ما يقول : أريد أن أصبح طبيباً
والآخر :أريد أن أصبح مهندساً
وهكذا ,,
وبعدها ,, إما أن نسعى لتحقيق ذلك الأمل المنشود وننجح
أو نسعى لتحقيقه ويكتب لنا الله شيئاً آخراً
علينا دائماً أن نؤمن بأن الذي يكتبه لنا ربي فيه حكمة وخير بإذنه
ولكن .. ربما أحيانا لقلة وزاعنا الديني ننصدم كثيراً لما يجري
وقد يؤثر على حياتنا لفترة طويلة
اليوم سأحدثكم عن حلمٍ كان لي منذ أن كنت طفلة ..
والدي يعمل بمجال المحاكم والقضاء ودائما أسمعه يتحدث عن ما يجري هنالك
وأنا أظل متشوقة لأسمع أحاديث أبي عن القضايا وما قاله القاضي وما يفعله الشهود وما غير ذلك ..
نعم والله ,,
أحبها من قلبي وأفهمها رغم صغر سني في ذلك الحين
ونشأت في ذلك الجو الجميل بالنسبة لي
** جو المحاكم والقضايا **
قد يتعجب البعض
ولكن سبحان الله
بدأت أفهم بالمسائل الفقهية منذ صغري
هبة , بيع , وصية , طلاق , نكاح وما إليه من أمور التوثيق الأخرى
وأنا أكبر شهر بعد شهر وسنة تلو الأخرى
ولآ أرى شيئاً أمامي سوى أن أعمل بمجال كهذا
وأنا بالصف الخامس الإبتدائي قررت حينها بأن أصبح محامية قانونية
أجل .. أريد أن أصبح محامية
أريد أن أدرس القانون
لأعمل بنفس مجال أبي
وكان أبي يشجعني منذ ذلك الحين على هذا
يقول بأنه سيرى ابنته محامية عمّا قريب
أكملت الإعدادية والحمد لله بتفوق
ودخلت الثانوية ومن ذلك الحين وأنا أساعد أبي في كتابة الوثائق الخاصة بعمله
وكان يعتمد علي بأمور كثيرة
أعرف تفاصيل شغله الخاصة دون أن أخبر أحداً عنها
حتى والدتي لا أخبرها نهائياً عن أي شيء يجري بما يخص أمور التوثيق الخاصة بمديرتنا عامة
وعندما أردت أن أحدد أني رغبتي بالمجال الأدبي في الثانوية
هنالك إعترضت والدتي ( الله يطول بعمرها يارب )
قائلة : أدخلي علمي وإذا أردت قانوناً بعد ذلك بإمكانك الدخول
دخلت العلمي ليس لرغبة مني .. بل كنت أريد فقط أن تمر سنين الثانوية
وأيضا ولله الحمد والمنّة فلقد تفوقت وبدرجة ممتازة
تخرجت .. وهنا بدأت لأتخذ الخطوات الفعلية لأجل تحقيق حلمي
ذلك الحلم الذي راودني من صغري
إلتحقت بمعهد تعليم اللغة الإنجليزي .. ليس لغرض الدراسة المستقبلية
ولكن لغرض عدم إضاعة وقت من حياتي
على الأقل سأكتسب مهارة التحدث بلغة أجنبية
أغلب صديقاتي لم يكملن دراسة المعهد
وأنا واصلت , بحجة أنني محددة هدفي
سأكون محامية بإذن المولى
حينما أُكمل دراسة اللغة الإنجليزية ستكون معي فترة كافية لدراسة مواد إمتحان القبول لكلية القانون
وعندما أكملت دراسة اللغة الإنجليزية لم يكن معاي سوى أقل من 3 أسابيع على موعد إمتحان القبول
بدأت أجمّع أوراق لمناذج إمتحانات وهنا كانت الصدمة الحقيقة
والدتي : لماذا ستدخلين قانون ؟؟ أنتي تريدين أن تجننينني ؟؟ ماذا جرى لعقلك ؟ ألا ترين أوضاع الأمن هذه الفترة ؟؟
أخي : لآ أظنك ستفحلين بشيء آخر سوى هندسة الحاسوب ,, فأنتي تتقنين الكثير بهذا المجال
تشتت تفكيري , وتلخبطت أمور حياتي كلها , لم أعد أعلم ما أريد فعله
كيف لهم أن يسكتوا كل تلك المهلة , والآن باقي أقل من 3 أسابيع
أهي كافية للتفكير بالمستقبل ؟؟؟ أم للحفظ والدراسة إستعدادا للإمتحانات ؟
صديقاتي أظهرن نصائحهن : سيتحدثون عليكي أهل البلاد إذا تأخرتي يوماً ما لعمل مهم
الأخرى : أترين ماذا يقولون في فلانة ؟! فلقد درست قانونا وهاهي تعاني من أقاويل الجتمع ؟!
الثالثة : أين عقلكي عندما إخترتي هذا المجال ؟ ألا ترين أن الأمن فالت ؟؟ ألا تعتقدين بأنك ضعيفة لهذه المهمة ؟!
.. تباً لمجتمع كهذا ..
كرهت كل شيء
فكان صعباً جداً علي أن أحوّل رغبتي
أنا أعتقد بأن هذا ليس وقتا للنصائح
فالمفروض النصائح تقدم قبل هذا الوقت بكثييير والكل يعلم بما يدور في رأسي
تشتت تفكيري واخذت اسبوعين لا أدري ماذا سأختار ؟ ماذا سأكون ؟!
تعددت الرغبات لدي من طب عام لطب أسنان , لهندسة , لتدرس , لهذا وذاك
أبي أبي قل لي ماذا أختار ؟!
يرد قائلاً : إختاري ما ترينه مناسب لك
أمي أمي ماذا برأيك أنتي ؟
لآ خيار أمامك سوى التدريس فهو أفضل عمل للمرأة
وبعد عدة مشاورات وصلاة استخارة اخترت قسم علوم الفيزياء
لا أرغب به حقاً ,, ولكن لا أريد أن أضيع سنة من حياتي ,, ولا أريد أن أدخل مجالاً سيبب لي الأذى ولو بالأوقايل
وما زلت أعاني من سوء إختياري أحياناً , ما زلت أزعل عمّا حدث
فكان حلمي الذي في صغري , وهمٌ ومعاناة في كبري
فكان صعباً علي اختبار مجال آخر , ولكنه ليس بالشيء المستحيل
ربما كان غلطي منذ البداية , فأنا لم أشاور أحدا منذ البداية , بل أخذت ما في رأسي فقط ,, ولكن لعله خير لي
فأنا على ثقة بأن ربي لن يضيعني أبداً